جبهة أكبر همها انقاذ النخبة التي شكلتها لا الوطن أحمد منصور


رغم ان جبهة الانقاذ بدات تتفكك و سوف تشهد مزيدا من التفكك كلما اقتربنا من الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية القادمة لان كلا منهم يري انه الاحق بان يكون القائد او الزعيم , حتي ان منظر الدكتور البرادعي وهو يلح علي عمرو موسي ان يعطيه الميكروفون في اول مؤتمر لهم , حيث اخذ يردد امام شاشات التليفزيون : ' اديني الميكروفون بقي يا عمرو بيه ' وعمرو بيه لا يريد ان يتوقف عن الكلام , و البرادعي يلح , وحمدين يتدخل الي آخر المشهد -- لذلك اذا تاملنا في تشكيلة الجبهة ورجالها المتشاكسين المختلفين الذين جاءوا من كل حدب وصوب نجد انهم كانوا رجال ما يسمي النخبة , وهذه النخبة ليست سوي امتداد للنخب التي تشكلت حول الانظمة المتعاقبة منذ اول برلمان اسس في مصر عام 1876 , حيث حرص النظام , الذي كان قد اقترب من الغرب آنذاك وبدا يتخلي عن الهوية العربية الاسلامية لمصر , علي تكوين نخبة علمانية حوله , حتي من المعارضين له او الذين يرتدون ثوب المعارضة , بدات تبتعد بمصر عن هويتها العربية الاسلامية , ووصلت في بداية القرن العشرين الي حد الدعوة للفرعونية , وبرز منظرون ومثقفون ينظِّرون لهذه الفكرة التي واكبتها دعوة لفصل الدين عن الدولة , وكان من ابرز دعاة هذه الافكار مصطفي عبدالرازق وسلامة موسي وطه حسين من بعد وآخرون , كما ظهرت افكار اخري غريبة غذاها نظام الحكم بدعم من المحتلين البريطانيين الذين لعبوا دورا في تاكيد هذه الدعوات وابرازها واعطاء المكانة لاصحابها في الصحف و المجلات واصدارات الكتب , وقد تاثر كثيرون بهذه الدعوات في ظل حماية الانظمة المتعاقبة لها , ولو نظرنا الي النخبة السياسية و الفكرية التي ظهرت خلال هذه الفترة وحتي عام 1952 فسنجدها نخبة مغتربة ابتعدت بمصر عن عمقها العربي الاسلامي , وقد تنبه بعض المفكرين البارزين مبكرا لهذه الدعوات , مثل الامام محمد عبده وحسن البنا في بداية القرن الماضي , لكن صوتهم كان اضعف من صوت النخبة التي كان لها كل شيء , وبعد انقلاب يوليو عام 1952 تم تدمير النخبة السياسية لكن ' الفكرية ' استمرت وتكونت نخبة جديدة محيطة بالنظام لكنها لم تكن سوي امتداد للنخبة العلمانية التي تفصل بين الدين و الدولة و الهوية و الانتماء العميق لمصر , ساعدها توجيه ضربات قاصمة لجماعة الاخوان المسلمين , وسارت هذه النخبة مع النظام بكل اشكال الابداع من افلام ومسلسلات وروايات وكتابات واصدارات كانت كلها ابعد ما تكون عن الهوية العربية الاسلامية لمصر , فكان هؤلاء هم رواد الثقافة و الفكر و السياسة , وحينما جاء مبارك انحرف اكثر بما يسمي النخبة وافسدهم بشكل بارز , واضاف اليهم كثيرا من الهامشيين ورجال الاعمال الفاسدين ولم يكن غريبا ان نجد بعض رجال الاعمال الفاسدين يحتفون برجال النخبة الثقافية او السياسية الفاسدة , حيث حدث تزاوج واضح بين هذه الاطراف جميعها .

اما الآن و بعد ثورة الخامس و العشرين من يناير بدات هذه النخبة تتآكل لصالح نخبة جديدة بدات تتشكل لتعود بمصر لهويتها وجذورها العربية الاسلامية , هذه الهوية التي يمكن ان تعيد للعرب جميعا مكانتهم التي كانوا عليها في التاريخ القريب , لكن النخبة القديمة تحارب بكل ما اوتيت من قوة ظهور نخبة جديدة , لذلك فان جبهة الانقاذ بتشكيلتها المتناقضة ليست سوي جبهة انقاذ النخبة التي في طريقها للتآكل و الانزواء لان الراعي الرسمي لهم سوف يتآكل وينتهي ولو بعد حين .

ليست هناك تعليقات :