اشعر بالفخر و انا اكتب عن ثورة 25 يناير التي اطلق شرارتها الاولي الشباب المصري وتجاوب معها الشعب بكل فئاته , فكانت ثورة شعبية بحق عبرت عن الاصالة الحقيقية لمصر وشعبها. وبعد عقود طالت من الظلم و الطغيان وحرمان الشعب من ابسط معاني الكرامة و الحقوق الديمقراطية , انتفضت الجماهير وهي تهتف : الشعب يريد اسقاط النظام فكان للشعب ما اراد لانه عرف الطريق.
عرف الشعب طريقه -- وحّد الشعب جهاده
فاذا الحلم حقيقة -- و الاماني ارادة
ونتج عن ذلك الاطاحة بنظام فاسد ومستبد
ومر عامان جرت فيهما احداث جسام كان من المفروض ان تصب في مصلحة هذا الشعب الذي يريد التغيير الي الافضل , وبنظرة موضوعية , حدثت بعض الانجازات . لكنها ظلت في الاطار السياسي ولم تتحول الي ثمار اجتماعية او اقتصادية يحس بها الشعب , فقط تم اقرار دستور جديد يمثل نقلة نوعية كبري بالرغم من بعض الخلاف الذي ثار علي بعض مواده , وما كان ذلك ليتم الا بعد انتخاب اول رئيس مدني في انتخابات حرة جرت لاول مرة في التاريخ المصري , وهذا انجاز تاريخي بكل المقاييس رغم وجود معارضة ملموسة لمؤسسة الرئاسة. وبعد شهور قليلة سيكون لدينا باذن الله اول مجلس للنواب له صلاحيات مهمة وكبيرة مثل منح الثقة للحكومة او حجبها عنها , ومساءلة الوزراء ورئيسهم بدرجة تسمح بسحب الثقة من وزير او اكثر.
كل هذا معلوم ومفهوم , لكن الازمة الاقتصادية واهتزاز السلوك الاجتماعي و الانفلات الامني اثرت جميعا بشكل سلبي علي حياة المصريين واخذوا يتساءلون عن مكتسبات الثورة التي لم تتحقق , بل ودعت بعض فصائل المعارضة و الحركات الشبابية المنتسبة للثورة الي مظاهرات ومسيرات في الذكري الثانية ليذكّروا المجتمع المصري بان المطالب الاساسية للثورة لم تتحقق بعد , وطالما كان هذا الحراك سلميا لا عنف فيه , فهو امر مطلوب لاستنهاض همة الشعب كي يكمل مسيرته الثورية.
ومخطئ من يظن او يتصور ان هذه المظاهرات و المسيرات يمكن توظيفها ضد الرئيس المنتخب او لاسقاط دستور وافق عليه الشعب , ومخطئ ايضا من يخطط لمحاولة اخراج هذه المظاهرات و المسيرات عن خطها السلمي الي ممارسة اي نوع من العنف , بل يجب ان تتوجه طاقة المسيرات و المظاهرات الي طاقة ايجابية تصب في تحقيق الارادة الشعبية , وكل ممارس للسياسة يعلم ان الاستقرار هو الذي يفتح الباب لانعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات , اما العنف و التدمير فيعصفان بكل امل في التحسن الاقتصادي.
ان كل السلطات وكل الاحزاب وكل القوي الثورية مدعوة للتامل في الذكري الثانية للثورة , فالسلطة التنفيذية عليها ان تقرا بعناية الدلالة الصريحة للمظاهرات و المسيرات وتعمل جاهدة علي تلبية مطالب الشعب التي سوف تتبناها بالضرورة جموع المتظاهرين , وعلي كل الاحزاب و القوي السياسية ان تفتح مجالا واسعا للشباب الذين هم الوقود الدائم لكل مظاهرة ومسيرة , وان تفتح لهم المجال للتعبير عن الراي وللتمثيل النيابي , وكم اتمني ان يري الشعب ممثلين عنه من الشباب تحت قبة البرلمان , وعلي القوي الشبابية و الثورية ان تدرك ان الاحتجاج و التظاهر ليس معناهما العنف و التدمير , فبمقدور المتظاهرين ان يرسلوا رسالة ايجابية للداخل و الخارج ان هم تصرفوا بشكل حضاري يعيد الي الاذهان الصورة الاصلية للشعب المصري , وبمقدورهم ان يجعلوا الرسالة سلبية للداخل و الخارج ان هم سمحوا للمندسين بان يفسدوا سلمية المظاهرات , لقد قام الشعب بثورته , فعلينا جميعا ان نحقق اهداف الثورة . لان الثورة ارادة شعب .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق