' حل مجلس الشعب ' و ' الضبطية القضائية ' و أحكام ' محاكمة القرن ' الهزيلة , و التي أفرج فيها عن 6 من المتهمين بقتل الثوار , ثلاثة أسباب تعتبر لاعبا أساسيا , في توجيه نتيجة انتخابات الرئاسة إلي الدكتور محمد المرسي , و دق النعش الأخير في سفينة الفريق أحمد شفيق الذي كان منصب الرئيس علي بعد خطوات منه قبل جولة الإعادة بفعل دعم المجلس العسكري و أجهزة الدولة المختلفة .
الموقفان اللذان ظهرا كقرارات لإرهاب الإخوان , و تهديدهم , تسببت بشكل مباشر , في تكتل ضخم و حشد كبير لصالح مرسي , لدرجة أن من أدلوا بأصواتهم في جولة الإعادة بلغوا 25575973 صوتا بزيادة عن 23 مليونا و 672 ألفا الذين صوتوا في الجولة الأولى بلغت مليون و 900 ألف ناخب , مما يعني فشل دعوي المقاطعة التي لم تؤثر نهائيا في سير العملة الانتخابية .
الفارق المتقارب بين كلا المرشحين الذي لا يزيد علي 800 ألف صوت , بعد حصول الدكتور مرسي علي 13 مليون و 237 ألف صوت , مقابل 12 مليونا و 383 ألفا و 973 صوتا لشفيق , يكشف عن طبيعة المتغيرات التي أدخلتها العوامل السابقة .
فالواقع يؤكد لنا أن كتلة الفريق شفيق , حددت موقفها مبكرا , و بالتحديد منذ دخوله في جولة الإعادة , مع زيادة طفيفة لصالحه في الأيام الأخيرة , بفضل الخطابات التي عكف علي إعدادها محترفون كبار في مجال الإعلام , تتخلها تسريبات أمنية موجهة , تبين لنا ما هي الجهات التي تقف بالفعل وراء الفريق و هي المجلس العسكري و المخابرات العامة و حكومة الجنزوري .
أما مرسي الذي حصل في الجولة الأولي علي 5 ملايين و 764 ألف و952 صوتا , فقد بدأت كتلته في التزايد ببطء شديد في ظل تخوف التيار المدني و الأقباط من الإخوان , و انقسام هذا التيار , إضافة إلي العثرات التي بدأ يضعها حمدين صباحي حصان الجولة الأولي من الانتخابات , بإعلانه المقاطعة , و هو ما لاقي قبولا كبيرا لدي مؤيديه بالفعل لكنه أظهر فشله الكبير في يوم الاقتراع .
حيث أن الدعوات للمقاطعة التي صمدت منذ جولة الإعادة 24 مايو لمدة 21 يوما , تكسرت و انتهي معظمها بسبب القنبلتين الصادمتين اللتين ألقت بهما الحكومة و المجلس العسكري و هما الضبطية القضائية و حل البرلمان .
فحل البرلمان و ما سبقه من قرار الضبطية القضائية , اعتبره الثوار و معظم القوي السياسية , بمثابة انقلاب من العسكر علي شرعية البرلمان , و علي الثورة مع شعورهم بعد الأحكام في قضية مبارك بأن هناك أيدا تعبث في العلن لإجهاض الثورة , فقرر مئات الآلاف ممن كانوا قرروا المقاطعة أو كانوا مترددين بين المرشحين أن يحسموا صوتهم لصالح مرشح الثورة الوحيد المتبقي .
فمثلا يكتب إسلام حمدي خريج كلية الطب ' يعلم الله أن صوتي لم يكن لمحمد مرسي في الجوله الأولي , و كانت نيتي إبطال صوتي أو مقاطعه جولة الإعادة , لكن اختلاق الكذب و قول الزور جعلني أعطي صوتي للدكتور محمد مرسي إنصافا للحق و كرها في الكذب و قلب الحقائق ' , و مثله تعلن سحر محمد الطالبة بالجامعة الألمانية , عن دعمها لمرسي رغم قراراها السابق بالمقاطعة .
لكن الواقع يشير فعليا إلي مقاطعة مئات الآلاف أيضا للانتخابات , و هو ما يطرح سؤالا ' إذن كيف ارتفع التصويت في جولة الإعادة إلي ما يزيد علي 25 ألفا مقابل 23 ألفا في الجولة الأولي ' , و هو ما يعيدنا إلي طائفة من قاطعوا في الجولة الأولي , و هم نوعان , النوع الأول من السلفيين الذين كانوا مع المقاطعة , و لكن تجاربهم السابقة مع أمن الدولة , دفعتهم للحشد لمرسي , و مجموعة أخري تري منذ البداية أن الانتخابات لن تحسم من الجولة الأولي , و بالتالي تخرج فقط في جولة الإعادة , أما النوع الثاني , فيتعلق ببقايا الحزب الوطني المنحل و أتباعهم , الذين كانوا يرون في محاولة إعادة وجودهم من تحت الرماد من خلال الجولة الأولي محاولة مستحيلة , و لكن إعادة شفيق رشحتهم لتحفيز كل إمكاناتهم من أجل الوصول لأهدافهم في اعادة الفساد من جديد .
شفيق ارتفع عدد المواطنين الذين أدلوا بأصواتهم لصالحه , رغم الحملة الشرسة المناهضة لهم , من 5 ملايين و 505 آلاف و 327 صوتا في الجولة الأولي , أضاف إلي رصيده رقما ضخما في المعادلة يقارب 7 ملايين ليرتفع إجمالي ما حصل عليه إلي 12 مليونا و 383 ألفا و 973 صوتا , يمكن أن يكون جزءا منها من كتلة عمرو موسي , و التي تجاوزت 2 و نص مليون صوت , و جزءا من الكتلة غير المقاطعة فيمن أدلوا بأصواتهم لحمدين صباحي في الجولة الأولي , و بعض كارهي الإخوان بشكل مطلق في حملة أبو الفتوح , بالإضافة لنشاط الفلول المكثف في جذب أصوات لمرشحهم عن طريق الرشاوى الانتخابية .
أما كتلة مرسي الجديدة التي أضيفت إلي 5 ملايين و 764 ألف , فقارب عدد الذين أضيفوا لرصيده في الإعادة 7 ملايين و نصف , يمكن أن تكون النسبة الأكبر منهم من كتلة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح التي تتجاوز 4 ملايين ناخب , بالإضافة لجموع السلفيين , و معهم الثوار الذين اعتبروها معركة الدفاع الأخير عن الثورة , و طبعا نسبة من الكتلة غير المقاطعة في كتلة حمدين صباحي .
كما أن تغير خطاب الدكتور مرسي بعد الجولة الأولي , و تركيزه علي فكرة أنه مرشح للمصريين و ليس فقط للتيار الإسلامي ساهم , و إن كان بشكل غير كبير , في التحولات لصالحه , و في المقابل ربما ساهمت أيضا تصريحات و ردود الفريق شفيق , بعيدا عن الخطابات المكتوبة و المؤتمرات الصحفية , في تأييد البعض لمرسي علي حسابه .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق