جمال سلطان ... في عام 2005 عندما اجريت الانتخابات البرلمانية بمساحة شفافية محدودة لقوي المعارضة بما فيها جماعة الاخوان , خاصة في المرحلة الاولي ونسبيا في الثانية , فشل الحزب الوطني في الحصول علي الغالبية في البرلمان رغم جبروته و تخديم اجهزة الدولة الامنية و الادارية علي مرشحيه , ولم يحصل الحزب الحاكم سوي علي 37 في المائة من مقاعد البرلمان , و كان هذا يعني عدم قدرته علي تشكيل الحكومة , و ان قوي المعارضة يمكنها التنسيق مع المستقلين لتشكيل الحكومة , فالذي حدث ان الحزب الحاكم لجا الي الاعضاء الذين نجحوا كمستقلين و عرض عليهم الانضمام للحزب و الي الكتلة البرلمانية للحزب مقابل بعض المغانم التقليدية المعروفة وقتها , فانضم الكثيرون للحزب الوطني فحقق غالبية بالتلاعب سمحت له بالهيمنة من جديد , في ذلك الوقت كتبنا و كتبت كل الاقلام المعارضة الشريفة و منها كتّاب الاخوان المسلمين تنتقد هذا السلوك و تندد بتزوير اختيار الشعب .
و اكد الجميع وقتها ان النائب الذي يفعل ذلك يخون ناخبيه و يخون المبادئ التي انتخبوه علي اساسها , وطالبوا باسقاط عضوية اي نائب يغير انتماءه الحزبي بعد فوزه في البرلمان , كان هذا الموقف يمثل اجماعا لكل القوي الوطنية بجميع توجهاتها , وقد تذكرت هذه الواقعة وانا اتابع بعض ما يجري في مجلس الشوري الآن , ودفاع اعضائه من جماعة الاخوان عن مسالة تحول عضو البرلمان من حزب الي آخر بعد فوزه بالعضوية في الانتخابات , ورفض اعضاء الجماعة قانونا يسمح باسقاط عضوية النائب البرلماني اذا غير صفته الحزبية , باعتبار انه خان ناخبيه , لان المنطقي انني عندما انتخب شخصا فلا انتخبه لسواد عيونه او لانه شخص وسيم مثلا , وانما انتخبه لانه يعبر عن مبادئ وقيم ورؤية سياسية محددة , فانا في جوهر الامر انتخب هذه الصفات فيه , فاذا حاد عن هذه الصفات فان عليه ان يتخلي عن العضوية التي حصل عليها بدعوي انتمائه الي هذه المبادئ , فانا مثلا عندما انتخب مرشحا علي قوائم الاخوان في حزب الحرية و العدالة , فانا اعطيه صوتي لاني اقتنع بان عضو الجماعة او الحزب يحمل منظومة مبادئ وقيم ورسالة سياسية واجتماعية وايديولوجية تمثلني وانا اختاره لكي يدعم هذه المنظومة و يحققها , فاذا فوجئت به بعد نجاحه في البرلمان ترك الحرية و العدالة وانضم الي حزب الدستور بقيادة الدكتور محمد البرادعي او حزب التيار الشعبي الذي يقوده حمدين صباحي فان المنطق و العدل و الديمقراطية تقتضي اسقاط عضويته في البرلمان , لانه غشني وخدعني ولم يعد يعبر عن ناخبيه , بل انه خان ناخبيه في الحقيقة , و العكس صحيح , اذا نجح عضو كمستقل او عن حزب يساري مثلا ثم انتقل بعد حصوله علي عضوية البرلمان الي الحرية و العدالة فهو خائن لناخبيه .
اوجه نداءا عاجلا الي البرلماني الحكيم الدكتور الكتاتني و الي الصديق العزيز الدكتور عصام العريان ان يبادرا باعلان موقف اخلاقي من هذه المسالة , دفعا للشبهات , ولان احزابا عديدة بدات تلمح الي ان حزب الحرية و العدالة بدا يرتب لاستثمار نفس الاساليب التي كان يمارسها الحزب الوطني من اجل ضمان ان يشكل الحكومة القادمة اذا عجز عن تحقيق الغالبية في الانتخابات , نحن احوج ما نكون هذه الايام لبث الثقة لدي الآخرين , و اشاعة اجواء من الاطمئنان الي ان العملية السياسية تسير بشفافية و تعلي مصلحة الوطن و الاخلاق علي اي مصالح حزبية .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق