حسن المستكاوي _ _ للاسف , و ما اكثر الاسف , هناك تجارة بالكوارث . متاجرة سياسية -- تلك صورة المشهد عقب حادث قطار البدرشين المؤلم -- فريق الحكم يتنصل و يعلق الاهمال علي حكم سابق . و فريق المعارضة يعلق الكارثة علي فريق الحكم. ويبدو الامر كاننا في مباراة يركل فيها المواطن في لعبة السياسة بقدم هذا و قدم هذا . مع ان الازمات و الكوارث الكبري في حياة الامم توحد الشعوب و الاحزاب . و الواقع ان الشعب اكثر تحضرا من نخبته , كل نخبته. الناس وحدها الغضب الحزن . الا ان هذا الغضب لم يمنعهم عن المساعدة و المساندة و العمل -- هذا معدن المصريين الساكن و الحقيقي .
_ _ في البدرشين انتفض اهلها في سواد الليل لانقاذ الضحايا. هم الذين بداوا عمليات الانقاذ , ولملمة الاشلاء , ونقل المصابين , واضاءة الموقع. واطعام الجوعي. وتدفئة الجنود -- اما الدولة فكانت كعادتها منذ قديم الزمان سلوكها ورد فعلها مدرسي ابتدائي , ومنه صورة تبرع رئيس الوزراء بالدم -- بينما الحكومة كلها بطيئة , متثائبة , روتينية حائرة , عشوائية , كل مرءوس فيها ينتظر توجيهات رئيسه. وقد خرجت من الحكومة نفس التصريحات السابقة ونفس ردود الافعال , ونفس الاجراءات. حبس الملاحظ , و السائق , و المعاون , ومحاكمة كل ما هو سابق.
_ _ سؤال : ماذا جري منذ حادث اسيوط الذي التهم 51 طفلا في عمر الزهور في نوفمبر الماضي؟ -- هل طورتم مزلقانا واحدا؟ ما هي الاجراءات الجادة , بخلاف الكلام؟.
_ _ حوادث القطارات التي اودت بحياة 350 مصريا خلال هذا العام وما يقرب من 850 مواطنا في 20 عاما , تلفت الانظار ويطاردها الاعلام و الكاميرات , لارتفاع عدد ضحايا الحادث الواحد ' وقع 1057 حادث قطار عام 2010 ' , لكن حوادث المرور و الطرق في نفس العام قتلت 4791 واصابت 49529 ' حسب البلاغات الرسمية ' -- وتلك الارقام لا تعبر عن الواقع المؤسف , لانه لا توجد قاعدة تحتم الابلاغ عن كل حادث رسميا -- وهذا الواقع المؤسف يقدر عدد قتلي حوادث المرور و الطرق سنويا في مصر بعشرة آلاف قتيل , وهو رقم مفزع -- يمثل 30 ضعف المعدل العالمي.
_ _ ان جولة في اي طريق سريع او بطيء في مصر تكفي لمشاهدة آثار الدماء التي تركتها فوضي المرور و السرعة وبلطجة الميكروباص , وسيارات النقل التي تجوب الشوارع بلا رقيب او حسيب , ويمارس اصحابها وتجارها كل اشكال الضغط من اجل مصالحهم المادية بلا رادع -- و الذين يحاكمون اهمال النظام السابق بسبب حوادث القطارات عليهم ان يحاكموه اولا بسبب ضحايا حوادث الطرق , وان يحاكموا انفسهم ايضا. لان ضحايا الطرق من المصريين اكثر من ضحاياهم في الحروب مع اسرائيل.
_ _ هرمنا ونحن نستغيث -- يا مغيث.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق