انتشرت في الاونة الاخيرة موجة غريبة ومستهجنة في برامج ' التوك شو ' التي تتعمد السخرية و التهكم علي رموز وعلماء الدين الاسلامي وبعض رجال السياسة المعروف انتماءهم للتيار الاسلام السياسي , وتجاوز الامر العلماء و الرموز وصل الي الدين الاسلامي نفسه , فنجد مقدم برامج يعتمد في برنامجه علي السخرية من علماء الامة الاسلامية مستخدما الفاظا خادشة للحياء اضافة الي ايحاءات جنسية للسخرية من العلماء المسلمين , وآخر وصل به الفجر الاعلامي الي السخرية من القرآن الكريم , وثالث ينتقد الصحابة _ رضوان الله عليهم _.
في البداية يقول الشيخ هاشم اسلام _ عضو لجنة الفتوي في الازهر الشريف _ ان ' الحلال بيّنٌ و الحرام بيّنٌ وبينهما امور متشابهات ' , وعلي الانسان ان يتقي الشبهات في افعاله وتصرفاته , ويجب علي المسلم ان ينتبه الي قول الله _ تعالي _ : ' يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون ' .
ويقول الشيخ اسلام : ما يحدث الآن هو حملة ممنهجة ومنظمة تستهدف النيل من الدين الاسلامي , ربما تمتد صورها الي بعض الاشخاص او الي افكار , لكنها في حقيقة الامر هي حملة للنيل من الاسلام نفسه -- ان الاسلام يتعرض حاليا لحرب شرسة من قبل بعض الاعلاميين , و القنوات الفضائية فهم اعلنوا حربا خفية وعلنية علي الاسلام.
وفرق عضو لجنة الفتوي بالازهر الشريف , بين المعارضة البناءة التي تعمل علي مصالح الوطن وتعمل علي المصلحة العامة و التي يمثلها جبهة قليلة في المجتمع , وبين معارضة مثل جبهة ' الخراب الوطني ' فهم اصحاب اجندات لا علاقة لها بالمعارضة الحقيقية من قريب او من بعيد.
وقال كل من يتهكم علي دين الله و العلماء و الربانيين وولاة الامور فانه آثم ظالم وجب عليه التوبة و التصحيح , لان ما يفعله حرام شرعا , وتساءل هاشم اين رجال الكنيسة من الانتقاد و السخرية و التهكم؟! اتحدي اي من كان يحاول انتقاد احد من افراد الكنيسة.
ويقول الدكتور القصبي زلط _ عضو مجمع البحوث الاسلامية وعضو مجلس الشوري _ ان التعصب مذموم شرعا . لانه يؤدي الي اقصاء الآخر , والي الفرقة , مع ان الاصل ان العقول متفاوتة وبالتالي تتفاوت الآراء , وعلي ذلك فالبعض يحاول اقصاء الآخر , وعدم الاعتراف به وبرايه ويحاول حمل الناس علي راي واحد وهذا مذموم.
واضاف : تامل كيف بيّن القرآن طريقة الحوار وادب المناظرة عندما قال الله _ تعالي _ علي لسان الرسول _ عليه الصلاة و السلام _ في مخاطبة المشركين ' وانا او اياكم لعلي هدي او في ضلال مبين ' تصور ان رسول الله استعمل مع المشركين الهدي و الضلال , ولم يبين الرسول _ عليه الصلاة و السلام _ من هو علي هدي ومن هو علي ضلال , فاستخدم الرسول _ صلي الله عليه وسلم _ هذه الموقف لينهي الجدل مع المشركين ولم يسبهم او يلعنهم.
وتذكر ايضا عندما صلي الامام الشافعي , في مسجد ابي حنيفة في العراق , وكان مذهب ابو حنيفة عدم القنوط في صلاة الصبح , فعندما قدم تلامذة ابو حنيفة الامام الشافعي في صلاة الصبح ليصلي اماما بهم وترك الشافعي القنوط في صلاة الصبح احتراما لابي حنيفة , فلما انتهي من الصلاة قال له تلامذة ابو حنيفة , لماذا لا تقنط يا امام قال لا ينبغي للشافعي ان يقنط في مسجد يري امامه انه لا قنوط في الصلاة , فهذا هو ادب الحوار في الاسلام , اما الآن فاصبح الصوت العالي و السباب و الشتائم و القذائف الكلامية هي لغة الحوار , ومن خصائص ادب الحوار ان تكون موضوعيا عقلانيا , وان يكون هناك رحابة صدر بين الجميع , اما الصوت العالي و الضجيح فهذا مرفوض شرعا.
وقال عضو مجمع البحوث الاسلامية , ان التعدي باللفظ واستخدام الاشارات و الايحاءات الجنسية في العمل الاعلامي و الذي ازداد في الآونة الاخيرة فهو مرفوض شرعا , فانظر الي القرآن الكريم لم يستخدم اية عبارات جنسية صراحة واستخدم عبارات مكنية ' نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم اني شئتم ' . صدق الله العظيم
ومن اقصي صعيد مصر , اكد الدكتور صابر حارص _ رئيس وحدة بحوث الراي العام بجامعة سوهاج _ ان استخدام الفاظ ' خشنة ' وغير تربوية في برامج الاعلام اي ما كان . هو سلوك غير مبرر مهنيا واخلاقيا ويترك آثار غير تربوية علي المجتمع . لان مثل هذه الالفاظ تننقل من الفضائيات الي المشاهدين , وبالتالي فان انحدار الحوار وتداول الالفاظ المتدنية في الشارع يكون مصدرها وسائل الاعلام الخاصة , ويتنافي هذا مع المسئولية الاخلاقية و المهنية لوسائل الاعلام تماما.
واضاف حارص , يفترض علي وسائل الاعلام ان تمنع تداول هذه الالفاظ حتي علي السنة ضيوفها من النخب السياسية.
وطالب رئيس وحدة بحوث الراي بسياسات اعلامية جديدة للفضائيات و الصحف , تمنع ذلك عبر لوائحها الداخلية , اضافة الي تفعيل مواد العقوبات الخاصة بجرائم السب و القذف و الاهانات وجرح مشاعر الراي العام .
واستنكر حارص ما يقوم به بعض الاعلاميون من اساءة الي الرموز الدينية , لان ذلك يمثل خرقا كبيرا لنظرية القدوة في المجتمع , نظرا لما يقوم به بعض رموز الدين الاسلامي من حركة اصلاح اخلاقي واسعة في المجتمع , فهذه اثارة غير مقبولة من هؤلاء الاعلاميين , وطالب الشعب المصري بضغوط شعبية , ومحاصرة الفضائيات التي تخدش حياء الناس بالالفاظ الخشنة , لانها تزيد وبقوة الانقسامات داخل الوطن وتزيد من حدة العنف بين المواطنين.
ويري الاستاذ مجدي حسين _ رئيس حزب العمل الجديد ورئيس تحرير جريدة الشعب _ ان علاج هذا الموضوع يتمثل في ثلاث نقاط مهمة : اولا عمل ميثاق شرف اعلامي , وعمل مؤتمر علني لتوضيح ذلك امام الراي العام , واثارة الراي العام علي نوعية هذه البرامج و التيار الممثل له وفضحه , وثانيا هناك محور قانوني وهو ان يرفع كل من يتهكم بهم قضايا امام المحاكم , وثالثا الحرب الاعلامية من خلال تطوير الاعلام الاسلامي للرد علي هذا التيار من خلال مؤسسات مهنية في الصحافة و الاعلام.
واضاف حسين ان هذه البرامج تعتمد علي الكذب و التضليل , وذلك لانهم يقتطعوا فيديوهات من سياقها العام , وينشروا بها الكذب بهدف نشر ما يريدون نشره وهذا كله يخالف المهنية واخلاق الشرف الاعلامي.
وطالب رئيس حزب العمل , ايقاف هذه النوعية من البرامج وبسرعة حتي يتم تطهير الاعلام , لانها تخرج عن الآداب العامة وانها تخدش الحياء كذلك تتعرض لرموز الاسلام بكل وقاحة وكبر , متسائلا لماذا لا تتعرض هذه القنوات الي التهكم و السخرية من القساوسة مثلما يفعلون مع رموز التيار الاسلامي؟!
قال الدكتور مختار غباشي _ نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية و الاستراتيجية _ ان هناك بعض البرامج فكرتها ماخوذة من الغرب وامريكا , وهذه البرامج تعتمد في الاساس علي الانتقاد السياسي تهدف من خلال هذا النقد البناء وانتقاد وكشف السلبيات , لكننا نقلناها هنا في مصر بطريقة خاطئة وحولناها الي صراع سياسي وسب وقذف واستهزاء برجال الدين ورموز السياسة في مصر.
واستنكر غباشي هذا الهجوم غير المبرر وغير المقبول علي الرموز الدينية في مصر , لان هذه الرموز يقدرهم ويحترمهم الشعب المصري كله , اضافة الي ان الرموز الدينية هي قدوة ومربية ومعلمة للشباب , متسائلا كيف اسخر من رجل دين يربي ويعلم اجيال كاملة.
ورفض نائب رئيس المركز العربي اي تناول للرموز الدينية في البرامج الاعلامية , لان هذه الرموز قائمة علي حماية الدين وعلي تفسير القرآن وتوضيحه , واعتبر ان هذه البرامج لو استخدمت النقد بهدف التصحيح وهدف الكشف عن قضايا فساد لكانت اصبحت مقبولة , مضيفا الي ان نوعية هذه البرامج سيكشف الشعب المصري علي المدي القريب كذبها وتضليلها.
ومن الناحية الاجتماعية قال الدكتور رشاد عبد اللطيف _ العميد السابق لكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان _ ان هذه البرامج تؤدي الي انتشار ثقافة القبح , واضعاف الوازع الديني , واضعاف قيمة الحياة لدي المراة ولدي الرجل , ومثل هذه البرامج لها خطورتها علي اخلاق الشباب , وان مثل هذه البرامج التي تهدف الي نشر الفوضي لابد ان تتعاقب قانونيا ومقاضاة مموليها.
في النهاية يفرق نبيه الوحش _ المحامي المعروف _ بين كل من الوقاحة , وبين وصف الفعل مضيفا ان الشخصية العامة لابد ان تتحمل النقد , وهذه ضريبة المسئولية ومهمة العمل , لكن هناك فارق كبير بين انتقاد سياسة المسئول باحترام و الانتقاد البناء , وبين الانتقاد بالفاظ تخرج عن السياق العام وتخدش حياء المشاهدين.
واضاف الوحش , الي ان هناك بعض البرامج التليفزيونية تخالف القانون وتدخل تحت طائلته , لانها تدخل تحت بند الفعل الفاضح نظرا لما تحتويه هذه البرامج من سب وقذف لبعض رجال الدين ورموزه وبعض رجال السياسة , لما تحتويه من الفاظ خارجة عن النطاق العام من مقدم البرنامج .
واستنكر الوحش ما يقوم به بعض الاعلاميين من ايحاءات جنسية , مؤكدا ان هذه الافعال تخدش الحياء العام و التقاليد التي تربي عليها المصريون.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق