المقالات و التقارير انواع وفقا لما يدرسه الطلاب في مواد التفكير النقدي ومقدمات مناهج البحث في العلوم الاجتماعية , فهناك اربعة انواع اساسية للمقالات : اولا , هناك المقالات التوضيحية او الاستعراضية ' expository ' التي يحاول فيها كاتبها ان يوضح او يستعرض فكرة او اختراعا او اكتشافا , كمن يكتب في صفحات التكنولوجيا عن اختراع اسمه الشاشة التفاعلية او الاقتصادي الذي يشرح للناس فكرة الصكوك التمويلية , او تلك النوعية من مقالات ادب الرحلات . فيحكي لنا الكاتب عما راي في بلدان زارها.
النوع الثاني من المقالات يسمي بالمقالات الاقناعية او الترويجية ' persuasive ' وهي نوعية المقالات التي يتبني فيها الشخص رايا ما ويسعي لاقناع الآخرين به , وهي الاغلبية الكاسحة من نوعية المقالات السياسية التي نعرفها في مصر حيث يكون الكاتب منتميا لتيار فكري معين او لحزب بذاته ويدافع عن هذا التيار او ذلك الحزب ويوضح وجهة نظره وياتي بالحجج التي تدعمه , او يدافع الكاتب عن قرار معين او يعرض مشكلة بذاتها لانه يعبر عن مصالح فئة من الناس يكون هو متحدثا بالنيابة عنها. وهنا الكاتب يمدح ما هو مقتنع به ولا يمكن ان نساله عن التوازن لانه لم يدَّعِه اصلا -- هو اتخذ موقفا وهو يدافع عنه , ولنا الحق في قبول ما يقول او رفضه دون ان نقول له لماذا لم تتبنّ وجهة نظر اخري. وانما يمكن للقارئ او لكاتب آخر ان يرد عليه بحجج مضادة تعبر عن موقف معارض. وهذا مقبول تماما شريطة الا يدعي اي منهما انه يمثل الجميع او يدافع عن مصالح وآراء الجميع.
النوع الثالث من المقالات هو المقالات التحليلية او النقدية ' analytical ' وهي التي تحاول ان تختبر الجوانب المختلفة من مميزات وعيوب لامر ما بشيء من الحياد او الموضوعية او علي اقل تقدير التوازن. واذا كان النموذج المثالي للنوع السابق هو المحامي او الناشط السياسي , فان النموذج الامثل لهذا النوع هو القاضي النزيه او الناقد الامين. و المفروض اننا نري هذا في النقد الفني و الرياضي من الناقد الذي يعطي لنا صورة متوازنة من مميزات وعيوب العمل الفني او الاداء الرياضي ويترك لنا في النهاية القرار دون ان يفرض علينا رايا محددا , ودون ان نعرف الي اي اتجاه يميل هو بالضرورة.
النوع الرابع من المقالات الجدلية ' argumentative ' , ولا اعرف ترجمة افضل لها , وهي حالة خاصة من المقالات الاقناعية و التحليلية معا لان فيها يقوم الكاتب بضحد وجهة نظر معارضة وتبيين مواطن الخلل فيها وتقديم في المقابل وجهة نظر مضادة يعتقد صاحبها انها افضل. و الاصل في الامور ان هذا النوع هو اعقد انواع المقالات من حيث عدد الكلمات ونوعية المصطلحات المستخدمة و التي لا يجيدها بحق الا من تعمق في الفقه او القانون او الفلسفة لانها تقوم علي تفهم وجهة نظر معارضة لوجهة نظر الشخص ثم يعرضها بشكل امين ' متجنبا المغالطات المنطقية ' , ثم ايضاح مواطن عدم الاتساق النظري فيها او عدم ملاءمتها للواقع ' او ما يسمي بمعايير الصحة و الصلاحية ' , ثم تقديم وجهة نظر معارضة وحججها المنطقية.
وبهذه المناسبة , بعض الاصدقاء وجدوا مقالا سابقا لي كان عنوانه ' جمال مبارك رئيسا لمصر : هل يريد -- هل يستطيع -- هل يصلح؟ ' , وهو جزء من بحث تحليلي متكامل نشرته مجلة ' الديمقراطية ' الصادرة عن ' الاهرام ' تحت عنوان ' مصر ما بعد مبارك ' وفقا لسيناريوهات مختلفة , شانها في هذا شان مقالتي المتواضعة ' سوتوا قبل ان تصوتوا ' لمناقشة جوانب القوة و الضعف في كل من شفيق ومرسي قبل الانتخابات. المهم ظن البعض انه من نوعية المقالات الترويجية مع ان كل المقال يؤكد انه من نوعية المقالات التحليلية. اما موقفي الشخصي , فيعرفه كل من قرا مقالاتي المتواضعة التي كانت تعارض ' التزويث ' وهو المصطلح الذي صككته لتلخيص ما كان يفعله مبارك من التزوير المفضي للتوريث فضلا عن الترويج للدكتور البرادعي وللجمعية الوطنية للتغيير وغيرها كثير لمن اراد الاستزادة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق