يا اخوان التزموا منازلكم و لا تعطو ذريعة لدعاة الفوضى فهمي هويدي


اذا كنا لا نستطيع ان نمنع حدوث العنف في ميدان التحرير غدا. فاضعف الايمان الا نتطوع بتقديم ذريعة له. ذلك ان اي عاقل لابد ان يتوقع احتمالات العنف في اجواء الاحتقان المخيمة علي الشارع وبعدما تواصلت طوال الايام الماضية عمليات التعبئة و التحريض. عبر وسائل الاعلام. حين ركزت علي تهيئة المتظاهرين لتوقع ما وصفته بعض الصحف بساعة المواجهة التي يتبدي فيها الغضب الساطع وتشارك فيها مجموعات ' الاقنعة السوداء ' . اعدادا لحرب الشوارع التي تستلهم وتكرر احراق واقتحام محكمة جنايات الاسكندرية. الي غير ذلك من رسائل التحريض التي اشرت اليها , امس.

هذه الاجواء اذا لم تكن فرصة مواتية لاشاعة الفوضي وتفجير العنف , فهي علي الاقل تغري بذلك. واذا كانت خبرة الاشهر الماضية قد علمتنا ان العنف بات واردا حتي في المناسبات شبه العادية. فما بالك به حين تكون المناسبة غير عادية كتلك التي نتوقعها غدا في جمعة الخروج , حيث الحشد المفترض معبا وكبير وكل ادوات وعناصر التفجير متوافرة. بالتالي فاي عود كبريت يلقي في الساحة سيكون كفيلا باشعال الحريق. ولانه من السذاجة ان نطالب الساعين الي ذلك بان يصرفوا النظر عما ينتوونه , فكل ما ادعو اليه واؤكد عليه هو الا نتطوع نحن باهداء ذلك العود الي الذين ينتظرونه , ولنترك الامر الي اصحابه لكي يقوموا من جانبهم بما يلزم لتحقيق غضبهم. وهذه مسالة تحتاج الي توضيح يعيننا عليه استعادة درس ما جري عند محاصرة قصر الاتحادية في شهر نوفمبر الماضي. حينذاك ذهب المعارضون الي محيط القصر , تجمعوا وتظاهروا ونصبوا خيامهم واعتصموا. الا ان هذا السلوك استفز قيادة حزب الاخوان ' الحرية و العدالة ' , وسواء لانهم ارادوا ان يتحسبوا لاحتمال اقتحام القصر من جانب المتظاهرين او لانهم لم يكونوا مطمئنين الي ان الشرطة ستقوم بما يلزم لحماية مقر الرئاسة , او لانهم ارادوا ان يثبتوا حضورا في مواجهة المعارضين , فالشاهد انهم دفعوا باعداد من انصارهم الي محيط القصر , الامر الذي ادي الي اشتباكهم مع المعارضين. وظهر السلاح في ذلك الاشتباك , الامر الذي ادي الي قتل عشرة اشخاص واصابة اكثر من مائة آخرين. ورغم ان استخدام العنف كان جريمة بكل المقاييس , الا ان الجريمة بدات بقرار خاطئ تمثل في دفع جموع المؤيدين الي محيط القصر , الامر الذي هيا فرصة الاشتباك ووفر ذريعة استخدام السلاح.

تداعيات الحدث لم تكن اقل سوءا من وقائعه , ذلك انه ما ان وقعت الواقعة حتي روجت بعض الاطراف للادعاء بان قيادة حزب الاخوان لم توفد الي محيط الاتحادية انصارا يتظاهرون للرد علي تظاهرة المعارضين , ولكنهم دفعوا بميليشيات مسلحة و ' شبيحة ' مارست العنف فاسقطت القتلي واصابت الجرحي. كانت الفكرة ساذجة وعبثية , لان العشرة الذين قتلوا كان تسعة منهم من الاخوان , وليس معقولا ان يكونوا قد سقطوا بنيران زملائهم الذين جاءوا معهم. ومن المفارقات ان ما جري في محيط الاتحادية وقع في اليوم التالي لاقتحام ومحاولة احراق 26 مقرا للاخوان , في المقدمة منها المقر الرئيسي للجماعة , دون ان تعترض طريقها عناصر ' الميليشيا ' التي تحدثت عنها الشائعات وروجت لها وسائل الاعلام , الامر الذي يعني انها ليست سوي كيان اخترعه الاعلام المعارض ولا وجود له علي ارض الواقع.

في اجواء الاحتقان السائدة فان خطا ارسال الموالين الي محيط الاتحادية , لم يوقع قتلي وجرحي فقط , ولكنه الصق التهمة بالاخوان وحملهم مسئولية العنف الذي وقع , وهو ما كان ينبغي ان تتوقعه الجهة التي قررت ارسال ذلك العدد الكبير منهم لمواجهة المعارضين. واستقرت الفكرة في اذهان البعض , حتي قرات في مقالة نشرتها صحيفة الشروق في 21/1 لاحدي الكاتبات ذكرت فيها ان ' عملية الهجوم المسلح قادتها مجموعات دينية منظمة ومسلحة قاصدة المحتجين امام قصر الاتحادية ' . وهو حكم شاع رغم ان تحقيقات النيابة في القضية لم تنته بعد. وقد استمعت حتي الآن الي اقوال 180 شخصا من شهود الحدث.

ارجو ان تكون قيادة حزب الحرية و العدالة قد تعلمت الدرس من خطا تجربة موقعة الاتحادية , بحيث تدفعها تلك التجربة المحزنة الي دعوة اعضاء الجماعة الي الابقاء في بيوتهم وعدم التوجه الي ميدان التحرير يوم الجمعة , لكي لا يوفروا للمتصيدين و المتربصين فرصة التذرع بوجودهم لاطلاق شرارة العنف واشاعة الفوضي التي تتمناها بعض الاطراف. واكرر ان عدم نزول الاخوان ربما لا يمنع العنف , ولكنه قد يضعف احتمالاته , وعند الحد الادني فانه سوف يخرجهم من ضمن اسباب وقوعه لا قدر الله. ولا يظنن احد ان ما اسعي اليه هو تبرئة الاخوان وتحميل الآخرين بالمسئولية عن العنف , لان اكثر ما يشغلني هو ابطال الذرائع التي يتوسل بها دعاة الفوضي لتحقيق مرادهم. لاجل الوطن وليس لاجل الاخوان.

ليست هناك تعليقات :