فريدمان : لا أحد يعلم ما سيحصل في 30 يونيو
لم يتخل المعلق الصحفي الامريكي توماس فريدمان عن تحفظه وحذره وهو يتحدث عن حال مصر وما ينتظرها في مظاهرات 30 يونيو التي تراهن المعارضة السياسية عليها لتوجيه رسالة حاسمة وربما تكون قاصمة للرئيس محمد مرسي.
وقال فريدمان علي المائدة التي ضمت ابراهيم المعلم و الكاتب السياسي عضو مجلس التحرير جميل مطر , ان مصر ستواجه خطر تشاحن طائفي يتجاوز كثيرا التقسيم المفترض مسبقا بين المسلمين و الاقباط اذا لم تسع القيادات السياسية في الحكم و المجلس الاعلي للقوات المسلحة و المعارضة سواء بسواء الي تبني خطة عمل وطنية لاصلاح الحال السياسي و الاقتصادي وبالتاكيد المجتمعي بمشاركة الجميع.
هذا الاسبوع بدا فريدمان مستعدا لابداء قدرا اكبر من القلق. ' مصر لديها بالكاد ما يكفي من الوقت , فيما اري , لو بدات الآن , و الآن تعني الان , فلم يعد هناك مزيد من الوقت الممكن اهداره ' , قال , مضيفا انه ربما لا يري التوافق المطلوب بين القوي السياسية المعنية في الحكم وفي المعارضة لبدء ما كان يجب الشروع به قبل عامين او يزيد عندما قبل الرئيس السابق حسني مبارك التنحي عن الحكم فيما مثل ' لعبة كراس موسيقية ابعد فيها المجلس الاعلي للقوات المسلحة مبارك عن الحكم ليبعد الاخوان المسلمون المجلس الاعلي للقوات المسلحة عنه ' دون ان يكون للشباب الذي فجرت طاقته ثورة يناير دور في الحكم ولا في غيره.
' كنت قلقا من درجة الاستقطاب التي كانت موجودة قبل شهور ولكنها وصلت اليوم لمرحلة متقدمة للغاية ' ليتحول القلق الي خوف بحسب الصحفي المعلق بالنيويورك تايمز الامريكية بعد اسبوع امضاه في القاهرة ضمن رحلة لبلدان الربيع العربي بدات في اليمن.
رحلة فريدمان كما قال تبحث في الاساس عن تاثيرات التغييرات المناخية في العالم علي بلدان الربيع العربي وتداعياتها اجتماعيا واقتصاديا , وصولا الي تلك اللحظة التي انفجر فيها غضب كان مكبوتا او ظاهرا بدرجة محدودة.
يقول فريدمان ' البيئة لها قواعد واضحة تحكمها ويمكن علي اساس هذه القواعد اصلاح العطب الذي حدث , فمثلا ارتفاع درجات الحرارة الذي اصاب مياه البحر الاحمر جراء طريقة البناء و التنمية المنافية لابسط قواعد الحفاظ علي البيئة فادت الي تحول الشعاب المرجانية الملونة الي شعاب فاقدة للون لتصبح كهيكل عظمي يمكن التعامل معه من خلال التعامل المباشر مع الاضرار التي تتسبب فيها تلك التنمية الكارثية ليعود اللون تدريجيا الي الشعاب , لكن السياسة تفتقد لتلك القواعد وعندما تتحطم الاشياء فلا احد يعرف علي وجه التاكيد كيف يمكن اصلاحها , بل ان احدا لا يعرف ان الضرر قد وقع الا بعد وقوعه فعلا ' .
ويضيف بعد عدة جمل متناثرة , ' لا احد يعرف ما الذي يمكن ان يحدث مع 30 يونيو , خاصة هؤلاء الذين لا يعيشون هنا ولكني اظن ايضا انه حتي من يعيشون هنا لديهم اسئلة ايضا -- . لكن اللبنانيين لم يعرفوا انهم بصدد حرب اهلية ولم يدركوا ان الحرب الاهلية التي استمرت 15 عاما وقعت الا بعد فترة مما وصفوه في البدء بالاحداث ' .
بعد خمس سنوات من الآن , يقول فريدمان , بغض النظر عما سياتي في 30 من يونيو وما بعده من ايام واسابيع ستاتي لحظة ' ويقول فيها الجميع انه علينا ان نعمل معا لبناء هذا الوطن وتحقيق المصالح التي تجمعنا , وسيكون وقتا كثيرا ضاع وربما دماء غزيرة قد اهدرت ' .
لا يخفي الكاتب الامريكي ان مصر ' تمر باوقات بالغة الصعوبة وتواجه مشاكل كثيرة وكبيرة , معظمها بدا وتراكم عبر سنوات , وهي تحديات يمكن ان تكون معجزة لافضل القادة و الزعماء كفاءة , وهي بالتاكيد تحديات لا يمكن للمصريين ان يتجاوزوها الا في ظل توافق وطني كامل ' .
ان الرئيس مرسي هو بالتاكيد رئيس منتخب انتخابا شرعيا , يقول فريدمان , ' لكن هناك امرا بالغ الاهمية هنا وهو ان هناك نوعين من السلطة , فهناك السلطة القانونية وتلك تبقي مع مرسي بالتاكيد ولكن هناك ايضا السلطة الاخلاقية وتلك التي يحتاجها اي رئيس في اي بلد سواء امريكا او مصر او غيرهما من رضا الشعب عن ادائه واستشعاره انه يمثله ويعبر عنه في مجمل الامور ' .
ان مصر التي ظلت لسنوات لاعبا رئيسيا في عملية السلام بين اسرائيل و الفلسطينيين , ' اصبحت في حاجة لعملية سلام داخلية تشمل الجميع لان الجميع يجب ان يتشارك في الاضطلاع بالمسئولية ويجب ان يشعر الجميع انه صاحب حق في مشروع اصلاح توافقي وبالتالي عليه دور في انجاح هذا المشروع ' , ويضيف ان ما يميز مصر ربما عن غيرها من دول الربيع العربي هو ذلك الادراك الذي يراه الشباب بوضوح ' والشباب هم من منح الطاقة و الامل لجعل التغيير محتمل ' يدرج الحاجة الماسة ' لمشروع يتوافق حوله الجميع ويشارك فيه الجميع , مشروع ينفذه الجميع علي مرحلة طويلة وبصورة مستدامة من اجل مستقبل هذا البلد الذي يبقي استقرارا هاما لكل المنطقة بل وما هو ابعد من ذلك ' .
يدرك فريدمان فيما يقول للمعلم ومطر ان الامر ليس سهلا لان هناك حالة من الرفض الواضح من قبل قوي المعارضة علي تنوعها و التي لولا دعمها لما انتخب مرسي رئيسا قبل عام ' لاداء الرئيس.
لكن المشكلة المصرية , بحسب فريدمان , يزيد عليها استمرار التوترات الاقليمية في انحاء مصر , خاصة في سوريا التي يخشي ان تنتقل من مرحلة الاحتراب الطائفي داخل البلاد الي ما هو اوسع من ذلك مع تداخل الخطوط وتقاطع الاطراف.
لا يبدو فريدمان الامريكي رافضا لتحركات بلاده ولا يتحدث عن نقد مباشر لتدخل عسكري بصورة او اخري في سوريا ولكنه يحذر من خطا يقر انه ارتكب في حق العراق في اعقاب اسقاط نظام صدام حسين وهو ما اسمي في حينه بعملية اجتثاث البعث و التي ادت الي انهيار الدولة وهو ما لا يجب ان يتكرر مع سوريا ' لان سوريا يمكن ان تتعرض للانهيار و التقسيم بالمعني الكامل للكلمة وليس بالمعني المجازي ' .
' نحن الان بصدد النهاية الحقيقية للامبراطورية العثمانية التي بدات قبل قرن من الزمن ولكن بقي بصورة او اخري كثير مما كانت قائمة عليه تلك الامبراطورية ' , يقول فريدمان , ويضيف ' اظن اننا بصدد سايكس بيكو جديدة لكن هذه المرة ستكون من صنع القوي الفاعلة علي الارض بالاساس ' وليس بتدخل من الامبراطوريات الغربية.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق