كشف مصدر مطلع , ان السبب وراء حادث قطار المجندين يتمثل في سقوط ' مثلث الفرامل ' بالعربة الاخيرة , نتيجة عارض فني مرتبط بالصيانة , مما ادي الي اختلال عجلات تلك العربة وخروجها عن القضبان , واصطدامها بقطار البضائع الذي كان مُخزنا علي السكة المقابلة , مشيرا الي ان سرعة سائق القطار الكبير ضاعفت من اعداد الضحايا.
و قال المصدر ان ' مثلث الفرامل ' بالعربة الاخيرة سقط علي بعد نحو 200 متر من محطة سكة حديد البدرشين , مما ادي الي اختلال عجلاتها , وانحشارها برصيف المحطة , وعقب مرور القطار من رصيف المحطة في اتجاه القاهرة اختلت العجلات تماما , وخرجت عن القضبان , لتتحول العربة عرضيا خلف القطار بدلا من كونها طويلا , لتفاجا عقب ذلك بقطار البضائع الذي كان مُخزنا علي السكة المقابلة.
واضاف المصدر ان العربة التي كانت تسير خلف القطار بالعرض اصطدمت بالعربة الاخيرة من قطار البضائع الذي كان مُخزنا , وان الركاب بداوا يتطايرون من العربة عقب اصطدامها , حتي انفصلت تماما عن قطار المجندين , مشيرا الي ان العربتين التاليتين للعربة الاخيرة تحطمتا ايضا نتيجة الاصطدام وسير العربة بالعرض حتي انفصالها وتوقف القطار بعد نحو كيلو من موقع الاصطدام.
واوضح المصدر انه عندما سقط ' مثلث الفرامل ' علي الارض ارتطم بالعامود الحديدي الذي يربط العجلات ' البواجي ' , مما ادي الي اختلالها , مشيرا الي ان سقوط ' المثلث ' راجع اما نتيجة عيب فني به , او عدم ربط مساميرها جيدا , وان الامر مرتبط كاملا بعملية الصيانة علي اجريت علي هذا القطار قبل بدء القطار رحلته من اسيوط متوجها علي القاهرة.
واكدت المصادر ان اوناش الهيئة وصلت الساعة 1.30 صباحا لكي تقوم بعمليات رفع عربات القطار لاخراج الضحايا , اي بعد نحو ساعة ونصف من وقوع الحادث 11.55 من مساء الاثنين , الا ان العاملين جاءت اليهم تعليمات عليا بعدم الاقتراب من موقع الاحداث او رفع اي من اثاره قبل معاينة النيابة العامة للمكان , مشيرا الي ان الاوناش بدات في رفع اثار الحادث الساعة 5.20 صباحا واستمرت حتي السابعة , لتستانف حركة القطارات الا ان الاهالي سارعوا واوقفوا الحركة للمطالبة بالقصاص للشهداء من ضحايا القطار.
سرد المصابون في حادث قطاري البدرشين , الذي ادي الي وفاة 18 شخصا واصابة 117 آخرين , جميعهم علي قوة التجنيد , كواليس اللحظات الاخيرة قبل الحادث و التي لم تخلُ من القصص الانسانية.
احد المصابين هو اسماعيل محمد , 20 سنة , قال انه كان يجلس برفقة زميله ' احمد ' , توفي , وكان يحكي عن معاناة و الدته بعدما علمت انه سوف يسافر للتنجيد , وكيف انها وقفت تودعه قبل السفر , فقال لها ' لا تقلقي يا امي ابنك راجل هيشرفك ' , فما كان منها الا ان احتضنته لمدة طويلة و الدموع تنساب من عيونها وتقول : ' قلبي واجعني عليك يا احمد -- خايفة ما اشوفكش تاني يا ضنايا ' , وبالفعل مات ' احمد ' وهو في طريقه لاداء الواجب.
واوضح محمد السيد , 20 سنة , من سوهاج , احد الناجين من حادث القطار , انه كان يجلس برفقة زميله ' محمد ' , و الذي تعرف عليه داخل عربة القطار , وظلا يتحدثان معا قرابة الاربع ساعات , وتمني ' محمد ' ان يكونا معا في ' الخدمة ' والا يترك احدهما الآخر , مشيرا الي ان ' محمد ' قال له بالحرف الواحد , في رحلتهم من الصعيد الي القاهرة : ' لن يفرقنا الا الموت ' , ولم تمر سوي دقائق ووقع الحادث , ليموت ' محمد ' ويفترق الزميلان بعد قصة صداقة دامت لساعات معدودة.
واضاف حاتم سيد , 20 سنة , من اسيوط , واحد الناجين , انه كان نائما واستيقظ فجاة علي صوت الحادث , وحينما نزل من القطار وجد اشلاء ودماء تسيل وصراخا وعويلا , فراح يتجول بين الضحايا في محاولة منه لانقاذ اي شخص , ووقع نظره علي شخص يصارع الموت فجري نحوه وحاول استخراج جسده الا ان الموت لم يهمله , حيث لفظ الشاب انفاسه الاخيرة وهو يردد الآيات الاولي من سورة يس.
و أضاف اسماعيل محمد , 20 سنة , احد الناجين المقيمين بسوهاج , انه قفز من القطار بعد توقفه , وجري نحو الجثث و المصابين , فسمع صوتا خافتا اسفل عجلات القطار , وحينها وجد شابا يصارع الموت بعد ان دهس القطار نصفه الاسفل , وعندما اقترب منه سمعه ينادي : ' طلعنا ربنا يخليك ' , فحاول ان يجذبه للخارج , الا ان حطام القطار كان علي نصفه الاسفل فلم يستطع فاسرع نحو سائق ' اللودر ' وطلب منه رفع حطام القطار , وبالفعل حاول السائق مساعدته , الا ان جزءا من حطام القطار سقط علي راس الشاب فقضي علي حلمه في الحياة.
وقال ملقي مرزوق , 20 سنة , مقيم بسوهاج , ومصاب بكسور في اليد وجروح بالوجه , انه استقل القطار من سوهاج الي القاهرة , واثناء سير القطار توقف لمدة ربع ساعة في المنيا بسبب عطل مفاجئ به , ثم عاد للسير مرة اخري , مضيفا ان النوم داعب جفنيه لكنه استيقظ علي هزة القطار , ولم يستطع ان يستوعب الموقف , وشعر بانه ما زال نائما ويعاني من ' كوابيس ' النوم , وان الدماء التي شاهدها وصرخات زملائه التي سمعها مجرد اضغاث احلام.
واضاف حاتم محمود , 20 سنة , مصاب بكسور بالقدم وجروح بالوجه , انه ترك اسرته في سوهاج , وودعته شقيقاته بعدما خرج لاداء الخدمة العسكرية , واستقل القطار الحربي , وجلس في العربة الاخيرة يتجاذب اطراف الحديث برفقة ثلاثة من زملائه , فلم يشعر بنفسه , وما بين لحظة واخري وقع الحادث ووجد نفسه مصابا داخل مستشفي الحوامدية , وسال عن زملائه الذين كانوا برفقته فوجد احدهم علي السرير المجاور له , وعلم ان الاثنين الآخرين لفظا انفاسهما الاخيرة قبل ان يكملا الحديث معه.
واوضح صابر حمدي , 20 سنة , من سوهاج , مصاب بكسر بالقدم وجروح بالوجه , انه طلب من المجندين القدامي الموجودين بالقطار ان يدخل دورة المياه فرفضوا , وظل ينتظر وينتظر حتي وجد نفسه داخل مستشفي الحوامدية بين مصابي القطار قبل ان يقضي حاجته.
واشار عبد الرحمن سيد , 20 سنة , مقيم باسيوط , الي انه جلس برفقة مجموعة من زملائه يتحدثون عن الخدمة العسكرية , وكان يغني ' بحبك يا بلادي ' , ويتحدث مع زملائه عن رغبته في تقديم الواجب لبلاده وحماية ارضها , وانه ترك اهله باسيوط بعد دعوات من و الدته بان يعود اليها سالما غانما.
واضاف مصطفي محمد , 20 سنة , مقيم باسيوط , انه كان يجلس برفقة اصدقائه ياكلون , وان بعضهم مات وفي يده الطعام , و البعض الآخر ذهب الي المستشفي مصابا دون ان يكمل العشاء , فيما اشار مصطفي رمضان , 20 سنة , الي انه فقد احد اصدقائه ويدعي ' علي ' قبل ايام من زواجه من فتاة احلامه , بعدما تم تاجيل الزواج بسبب التجنيد , و أضاف ' مصطفي ' : ' كنت في العربة قبل الاخيرة , وحدث عطل في محطة المنيا فجاء احد اصدقائي واسمه ' علي ' للجلوس معي , وكنت امزح معه بسبب تاجيل زفافه , وقال لي انه سيقضي مدته الاولي بالتجنيد داخل مركز تدريب مبارك , وبعدها سيعود الي بلدته باسيوط لكي يتزوج ويقيم فرحه الذي تم تاجيله بسبب موعد تجنيده ' , ويضيف مصطفي , و الدموع تنهمر علي وجنديه : تركني علي وذهب للجلوس في مكانه في آخر عربة بالقطار بعد فحصها في المنيا , وهي العربة المشئومة التي انفصلت عن القطار , وتسببت في الحادث , وكنت وقتها مستغرقا في النوم , واستيقظت علي صوت الحادث , وحتي هذه اللحظة لم اجده.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق