رئيس قضايا الدولة : لسنا محامي الحكومة و استقلال القضاء ضمانة لمن أراد الاستمرار في الحكم

حذر رئيس هيئة قضايا الدولة ,  المستشار محمد عبدالعظيم الشيخ ,  من التدخل في شئون القضاء ,  واصفا مقولة  ' تطهير القضاء '  بانها  ' حق يراد به باطل '  ,  مؤكدا ان استقلال القضاء ضمانة للدولة وللحاكم نفسه  ' اذا اراد الاستمرار في الحكم ' .

و برزت تفاعلات الثورة وما بعدها من احداث في الحوار الذي أجري مع الرجل في مكتبه بمقر الهيئة الذي يقع بالدور العاشر في مجمع التحرير ,  و نفي الشيخ توسط  ' الهيئة لدي الرئاسة لانهاء ازمة النائب العام ,  مشيرا الي ان الصورة الذهنية بان الهيئة هي  ' محامي الحكومة '  مغلوطة و تحتاج الي تصحيح ,  و كشف الشيخ ان العقود غير المُحكمة التي ابرمها النظام السابق افرزت 16 قضية مرفوعة ضد مصر في المحاكم الاجنبية ,  و هو رقم غير مسبوق  --  و الي الحوار : 

 < كيف تري المشهد القضائي في الوقت الراهن؟

 استقلال القضاء استقلالا تاما عن اي سلطة اخري ,  سواء تنفيذية او تشريعية او حتي سلطة الراي العام ,  و البعد عن شئونه ,  هو ضمانة ليس للقضاة وحدهم لكنها ضمانة للشعب المصري كله ,  وللدولة بل وللحاكم نفسه ,  اذا اراد ان يستمر في الحكم.

 

< وما رايك في الحديث الدائر حول تطهير القضاء؟

 ما يُثار حاليا حول تطهير القضاء ,  يُراد به النيل من استقلاله بطريقة او باخري ,  وهو ما يتضح من المطالبة بتخفيض السن فجاة ,  تطهير القضاء قولة حق يراد بها باطل ,  فالقضاء قادر علي تطهير نفسه ,  اذا كان به فساد ,  وكل الهيئات القضائية تحقق في اي شكوي ترد اليها بكل جدية وشفافية ,  لكن دون اعلان ,  ونحن في قضايا الدولة نحقق في كل الشكاوي حتي لو وردت من مجهول.

 

< لكن البعض يربط قضية التطهير بالاحكام التي برات رموز النظام السابق وقرارات اخلاء سبيلهم؟

 لابد ان يعرف الجميع ان الاحكام تصدر بما هو ثابت ,  وليس بالراي العام ,  فلو انهارت حُجية الاحكام لسقطت دولة القانون ,  واذا كانت الاحكام لا تعجب البعض فعلي السلطة التنفيذية تسليم الادلة للنيابة العامة حتي تحقق فيها وتقدمها للقضاء ,  ولم يثبت ان الجهات المختصة بجمع الادلة قدمت اي مستند او دليل ولم يحل الي المحكمة ,  اما الربط بين خفض سن القضاة وبين احكام البراءات فهو استغلال لمشاعر الجماهير ودغدغتها.

 

< كيف تُقيّم الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس في نوفمبر من العام الماضي؟

 لكوني قاضيا لا ارغب في التورط في الاحاديث السياسية ,  وكل ما استطيع قوله ان هيئة قضايا الدولة لا تضع تشريعا ولا اعلانا دستوريا ,  لكنها تتعامل مع الاحكام التي يصدرها القضاء ,  وحين تطعن الهيئة علي حكم ما فذلك من باب الحفاظ علي الحق العام ,  ووضع قواعد قانونية واضحة ,  و البحث في ما اذا كان الحكم قد اهدر القانون اما لا ,  كل ذلك دون النظر في اية خلافات ايديولوجية.

 

< هذا ينقلنا الي ازمة تعيين النائب العام في منصبه وموقف الهيئة ,  فهل قررتم الطعن علي الحكم ببطلان قرار تعيينه؟

 هيئة قضايا الدولة لم تبت حتي الآن في تطورات قضية النائب العام ,  وبصدق نحن لم نحدد موقفنا بعد ,  فطبقا لنظام العمل في الهيئة يمر اي حكم بقسم الدرجة الاولي ويدرسه من 4  الي 5 مستشارين ,  بينهم رئيس القسم ,  ثم يُحال الي قسم الدرجة الاعلي ويبحثه العدد نفسه من المستشارين ,  بعدها يُعرض علي رئيس القطاع الذي يكون عضوا بالمجلس الاعلي للهيئة ,  ثم يقدر الامر فيحال الي المكتب الفني الذي يحدد الموقف النهائي ,  وبالنسبة لحكم النائب العام فهو في الدرجة الثانية من الدراسة.

 

< هل صحيح ان الهيئة توسطت لدي الرئاسة لحل الازمة؟

 الهيئة لا تتوسط في هذه المسائل ,  و الاقتراحات التي تم تداولها في وسائل الاعلام كانت مُعبرة عن آراء شخصية لبعض المستشاريين لكنها ليست رسمية.

 

< لكن المادة 179 من الدستور تمنح الهيئة اختصاص  ' تسوية المنازعات '  التي تكون الدولة طرفا فيها.

 حتي الآن ,  لم يصدر القانون الخاص بتنظيم هذا الاختصاص الوارد في الدستور ,  ونحن حريصون علي العمل في اطار القانون.

 

< ننتقل الي ملف الاموال المصرية المُهربة الي الخارج ,  فالي اين وصلنا؟

 لم يصدر حكم واحد نهائي وبات ,  حتي الآن ,  بشان الاموال المهربة الي الخارج يوضح اماكن وجودها و الدول المستقرة بها ,  بناء علي تحريات الجهات المختصة ,  ودور هيئة قضايا الدولة في هذا الصدد لم يحن بعد ,  لانه يبدا بعد صدور الاحكام ,  وحصولنا علي صيغ تنفيذية لمخاطبة المحاكم الاجنبية ,  كما هو الشان في اية احكام مطلوب تنفيذها في الخارج.

 

< هناك عراقيل ادارية بشان آلية التحقيق في هذه القضايا  --  ما هي الجهود المبذولة في سبيل حلها؟

 كان هناك مشروع قانون لاسترداد الاموال المصرية ,  وكان يهدف الي تجميع الجهات المعنية بملف استرداد الاموال في جهة واحدة ,  وعلمنا به ولم يُعرض علينا ,  وعرفنا ان ذلك المشروع وصل الي مجلس الشوري ,  ثم تاه في صخب الاحداث السياسية.

 

< كيف تنظر للصورة الذهنية الشهيرة التي تعتبر الهيئة محامي الحكومة؟

 هذه المقولة تذكرني بقصة  ' امنا الغولة '  فيما يخص خرافية الرواية ,  لان هيئة قضايا الدولة تدافع عن الدولة المصرية ,  ايا ما كان شكل حكومتها ,  نحن ندافع عن المجلس الاعلي للقضاء ,  كما نفعل ذلك مع السلطة التشريعية ,  اذا رفعت او رفع ضدها دعوي قضائية ,  ويحدث ذلك ايضا مع السلطة التنفيذية ,  نحن ندافع عن الحق العام او المال العام.

 

< لماذا اذن طعنتم علي حكم القضاء الاداري بعودة بعض الشركات مثل  ' المراجل البخارية '  لملكية الدولة؟

  دور هيئة قضايا الدولة هو السعي وراء ارساء قواعد قانونية واضحة ,  ولا يجب ان يشغلها الراي العام او راي سلطة ما عن واجبها ,  لذا كان ينبغي الطعن علي حكم القضاء الاداري بعودة الشركات ,  المبيعة ,  الي ملكية الدولة ,  امام المحكمة الادارية العليا لاصدار حكم نهائي بالموقف الصحيح ,  واود التوضيح بان حكم عودة شركة مثل المراجل البخارية الي الدولة  ' مستحيل التنفيذ ,  لان اراضيها بِيعت لشركات قطاع عام وخاص ,  وانشئت عليها مدن سكنية ,  في المقابل فان الهيئة لم تطعن علي حكم شركة عمر افندي والغاء خصخصتها ,  لانه صحيح قانونا.

 

< ولماذا تاخرت عودة عمر افندي لملكية الدولة؟

 الامر في يد الحكومة و الجهات التنفيذية.

 

< كم يبلغ عدد القضايا التي باشرت قضايا الدولة العمل فيها خلال عام 2012؟

 اجمالي القضايا بلغ 2 مليون و400 الف قضية ,  وصدرت احكام لصالح الدولة في 508 آلاف و700 قضية ,  وصدر ضدها احكام في 232 الفا و600 قضية , 

واغلب الخسائر تعلقت بقضايا الموظفين الذين طالبوا بتعويض عن رصيد الاجازات التي لم يحصلوا عليها اثناء الخدمة ,  وهي قضايا مُحققة الخسران لان الدولة اعترفت بحق المواطنين في الحصول علي ذلك التعويض.

 < وكم عدد القضايا المرفوعة ضد مصر في المحاكم الاجنبية؟

 خلال العام الماضي كسبت الهيئة 7 قضايا كانت مرفوعة ضد مصر بالخارج ,  وانقذت الدولة من دفع 8.5 مليار جنيه مصري تعويضا ,  ومن تلك القضايا  ' مالي كورب '  و ' الافق '  و ' ايبارا '  ,  ولم تستعن الهيئة سوي بمكتب محاماة واحد ولم نخسر اي قضية ,  اما القضايا القادمة فهي نحو 16 قضية وهذا عدد غير مسبوق ,  بسبب العقود غير المحكمة التي ابرمت قبل الثورة وبسبب احكام الخصخصة.

ليست هناك تعليقات :