من العجب العجاب ان تتحول المدن التي اشتهرت بتاريخ في الكفاح ومقاومة الاحتلال و المستعمر الي مهبط لجراد الثورة المضادة بفضل الاموال الغزيرة التي يوفرها رجال الاعمال , كالدقهلية التي تكتظ بالمستفيدين من فساد النظام السابق , او بورسعيد التي يذكر لها التاريخ دورها كارض في الانتصار علي العدوان الثلاثي , وتنبغي هنا الاشارة , التي يجري غمض العين عنها , الي ان الذين استبسلوا في المقاومة كانوا فدائيين جاءوا من جميع انحاء مصر , وعدد كبير منهم ينتمي الي الجيش المصري الذي سحبه جمال عبد الناصر من سيناء عندما هاجمتها اسرائيل في 29 اكتوبر 1956 , خشية ان تحاصرهم فيها قوات الدولتين العظميين فرنسا وانجلترا.
ومع ذلك فان الظروف الدولية في ذلك الوقت هي التي ادت الي انتصار سياسي بانسحاب القوات المعتدية في 23 ديسمير 1956 الذي ظللنا الي عهد قريب نحتفل به علي انه نصر حربي تتعطل في ذكراه المدارس و المصالح الحكومية و القطاع الخاص , مع ان الاحتلال انسحب تحت وطاة انذار الاتحاد السوفييتي و الضغط الامريكي وقد مثل ذلك بداية احلال واستبدال القوي العظمي في العالم , حين اطلت الولايات المتحدة لتاخذ مكان الامبراطوريتين الاستعماريتين انجلترا وفرنسا , وهددت موسكو بضرب لندن وباريس بالصواريخ.
ذلك لا ينكر ان بورسعيد تعرضت لتركيز القصف الجوي و الانزال العسكري الفرنسي الانجليزي , واستبسلت مثل باقي محافظات ومدن مصر التي كانت طائرات العدوان الثلاثي تحلق فوقها من اسوان الي الاسكندرية.
علي اي حال تجري عقارب المدينتين في المرحلة الحالية عكس التاريخ المشرف لهما , فقد انهالت الاموال التي تحرض الاطفال و البائسين علي الخراب وحرق المرافق العامة و الخاصة في هجوم وحشي غير آبه للعواقب , ذلك ان الاغراء يتركز حول وجبات مال يومية تدفع لهم ومن يموت فله مكان مضمون في الجنة تحت اسم ' شهيد ' .
مصر لا تعاني من سيولة فوضوية فقط بل سيولة في منح شهادات ' الشهيد ' . المخرب يموت دون خرابه فيسمي شهيدا. رامي المولوتوف يموت وهو يحرق املاك الناس فيسمي شهيدا. المخربون يجبرون الناس علي ترك عملهم تحت اسم العصيان المدني فاذا قتل احدهم ينال الشهادة بقدرة قادر!
اين المفتي ومجمع البحوث الاسلامية؟ ليقننوا هذه الشهادات ويوقفوا الضحك علي الغلابة و الاطفال الذين تماثل حالتهم حالة الخميني في حربه ضد العراق عندما كان يمنحهم مفاتيح الجنة قبل الزج بهم في ميادين القتال!
نموذج قريب جدا و الد الشاب الذي لقي مصرعه دهسا خلال هجوم المخربين علي ديوان محافظة الدقهلية في المنصورة , اذا قال انه ' فرحان ' لان ابنه صار شهيدا ويرقد الآن في الجنة.
ماذا ستقول جبهة الانقاذ وتيار حمدين صباحي لربهم يوم القيامة وهم يحرمون طفلة صغيرة لهذا القتيل من رعايته واحضانه؟!
ومع ذلك فالحكومة تواصل تقصيرها لانها لا تقاوم هذه الفوضي وتترك الناس يقتلون باغراء المال ومكان في الجنة دون ان تتدخل , وفي الوقت نفسه يجب الاشادة بمدير الامن الجديد في الدقهلية الذي يتعامل بحزم وقوة يفرضانهما واجبه لحماية الناس واملاكهم واعراضهم , غير آبه لدكاكين تسمي نفسها منظمات حقوقية او ائتلافات ثورية , وهو ما يجب ان يحدث في بورسعيد التي يتعامل العسكر فيها للاسف الشديد بحنية زائدة فيتركون الاوغاد يحرقون قسم شرطة النجدة وغيره من الاقسام و الممتلكات.
مدينة يقود الشغب فيها اناس قتلوا بدم بارد اكثر من سبعين شهيدا من مشجعي الاهلي لم يجنوا ذنبا سوي انهم جاءوا لتشجيع فريق في مباراة كروية خسروها. مدينة تترك تاريخها المشرف خلف ظهرها وتنجر وراء بلطجية يرفضون حكم القضاء باعدام 21 سفاحا نفذوا المذبحة المريعة التي لم يشهد مثلها التاريخ سوي مذبحة التتار ضد اهل بغداد.
بدلا من ان تنظف مدينة بورسعيد نفسها وتغتسل من ذنب عظيم جناه بعض من وجدوا في ارضها ملاذا , ترتكب المزيد من الاخطاء و الخطايا بجمع توكيلات لوزير الدفاع عبدالفتاح السيسي لرئاسة جمهوريتها. المدينة التي شاركت يوما في الدفاع عن ثورة 23 يوليو واستقلال مصر , تقاتل وتجمع توكيلات لتنفصل عن الدولة حتي تصبح جمهورية لفاسدين مفسدين ينطلقون منها لتفتيت بقية مصر.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق