اي عبث اكبر مما يدور داخل مجلس الشوري؟
المجلس التشريعي الوحيد بحكم الضرورة تحول الي مضخة لانتاج كل عوامل الاحتقان ومفاقمة الاستقطاب , واشعال النيران كلما همدت او هدات , اذ لا معني لهذا التلاعب المستمر بقانون الانتخابات داخل المجلس الموقر سوي ان اغلبيته ادمنت الحياة عند حافة الهاوية , مستمتعة بالقفز فوق صفيح ساخن يتطاير منه الشرر في كل اتجاه.
ولعل اصرار تشريعية المجلس علي اشعال فتيل المادة الخاصة بالغاء الحظر المفروض علي استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية دليل اضافي علي ان ' مجلس الشيوخ ' يمارس اخطر انواع النزق السياسي في لحظة لا تحتمل المزاح و التهريج.
وازعم ان المجلس الموقر يعي جيدا انه ادخل الجميع في نفق مظلم اكثر من مرة حين آثر الا ان يهدم كل جسور التوافق ويحرق كل مساحات الاتفاق بين القوي السياسية , الامر الذي استلزم تدخل المحكمة الدستورية واعادة المشهد كله الي نقطة الصفر , واتاح الفرصة للراغبين في استمرار حالة الشلل التي تضرب مفاصل السياسة في مصر لكي يواصلوا الفرار من استحقاقات المرحلة الانتقالية , وابقاء الاوضاع في ذمة حرائق الغضب ونزيف الدماء.
لقد كان امام المجلس فرصة ليحرر البلاد و العباد من دائرة العنف و الدم لو انه التزم بالحد الادني من التوافق علي مشروع تعديل قانون الانتخابات كما انتهت اليه الاطراف السياسية المشاركة في الحوار الوطني , غير ان ايدي العبث امتدت الي مواد القانون بالتغيير و الحذف و الاضافة , ما افقد القانون دستوريته , واسهم في تآكل مساحات الثقة في رئيس الجمهورية ومصداقيته , واوجد ذريعة لدعاة الفوضي و الانقلاب لمواصلة رقصة الموت المجنونة.
ولو ان المجلس نحي جانبا المصالح الحزبية الصغيرة الضيقة لصالح المصلحة الوطنية العليا وهو يتصدي لقانون الانتخابات , لكنا قد وصلنا الي مرحلة الاقتراع واصبحنا علي مشارف مجلس تشريعي بارادة الناس وليس بحكم الضرورة او بمحض الصدفة.
لكنها الرغبة في العبث التي ربما تتفوق علي ماعداها من فقاعات تطفو علي سطح السياسة المصرية هذه الايام , في سياق الكوميديا السوداء التي نصحو عليها وننام.
وفي سياق هذه الكوميديا تلقيت رسالة عبر بريدي الالكتروني مما تسمي ' الجبهة الثورية ' تدعو للاحتفال بخروج الرئيس حسني مبارك من محبسه في الثاني عشر من ابريل الحالي , وحسب البيان المرسل من منسق ما تسمي ' الجبهة الثورية ' الذي هو المنسق السابق لحملة ترشيح الجنرال عمر سليمان فانها ' دعت , جميع القوي الوطنية , وفصائل ومكونات الشعب المصري للمشاركة في احتفالية خروج الرئيس السابق حسني مبارك من محبسه يوم 12 ابريل الحالي , وذلك بعد اقتناع الراي العام بان جميع القضايا التي اتهم فيها مبارك غير مقنعة ' .
ويتضمن البيان مطالبة من رئيس ما يسمي ' اتحاد رجال الاعمال في اوروبا ' بتعليق الزينات ورايات الاحتفال من الآن وتجهيز الذبائح وسرادقات الاحتفال بمناسبة خروج الرجل الوطني الشريف من محبسه ' اذن هي دولة العبث القومي تفتح حدودها ومنافذها , عبث في الادارة وفي التشريع وعبث في الثورة , جعل مثل هذه الاصوات واصحاب هذا النوع من الدعوات حاضرين كتفا بكتف وجنبا الي جنب ثوار الميادين , تحت علمهم وسمعهم وبصرهم , واحيانا تحت رعاية بعضهم ' !
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق