الحرب على قمح مصر و قرارها أحمد منصور
قبل اكثر من شهرين اجريت حوارا مع وزير التموين المصري الدكتور باسم عودة الذي بدا في الحوار صاحب رؤية ومشروع واضح فيما يتعلق بعمل وزارته لاسيما النجاحات التي حققها في تغيير منظومة انبوبة البوتاجاز ورغيف الخبز من حيث الشكل و الوزن وطريقة الدعم , ورغم الحرب التي اعلنها بعض اصحاب المخابز عليه في البداية الا ان اغلب المخابز انضمت لمنظومة الخبز الجديدة التي تصب في النهاية في صالح المواطن المصري الذي يعتبر رغيف الخبز بالنسبة اليه هو همه الاول و الاخير , وقد جري اتصال بيني وبين الوزير عودة قبل حوالي اسبوعين قال فيه ان الاعلام المصري بما فيه الاعلام الرسمي يتجاهل هذا الانجاز الكبير المتعلق برغيف الخبز كيف كان وكيف اصبح , وكان النجاح في تحقيق هذا الانجاز الكبير هو من اهتمام الاعلام في زيمبابوي او بوركينافاسو وليس في مصر؟ ولان القمح هو المصدر الرئيسي لتصنيع رغيف الخبز فقد عانت مصر علي مدي العقود الماضية من انعدام الرؤية لدي الانظمة الفاسدة التي حكمتها في تامين القمح او تخزينه حتي تحولت مصر الي اكبر دولة مستوردة للقمح و الحبوب في العالم , فالقمح سلعة استراتيجية تقوم معظم دول العالم بتامينها لاسيما اذا كانت تملك نهرا مثل نهر النيل , وقد عرضت الولايات المتحدة علي دول كثيرة ان تزودها بالقمح باسعار اقل من تكلفة انتاجه في هذه الدول الا ان هذه الحكومات رفضت ان تكون لقمتها بيد الولايات المتحدة الا الفاسدين الذين حكموا مصر خلال العقود الماضية , فقد رفضوا دعم الفلاح او تشجيعه علي زراعة القمح ورفضوا بناء صوامع التخزين فكان ثلث المحصول يفسد بسبب سوء التخزين و النقل , لان الاكتفاء من القمح امر ليس صعبا علي الاطلاق فقط بحاجة الي ارادة والي قرار والي خطة لتشجيع ودعم الفلاحين , وفي حواري معه قال وزير التموين ان انتاج مصر من القمح سوف يصل هذا العام الي ستة ملايين ونصف المليون طن , غير ان الارقام ارتفعت مع بداية جني محصول القمح لتصل الي ما يقرب من عشرة ملايين طن وهو ما يسد 75 في المائة من احتياجات الشعب المصري , كما اعلن الوزير ان مشكلة التخزين سوف خلال اشهر حيث جاءت عروض من المقرر ان يكون قد تم توقيع عقودها من شركات تعرض بناء عشرات الصوامع علي ان تؤجرها بالتمليك للحكومة علي عشر سنوات .
هذه اخبار مفرحة غير ان اعلانها سرعان ما تحول الي حرب طاحنة ضد الوزير و الحكومة من داخل مصر وخارجها , من داخل مصر ثار خبراء الزراعة وكذبوا الوزير وقالوا ان المحصول لازال في بدايات حصاده فاني للوزير او للحكومة ان يقدروا الكميات التي تم حصادها او تسليمها للحكومة الامر الآخر هو ان الفلاحين سوف يخسرون لو سلموا الحكومة بسعر 400 جنيه للاردب ' الاردب 150 كليوجراما ' لان ارتفاع سعر الدولار يجعل القمح المستورد اغلي من القمح المصري بحوالي 500 جنيه للطن , كما ان الحكومة استوردت خلال الاشهر الماضية حوالي تسعة ملايين طن ولا زالت تستورد فاذا كانت قد حققت هذه الكمية من الانتاج فلماذا تستورد؟ ولو ان هذه الارقام صحيحة وواقعية فاين ستقوم الحكومة بالتخزين ولا يوجد صوامع جاهزة حتي الآن؟ المشكلة الاكبر هو ان الحكومة لم توفر السولار للمزارعين حتي تقوم الماكينات بالحصاد , وقد قال الدكتور نادر نور الدين استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ان المحصول بكل الحسابات لن يتجاوز 8 ملايين طن , اما صديقي الدكتور محمود عمارة احد اهم خبراء الزراعة في مصر فقد بقي معي علي الهاتف اكثر من نصف ساعة ليؤكد لي ان المحصول لن يزيد بحال من الاحوال عن ستة ملايين ونصف المليون طن , حرب محصول القمح تجاوزت الحدود المصرية الي الولايات المتحدة , فقد ذكرت وزارة الزراعة الامريكية في تقرير نشر في 23 ابريل الجاري ان الحكومة المصرية متفائلة اكثر من اللازم فيما يتعلق بواردات القمح , ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن المحلق الزراعي للولايات المتحدة الامريكية ان المحصول لن يزيد محصول في مصر حسب اعلي التقديرات عن 8 , 7 مليون طن , اما وكالة بلومبرج فقالت ان ارتفاع سعر الدولار وعدم توفر الوقود سوف يلعبان دورا في خفض نسبة التوقعات من الواضح ان حرب القمح هي اولي واهم الحروب التي تخوضها مصر حتي تتحرر وسوف تتبعها حروب الحبوب الاخري , وحينما تنجح مصر في انتاج رغيفها وزيتها وفولها وعدسها وبصلها سوف تملك قرارها .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق