لانك لست ' الآخر ' ولاني لست ' الانا ' -- كل عام ونحن جميعا بخير , شعب واحد في وطن واحد.
وبمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد2013 يثور سؤال شديد الاهمية في وجه كل اطراف اللعبة السياسية في مصر : ماذا عن وضع المسيحيين في الانتخابات البرلمانية القادمة في ظل هذه الحالة غير المسبوقة من الاستقطاب السياسي و الديني , التي اندلعت خلال الاسابيع الماضية؟
هناك من يذهب الي تضاؤل فرص الاخوة المسيحيين في الفوز بمقاعد في البرلمان القادم , مستندا الي طغيان الفرز الديني علي حساب التصنيف السياسي علي وقع ما جري من احداث , بلغت ذروتها الماساوية بما جري عند الاتحادية , الامر الذي دفع ببعض الاصوات الي المطالبة بكوتة للاقباط في الانتخابات النيابية.
واحسب ان فكرة ' الكوتة ' فيما يخص الاخوة المسيحيين , ليست في مصلحتهم , ولا في مصلحة مصر باي حال من الاحوال , ذلك ان مفهوم ' الكوتة ' في حد ذاته يكرس لفكرة الاقلية و الاغلبية , ويقيم حواجز بين الكل و البعض , وهو ما يتعارض تماما مع فكرة المواطنة المتساوية العادلة بين جميع فئات وطبقات الشعب المصري.
ومن بين دفوع المؤيدين لفكرة ' الكوتة ' ان قانون الانتخابات الذي يمنح القوائم الحزبية ثلثي مقاعد البرلمان , لن يسمح بوضع شخصيات مسيحية في صدارة هذه القوائم , لان الكل يبحث عن المكسب المضمون , ولا مجال هنا للاهتمام بضرب المثل العليا في تحقيق قيم العيش الواحد و المواطنة الكاملة علي الارض , باعتبار ان الانتخابات هي فعل براجماتي بحت لا يتسع للمبادئ الجميلة ولا يعبا كثيرا بالشكل بقدر ما يستهدف المكسب بكل الوسائل.
وازعم ايضا ومع كامل التقدير لهواجس الانبا تاوضروس بطريرك الاقباط وقلقه علي مصير التمثيل المسيحي في البرلمان القادم , فان فكرة تخصيص دوائر للمسيحيين من شانها ان تحيل الي معاني العزلة و الانسلاخ من الوضع السياسي العام , ولا تعالج حالة الاحتقان المتفاقم.
وعلي ذلك تصبح الكرة الآن في ملعب الاحزاب و القوي السياسية , وبشكل خاص احزاب الاغلبية التي باتت مطالبة بان تقدم الدليل العملي علي انها لديها القابلية و القدرة علي احتواء واستيعاب كل المصريين , علي ارضية المواطنة , وليس علي اساس التصنيف الديني و الفرز الطائفي , فهل نري كفاءات مسيحية في السياسة و الاقتصاد علي قوائم الاحزاب و الكتل الكبيرة في مضمار السباق الانتخابي؟
لقد شارك ممثلون عن الكنائس المصرية الثلاث في جلسات الحوار الوطني التي راسها المستشار محمود مكي قبل وبعد استقالته من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية , وقدم كل منهم اسهامات رائعة وافكارا خلاقة في اعادة اللحمة الوطنية و الخروج من مازق الاستقطاب الرهيب , واشهد ان احدا منهم لم يتكلم من منطلق انه مسيحي , بل جاء الخطاب مصريا وطنيا.
غير ان ذلك لا ينفي ان هناك قلقا من وضع المسيحيين في البرلمان القادم , الذي لم يعد وفق الدستور الجديد بامكان رئيس الدولة تعيين عشر شخصيات تضاف الي الاعضاء المنتخبين كما كان يحدث في السابق.
وعليه تصبح المسالة رهنا بمدي ايمان كل حزب بقواعد الديمقراطية و المواطنة , فكل الاحزاب امام اختبار حقيقي بشان المسالة القبطية الآن فماذا هم قائلون وفاعلون؟
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق