رصاص البلطجية يقتل الفرحة داخل طفلة العمرانية الصغيرة بلا أي ذنب



انهمكت جيهان او ' جيجي ' كما يحلو لوالدها ان يداعبها في الرقص و المرح علي انغام اغنية عبدالحليم حافظ ' الناجح يرفع ايده ' بعد ساعات من نجاحها في امتحان نصف العام بالشهادة الابتدائية.


وعلي انغام نفس الاغنية لفظت جيهان التي لم يتجاوز عمرها 10 سنوات انفاسها وهو يغني لها.

الاب و الام في المطبخ لتقطيع تورتة النجاح , ومحمد الاخ الاصغر في الشارع يشتري الشيكولاته وجيهان تتراقص علي انغام عبدالحليم في الصالة فرحة بتفوقها و الجيران تحدث الام من الشباك ' ربنا يحميها ويخليهالك ' فترد الام تعالوا خدوا نصيبكم من الجاتوه , ولم يدرك احدهم ان الموت يرقب رقصات الصغيرة بعد ان اغلق باب الاجابة امام دعوات الجيران.

ظهر صوت الرصاص في الشارع , خناقة معتادة بين البلطجية وتجار المخدرات , دق قلب الصغيرة , اخويا محمد في الشارع , جرت مسرعة الي البلكونة وصوت و الدها يملا الشقة شوفي اخوكي يا جيجي.

كانت النظرة الاخيرة للشارع و المرة الاخيرة التي تقف فيها جيهان في البلكونة التي طالما كرهتها وحذرت اخوتها الصغار من الوقوف فيها ' عشان ماتموتوش من ضرب النار اللي في الخناقات زي ابن الجيران ' -- خافت عليهم من الموت فماتت هي , وحذرتهم من الرصاص فاصيبت به.

لم ترحم الرصاصة قلبها الصغير اخترقته فاختلطت بنبضات فرحة النجاح داخله ومزقت اوصاله , فقدت توازنها سقطت من الدور الرابع علي الارض جثة هامدة , اسرع الجيران الي منزلها وطرقوه بعنف ظن الاب و الام انهم قادمون للاحتفال نادي الاب علي ابنته افتحي يا جيجي لكنها لم ترد فقد صمتت للابد في عز فرحتها.

في حي العمرانية ذهبنا الي منزل جيهان التي يقول الجيران انها ' لسه ريحتها فيه ' لتجد اسرتها داخل شقة صغيرة بالطابق الرابع , الاب عم اشرف التاجر و الام ميرفت و الاخوة محمد واسلام يحكي الاب و الدموع تغالبه : تزوجت منذ 11 عاما وانجبت محمد 8 سنوات واسلام 6 سنوات وجيهان اول فرحتي 10سنوات , كنا عايشين حياة هادية , مالناش خلطة بحد حتي الجيران علاقتنا بيهم محدودة , ويسند راسه للخلف ويسترجع ذكرياته , اول سنة تدخل فيها جيهان المدرسة عملت ليله لله ونصبت ' صوان ' في الشارع زي الفرح بالضبط وجبت فرقة موسيقية ودبحت خروف للحضور وفضلت ملازم العادة دي كل سنة , بعد ظهور نتيجة الامتحانات.

تجري الدموع علي وجهه -- جيهان كانت متفوقة جدا جدا ومن الاوائل علي المدرسة , ويكمل : بعد الامتحانات وقرب موعد ظهور النتيجة طلبت مني ان اكتفي بعمل حفلة عائلية خاصه لانها كانت حاسة ان ظروفنا المادية بقت غير الاول من كلامي مع امها فقلت لها هانعمل الفرح بتاع كل سنة حتي لو بعت هدومي عليكي عشان تفرحي لكنها اصرت اتفقنا علي حفل صغير بالتورتة و الجاتوه و الحاجة الساقعة مع اغاني الافراح في البيت -- ماتت يوم نتيجتها وهي بترقص من الفرحة صحيت بدري لقيتها بتصلي وتدعي ربنا يوفقها , قبلتها واخذت محمد اخوها وذهبنا الي المدرسة لمعرفة النتيجة , وفي الساعة الثانية عشرة ظهرا عدنا ومعنا النتيجة , نجحت بدرجات مرتفعة وطلعت الاولي علي المدرسة رجعت ع البيت وبعت اخوها محمد يشتري شيكولاته , لتوزيعها علي الجيران وكانت تنتظرني علي السلم فقلت لها : زي العادة يا جيجي وتبادلنا الاحضان و القبلات , دخلنا الشقة وفتحت الكاسيت علي اغنية عبدالحليم الناجح يرفع ايده و البيت اتملا فرحة , وحالة من البهجة و السعادة تخيم علي الشقة.

يكمل عم اشرف : رحت اقطع التورتة انا ووالدتها في المطبخ وهي فضلت في الصالة ترقص وتغني وفجاة سمعنا صوت خناقة في الشارع كالمعتاد , فكرت علي الفور في محمد اللي في الشارع وسط ضرب النار ناديت عليها شوفي اخوكي وخليه يطلع بسرعة , هي كانت جريت من نفسها و الرصاصة قابلتها خلصت عليها ووقعت في الشارع.

اثناء وجودنا في المنزل لم تتوقف دموع ميرفت و الدة جيهان ثم حدثتنا قائلة : كانت اول فرحتي مكانتش بنتي بس , كانت بنتي واختي وصاحبتي , بمجرد ما دخلت المدرسة بقت سابقة سنها ومخها اتنور وكل اللي يشوفها يشهد لها بالذكاء وتتحدث بطلاقة ومن يراها ويتحدث اليها كان يشهد لها بالذكاء وكنت باخد رايها في حاجات كتير وابوها ساعات كان بياخد رايها في حاجات مبيقوليش عليها. تصمت الام لحظات ثم تكمل : جيهان كان قلبها حاسس انها هتموت صغيرة ومن كتر الخناقات اللي كانت بتحصل في الشارع كانت تقول لما حد يتصاب من الجيران يا تري الدور الجاي علي مين؟ اتاريها كانت اللي عليه الدور.

وروت الام اصرار ابنتها علي الرحيل من المنطقة بعد وفاة احد ابناء الجيران بنفس الطريقة ولم تقتنع الا بعد ان احضر لها و الدها شيخ الجامع الذي اخبرها ان ابن الجيران شهيد و الموت ده قدر وقضا ربنا حتي وقع القضا عليها وربنا اختارها بنفس الطريقة اللي مات بيها.

في النهاية قال الاب و الام ان الشرطة تمكنت من القبض علي اثنين من اطراف المشاجرة التي ماتت فيها جيهان و الباقون طلبوا منهم التنازل عن المحضر ولما رفضوا هددوهم بالقتل فقرروا ان يغادروا شقتهم الي مكان آخر هربا من تهديدات القتلة.

ليست هناك تعليقات :