واذا كانت اي مبادرة تقاس اهميتها ليس فقط بمضمونها ومقاصدها , ولكن ايضا بمقدار قبولها من جانب الاطراف المعنية فازعم ان مبادرة وقف العنف التي ارتضاها الجميع تحظي بقيمة اكبر رغم انها ركزت علي المبادئ ولم تدخل في الاجراءات. وربما كانت حدودها تلك تشكل احد عناصر قبولها. لان الكلام المطلق عن رفض العنف لا يستطيع احد ان يعترض عليه , حتي اولئك الذين يؤيدونه في الواقع ويرونه سبيلا فعالا لردع الآخرين وترهيبهم. وبسبب موقفها الادبي و الاخلاقي وخلوها من اية تكاليف عملية فان احدا لم يتخلف عن المشاركة في تاييدها. وقد تابعنا توقيعات جميع الاطراف في البيان الذي جري تعميمه علي الكافة عبر البريد الالكتروني في وقت لاحق. ولا استبعد ان تكون رعاية شيخ الازهر للمبادرة قد شكلت عاملا آخر في الجذب , خصوصا بعدما اصبح للازهر وشيخه دور ملموس في مساعي الوفاق الوطني. الا انني اضيف سببا ثالثا دفع البعض الي الحماس للتوقيع علي المبادرة , وهو ان اولئك ' البعض ' ارادوا ان يغسلوا ايديهم من العنف الذي شهدته البلاد في الآونة الاخيرة , و الذي اثار استياء وغضب المجتمع , رغم انهم كانوا من المشجعين له , بل ان الشائعات تتحدث عن ضلوعهم في رعايته. وبعدما فاحت تلك الرائحة وترددت الهمسات منتقدة ذلك الدور. فانهم سارعوا الي تاييد مبادرة وقف العنف لدحض الشبهة ورد التهمة.
وفيما علمت فان رئيس حزب الوسط المهندس ابوالعلا ماضي الذي شهد اللقاء انتهز فرصة تمثيل الجميع فيه , وتشاور مع رئيس حزب الوفد الدكتور سيد بدوي في فكرة تطوير الفكرة واستثمارها لصالح الحوار بين الفرقاء للخروج بالبلد من الازمة الراهنة. وتبلورت لديهما فكرة تشكيل مجموعة عمل من 12 شخصا ' خمسة يمثلون المشاركين في الحوار الذي يرعاه رئيس الجمهورية وخمسة آخرون يمثلون جبهة الانقاذ اضافة الي اثنين يمثلان شباب الثورة ' وهذه المجموعة تلتقي هذا الاسبوع للتوافق علي جدول اعمال يفتح الطريق علي اساس واضح للالتحاق بالحوار الذي ترعاه الرئاسة. وفهمت انه اثناء الجلسة رجع كل واحد الي شركائه وتم الاتفاق علي الفكرة التي نقلت الي شيخ الازهر , فاعلنها ضمن توصيات اللقاء.
فيما يبدو فان فكرة تشكيل مجموعة العمل هذه تقدمت علي غيرها من المبادرات , حتي اشعار آخر علي الاقل. الا ان ذلك لا يعني ان طريق الحوار الوطني بات مفتوحا و الطريق ممهدا , لانني مازلت عند رايي في ان ثمة اطرافا لا تريد الحوار وتسعي لافشاله للاسباب التي ذكرتها يوم الخميس الماضي. وفي الاجواء روائح يشتم منها ان ثمة ترتيبا للخلاص مما يسمونه هيمنة الاخوان من خلال تربيطات تجهز للانتخابات القادمة , رغم ان ذلك امر مفهوم وربما كان مشروعا في الممارسات الديمقراطية , مادامت هذه التربيطات تمر في النهاية بصندوق الانتخاب.
انبه في الاخير الي اننا مازلنا مشدودين الي حل مشكلة الرئاسة مع نخبة المعارضة السياسية , ولكن هناك جبهة اخري اهم لم تلق حقها من المبادرة تتعلق بمشكلة المجتمع الذي صنع الثورة ولايزال ينتظر ان يجني ناسه بعض ثمارها. وارجو الا يطول انتظارهم , لان للناس حقوقا وللصبر حدودا.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق