البرادعي يحرض الغرب على بلده مصر و الرئيس مرسي في مقال نشره بالفاينانشال تايمز


حذر الدكتور محمد البرادعي , رئيس حزب الدستور و المنسق العام للجبهة الوطنية للانقاذ , الرئيس محمد مرسي , في مقال بصحيفة ' الفاينانشيال تايمز ' البريطانية , اليوم من خطورة حالة الاستقطاب الحادة التي صنعتها مسودة الدستور الاخيرة التي لم تراعي حرية الاعتقاد , و حقوق الاقليات وانقسام المصريين بين الاسلاميين وباقي المجتمع.

كما طلب البرادعي جماعة الاخوان المسلمين و الرئيس بالدخول في حوار مع جميع اطراف المجتمع و القوي السياسية للوصول لرؤية توافقية حول التحديات الشاقة التي تواجه مصر , والا فانهم يغامرون باطلاق موجة عنف وفوضي سوف تدمر نسيج المجتمع المصري.

وحذر البرادعي من اربع قنابل موقوتة تهدد مصر , وهي ' السقوط الاقتصادي الكبير , و تحول سيناء لساحة حرب بسبب الجهاديين القادمين من افغانستان , و الاستقطاب الحاد بين المصريين , و عدم تطبيق القانون ' .

و فيما يلي النص الكامل لمقال الدكتور البرادعي :

انها ليلة الجمعة في ميدان التحرير , ولا تزال رائحة الغاز المسيل للدموع عالقة في الجو , بعد ان اكملنا ثلاث مظاهرات كبري في اسبوع , و العديد منا يتحضرون لقضاء الليل بالميدان. وجدت نفسي حينها اتساءل ' هل هذا هو افضل ما يمكننا فعله بعد 23 شهرا من النضال لاجل الديمقراطية في مصر؟ رئيس لديه كل السلطات الديكتاتورية , برلمان مليء بالاسلاميين ومسودة دستور تم ترقيعها في عجلة شديدة دون الضمانات الاساسية لحقوق المراة و المسيحيين و المصريين جميعا .

ما الذي سار بشكل خاطئ ؟ -- حرص الجيش علي حماية مكتسباته الاقتصادية , وتفادي اي ملاحقة قضائية خلال المرحلة الانتقالية الفاشلة بعد الثورة , جعله يسمح للاخوان المسلمين المتشوقين للاستفادة من 80 عاما من التنظيم الميداني , بانتخابات برلمانية متعجلة كانت نتيجتها فوزا ساحقا للاسلاميين يتجاوز قوتهم الحقيقة علي الارض بكثير. انتهي بحكم من المحكمة الدستورية العليا بحل هذا البرلمان غير الممثل للشعب بعد مراجعة قوانينه الانتخابية .

تلا ذلك اقتتال سياسي حاد , حيث تصارع الرئيس الجديد مع المجلس العسكري حول السلطة المطلقة. وقام الرئيس بضربته القاضية , بانقلاب ناعم ضد الجنرالات , مانحا لنفسه السلطة التشريعية الي جانب السلطة التنفيذية. وقام اعلانه الدستوري الكاسح الاخير بتحييد السلطة القضائية ومنع اي مراجعة او طعن علي قراراته. و اصبحت سلطات محمد مرسي الآن تتجاوز ذروة الحكم الديكتاتوري لحسني مبارك .

في هذه الاثناء ملات جماعة الاخوان المسلمين , الجمعية التاسيسية المكلفة بوضع الدستور الجديد بالاسلاميين , وفي المقابل انسحب ممثلو القوي الليبرالية و الاقليات و المجتمع المدني من الجمعية. واخذت الجمعية منذ ذلك الحين في اصدار مسودة تخترق القواعد الاساسية لحرية الاعتقاد وحرية الراي , وفشلت في اعادة النظر في السلطات التنفيذية للرئيس . كما ضغطت الجمعية في اتجاه تمكين المؤسسات الدينية من تحدي القضاء .

و لذلك نحن الآن في ميدان التحرير مرة اخري , حيث يبدو الوضع متقلبا : المصريون منقسمون بمرارة بين الاسلاميين وباقي المجتمع , و الباب مفتوح لتدخل الجيش ولثورة الفقراء وحتي لحرب اهلية. واصبح الخوف يتملك الآن غالبية المصريين الذين يرغبون في دولة ديمقراطية حقيقية و ليس دولة دينية .

دخل القضاة في اضراب عن العمل , و الشباب الذين قادوا الثورة في غاية التصميم , فهم لم يخاطروا ويضحوا باشياء كثيرة ضمنها حياتهم , لاستبدال دولة دينية مستبدة بدولة علمانية ديكتاتورية . فنضالهم كان لاجل حرية و كرامة الشعب المصري .

تهدد البلد الآن اربع قنابل برزت اثناء القيادة العسكرية للبلاد و الآن الجماعة . اولا اقتصادنا الذي دخل في عملية سقوط حر , وبمعدل السقوط الحالي , فقد نصل للافلاس بعد ستة اشهر , خاصة اذ عطلت حالة عدم الاستقرار الجارية في البلاد حاليا قرض صندوق النقد الدولي .

ثانيا تظل عملية فرض النظام و القانون في مصر عملية مرواغة بما في ذلك من آثار خطيرة علي السياحة و الاستثمار الاجنبي , ثالثا شمال سيناء الذي تحول الي ساحة معركة بفضل الجهاديين القادمين اليها من افغانستان واماكن اخري , و الآن اصبحت البلاد في حالة استقطاب حاد و خطير بعد الانقسام حول مسودة الدستور النهائية .

اغلبية الاحزاب غير الاسلامية متحدة تحت جبهة الانقاذ الوطني , التي جعلت مني منسقا لها , وما يثير السخرية الآن , ان الثوار الذين تخلصوا من مبارك يحاول بعض المنتمين لحزبه ' الحزب الوطني ' دعمهم , متحدين ضد المشروع الاسلامي الذي يريد الرئيس مرسي ومؤيدوه تطبيقه في البلد .

نحن نحاول الضغط علي الرئيس مرسي للتراجع عن اعلانه ذي السلطات المتوحشة , و الذي ادانته الامم المتحدة وعدة حكومات وجماعات دولية لحقوق الانسان , نحن نرفض مسودة الدستور غير الشرعية , ونحث الرئيس علي عدم وضعها للاستفتاء عليها , ونطالب جماعة الاخوان المسلمين بان يبداوا حوارا مع كل الاطراف في مصر حول التحديات الشاقة التي تواجه مصر , وللتوافق حول جمعية تاسيسية ممثلة للجميع تليق بالديمقراطية التي نريدها لمصر , والا فسنكون نبحر ناحية مياه مجهولة .

شهدت مصر منذ عامين صحوة مذهلة , ولكن وبشكل مدهش يعتقد الرئيس مرسي الآن هو وجماعته انهم ببضع جرات قلم يمكنهم ان يرجعونا الي حالة الغيبوبة مرة اخري. هذا لن يحدث واذا استمروا في المحاولة فانهم يغامرون باطلاق موجة عنف وفوضي سوف تدمر نسيج المجتمع المصري .

ليست هناك تعليقات :