اطلاق النار على زخة المطر الأزهرية وائل قنديل



نزلت وثيقة الازهر كالمطر لاطفاء حريق اوشك ان يمتد وينتشر ويلتهم مقومات الحياة في مصر , غير ان البعض ممن يريدونها دوما نارا عبثية موقدة قرروا اطلاق النار علي زخة المطر الازهرية التي نزلت في الوقت المناسب.

ان احدا لم يضرب ممثلي القوي السياسية علي ايديهم كي يوقعوا علي وثيقة الازهر , وبالتالي يبدو مدهشا ان اصواتا تنتمي للقوي المشاركة في الوثيقة تحاول حرقها بالتشكيك و التشويه و الترويج لقراءات مغلوطة لما ورد بها.

والاعجب ان يذهب البعض الي ان وثيقة الازهر توفر غطاء للعنف و القتل علي الرغم من ان الوثيقة تقول نصا ان ' حق الانسان في الحياة مقصد من اسمي المقاصد في جميع الشرائع و الاديان و القوانين , ولا خير في امة او مجتمع يهدر او يراق فيه دم المواطن , او تبتذل فيه كرامة الانسان او يضيع فيه القصاص العادل وفق القانون ' .

وفي البند الثالث منها تشدد الوثيقة علي ' التاكيد علي واجب الدولة ومؤسساتها الامنية في حماية امن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم الدستورية و الحفاظ علي الممتلكات العامة و الخاصة وضرورة ان يتم ذلك في اطار احترام القانون وحقوق الانسان دون تجاوز ' .

قل اين توفير الغطاء للقتل و العنف هنا , وقبل ذلك : لماذا لم تعترض الاطراف الممثلة للقوي السياسية او ترفض التوقيع علي الوثيقة خلال اللقاء في مشيخة الازهر اذا كانت تراها مظلة للعنف و القتل؟

ان بعضا ممن تابعوا هذه التقلبات المناخية المفاجئة في مواقف القوي الداعية للغضب وللتظاهر اصابتهم الدهشة و الحيرة من غزارة سيول المبادرات قبل ساعات من فاعليات ما اطلق عليه ' جمعة الخلاص ' وقطع البعض شوطا ابعد من الدهشة ليصل الي تخوم القلق و الرعب مما هو آت , بل ان منهم من وضع يده علي قلبه من ان تكون تلك المبادرات نوعا من ابراء الذمم وغسل الايدي و السمعة مما قد يراق من دماء , وليست نيات خالصة ورغبات مخلصة في تفادي العنف و الدم و الخراب.

وبالقدر ذاته الذي جرت به محاولات حرق المطر ' الوثيقة ' جرت عمليات وضيعة لاشعال حرائق ادبية ومعنوية في عدد من رموز شباب ثورة ٢٥ يناير الذين تبنوا المبادرة المحترمة لوقف العنف وحقن الدماء حتي تكللت مساعيهم وجهودهم بالتوصل الي التقاء اضداد المشهد السياسي علي مائدة حوار واحدة برعاية و اشراف الامام الاكبر شيخ الازهر .

و ما ان تم الاعلان عن توقيع الوثيقة حتي بدات حملة منظمة لاغتيال شباب الثورة الحقيقي سياسيا وادبيا , وتطايرت ادخنة عمليات شيطنتهم وتشويههم وتجريدهم من ثوريتهم وسحب الاعتراف بدورهم في مشهد ٢٥ يناير ٢٠١١ , وهذا كله يمكن تصنيفه في اطار الحرب اللا اخلاقية التي تدور الآن ضد كل من يطلق صرخة لايقاظ الضمائر التي اتت عليها نار الكراهية المتاججة هذه الايام .

ليست هناك تعليقات :