ماذا حصدنا بعد عامين على زراعة بذرة الثورة ؟


محمد حبيب ... بعد يومين , تكون الثورة قد اتمت عامها الثاني -- وما بين البدء و الذكري , جرت في النهر مياه كثيرة تضمنت من الاحزان و الاوجاع اكثر مما حملت من الافراح -- لم يكن يدري بخلد احد ان يوم ٢٥ يناير ٢٠١١ هو شرارة البدء -- كانت اقصي الاماني ايقاف العمل بقانون الطوارئ واقالة وزير الداخلية , لكن الشعب المصري خيب ظنون الجميع -- وبشيء من الثبات و الاصرار و التحدي و المقاومة و التضحية و الوحدة , قامت الثورة وسقط راس النظام -- وقد تبلورت اهداف الثورة في شعارات محددة , لكنها ملهمة ومعبرة عن قسوة المعاناة : عيش _ حرية _ عدالة اجتماعية _ كرامة انسانية.

العيش و العدالة الاجتماعية صنوان , يرمزان الي ضرورة توفير الخبز , وحل ازمة البطالة , وعلاج مشكلات التعليم و الصحة و الاسكان و النقل و المواصلات , وتحديد الحدين الادني و الاقصي للدخول , ووصول الدعم لمستحقيه الفعليين , ووضع نظام ضريبة تصاعديا -- خلال العامين فشلت الحكومات المتعاقبة في اتخاذ اي خطوة ايجابية نحو هذين الهدفين , بل ازداد الامر سوءا , ويبدو ان اهل الحكم غير مدركين لحقيقة الاوضاع -- حل الوضع الاقتصادي المازوم مرهون بشكل جذري بالاستقرار السياسي و التعافي الامني , وكلٌ منهما يعاني من ازمة حقيقية مستحكمة تلقي بثقلها السلبي علي عملية الانتاج , و النشاط السياحي , و الاستثمارات الخارجية , و الاحتياطي النقدي.

الحرية و الكرامة الانسانية انقلبتا الي فوضي ودم -- الخطا الاكبر الذي وقعت فيه القوي الثورية , لحظة تنحية مبارك , انها لم تتفق علي مجلس رئاسي مؤقت لتولي السلطة ولاعداد جمعية تاسيسية لكتابة الدستور , بل انها تركت _غفلة منها_ المجلس العسكري ليتولي ادارة البلاد -- جري الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بمعاونة القوي المحافظة , ثم صدر الاعلان الدستوري الذي مكّن المجلس العسكري من السلطة , وتم البدء في اجهاض الثورة وانهاك القوي الثورية -- سالت دماء كثيرة , وارتُكبت مجازر وحشية في ماسبيرو , ومحمد محمود , ومجلس الوزراء , واستاد بورسعيد , ومحمود ٢ , و العباسية -- كما القي القبض علي ١٢ الفا من المدنيين وحوكموا عسكريا -- وجري طمس معالم الادلة المتعلقة بقتل الثوار , كي يتم تدشين مهرجان ' البراءة للجميع ' -- من المؤكد انه لولا الشهداء و الجرحي , ما اجريت الانتخابات النيابية و الرئاسية.

في بداية توليه المسئولية , وعد الدكتور مرسي بالقصاص من القتلة و المجرمين واخذ حق الشهداء , لكن شيئا لم يحدث -- وبعد شهر ونصف تقريبا , اصبح الطريق امامه خاليا , واتيح له الجمع بين السلطتين التنفيذية و التشريعية -- لكنه فشل في مد جسور الثقة مع الجماعة الوطنية , بل انه اصدر اعلانا دستوريا معيبا ادي الي تجزر الانقسام الحاد في المجتمع , و الاعتداء علي استقلال القضاء , وتغييب سيادة القانون -- تصاعدت حدة العنف و البلطجة و الاحتراب الاهلي , وارتكبت مذبحة قصر الاتحادية , ومحمد محمود -- وبشكل مباغت , انهت اللجنة التاسيسية لكتابة الدستور عملها , وتم الاستفتاء عليه في ظل مقاطعة ٣٥ مليون مواطن يمثلون ٦٨ في المائة ممن لهم حق التصويت.

في يوم الجمعة القادم , سوف تحتشد القوي الثورية في ميدان التحرير للتاكيد علي نفس الاهداف التي لم تتحقق : عيش _ حرية _ عدالة اجتماعية _ كرامة انسانية -- علاوة علي القصاص للشهداء -- وان الثورة ما زالت مستمرة .

ليست هناك تعليقات :