جمال سلطان ... الاحباط لا يصنع ثورة , ولكنه من الممكن ان يُحدث بعضا من الفوضي السياسية التي تضر بالجميع , وعملية تحريض شباب مشجعي كرة القدم للاصطدام بالدولة واجهزتها واسالة الدماء هو خطاب غير عقلاني وغير اخلاقي ايضا , كما انه في النهاية غير منتج سياسيا , وانا اشعر لاسباب اخري بالاحباط , لان المعارضة السياسية قدمت شهادة افلاسها جماهيريا عندما راهنت علي ' التراس ' لكي يستكمل مشروع الثورة , هذا عار سياسي ينبغي تداركه سريعا , لانه يعني ان المعارضة السياسية بجميع احزابها وائتلافاتها اصبحت عاجزة عن الحضور في الشارع او الحشد المهيب او صناعة المليونيات فتلجا الآن الي مشجعي كرة القدم لتوظيفهم سياسيا في ' اصطناع ' مظاهرة سياسية , وعلي الرغم من حملات التهويل و التضخيم لما يمكن ان يحدث غدا الجمعة او بعد غد السبت , الا اني واثق انه لا شيء ' جوهريا ' يمكن ان يتغير في المعادلة السياسية في البلد , لان لعبة الشارع يملكها الجميع الآن , و التيار الاسلامي بحضوره الشعبي الطاغي لن يسمح للمعادلة ان تختل , سواء مع الالتراس او مع اي قوة شعبية اخري , رغم ان التيار الاسلامي له اليوم انتقادات شديدة الحدة ضد الاخوان وحزب الحرية و العدالة وضد الرئيس مرسي نفسه , وهناك الآن تباعد كبير في الخط السياسي بين الاخوان وقوي اسلامية عديدة , ولكن التيار الاسلامي يري ان الثورة انتجت نظاما سياسيا جديدا , لا يمكن التسامح مع محاولة اسقاطه , يمكن ان نسقط رموزه واشخاصه واحزابه بصورة ديمقراطية كاي حراك سياسي , فمن يعترض علي سياسات الاخوان عليه ان يواجههم في الصندوق الانتخابي وهذا ما يرتب له احزاب اسلامية ومدنية الآن , بينما آخرون من الذين يزدادون تهميشا علي المستوي الشعبي ما زالوا يراهنون علي فوضي الشارع و الانفلات تحت شعار تجديد الثورة , رغم ان الجميع يعرف ان شروط الثورة التاريخية و السياسية و الشعبية لم تعد موجودة في مصر الآن , واذا كان صحيحا وهو صحيح قطعا ان هناك سوء ادارة للمرحلة السابقة في مصر من بعد انتصار الثورة وحتي الآن سواء في فترة المجلس العسكري او فترة تولي الرئيس محمد مرسي فان سوء الادارة يتحمل وزره الجميع , الاخوان و الاسلاميون و الاقباط و الاحزاب المدنية و الاعلام الجديد و الائتلافات الثورية التي توالدت كما الارانب بسرعة وعشوائية وفلول النظام السابق , الكل ساهم في ارباك اوضاع البلد , و الكل عمل لحسابه الخاص او الحزبي وليس لحساب الوطن , ولا استثني احدا في ذلك , اكرر : لا استثني احدا في هذا الكلام , الكل تخبط و الكل اضطرب و الكل حاول الهيمنة علي مسار الثورة و الكل حاول قطف ثمرتها , وما فعله الاخوان كان سيفعله حمدين لو كان له قوة شعبية كافية , وكان سيفعله البرادعي لو كان له قوة شعبية كافية وكان سيفعل اسوا منه شفيق لو نجح مشروع الفلول الذي تزعمه .
نجحت ثورة يناير لان النخبة و الاحزاب و الزعامات و التنظيمات و الجماعات و الفضائيات المصرية غابت عنها و فوجئت بها , و اصيبت الثورة بالاضطراب و الارتباك و التمزق عندما ركبها النخبة و الاحزاب و الزعامات و التنظيمات و الجماعات و الفضائيات المصرية , واذا كنا نريد الخروج من هذا المازق , فليس السبيل هو محاولة هدم كل ما تم وتفجير كل ما تاسس , وانما ان نعزز المسار الديمقراطي , وان ننقل الصراع السياسي من الشارع الي المؤسسات , وان نمنع تغول اي قوة وانفرادها بالقرار , من خلال المفتاح الديمقراطي الذي يحترمه العالم كله , وهو الانتخابات و الاحتكام للصندوق , واي مسار آخر هو ترسيخ للتخبط و الفوضي وتشويه الثورة وقيمتها في ضمائر الملايين , وسيكون الكل خاسرا , لكن , بوضوح ضروري , فلن يكون الخاسر الاكبر فيها هم الاخوان .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق