الموازنة العامة للدولة أول أزمة مشتعلة بين الرئيس مرسي و جيش طنطاوي



توقع خبراء اقتصاديون صداما قيوا بين الحكومة الجديدة , حال فوز الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين , و المجلس العسكري بسبب الموازنة العامة للدولة , التي يتوقع اعتمادها من المجلس العسكري خلال ساعات قليلة بشكلها الحالي المرفوض من الاخوان , فيما يصر نواب برلمانيون علي أن قرار حل مجلس الشعب غير قانوني , لأنه منتخب , و هو صاحب السلطة التشريعية , و بالتالي فإن اعتماد العسكري للموازنة غير قانوني .


و قد أكد الخبراء أنه حال اعتماد الموازنة بشكلها الحالي , فإنها لن تعبر عن توجهات و برنامج الرئيس القادم , خاصة أن الإخوان المسلمين يهتمون بملفين رئيسيين , هما التعليم و الصحة , و هما لا يشكلان في الموازنة العامة للدولة نحو 10 في المائة فقط , و أجمع الخبراء علي حتمية الصدام , لكن في الوقت نفسه انتقدوا ' مشروع النهضة ' , الذي يتبناه محمد مرسي , باعتباره ليس مبنيا علي أساس علمي سليم فيما يخص عمليات التمويل , معتبرين أنه مجرد عبارات عامة و رنانة , مؤكدين أن الحديث عن مشروعات وضخ أموال يجب أن يكون من خلال طرق للتمويل أولا , قبل الحديث عما ستنتجه تلك المشروعات و ما ستوفره , و هو ما رد عليه أعضاء بحزب الحرية و العدالة , بأن التمويل سيتوفر عن طريق ترشيد الإنفاق و زيادة الإيرادات و مكافحة الفساد .

و في هذا الاطار قال المهندس سعد الحسيني , عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية و العدالة ' أولا مجلس الشعب لم يحل , و بالتالي نحن معترضون علي نقل السلطة التشريعية إلي المجلس العسكري , و نرفض إقراره للموازنة ' , موضحا أنه كان مقررا مناقشة الموازنة علي 60 جلسة , عقدت 15 جلسة منها فقط , و حال إقرار المجلس للموازنة بشكلها الحالي , ستكون غير منطقية , و أضاف أن الحكومة الجديدة و النظام المنتخب لن يقبلا بتلك الموازنة , و سيضيف و يعدل في بنودها , بعيدا عن الأساسيات , المتمثلة في الدعم و الديون , لكن ستضاف و تضخ سيولة في القطاعات الهامة , التي تحقق العدالة الاجتماعية مثل الصحة و التعليم , و ستضخ السيولة من خلال عدة سيناريوهات , أولها الصكوك الإسلامية , التي لا تمثل أي عبء علي الموازنة , إلي جانب ترشيد النفقات و زيادة الإيرادات , عن طريق إعادة الهيكلة .

و أوضح الحسيني أنه أثناء مناقشات مجلس الشعب للموازنة , نوقشت مسألة تعديل و مراجعة اتفاقيات الغاز و تصديره , التي ستوفر نحو 50 مليار جنيه , بخلاف استثمارات من الممكن أن تسهم في زيادة إيرادات الدولة بعيدا عن الضرائب , و شدد علي أن الحكومة الجديدة لن تقبل بإقرار المجلس العسكري للموازنة , علي اعتبار أن مجلس الشعب منتخب , و بالتالي يمتلك صلاحياته التشريعية .

و علي النقيض , توقع رشاد عبده , الخبير الاقتصادي , صداما بين الحكومة الجديدة و المجلس العسكري , سواء كانت الحكومة ائتلافية إخوانية في حالة فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة , لأن الموازنة العامة للدولة لا بد أن تقر قبل بداية العام المالي , الذي يتزامن مع تسليم السلطة في 30 يونيو , و بالتالي لن يكون من سلطات الرئيس الجديد و حكومته التحكم في الموازنة , و إنما سيحق لهم تسلمها و تطبيق ما فيها , باعتبارها اعتمدت , بل سيحاسبون عليها في نهاية العام المالي , و أضاف أنه يمكن اقتراح إضافة بنود , لكن المشكلة الرئيسية هي من أين سيمول البند المقترح ,  و إلا سيرتفع العجز الكلي و ستدخل مصر مراحلة الإفلاس .

و أكد عبده أن الموازنة بها ثوابت تتمثل في عدم الاقتراب لنحو 75 في المائة من إجمالي الموازنة , و هي 137 مليارا , تمثل الأجور و المرتبات , و نحو 25 في المائة للدعم , و 25 في المائة فوائد الديون , و بالتالي لا تستطيع الحكومة الاقتراب من تلك البنود , متوقعا أن تحدث ثورة جديدة في مصر , حال الاقتراب من بندي الدعم و الأجور , و شدد على أن 25 في المائة فقط من إجمالي الموازنة يصرف منها في جميع قطاعات البنية التحتية و الاستثمارات و الصحة و التعليم و القطاعات الأخري .

و انتقد الخبير الاقتصادي برنامج الدكتور محمد مرسي ,و اعتبره عبارة عن عناوين لجذب الناخبين فقط , و ليس مشروعا ينفذ علي أرض الواقع , لأن الإخوان ليست لهم تجارب المسئولية , ' فمشروع النهضة بالكامل لم يتحدث عن بند كيفية تمويل المشروعات , و الكلمات الرنانة الخاصة بالصكوك غير مجدية للمستثمرين ' .

من جانبه , قال الدكتور سمير رضوان , وزير المالية الأسبق , إن الحديث عن الموازنة أمر معروف , فهم رافضون لقبولها بالفعل , و رافضون الاقتراب من ملفات الدعم و الأجور , لكن لا يوجد موارد لديهم , و بالتالي لا يمكن التحرك , و أضاف أن بعض الأفكار الموجودة في مشروع النهضة قابلة للتنفيذ , منها ما هو مأخوذ من آخرين و ليس مشروعا خاصا بالإخوان , و بالتالي فإن تنفيذها لن يتم إلا من خلال واضعيها , مؤكدا أنه لا يمكن أن يتحدث المشروع عن استثمارات تصل إلي 600 مليار جنيه , دون أن يتحدث عن كيفية تمويلها , بعيدا عن فكرة ترشيد النفقات أو محاربة الفساد , لأنهما غير مؤثرين في هذا الرقم بنسبة تصل إلي 10 في المائة فقط .

و أكد رضوان ضرورة أن تعرف الحكومة أن موارد الدولة محدودة , و قبل أن تتحدث عن مشروع يجب أن تتحدث عن زيادة الإيرادات و كيفية تمويل المشروعات الاستثمارية للدولة , فقد أعلنت حكومة الجنزوري ممثلة في الدكتور ممتاز السعيد , وزير المالية أن حجم المصروفات في مشروع الموازنة العامة الجديدة للعام 20122013 يقدر بنحو 537٫7 مليار جنيه , مقارنة بمبلغ 476 مليار جنيه في الموازنة المعدلة المرشدة للعام المالي المنتهي في آخر يونيو , بما يعني زيادة نسبتها 14 في المائة في حجم المصروفات في الموازنة الجديدة .

و يبلغ حجم الإيرادات المستهدف في الموازنة الجديدة 392٫4 مليار ليبلغ حجم العجز الكلي في الموازنة العامة الجديدة للعام 20122013 نحو 140 مليار جنيه , بما يمثل 7.9 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي , كما تبلغ قيمة الأجور في الموازنة 138.6 مليار جنيه , بينما يبلغ هذا الرقم في الموازنة الحالية المنتهية 117.5 مليار جنيه بزيادة قدرها 21 مليار جنيه.

و قال عبدالغفار شكر , وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي , إنه يحق لرئيس الجمهورية وضع عدة مقترحات لتعديل الموازنة , عن طريق الحكومة التي سيختارها لتنفيذ برنامجه الانتخابي , وتعرض تلك المقترحات علي المجلس العسكري , المخول باعتماد الموازنة العامة للدولة للموافقة عليها. وأضاف أنه إذا لم يستجب ' العسكري ' لطلبات مرسي , فإنه سيخلق صداما بينه وبين الرئيس القادم , وبذلك يفشل في وعوده أمام الشعب , حيث إن برنامج مرسي يعتمد بالأساس علي توفير النفقات اللازمة لعدد من الملفات , خاصة التعليم والصحة وتوفير السلع الأساسية للمواطن.

و أوضح شكر أن محمد مرسي يمكنه تفادي ذلك الصدام , وأن يضعف موقف المجلس العسكري ضده , لو اختار حكومة وطنية , يكون رئيسها شخصية لها قبول لدي الشارع , ولا تكون حكومة إخوانية يرأسها علي سبيل المثال خيرت الشاطر.

فيما قال كمال محجوب , الخبير الاقتصادي : ' لدينا في مصر مشكلة أن النفقات أكثر من الإيرادات , لكن هناك أفكارا حول إعادة جدولة النفقات , مما ينعكس إيجابا علي توفير موارد , تمكن الدكتور مرسي من تنفيذ ملفين رئيسيين علي المدي القصير , وهما الأمن والاقتصاد , وهو ما وعد به كثيرا خلال حواراته بالقنوات خلال الأسبوعين الماضيين ' .

وأضاف محجوب أنه لا يتوقع حدوث صدام بين مرسي والمجلس العسكري , متوقعا أن يكون لدي المجلس العسكري مرونة مع محمد مرسي , ' دور المجلس عقب تشكيل الحكومة سيقتصر علي إدارة شئون وزارة الدفاع , وعدم التدخل في إدارة الملفات الخاصة بتوفير الموارد الأساسية للدولة , لأنه دور الوزارات المختصة ' , موضحا أن المجلس العسكري ليس له دراية كافية بالموازنة وإدارة الشئون الاقتصادية للبلاد , لأن لديه مهام أخري متعلقة بالشئون العسكرية .

ليست هناك تعليقات :