مصر خرابة كبيرة في أعينهم وائل قنديل


البعض في مصر يحب ان يراها خرابة كبيرة , ويوصل الليل بالنهار لكي يلتقط لها صورة مصنوعة تبدو معها و كانها مدينة مظلمة لا صوت فيها يعلو علي نعيق الغربان و نهيق الحمير .

لا يريدون ان يروا الا انهيارا وكسادا وبؤسا , وان لم يجدوا صنعوه واخترعوه واوسعوا المواطن البسيط نشرا وسفسطة والحاحا حتي يخال البعض انها حقائق ثابتة.

فاذا تحدثت الاخبار عن انتعاشة في محصول القمح مارسوا ارهابا اعلاميا علي المصريين لترويعهم من العطش القادم , بسبب التوسع في زراعة القمح , حتي ان احدهم مارس التضليل العلمي ولم يجد ما يفسد به فرحة القمح الا الترويج لكابوس شح المياه.

لقد كان وزراء مبارك يصابون بتشنجات من هذا النوع كلما طالب احد بالتوسع في زراعة القمح , وقد كتبت في هذا المكان بتاريخ 24 اغسطس 2010 تحت عنوان ' اهمية ان تكون حمارا ' تعليقا علي دفع وزير زراعة مبارك في ذلك الوقت امين اباظة بان زراعة القمح تمثل خطرا علي محصول البرسيم وقلت ' ليت وزير الزراعة يسال صديقه ورفيقه وشريكه في احلام اقتصاد السوق وتقليص حجم تدخل الدولة في ادارة حياة المجتمع الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة عن مسيرة و الده الرجل العظيم الدكتور مصطفي الجبلي عندما كان وزيرا للزراعة في بدايات السبعينيات من القرن الماضي , حينما كان الجدل ذاته مشتعلا حول التوسع في زراعة القمح , وثنائية الحمير و البشر , ويروي وزير الزراعة السابق احمد الليثي وهو احد تلاميذ الجبلي ' الكبير وليس الصغير ' انه وقف ضد ان تضحي الحكومة بمصالح واحتياجات عشرات الملايين من البشر من اجل الحفاظ علي مكتسبات مليوني حمار , ولان دماغ الجبلي الكبير كانت حافلة بافكار تهدف الي الاكتفاء من القمح علي حساب مساحات البرسيم فانه لم يعمر طويلا كوزير للزراعة وخرج من الحكومة مع اول تغيير ' .
اما الكلام القديم المتجدد عن ان التوسع في القمح سيستنزف كل حصة مصر من المياه , فهذا هو الباطل بعينه ذلك ان القاصي و الداني يعلم ان زراعة القمح لا تتطلب مياها كثيرة , وعلي حد وصف مستشار نقابة الفلاحين محمود دشيشة فان زراعة القمح يطلق عليها الفلاحون ' زرعة العاجز ' بالنظر الي انها لا تتطلب كثيرا من المياه او الجهد او الاسمدة.

ومنذ يومين تلقيت اتصالا حامي الوطيس من شخصية معارضة احترمها واحفظ قدرها ودورها الوطني منذ السبعينيات تتهمني فيه باني اساهم في خداع الشعب حين اكتب مبتهجا بهذه الزيادة غير المسبوقة في انتاج القمح -- وتنصحني بمراجعة الفلاحين الذين يمتلكون الخبر اليقين , وبالفعل لم اكذب خبرا وسالت عددا من زراع قريتنا فقالوا ان هناك بالفعل زيادة في المحصول , ثم تحدثت مع احد قيادات النقابة العامة للفلاحين فاكد لي انه بالفعل هناك زيادة لا تقل عن 25 في المائة عن محصول العام الماضي -- فمن نصدق اذن؟

غير ان ذلك كله لا يعني ان الصورة وردية تماما فيما يخص حلم القمح , فالامر يتطلب مصالحة شاملة مع الفلاح المصري الذي هو البطل الاول في الانجاز وليس هذا الوزير او ذاك.

ليست هناك تعليقات :