نهب ثروات مصر لازال مستمرا حتى الآن أحمد منصور


حينما التقيت مع رئيس مجلس الشوري المصري الدكتور احمد فهمي قبل اسبوعين ابلغني ان تحت يد مجلس الشوري كثيرا من العقود التي تم تجديدها لشركات عالمية او لرموز من النظام السابق يستغلون بموجبها خيرات مصر و مناجمها و معادنها باسعار بعضها سعر الطن فيها بضعة قروش , وبعض هذه العقود لعشرات السنين سواء للشركات الاجنبية او للمقاولين المصريين او لرموز النظام السابق , سالت احد خبراء القانون بشان هذه العقود فقال لي : ان المشكلة ان هذه العقود ليس من السهل فسخها , حيث قام الطرف الاجنبي بوضع شروط قاسية علي الحكومة المصرية حال فسخ العقد بتواطؤ المسئولين المصريين الذين وقعوا عليها , و الخوف كل الخوف الآن من لجوء هذه الشركات الي التحكيم الدولي بما يعني تورط مصر في احكام دولية بعشرات المليارات من الدولارات اذا لم تسع لتسوية هذه العقود بشكل ودي , و العجيب ان هذا الامر قائم الآن فيما يتعلق بالغاز , حيث ان مصر ملزمة وفق العقد الموقع مع اسرائيل فيما يتعلق بالغاز من ان توفر الغاز لاسرائيل من الاسواق الدولية حتي لو لم يكف الغاز المصري لسد الاحتياجات الاسرائيلية , وهنا اود ان اشير الي قصة ذكرها لي احد الاصدقاء الذين كانوا يبحثون في ثروات مصر المعدنية , حيث قال لي انه اطلع علي مصدر بريطاني جاء فيه ان ملك مصر فاروق الاول , اصدر امرا باغلاق منجم السكري للذهب بعدما استهلكت مصر كميات كبيرة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية لسد نفقات الحرب , وقال الملك فاروق ' لقد استهلكنا حصة جيلنا من الذهب ويجب ان نبقي للاجيال القادمة حصصها ' هذا المفهوم عن ثروات مصر غاب كل الغياب عن اللصوص الذين حكموا مصر خلال العقود الستة الماضية فاصبحوا يتصرفون في ثرواتها التي وصفها يوسف عليه السلام ب ' خزائن الارض ' وكانها ملك خاص بهم بل لو كان ملكا لهم ما فعلوا فيه ما فعلوه بثروات مصر وشعبها , وقد قرات خبرا في صحيفة ' المصري اليوم ' في عددها الصادر في 15 يناير الماضي جاء فيه ' ان وزارة الطيران المدني قد فشلت مع كل من رجل الاعمال محمد شفيق جبر صاحب شركة ارتوك التي تستحوذ علي مجمع المحال السياحية و المطاعم و المقاهي في مطار الغردقة الدولي بموجب حق انتفاع موقع في العام 1998 , و الدكتور ابراهيم كامل مالك شركة ' مركز التصدير الدولي ' بمطار القاهرة الدولي التي تدير ايضا بحق الانتفاع عمليات التصدير في مطار القاهرة الدولي منذ العام 1981 , حيث فشلت الوزارة في انهاء هذه العقود التي من المفترض ان تنتهي في العام 2016 , بعدما قام المسئولون بالشركة القابضة للمطارات و الملاحة الجوية قبل عملية التفاوض مع ابراهيم بتعديل مدة العقد لشركته لينتهي في العام 2030 بدلا من العام 2016 , علاوة علي السماح له بممارسة اعمال غير المتفق عليها في العقد في مقدمتها قيامه بتاجير المكاتب الادارية لشركات الشحن واقامة منطقة جمركية خاصة به , وحصوله علي نسبة 79.5 في المائة من ايرادات المركز التي تتجاوز 250 مليون جنيه مصري , اما محمد شفيق جبر فانه يحصل علي 80 في المائة من ايجارات هذه المحال ' .

قرات الخبر اكثر من مرة , وقلت اين الثورة التي قامت في مصر في ظل ان رجال مبارك ما زالوا يحكمون ويحصلون علي نفس الامتيازات التي اثروا منها من دماء الشعب دون ان يسائلهم احد طوال العقود الماضية؟ هل من المعقول ان يحصل محمد ابراهم كامل الذي كان متهما في موقعة الجمل وقضايا اخري ومحمد شفيق جبر رجل النظام السابق الذي بلغ به الثراء من دماء الشعب انه اصبح يشتري اللوحات من المزادات العالمية بعشرات الملايين من الدولارات ليعلقها علي جدران بيته بينما ملايين المصريين لا يجدون قوتهم , وان يظل هؤلاء يحصلون علي مئات الملايين من الجنيهات وفق عقود لا تكلفهم سوي الحبر الذي توقع به بينما يحرم الشعب من احتياجاته الاساسية؟ وهل من المعقول ان يبقي المسئولون الذين افسدوا خارج نطاق المحاسبة حتي الآن بل وفي مواقعهم التي يبيعون فيها مصر دون ان يحاسبهم احد ؟ هل يعقل ان هذا ما زال يحدث في مصر بعد عامين من قيام الثورة ؟

ليست هناك تعليقات :