البرادعي يفضح سبب عدائه للرئيس و الاخوان : مرسي اتصل بطنطاوي لتهديده و منعي من تولي رئاسة الحكومة


قال الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور , ان المشير محمد حسين طنطاوي ابلغه بان جماعة الاخوان المسلمين وضعوا ' فيتو ' علي توليه رئاسة الوزراء , وذلك بعد ان طلب منه المجلس العسكري ان يتولي المنصب , مشيرا الي انه هو ايضا عرض ان يكون رئيس وزراء في الفترة الانتقالية , حينها كان طنطاوي رئيسا للجمهورية.

واضاف البرادعي في الحلقة الثانية من حواره لصحيفة الحياة اللندنية اليوم الاربعاء , انه عرف لاحقا ان الدكتور محمد مرسي هدد العسكريين باحراق البلد اذا اعتمدوا خيار تولي البرادعي للوزراء.

واشار الي ان علاقته بالمجلس كانت تقوم في جزء منها علي عدم الثقة , قائلا ' كان هناك توجس مني , ان آتي لاقول لهم ' مع السلامة , واين حساباتكم؟ ' .

◄وفيما يلي نص الحوار --

◄ عدت من فيينا في 2010 هل شعرت بان نظام الرئيس حسني مبارك يتهاوي؟

◄كان اعتقادي انه لا بد من ان يحدث تغيير للنظام , اذ كان اصابه الوهن و الشلل , وكنت كلما اتيت مرة او اثنتين في العام , اقابل الرئيس مبارك واُسدي اليه ما اعتقد بانه نصيحة مخلصة لوجه الله , بضرورة الاصلاح الداخلي و الاصلاح في السياسة الخارجية , لكنني ايقنت اخيرا انه لا امل وان الرجل وصل الي اقصي ما يستطيع.

ربما يستطيع ان يضع ضمادة علي الجرح , انما لا يستطيع ان ينظر الي ما يجب ان يتم , مرة ذكرت له ان مصر لن تنهض من دون تعليم , و التعليم المجاني دونه صعوبات , يجب ان يكون التركيز علي الجودة لا علي الكمّ.

قلت له حتي من ناحية العدالة الاجتماعية كيف يجب ان يتعلم ابني مجانا وانا شخص قادر , لماذا لا تطلب مني ان اساهم في دولة فقيرة , فكان ردّه ' لا تفتح هذا الموضوع , لانه لو فتحنا موضوع التعليم المجاني , سيقوم الشعب المصري بثورة , ايام انور السادات دمروا البلد في 1977 وحصلت خسائر ب100 مليون جنيه ' -- هذا كان ردّه , فادركت ان هذا اقصي ما يستطيعه ذاك الشخص , سنّة الحياة و الثابت فيها هو التغيير , كونك تمتنع عن التغيير , معني ذلك ان كل المؤسسات سترجع الي الوراء.

◄ هل كان سعيدا بعودتك ومتي رايته للمرة الاخيرة؟

◄لم يكن سعيدا بعودتي , وآخر مرة التقيته كانت في زيارة رسمية ذهب فيها الي فيينا , اعتقد في 2008 او 2007 , ولم ارَه منذ ذلك الحين , لا اريد ان ادخل في تفاصيل , لكن حين رايته في فيينا ادركت ان لا امل فيه لجهة الاصلاح. التركيب العقلاني في ذلك الوقت كان متعبا جدا , وشاركت في غداء اقامه له المستشار النمساوي ودار بيننا حديث طويل , خرجت منه بانطباع ان الرجل تخطاه الوقت.

انا عملي اكاديمي ويتعلق بمسائل عالمية , لكن الكثير من الناس طلبوا مني ان آتي واشارك في عملية الاصلاح , رايت مصر حين كانت مختلفة ثقافيا وفكريا وحضاريا , وحين تكون في الخارج وتاتي , تري التدهور الذي وصل اليه البلد , كنت حزينا اعيش غصة في قلبي , سافرت الي اكثر من مئة دولة , وكان السؤال دائما : لماذا وصلنا الي ما وصلنا اليه؟ في العالم هناك انفتاح ورغبة في الحياة وفي التقدم و التطور , فيما اصبحنا ننظر الي الخلف , العالم كله اصبح يطلق لشعوبه الحق في ان تفكر وتعمل , فيما نحن نقمع شعوبنا وهي لا تعمل ولا تفكر , وحين عدت كان مطلبنا تغيير الدستور لخلق نظام ديمقراطي كبداية للتغيير.

◄ ما سر العلاقة بينك وبين الشباب؟

◄لا اعرف , ربما الشباب مرتبطون بي وانا مرتبط بهم , ربما اعطيهم نظرة مستقبلية , انظر الي الامام وهم ايضا , استطيع ان افهم الشباب علي رغم سنّي المتقدم , فقلبي شاب , احب ان انظر الي مستقبلهم , وان اتعلم دائما شيئا جديدا , فكل يوم اعلم انني لا اعلم ما يكفي -- النظرة المستقبلية , القدرة علي تقبل النقد , القدرة علي التغيير او الرغبة فيه , وجدت ان الامل الوحيد في التغيير هو الشباب.

◄ كنتَ مديرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية , حصلتَ علي جائزة نوبل , اليس غريبا ان تاتي الي الوضع الداخلي المصري وتدخل في هذا النفق مع كل اخطاره ومخاوفه؟ تعرضتَ لاعتداء , من كان وراءه؟

◄كان الاعتداء عليَّ في استفتاء مارس 2011 , ولا اعلم هل وراءه النظام القديم , ام الجماعات الاسلامية , انما هناك احتمال كبير ان يكون النظام القديم الذي خسر بقيام الثورة وكان غاضبا مني , بالطبع الاعتداء مدبر , وكانوا يضربون بقِطع رخامية , ولولا حماية الله كان ممكنا ان اموت لو اصابتني احداها , تعرضت لكثير من الاساءة و التشويه.

◄ ولماذا حملة التشويه ضدك؟

◄يوم معركة الجمل في 2 فبراير , خرجت سيارات بمذياع في كل ارجاء مصر , لتعلن ان الرئيس مبارك اتخذ كل الخطوات للاصلاح , ويجب ان تعلموا ان المراكب الاميركية تقف في قناة السويس من اجل تنصيب محمد البرادعي رئيسا للجمهورية , هذا التشويه منذ ايام مبارك , بدا بالحديث عن انني عميل للاميركيين , عميل للايرانيين , وكل ما يخطر علي بالك , بما في ذلك انهم اخترقوا صفحة ابنتي علي ' فيس بوك ' واخذوا صورا -- كل القذارات التي تتخيلها استُخدِمت , واستمر الامر بعد فترة الجيش ' المجلس العسكري ' واثناءها , الجيش كذلك كان خائفا مني ايام الحكم العسكري , كان يُقال : هذا شخص اتي من الخارج , لا يملك حسابات ولا ملفات داخل مصر , وسيقول لنا ' اين المحاسبة و المسئولية؟ ' .

◄ سوء التفاهم بينك وبين المجلس العسكري هل بدا مبكرا؟

◄كانت علاقة تقوم في جزء منها علي عدم الثقة , كان هناك توجس مني , ان آتي لاقول لهم مع السلامة , واين حساباتكم؟ استمرت حملات التشويه , الي ان طلبوا مني ان اكون رئيسا للوزراء وانا عرضت كذلك ان اكون رئيس وزراء في الفترة الانتقالية , طنطاوي كان حينها رئيسا للجمهورية.

◄ مَن عرض عليك؟
◄طنطاوي ومدير الاستخبارات في ذاك الوقت طلبا ان يجلسا معي.

◄ اين ومتي رايت طنطاوي؟

◄في مكتبه في وزارة الدفاع , وكانت صلتي كذلك بمدير الاستخبارات العامة اللواء مراد موافي , وقال لي انهم يريدون التواصل معي كي اكون رئيسا للوزراء وبداوا يسالونني : اذا اصبحتَ رئيسا للوزراء , هل تبقي علي هذا الوزير ام لا؟ ولم تكن اجاباتي علي هواهم.

◄ التقيتَ طنطاوي ومراد موافي؟

◄التقيت موافي اولا , فموافي كان في اليوم السابق يدخل غرفة مجاورة ليُحضّر اسئلة , يسالني لو اصبحت رئيسا للوزراء فهل ستُبقي علي الوزير الفلاني؟ ومن دون ذكر اسماء كانوا وزراء في الحكومة , فقلت له لا , اذا ابقيت وزيرا فسيكون ذلك علي اساس الكفاءة , لا بد من ان يكونوا وزراء لا صلة لهم بنظام مبارك -- هذا كان اول يوم , بعد ذلك وفي نهاية الحديث مع مراد موافي ابلغته لماذا لا اجلس معهم وجها لوجه , بدلا من ان تاخذ انتَ الاسئلة وتحضرها ثم تذهب بالاجابات , قلت له من الافضل ان اجلس معهم.

◄ ما اهم الاسئلة التي حملها لك مراد موافي؟

◄السؤال الاساسي بعيدا عن الوزراء او غيرهم : ' اذا اتيتَ فهل ستنحّي جانبا طنطاوي بالكامل؟ ' , فقلت له : هذا سؤال غريب , ان اتيتُ فساكون رئيسا للوزراء وهو رئيس للبلاد , و الحكم الفعلي له , ولا بد ان استشيره.

الخوف الاساسي كان انني اذا اتيتُ رئيسا للوزراء فساُنحّي طنطاوي و المجلس العسكري.

◄ تحدثتم عن مسالة الصلاحيات؟

◄قال لي لو ان هناك قرارا استراتيجيا , هل تستشير طنطاوي , فقلت طبعا. ما فهمته ان هناك خوفا من ان انحّي المجلس , خصوصا ان الشباب في الميدان ايام احداث مجلس الوزراء , حين تولي الجنزوري رئاسة الوزراء , كانوا يطلبون ان آتي رئيسا للوزراء وكان مطلبا شعبيا , الشباب طلبوا مني آنذاك ان انزل الي ميدان التحرير لينصّبوني , ورفضت والي الآن ما زالوا غاضبين مني. لم اكن اودّ ان تكون هناك حرب اهلية , ان انصّب نفسي رئيسا للوزراء من ميدان التحرير فيما مجلس عسكري يدير الدولة.

ذهبت في اليوم التالي , وحدث ما رويته مع موافي , وشعرت بان هناك خوفا من ان انحّي المجلس , خصوصا ان لي ظهرا شعبيا , فقلت له في نهاية الاجتماع : لماذا لا اقابلهم وجها لوجه؟ فقابلت طنطاوي وسامي عنان في اليوم التالي.

◄ ماذا دار في هذا الاجتماع؟

◄طنطاوي قال لي : ' الاخوان ' يضعون ' فيتو ' علي مجيئك رئيسا للوزراء واتمني ان تقبل بان تكون رئيسا للمجلس الاستشاري , فاجبته : لا اريد ان اكون رئيسا للمجلس الاستشاري , واذا اتيتُ رئيسا للوزراء فستكون مهمة انتحارية. سال : لماذا؟ فقلت له : لان البلد ينهار , فقال لي : استشرتهم وهم وضعوا ' فيتو ' علي اسمك.

◄ هل فوجئت بموقف ' الاخوان ' ؟

◄فوجئت , وتحدثت الي بعض قيادات ' الاخوان ' فانكروا.

◄ مع خيرت الشاطر مثلا؟

◄تكلمت مع سعد الكتاتني وانكر هذا الكلام , لكنني علمت حديثا ان الرئيس محمد مرسي هو من قال لهم لو اتي البرادعي رئيسا للوزراء فسنحرق البلد , وواحد من كبار قيادات المجلس العسكري قالها لي اخيرا بعدما ترك المنصب , طنطاوي قال لي : ساعيّن الجنزوري رئيسا للوزراء وانت تاتي رئيسا للمجلس الاستشاري , فرفضت , وانا اهمّ بالمغادرة قال لي : فكّر في هذا الامر , فاجبت : فكر انتَ ايضا في ان آتي رئيسا للوزراء ويتولي الجنزوري رئاسة المجلس الاستشاري , وتم تعيين الاخير رئيسا للوزراء.

◄ هل طُرحت مواضيع اخري في اللقاء؟

◄نعم , قلت له اخافُ علي الدستور , فهو ما يهمني في كل تلك الامور , اجاب : الدستور خط احمر بالنسبة الينا , ويجب ان يكون دستورا ديموقراطيا ومدنيا , فلا تخشَ , ويجب الا يكون هناك اي خوف علي الدستور.

◄ هل كنتَ تعرف طنطاوي في ما مضي؟

◄لا , لم اكن اعرفه , التقتيه قبل ذلك مرة او اثنتين حين كان في المجلس العسكري , ومرة التقتيه حين قال ان المرحلة الانتقالية ستتطلب 6 شهور. قلت له ان هذا الكلام غير صحيح , ولا بد من ان نبدا بدستور وبعد ذلك احزاب ثم انتخابات. و المرة الوحيدة التي شعرت فيها بانهم وثقوا بانني لا املك اجندة خاصة ولا نية لعقابهم او اي شيء من هذا القبيل , كانت المرة الاخيرة , ليلة اعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بين مرسي و ' منافسه احمد شفيق ' , كان هناك خلاف حول من يملك السلطة التشريعية واصدروا اعلانا دستوريا , يومها كان الدكتور مرسي حدثني بالهاتف , وكان يعقد اجتماعا دعاني اليه , فرفضت ان اشارك لانني اؤمن بان انتخابات من دون دستور ' مضروبة ' , وبالتالي كنت اقاطع المشاركة في العملية الانتخابية , قلت له ان ما اخشاه هو حدوث صدام وانا ذاهب الي المجلس العسكري اليوم كي اسعي الي ايجاد وسيلة لحل بين الرئيس المنتخب و المجلس لئلا ندخل في صدام. ذهبت و التقيت طنطاوي وعنان , وللمرة الاولي شعرت بانهما بدآ يثقان بان لا مصلحة لي الا مصلحة البلد , وجدت الاثنين في حالة ارتباك تام , وكان ذلك قبل اعلان النتيجة بيوم , قالا : هل انتهي بنا الوضع ان تكون هذه حالنا بين شفيق ومرسي؟ فقلت لهما انتما اوصلتمانا الي هذه النتيجة منذ الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في ' مارس ' 2011 , واقدر انكما كنتما خائفين من تاثير الضغط الاسلامي , فانكرا هذا واقسما علي انهما اعتقدا بان نصيحة مخلصة وُجّهت اليهما , ولكن للاسف غُرّر بهما او كانت النصيحة غير مخلصة.

◄ مِمن؟

◄سالتُ من نصح بذلك؟ فكانوا المستشارين القانونيين لديهما , وكان جزء منهم من ايام حسني مبارك , وجزء له صلة بالتيار الاسلامي , انما اقسما ' طنطاوي وعنان ' بانهما كانا يعتقدان بان هذا هو الافضل , انما اُسديت اليهما نصائح غير مخلصة , واتفقا علي ان البلد وصل الي طريق مسدود منذ مارس 2011.

◄ هل كان شعورهما يميل الي شفيق ام الي مرسي؟

◄كان تخوفهما انه في حال جاء ' الاخوان المسلمون ' فقد يطول وجودهما في الحكم , اما شفيق لو اتي , فسيذهبان.

◄ قالا كلاما من هذا النوع؟

◄نعم , كانا خائفين من ' الاخوان ' , اذا اتوا فستكون حركة اسلامية , اما شفيق لو اتي فسيكون رئيسا مدنيا وسيذهب.

◄ هل تعتقد بان طنطاوي مثلا كان يظن انه سيكون الرئيس القادم؟

◄اطلاقا , لم تكن لديهم ' المجلس العسكري ' اي رغبة في البقاء في السلطة , كانوا يريدون التخلص منها , كانت بالنسبة اليهم جمرة نار , وكان تعاملهم مع المواضيع يوحي بخبرة محدودة تماما , واتصور انه كان هناك خوف علي انفسهم و الحفاظ علي مكاسب الجيش , ومكتسباتهم , هذا كان الهدف الذي يحركهم , اما البقاء في السلطة فلا , واخذوا في النهاية درسا قاسيا , غادروا و الشعب يهتف ' يسقط حكم العسكر ' , الآن الجيش لا يرغب اطلاقا في ان يكون جزءا من النظام الحاكم في مصر , حتي الناس تُطالب بان ينزل الجيش اذا حدث عنف او شيء من هذا القبيل , لكن الجيش قلق جدا او يرغب في الا يكون جزءا من الامر , لسان حاله ' حلّوا مشاكلكم مع بعض ' , لان تجربته كانت مريرة جدا.

◄ هل تعرف وزير الدفاع الجديد؟

◄اعرف عبدالفتاح السيسي لانه كان قريبا جدا من طنطاوي , وفي الاجتماع الذي تحدثت عنه كان السيسي حاضرا مع طنطاوي , وقريبا منهم جدا , كان الاخير يطلب مني ان اهدئ الشباب , فقلت لهم ان لا سيطرة لي عليهم , فخاطبني السيسي : ' لا , هو ' السيطرة ' بالفكر ' , اعرف السيسي و التقيته مرة اثناء وجوده في الحكم العسكري , هو شخص صغير السن مقارنة بطنطاوي وعنان , ومدرّب جيدا , امضي فترة تدريب في الولايات المتحدة -- تشعر بانه جيل جديد.

◄ هل كان هناك تواطؤ بين المجلس العسكري و الاسلاميين , الجيش يسهّل وصول الاسلاميين وفي المقابل يسلم الاسلاميون بامتيازات العسكريين؟

◄لم اعتقد بذلك , كان هناك تخوف من ان انتخاب مرسي هو انتخاب لفكر جديد ومدرسة جديدة , كان هناك خوف من تغيير في هوية المجتمع , قلت لسامي عنان حين تحدثنا عشية اعلان نتائج الانتخابات , ان شفيق ممثل للنظام القديم , فقال : ايا يكن من سياتي الي السلطة , النظام القديم لن يعود , وهذا صحيح , الشعب تحرك , خرج من البوتقة الموجود فيها , فايا يكن من سياتي رئيسا للجمهورية , لا يستطيع استنساخ النظام القديم. التقيت طنطاوي وعنان مرتين او ثلاثا , لكنني التقيت مدير الاستخبارات مراد موافي اكثر بكثير , كان يشاركني القلق من التطورات في البلد , لذلك لم اُفاجا بعزله في النهاية , كنت اراه باستمرار , وهو الذي ادخل الشعور الي المجلس العسكري بان ليست لي مصلحة , اذ كنت اسدي اليه النصيحة بخصوص العلاقة مع الولايات المتحدة وفي الداخل , كان هناك توجس مني اثناء الحكم العسكري ولم اشعر بانه انتهي الا عشية اعلان نتيجة الانتخابات , حين شعرت بان طنطاوي وعنان فتحا قلبيهما لرجل يسعي الي حل مشكلة البلد , لا ليجد شيئا لنفسه.

◄ كان غريبا في رايك ان طنطاوي لم يدافع عن مبارك؟

◄لا اعتقد بانهم كانوا يستطيعون , انا لم اكن استطيع ان اقول لا للشباب او للشعب المصري , لم اكن استطيع ان اقول لهم انني ساستمر في العمل في الخارج , لم يكن لدي خيار , ولم اكن اتصور ان تتطور الامور بهذه التعقيدات.

دائما عندنا شعور بالذنب , حققت ما حققت وفي بلدي مَن لا يستطيع ان ياكل او يشرب , لا بد من ان يكون عندي نوع من الوفاء ' لمصر ' , عشتُ في الخارج كثيرا , وابي حين كان في العام 1961 نقيبا للمحامين , كان يقول الكلام الذي قلتهُ في 2009 , كان و الدي في 1961 يتحدث في مؤتمر للقوي الوطنية لدعم حرية الصحافة و الديمقراطية , وحصلت مشادّة بينه وبين انور السادات , وكان آنذاك رئيس مجلس الشعب ورئيس الاجتماع وقطع عنه الميكروفون قائلا له : وقتك انتهي. اجابه و الدي : لقد انتزعتُ مِنْ علي المنبر. وجدت نفسي عام 2009 اقول الكلام الذي قاله ابي , لا بد من ان يحدث شيء في بلدي من اجل تقدمها.

◄ اين كنت في 25 يناير ؟

◄كنت في فيينا , فحين عدت في 2010 كانت لدي ارتباطات كثيرة في الخارج , وكنت اسافر كثيرا لانه لم يكن يُسمح لي بان اظهر في مقابلات تلفزيونية في مصر , اتذكر ان ' قناة الجزيرة ' ارادت اجراء حوار معي عبر الصحافي التونسي محمد كريشان , فرفضوا منحه فيزا لدخول مصر , واضطررت ان اسافر لاجراء المقابلة , وكذلك الامر مع ' قناة الحرة ' , كان جزء من رحلاتي لحضور مؤتمرات ومجالس للحكم الرشيد و الشفافية الدولية.

◄ وبمَ شعرت حين رايت تظاهرات 25 يناير؟

◄شعرت بفرحة لان الامور سارت اسرع مما اتصور -- في 25 يناير كانت هناك 3 صفحات تدعو للتظاهرات , علي ' فيس بوك ' : صفحة ' كلنا خالد سعيد ' وصفحتان للحملة الشعبية لدعم البرادعي وحملة ' لازم ' التي انفصلت عن حملة البرادعي , وكلها كانت تدعو ل25 يناير , ولم نكن نعرف حجم الاستجابة , وفي 25 يناير نزل ابراهيم عيسي رئيس تحرير جريدة ' التحرير ' , وقال : لم نكن نعرف ان 10 آلاف او 20 الفا سينزلون فوجدوا 40 الفا نزلوا , لم يكونوا يعرفون اين يذهبون , فقرروا الذهاب الي ميدان التحرير , وجدوا متظاهرين كثرا , فقالوا نريد ميدانا كبيرا , فذهبوا الي ' التحرير ' , وجدت الامور تتطور بسرعة , واتيت ليلة 27 يناير , عشية جمعة الغضب , ووصلت الي المنزل , كان عندي سعد الكتاتني وعصام العريان , وكنا واضحين , لدينا اختلاف فكري ولكن يربطنا عمل مشترك , لجمع التواقيع علي المطالب السبعة , وحين وصلت في فبراير 2010 استقبلت 30 سياسيا وانشانا الجمعية الوطنية للتغيير , وكان فيها سعد الكتاتني وعصام العريان , كانوا يساعدون في جمع التواقيع , وجمعنا مليونا , في سبتمبر 2010 قلت للشباب في مطعم : اذا نزلنا في تظاهرة تضم مليون شخص فستكون الاولي و الاخيرة , وعقدنا الاجتماع في مطعم كباب وكفتة , حتي ان الشباب لم يعلنوا انني آتٍ لئلا يخاف صاحبه , وقلت هذا الكلام في اطار تحفيز الشباب.

وفي 27 يناير خرج الكتاتني و العريان من منزلي الي السجن , وكنا متفقين علي ان نلتقي في 28 يناير في مسجد الاستقامة في الجيزة , ومعنا كل القيادات الشابة , لم اجد العريان و الكتاتني واكتشفت انهما في السجن , ومنذ ذاك اليوم كان عملي ان اجري مقابلات صحافية لاؤكد ضرورة رحيل مبارك.

اتصلت بالاميركيين وقلت لهم لا بد من ان ينحاز الرئيس باراك اوباما فورا الي الشعب المصري , لان موقفكم مخزٍ , وخرج اوباما بعد ايام وغيّر موقفه , في ذلك الوقت بدات مفاوضات مع عمر سليمان.

◄ هل تعرف عمر سليمان , او اتصل بك لحضور التفاوض؟

◄لا اعرفه , ولم يتصل بي , و ' الاخوان ' ذهبوا للتفاوض معه وغيرهم , وكان موقفي و الشباب انه لا بد من رحيل مبارك , ولو انه ذهب في 11 وترك مصر مثل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي , لكان الامر اكرم له.

◄ اكنتَ تفضل ذلك؟

◄كان خلّصنا من كثير من المشاكل , اراح واستراح -- لو غادر لكان جزء كبير من المحاكمات خلاص , مشي في الفترة الصعبة التي مرت لكنه لم يغادر , وهذا دليل علي عدم رؤية واقعية للامور , طبعا هناك كثيرون لن يرضيهم هذا الحديث , وسيقولون القصاص وغيره , انما في فترة الثورة انتَ لا بد من ان تصل الي مرحلة تنظر فيها الي الامام لا الي الخلف , اتذكر ان جون كيري كان هنا في مصر , وطلب النظر الي الامام , و السعي الي مصالحة وطنية و المضي قدما مثل جنوب افريقيا , لكن هذا لم يحدث.

◄ اذا انت لم ترَ عمر سليمان ولم تكن تعتقد بان التفاوض معه سيشكل حلا؟

◄ لا , لم يكن يشكل حلا اطلاقا , عمر سليمان رايته مرة او اثنتين , حين كنت التقي مبارك , ورايته مرة حين كان مديرا للاستخبارات -- عمر سليمان ومبارك خصوصا اثناء حرب العراق كنت علي اتصال دائم بهما للمساعدة في تجنب الحرب في العراق , وطبعا كما اتضح لي بعد ذلك , ان الموضوع بين مبارك وصدام حسين كان عداء شخصيا , انما عمر سليمان كان عقله متزنا ورؤيته للامور افضل بكثير من مبارك -- ففي مرة تحدثت مع سليمان عن رؤيتي للسياسة الخارجية وقلت له لا بد من ان ننظر شرقا , فقال : هذا كلام عظيم , ليتك تُقنع به الرئيس مبارك , فتعجبت انت تراه كل يوم! وهذا يدل علي انه لم يكن هناك انفتاح علي مبارك بالدرجة الكافية , لان سليمان كان الاقرب اليه. في الفترة الاخيرة كبر ' الرئيس السابق ' واصبح يتحدث كثيرا , ولا يريد ان يسمع , يريد ان يتحدث في امور تعود الي 20 او 30 سنة , اصبح يشعرك بانك تجلس مع جدّك.

ليست هناك تعليقات :