المشكلة في الادارة و الكل خسر الوطن و الثورة و النتيجة صفر للطرفين


سيف الدين عبد الفتاح ... في اطار ادارة المرحلة الانتقالية قلنا ابان ادارة المجلس العسكري انها كانت ادارة بالكوارث‏,‏ تتابع الايام و الاسابيع و الشهور‏,‏ فتاتي الاحداث فتنقلب الي ازمات وتتحول من اقرب طريق الي كوارث عدة شهدها القاصي و الداني في احداث مسرح البالون‏,‏ وماسبيرو‏,‏ واحداث محمد محمود‏,‏

واحداث مجلس الوزراء, واحداث العباسية, واحداث بورسعيد.

وفي كل مرة سقط الشهداء, وتاخر القصاص واشارت اصابع اتهام من يحكم ويدير الي طرف ثالث, ولم يظهر في مرة من المرات من هو الطرف الثالث؟ ومن الذي يصنع الاحداث, ومن الذي يحكم الازمات, ومن الذي يدفعها دفعا الي شكل الكارثة تلو الكارثة.

وقلنا ان الانتقال الي رئيس مدني منتخب سيكون الممر الآمن لادارة السياسة و المجتمع و الدولة ادارة رشيدة تحقق آمال المواطنين وتبني المؤسسات السياسية وتنتج دستورا توافقيا يمثل عقدا مجتمعيا وسياسيا جديدا يليق بالوطن وبثورته, ويحدونا الامل من خلال هذه الادارة الرشيدة الجديدة ان تتعامل بكل حكمة وسرعة وبقرارات وسياسات حاكمة للتعامل مع تلك المطالب الشعبية و الاضرابات و الاعتصامات مما وصف بالفئوية, حتي يمكننا البدء في عملية يترافق فيها مواجهة الفساد, و الفلول, وصولا الي تحقيق اهداف وحماية مكتسبات ثورة25 يناير.

وجاء الرئيس المنتخب الذي كان محط توقعات مهمة من جانب الجماهير و القوي السياسية و المجتمعية المختلفة بعد جولة ثانية للانتخابات الرئاسية, حدث فيها قدر كبير من الاستقطاب اختلطت فيها كتلة المخاوف بكتلة المصالح من الثورة المضادة و التي وقفت وراء الفريق شفيق بينما كانت هناك كتلة آخري تؤكد ان مرشح الاخوان انما يمثل الثورة في مواجهة الثورة المضادة, دفعت المخاوف الكثير من الناس الي ضرورة ان يقوم الرئيس مرسي بعد فوزه بخطاب يجعل من لحمة الجماعة الوطنية هدفا اساسيا ينطلق من خلاله الي انهاء حالة الانقسام التي مكنت لفيروس الاستقطاب.

وبدا للبعض ضمن هذا السياق يؤكد ان يكون الرئيس بخطابه ورسائله وممارساته ان يكون رئيسا لكل المصريين. واكد البعض ضرورة ان تكون هناك حكومة تساند الرئيس في حل مشاكل الناس و الجماهير وتحقيق كل ما يتعلق بضروراتهم الاساسية وحاجاتهم الضرورية ومواجهة تحدياتهم الرئيسية, وجاءت الحكومة ليختلف عليها الناس لتشير الي بعض من حقوقهم في ان هذه الحكومة يمكن ان تقوم بهذه المهمة الثقيلة بكفاءة كبيرة. كل تلك المقدمات كان يمكن ان تعبر عن مسار يسهم في نهضة الوطن بشرط ان تكون الادارة عادلة فاعلة ورشيدة, الا ان معظم الامور قد دارت وبعد اقل من شهرين لتؤشر علي امور خطيرة, العلة صارت تكمن في الادارة المختلة. تمثلت هذه الادارة المختلة في عدة امور تعبر عن مجموعة من القرارات عنوانها الصدور ثم التراجع, وعبرت في اشكال مختلفة عن طريقة واسلوب اتخاذ وصناعة القرار لم يستوف كل العناصر الواجبة و المقدمات الضرورية اللازمة لصناعة القرار واتخاذه من فحوي القرار ومن توقيته ومن بيئته ومن سياقاته ومن آلياته ومن التهيئة و الاعداد المرتبطان به, ومن القدرة علي تسويق القرار, و الشفافية في عرض الخيار بمعلومات شافية كافية وافية, ومن البحث عن ردود افعال القوي المختلفة علي القرار وتقدير و البحث في تكلفة القرار و الاقتصاد السياسي الذي يتعلق به جهدا ووقتا واثرا ومآلات القرار و التحسب له و الحساب عليها ومنظومة القرار التي توضح عناصر رؤية استراتيجية حقيقية تؤكد المعاني التي تربط بين القرارات المفردة ومنظومة القرار المجتمعة و المتجمعة.

انها امور يجب ان نتوقف عندها مليا في ادارة الازمات وتاسيس السياسات و القدرة علي صناعة الآليات وبناء الاستراتيجيات, ستجد هذا متمثلا في قرار عودة مجلس الشعب و التراجع عنه بعد ايام, و الاعلان الدستوري والغائه بعد معارضات, وقرارات رفع الضرائب وتجميدها بعد ساعات, وباتت هذه الادارة المختلة في قيام مؤسسات اخري تتعلق بالحكومة تتخذ قرارا باغلاق المحلات مبكرا و التراجع عنه بعد حين, ودعوة تقوم بها القوات المسلحة وتتضارب حولها الاقوال ما بين الصلاحية و القبول تنتهي بالتاجيل وربما بالالغاء, وجهاز نيابة عامة يقوم النائب العام بنقل محام عام شرق القاهرة ثم يتراجع عن قراره رغم انه دافع عن قراره الاول ولم يحدد لنا لماذا نقله ولماذا اعاده الي عمله؟, وحتي عملية الاستفتاء صارت المراسيم بالنسبة لها تصدر دائما بعد تداول الناس لاكثر من قول واكثر من خيار وفي النهاية تصدر المراسيم, مشاهد تؤكد عدم التنسيق. وكانت مساحة واسعة خالية من القرارات رغم حاجات الناس و الضرورات.

اكثرمن هذا فاننا نشهد جهات يتعدد منها صدور الخطاب تؤشر علي فوضي في ساحات الخطاب تغيب فيها الرئاسة او تصدر البيانات لتنفي او تؤكد واختلطت مؤسسة الرئاسة بتكوينات اخري تتحدث بالنيابة عنها في ادق الامور واجلها.

واحتار الناس بين ادارة مختلة من معارضة محنطة في كل مرة ترفع سقوفها وتغلق الابواب وتقيم السدود و الجدر من دون فتح المخارج وتقديم البدائل, وتتخذ من المواقف المستندة الي مصالح آنية وانانية تتحكم فيها تصفية الحسابات واتخذت مواقف مغلقة لا تلقي بالا لمصالح الوطن وحماية الثورة وحملت معها اطرافا من الفلول تارة وتارة اخري اطرافا احترفت موالاة العسكري.

ماذا فعلنا بالوطن وبالثورة في اطار يحمل كل عناصر الادارة المختلة, مظاهر الاختلال فيها تبدو في تجاهل مقدمات القرار و التغافل عن بيئة القرار و القفز علي سياقاته ولا تعتبر دقة التوقيت في قيمة القرار, وقد قلنا مرارا وتكرارا لنلخص بكلمات كل القواعد التي تتعلق بالقرار صناعة واتخاذا ' ان القرار ابن وقته ان فات زمنه فات اثره, وربما انقلب الي عكسه ' , واتي بما يؤدي الي تحقق ضرره واختفاء نفعه ليؤثر بذلك بتكلفته العالية و الباهظة علي مسار العملية السياسية ومستقبل الوطن فيزيد البلاد استقطابا ويحدث فيها انقساما ويعظم فيها مداخل الفرقة و الاستبعاد, وتدور في الخطاب مفردات الاستغناء و الاستعلاء, وتختلط الكلمات ما بين تخوين وتخويف وتكفير. كان الدستور المعمل الذي اكدنا اننا بالسياسة الرشيدة الفاعلة نستطيع ان نخرج به بما يحقق مصالح العباد و البلاد, ويؤصل معاني الترافق و التوافق, فاذا بالامر ينتقل الي دائرة الاستقطاب و التراشق…اين الوطن في كل ذلك؟, و الثورة ومكاسبها وحمايتها من كل ذلك؟, يا سادة العلة في الادارة المختلة من كل القوي و المؤسسات, و التي اورثت مباراة صفرية مهما توهم البعض انهم كسبوا بعض المكاسب, الكل خسر الوطن و الثورة , افلا تعقلون ؟!

ليست هناك تعليقات :