هل تقودنا النخب الى القبور و الخرائب يوم 25 يناير ؟ وائل قنديل


قبل اسبوع من الخامس و العشرين من يناير يطل هذا السؤال : يوم للاحتفال بالثورة ام يوم لاحياء ذكراها و انعاش مطالبها و اهدافها , ام محاولة جديدة لاسقاط النظام ؟

ليس من المتصور ان احدا يملك ترف الاحتفال , خصوصا في ظل هذه الفواجع التي تهوي علي رءوس المصريين , و في ظل المنعطفات الهائلة في قضايا قتل المتظاهرين , حيث البراءات الغزيرة و اعادة المحاكمات , و دخول التقرير الجديد للجنة تقصي الحقائق في نفق التشكيك و المزايدات و الاستثمارات السياسية السخيفة , و في المحصلة لايزال ذوو الشهداء و المصابين الخاسر الاوحد بعد مرور عامين كاملين علي ثورة اللوتس , التي تخطو صوب التحول الي ' ثورة الصبار ' .

اذن يتبقي مساران : احياء ذكري الثورة واستنهاض اهدافها ومطالبها , التي يتفق معسكر السلطة وفيالق المعارضة , علي ان ما تحقق منها لا يتناسب مع فاتورة الدم و التضحيات المدفوعة بالكامل -- و المسار الآخر محاولة جديدة لاسقاط نظام جديد , غير مستقر حتي اللحظة بعوامل الوقت و المناخ السياسي و الاجتماعي العنيف.

وفي مسار الاحياء ليس ثمة خلاف علي تحقيق مطالب واهداف الثورة , فكلا الطرفين يمتلك مفهومه الخاص لهذه المسالة , و الخلاف في الوسائل , و المهم هنا ان تنتقل العلاقة بين الفريقين من عداء مستحكم الي حالة صراع سياسي محترم , بوسائل مشروعة واخلاقية.

والامر ذاته ينطبق علي المسار الاخير , فلا احد يصادر حق احد في ازاحة نظام سياسي , وطرح نفسه بديلا له , غير ان ذلك ينبغي ان يبقي محكوما بقواعد اللعبة السياسية و قوانينها المعتبرة , و التي هي كما عرفها العالم تجري نزالاتها ومبارياتها عبر الانتخابات , وبعيدا عن النزوع الي اراقة الدماء واشعال الحرائق.

وهنا يبرز دور النخب السياسية وواجبها في تحويل مجري الغضب الي مسارات تؤدي الي الحفاظ علي الحياة , ولا تقود الي القبور و الخرائب , و المعني بالنخب هنا معسكر الاغلبية وفريق المعارضة معا , لان احدا لا ينبغي ان يدعي الآن ان الشارع هو الذي يقود وهو الذي يحدد المسارات.

انها لحظة المسئولية عن اخماد مستصغر الشرر الذي يتجمع الآن , ويوشك باندلاع حريق , ان اطلت السنته ليس بمقدور احد ان يطفئه قبل سنوات من النزيف , و التجارب من حولنا فيها المثل و العبرة.

وعلي كل طرف ان يعي انه ليس بمقدوره ان يفني الطرف الآخر , ذلك انه ان وقع الصدام لا قدر الله فالكل مهزوم.

وعلي ذلك فمصر في مسيس الحاجة الآن الي مبادرة محترمة يقودها العقلاء من المعسكرين تقود الي محاصرة احتمالات الدم و الخطر المتربص بالجميع.

ليست هناك تعليقات :