القول أن استقالة النائب العام مكسب للثورة تدليس و تزييف وائل قنديل


 وائل قنديل ... ظلت مصر تحلم طوال عامين بنائب عام جديد يسهم في حماية ثورتها , ويؤدي دوره في المحافظة علي حقوق الشهداء و المصابين , وحين تحقق لها ذلك راينا مصر اخري وثورة اخري , تمارس الحنين الي القديم وتستدعيه , وتضع عليه ' ستيكر ثورة ' وما هو بثورة.

ان التعامل مع اقدام النائب العام المستشار طلعت عبدالله علي اعلان استقالته باعتباره مكسبا للثورة وللاستقلال يدخل في باب التدليس و التزييف وخلط الحق بالباطل , فضلا عن انه يعد نوعا من الانتكاس علي قيم وشعارات رفعتها هذه الثورة.

و يشار الى التاريخ القريب جيدا ان الدعوة لثورة ٢٥ يناير تدحرجت من قمة الفضاء الالكتروني عبر صفحة ' كلنا خالد سعيد ' انشئت خصيصا للدفاع عن دم الشهيد خالد سعيد الذي اهدرته سلطة مبارك بتعاون وثيق بين الشرطة و النيابة و الطب الشرعي -- ومن المضحك انه بعد عامين الا قليلا من قيام الثورة يبدو البعض وكانه انقلب بالكلية علي ما كان , ويكاد لا يستطيع ان يمسك نفسه عن الهتاف مطالبا بعودة النائب العام القديم الذي ظل رحيله مطلبا ثوريا مقيما , ولسان حاله يقول ' كلنا عبدالمجيد ' .

ان قرار المستشار طلعت عبدالله بالاستقالة يضعنا امام نوع جديد من المسئولين في وجههم نظر و في عروقهم دم , فعلي الرغم من ان غالبية الذين قادوا الحملة المطالبة باقالته ينتمون قلبا و قالبا الي مشروع دولة مبارك , فان الرجل آثر الا يتمسك بمنصب يزداد احتراما و شرفا بتولي واحد مثله له , و لم نجده يمارس المسكنة و الاستجداء و المراوغة و المخاتلة للبقاء في موقعه .

و قارن بين هذا التصرف , و ردود افعال مسئولين سابقين كانوا يسمعون صوت المطالبة برحيلهم ينزل من صنبور المياه و يجدونه مكتوبا علي المرآة كلما اطلوا فيها , و مع ذلك لا يتسرب لاحدهم ادني احساس بانهم يجب ان يعفوا انفسهم من مذلة البقاء رغم انف الجموع .

غير ان المثير في الامر ان غواية المكايدة دفعت ببعضهم لكي يتغزل في نظام قضائي كان حتي وقت قريب يعتبر انه معيق للثورة , ثم صار بقدرة قادر شامخا و مستقلا و وطنيا , بل اننا راينا عيونا دمعت امام الكاميرات كمدا علي الرحيل الفاجع للشاب خالد سعيد , هي ذاتها تبكي علي ازاحة الذين مثلوا بجثته في اوراق التحقيق .

و مرة اخري : استدعاء شعارات من كتاب محفوظات الثورة و اجترارها في الميادين لا يعني ان الثورة قائمة , و ليس معني اصطناع حالة ثورية و اسباغها علي صراع سياسي و انتخابي بامتياز ان ما يحدث ثورة -- هو مباراة حامية استعدادا لمسابقة قادمة و ان ارتدي اللاعبون قمصانا ثورية .

ليست هناك تعليقات :