و لكم في ملاكمة المحترفين و المصارعة الحرة أكبر مثال يا أحزاب مصر السياسية


محمد عبد المنعم الصاوي ... في منطق ملاكمة المحترفين و المصارعة الحرة وبعض الالعاب القتالية غير المسئولة يُعد الضرب فوق الرقبة مشروعا , علي عكس الضرب تحت الحزام الذي يُحظر بشكل حاسم ورادع!

تاملت هذا الامر , ولاحظت ان الرياضات المحترمة لا تسمح بضرب الراس العاري , كما لا تسمح بالضرب السفلي , ففي حين تقوم تلك الاستعراضات المريضة علي مخاطبة ' المجرم ' في كل منا , نجد ان الملاكمة الاولمبية لا تمارَس الا بواقٍ للراس وقفازات تزداد تماسكا مع ارتفاع وزن الملاكمين , حيث ينعكس ذلك بشكل مباشر علي قوة الضربة.

هل تتذكرون القاعدة الميكانيكية : القوة تساوي وزن الكتلة مضروبا في سرعة تحركها؟

الرياضة المحترمة التي انحاز لها كثيرا لا تسبب اضرارا لممارسيها , وانما تزيدهم لياقة من الناحيتين : البدنية و النفسية.

للرياضة القائمة علي التنافس الشريف فوائد جمة , لست حاصرا لها الآن , ولكنها اعانتني علي توضيح اهمية راس الانسان كمركز لقيادة جسد يمكن ان ينفع الناس ونفسه , ويمكن ان يدمر نفسه ومن حوله.

هكذا اري دور الراس البشري الذي يتعرض للكثير من الانتهاكات -- يبدا انتهاك الراس بمصادرة حقه في التفكير , وهو ظلم شديد , لانه يحرم صاحب الراس من اكبر نعم الله علي الانسان , الا وهي نعمة التفكير التي تهدي _مع الفطرة السليمة_ الي حب الحق و العدل و الخير و الجمال , و السعي لارضاء الله تعالي.

لقد دابت الانظمة الظالمة و المستبدة علي ضرب الراس بقفاز الظلام الاسود , فكان التعليم التلقيني , وغابت الثقافة التي تدعو الي النور و الاستنارة . كثيرا ما حاولوا حجب نور الشمس , ولما استعصي عليهم القوا باعدائهم من المفكرين و المنحازين لحق التعبير وراء جدران لا تنفذ منها الشمس , تُسمي الزنازين.

وسيلة اخري اكتشفوها , وتلاقت مصالحهم فيها مع اعداء الوطن -- وسيلة تقوم علي تدمير الراس عضويا , واعني بها كل ما يستخدمه الانسان لاذهاب عقله وتغييبه او تعطيله.

عقاقير لا اول لها ولا آخر . اخترقت امخاخ الصغار واحرقت خلاياها -- اذكر ما شئت من الخمور و المخدرات و المنبهات و المنشطات -- الطبيعي منها و التخليقي -- ما يُبتلع , وما يُشرب , وما يُحقن , وما يُمتصّ من سطح الجلد , وغير ذلك مما قد لا اسمع به من وسائل قذرة كلها ضربٌ اعلي الرقبة -- ضربٌ غادِرٌ في الراس!

حسبما تفيد التقارير الطبية و الاحصاءات , فان الامر وصل الي مرحلة مخيفة من التدهور و الغرق في بحور ضرب الدماغ. تنشط الشرطة احيانا , وتتراجع كثيرا عن اداء هذه المهمة المعقدة . البيع علنيٌّ في كل مكان , بل وصل الامر منذ فترة غير بعيدة الي ظهور موقع الكتروني يرشد المدمنين الي اماكن البيع بدون استغلال , كما افاد الموقع الجهنمي!!

نحن اذن امام حرب ثلاثية علي الدماغ المصري : تعليم متدنٍّ -- غياب للثقافة -- انتشار لبؤر التعاطي و الادمان.

اعرف ان التصدي للثلاثة معا امر صعب , واعرف ايضا انه ليس مستحيلا , قياسا علي تجارب دول اخري نجحت في شراء دماغ كل مواطن فيها باتباع سياسات ذكية وفعالة . ادت الي تقليص كبير في معدلات التدخين وتعاطي الخمور و المخدرات , يحدث هذا في حين تزداد معدلات تدخين السجائر و الشيشة في صدورنا وعلي ارصفتنا.

شراء الدماغ الذي اعنيه يتناقض معناه تماما مع شراء الدماغ المتعارف عليه الذي يدعوك _كذبا وتضليلا_ الي تغييب عقلك حتي يرتاح دماغك!

شراء الدماغ علي هذا النحو لن يزيدك الا معاناة والما عاجلا او آجلا , فمصير التعاطي _كما تؤكد الاحصاءات_ الموت او الحبس او انحرافات لا اول لها ولا آخر , اتحرج من مجرد ذكرها !

فلتتعاون كل مؤسسات الدولة لانتاج مشروع ثقافي عملاق , يكون مقياس نجاحه هو مدي تراجع معدلات الضرب اعلي الرقبة.

هل نتوقع هذا المشروع في برامج الاحزاب الانتخابية , ام سيشترون دماغهم , و رضاء الناخبين ؟

ليست هناك تعليقات :