من قاد فضيحة الجزائر يخبئ في ملابس الثوار ! وائل قنديل



هل هي المصادفة ان اعلام جمال وعلاء مبارك الذي ادخل مصر محرقة العار ابان الحرب الكروية القذرة مع الجزائر , هو الذي يقودها الي محرقة الثورة المضادة الآن؟

تامل الوجوه جيدا ودقق مليا في تفاصيل الصورة ستكتشف ان جرارات توريث جمال مبارك هي التي تقطر شاحنة الثورة العكسية الآن , حتي وان تنكروا في ملابس ثورية مهترئة وبالية -- لقد اخترعوا مفهوما جديدا فاسدا للثورة ' الثورة علي الثورة كما اطلق عليها محركهم عن بعد ' ويحاولون عبر هذا التكتيك الخادع ان يهيلوا التراب علي ما بقي من ملامح الثورة الحقيقية التي كانوا من خصومها الواضحين.

لقد كان هؤلاء شركاء في جريمة خداع الشعب المصري كله باصطناع معركة غبية ضد الجزائر , داسوا خلالها بحوافرهم علي كل المعاني الوطنية و القومية , وجيشوا الجيوش ضد كل ما هو عربي لا لشيء الا ان ابني الرئيس المخلوع اعتبرا معركتهما الشخصية شانا قوميا ومساسا بكرامة مصر.

وعن هؤلاء لا باس من التذكير بالمهزلة بهذه السطور التي نشرت في هذا المكان ١٧ نوفمبر ٢٠٠٩ تحت عنوان ' داحس المصرية و الغبراء الجزائرية ' لكي نعلم من هؤلاء الذين يبيعون لنا ثورة مزيفة : اذن فالكل يسبح الآن في نهر من الجنون. البعض نزل النهر مختارا بارادته الكاملة , و الغالبية سيقت كالقطيع اليه.

وهكذا تحولت كرة القدم من لعبة جميلة ووسيلة لتفريغ شحنات الكبت و الاحباط الي حروب ومعارك شيطانية تكتب شهادة وفاة جديدة للعرب , وتخرجهم من التاريخ الانساني , وتضعهم في قاع الهمجية و التخلف.

المشهد الآن من القاهرة الي الجزائر يردنا الي حالة عرب الجاهلية الذين حاربوا بعضهم البعض 40 سنة بسبب مباراة فاصلة بين الحصان داحس المنتمي لقبيلة عبس , و الحصان الغبراء المنتمي لقبيلة ذبيان , وهي الحرب التي انجرت اليها بقية القبائل و الشعوب العربية.

وتكرر المشهد نفسه في حرب البسوس لمدة اربعين عاما ايضا بسبب ناقة قتلت.

المشهد ذاته يتكرر الآن في القرن الحادي و العشرين : حجارة تلقي علي حافلة المنتخب الجزائري في القاهرة , يقابلها هجوم علي الجالية المصرية في الجزائر , اعلام هنا وهناك ملوث بالجهل و التعصب و التفاهة يزيد الحرائق اشتعالا بدلا من ان يحاول اطفاءها , حكام وجدوا في كرة القدم ضالتهم لامتطاء شعوبهم وصرفهم عن قضاياهم الحقيقية.

وفي تفاصيل المشهد : جسر جوي اعلن عنه احمد عز لنقل المقاتلين الي السودان -- يقابله جسر آخر لنقل مقاتلي الجزائر استعدادا لموقعة ام درمان الفاصلة -- وقبل ذلك كان جسر جوي من 11 طائرة ينقل جماهير الكويت الي مرسي علم في الساحل الشمالي المصري راسا للرقص علي انغام المطربة العالمية بيونسيه.

قنوات تليفزيونية وصحف رسمية وغير رسمية تحشد الجموع للقتال , وليس لعب مباراة كرة , استدعاء محموم لاناشيد واغان وطنية صنعت خصيصا لمناسبات عظيمة مرت بتاريخ العرب وهي تسعي الي التحرر من الاستعمار وتحاول بناء حياة محترمة.

ابتذال واستخدام رخيص وتافه لاعمال فنية عظيمة ارتبطت في اذهان الناس بمعارك وطنية حقيقية , وحالة من الهوس الالكتروني في المنتديات و المواقع تدعو الشعبين للانتحار الجماعي من اجل الفوز بمباراة في كرة القدم.

ولابد ان هذه الدعوات المحمومة لتسيير الجسور الجوية للنزال في ام درمان تذكرك علي الفور بماساوية الوضع في غزة اثناء العدوان الاسرائيلي الاخير حيث لم يكن لدي اي نظام عربي الاستعداد لمجرد السماح بمرور جسر جوي او بري او بحري لنقل المساعدات الانسانية الآتية من مختلف دول العالم الي المحاصرين من الشعب الفلسطيني الاعزل وهو يواجه آلة الحرب الصهيونية -- هنيئا لاعدائنا الحقيقيين بنا -- ولنقفز جميعا الي الجحيم.

ليست هناك تعليقات :