‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات صحفية مختارة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات صحفية مختارة. إظهار كافة الرسائل

الثورة تغرق في مستنقع الثورة المضادة وائل قنديل


اظن انه بعد هذا المؤتمر الفكاهي الهزلي الركيك لسيادة اللواء ' الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان ' يحق لاي مواطن علي ارض مصر ان يقيم حفلات طهور وسبوع وعيد ميلاد للابناء في مركز اعداد القادة , واثق ان ما سيحدث فيها سيكون اكثر عمقا و منطقية و اتزانا مما جري في حفل الرجل الذي يقف خلف جنرالات الثورة المضادة امس.


الرجل يقول بوضوح وبلا ادني مواربة ان ثورة المصريين في يناير 2011 كانت مؤامرة نفذها الاخوان , ويدعو الشعب الي النزول يوم 30 يونيو للانقلاب علي ثورته واستعادة مصر المباركية السليمانية النموذجية الخاصة , ويغترف من اناء الخطاب العكاشي الآسن ويرش علي وجوه المتابعين قفشات ونكات كان من المفترض ان تكون مضحكة لكنها اسالت الدموع حزنا علي الانحطاط الذي اصاب مؤسسات مصر , ولم تسلم منه اجهزة الامن القومي فتحولت الي خرائب فكرية ومعلوماتية وسياسية.

ان الخطاب الصادر عن رجل كان مديرا لمكتب مدير المخابرات ونائبا للرئيس المخلوع يجعل من محاكمة مبارك علي افساد مصر سياسيا وامنيا , واعطاب مؤسساتها واجهزتها واصابتها ب ' العتة ' , ضرورة حضارية واخلاقية , ذلك ان المعني الصريح لهذه الحالة ان مبارك نجح في افساد العقل المصري وتغييب الكفاءة وسحق الجدارة و المهارة و اللياقة , وكرس قيما ومعايير مخجلة للترقي و الصعود.

غير ان هذا الخطاب علي ركاكته وتهافته وتفاهته يعد فرصة اخيرة للثوار الحقيقيين لكي يقفوا امام مرايا ضمائرهم ويتبينوا مواقع اقدامهم وعلي اية ارضية يقفون وفي اي مسار يتحركون باتجاه جحيم الثلاثين من يونيو.

لقد قطع اللواء الشك باليقين واعلن بوضوح تام ان الثلاثين من يونيو هو الموعد المضروب لقوي الثورة المضادة لكي تنفذ انقلابها وتجهز علي ما تبقي من ملامح وآثار لثورة يناير , وعلي ذلك من المنطقي ان يراجع ذوو الشهداء واصدقاؤهم ورفاقهم موقفهم قبل ان يجدوا انفسهم فجاة مجرد ادوات في ايدي جحافل الثورة المضادة ومقاولي الغضب الذين يلعبون كل الادوار.

ان الصورة باتت واضحة الآن , و اللاعب الرئيسي في محرقة 30 يونيو بات معروفا لكل ذي بصر وبصيرة , وهو من يحشر المصريين الآن في خلاط الشائعات و التسريبات العملاق ويرجهم رجا معلوماتيا احترافيا , ليقول لهم في نهاية المطاف انهم لا خيار لهم سوي الجحيم او التبرؤ من ثورة يناير.

واكرر للمرة المليون ما قلته من قبل ' ان اخطر ما يمكن ان تصاب به المعارضة المصرية الحقيقية ان تسمح بعلاقات تجاور و التقاء مع معارضات اخري فاسدة ومزيفة , لمجرد ان الخصم واحد , لان المهزوم في هذه الحرب غير المقدسة لن يكون النظام الحالي ولا الاخوان ولا الاسلام السياسي , بل ستكون مصر كلها هي المهزومة , وستكون ثورة يناير هي وقود الحرب واشلاؤها ودماؤها , لينفتح مشهد النهاية علي عودة النظام القديم بكامل عداده وعدته.

تخيروا لغضبكم ونقوا ثورتكم من الملوثات ايها السادة.

أمريكا تدخل غينيس في النذالة أحمد منصور


لم تتعرض الولايات المتحدة الامريكية لفضيحة تسريب للوثائق كما تعرضت علي يد الاسترالي جوليان اسانج مؤسس موقع ويكليكس , الذي سرب مئات الآلاف من الوثائق خلال الخمس سنوات الماضية مما اوقع الولايات المتحدة في حرج بالغ امام اصدقائها وحلفائها , وقد لعب الجندي الامريكي برادلي ماننج الذي يحاكم الآن بتهمة تسريب الوثائق الدور الاساسي في تزويد اسانج بحجم كبير من الوثائق العسكرية كان من ابرزها الفيلم الذي اظهر طائرة مروحية امريكية وهي تطلق الرصاص ببرود تام علي عدد من المدنيين العراقيين كان من بينهم صحفيون فقتلهم مما شكل فضيحة كبيرة لسلوكيات الجيش الامريكي في العراق كشفت عن الكثير من العمليات المشابهة , وقد لاحقت الولايات المتحدة جوليان اسانج بكل الوسائل الممكنة واستنزفته نفسيا وماليا في ملاحقات قضائية في بريطانيا , وفي النهاية لجا الي سفارة الاكوادور في لندن طالبا للجوء السياسي ولازال يقيم فيها منذ اكثر من عام ,


حيث لم يتوقف طوال فترة ملاحقته عن نشر المزيد من الوثائق , لكن الولايات المتحدة لم تكد تفيق من فضائح تسريب وثائقها عبر موقع ويكيلكس حتي قام ادوارد سنودن الموظف السابق لدي وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية سي آي ايه الذي لا يزيد عمره علي 29 عاما بتسريب معلومات عن قيام الولايات المتحدة بالتجسس علي ملايين الامريكيين فضلا عن اختراق انظمة وشركات الاتصالات في دول كثيرة و التجسس علي مستخدمي خدماتها , وقال سنودن في تصريحات نشرتها صحيفتي ' الواشنطن بوست الامريكية ' و ' الجارديان ' البريطانية في 5 و6 يونيو الماضي ' ان وكالات الاستخبارات الامريكية جمعت سجلات متعلقة بملايين المكالمات الهاتفية وراقبت بيانات الانترنت المتعلقة بها ' كما قامت وكالة الامن القومي الامريكي بالتنصت علي الكومبيوترات الرئيسية التابعة لتسع شركات انترنت منها الفيسبوك وجوجل ومايكرو سوفت وياهوو ورصدت الاتصالات التي كانت تجري عن طريق الانترنت عبر برنامج يسمي ' بريزم ' ورغم نفي الشركات كلها ان تكون قد سمحت للسلطات الامريكية بالاطلاع علي البيانات الخاصة بها المخزنة في كمبيوتراتها الرئيسية الا ان جيمس كلابر رئيس المخابرات الامريكية اعترف بان حكومة بلاده قد جمعت معلومات من الشركات التي تقدم خدمات الانترنت عن استخدام غير الامريكيين للشبكة الدولية من خلال الاطلاع علي البريد الالكتروني وموضوعات البحث.

واضطر الرئيس الامريكي باراك اوباما ان يخرج في 7 يونيو الماضي ليدافع عن برامج الحكومة الامريكية لمراقبة الهواتف و الانترنت قائلا انها حظيت بموافقة الكونجرس و القضاء الامريكي.

واضاف اوباما في اطار التبريرات ' لا نستطيع الحصول علي 100 في المائة من الامن و100 في المائة من الخصوصية , وصفر من الازعاج ' .

لكن سنودن الذي لجا الي هونج كونج ومنها انتقل الي روسيا ثم الي كوبا انتظارا لطلب تقدم به للجوء الي الاكوادور التي سبق ولجا اسانج الي سفارتها , لم يتوقف عن تقديم معلومات محرجة كل يوم عما تقوم به امريكا بالتجسس علي دول العالم وعلي راسها الصين التي اعربت عن قلقها البالغ مما ذكره سنودن وتقدمت بشكوي للولايات المتحدة لكني وجدت وكالة انباء الصين الجديدة لخصت سلوك الولايات المتحدة في عبارة موجزة جميلة فقالت ' ان الولايات المتحدة هي اكبر نذل في عصرنا ' .

العنف القبيح يطل برأسه على مصر فهمي هويدي


يصدمنا قتل اربعة من الشيعة في احدي قري الجيزة , وتتضاعف الصدمة اذا ادركنا انّ الجريمة التي وقعت يوم الاحد 23/6 هي احدي حلقات مسلسل العنف الذي تشهده مصر في الوقت الراهن , من مذبحة استاد بورسعيد الي احراق منازل البهائيين في قرية الشورانية بسوهاج , الي عنف المتظاهرين حول قصر الاتحادية بمصر الجديدة ومقر الاخوان بالمقطم , الي وقوع 25 حالة سحل للخارجين عن القانون خلال الاشهر الستة الاخيرة , الي ظهور ما سمي بجماعة ' بلاك بلوك ' وشيوع استخدام قنابل المولوتوف في المظاهرات العادية , وقتل احد متظاهري الاخوان في الفيوم و الهجوم علي المحال التجارية لاعضاء الجماعة في كفر الشيخ ومحاولة اقتحام وحرق مقر حزب النور في المحلة الكبري.


الي غير ذلك من القرائن التي سبقها اعتداء البعض علي كنائس الاقباط , وكلها تشير الي انّ العنف بصدد ان يصبح ظاهرة جديدة بصدد التشكل في المجتمع المصري الذي تتعرّض قيمه لاهتزازات عدة في الوقت الراهن.

قصة قتل الشيعة التي تحدث لاول مرة في مصر نموذج يستحق الدراسة و التحليل , ذلك انّ احد الذين اعتنقوا المذهب من ابناء بلدة ابو النمرس بمحافظة الجيزة فرحات عمر خطاب , شهرته شحات وهو عامل بياض عمره 45 سنة , دعا الي اجتماع في بيته ضم 34 شخصا من المتشيعين , بينهم احد قيادييهم , اسمه حسن شحاتة 70 سنة.

وسواء كان الهدف من الاجتماع هو الاحتفال بذكري ميلاد امام الشيعة الغائب محمد حسن العسكري ام لا , فالشاهد انّ الامر اثار حفيظة اهل القرية وبينهم عدد غير قليل من السلفيين ,

وحسب المعلومات الامنية فانّ نحو خمسة آلاف شخص من اهالي القرية هاجموا البيت واعتدوا بالضرب بصورة وحشية علي المجتمعين انتهت بسحل سبعة اشخاص , قتل منهم اربعة , وحاول آخرون احراق البيت بالقاء قنابل المولوتوف عليه الاّ انّ الحريق جري احتواؤه بسرعة.

شريط الفيديو الذي سجّل الاعتداء ظهرت فيه قسوة وفظاظة المعتدين , حيث بدا جليا انّهم يختزنون قدرا هائلا من المرارة و الغضب ازاء المجموعة المحتجزة ,

ولا شك انّ هذا الذي حدث في بلدة ابو النمرس ليس مقطوع الصلة بحملة التعبئة و الكراهية واسعة النطاق التي شنّها الدعاة السلفيون ضد الشيعة عبر مختلف المنابر و القنوات خلال الاسابيع التي خلت ,

وهم الدعاة الذين ادّعوا انّ عقائد اهل السنّة المصريين مهددة بالاختراق الشيعي , وزعموا انّ الشيعة اشدّ خطرا علي الامة من الاسرائيليين , وروّجوا لفكرة انّ حزب الله حين ارسل قواته الي القصير فانّه كان يمثّل احتشادا شيعيا علويا في مواجهة اهل السنّة في سوريا , يتوازي مع عملية الاستقطاب الحاصلة في العراق , و التي قسمت البلدين الشيعة و السنّة و الاكراد.

عملية الشحن هذه عبّات قطاعات غير قليلة من عوامّ المصريين بمشاعر النفور و الكراهية للشيعة , وقد ذهبت الابواق السلفية في ذلك الي مدي بعيد , وكان للقنوات التليفزيونية التي تبثّ احاديث شيوخها دورها المؤثر في ذلك , ذلك انّها اسهمت بدور فعّال في اشاعة الكراهية.

وقد سمعنا انّ احد مشاهيرهم في المهرجان الذي حضره الرئيس مرسي في الاستاد وهو يصف الشيعة بالروافض الانجاس , وهو الوصف الذي شاع في خطب بعض ائمة المساجد.

حين يعبّا العوام علي ذلك النحو , فانّهم عندما يهاجمون بيتا اجتمع فيه نفر من الشيعة فاغلب الظن انّهم يعتبرون فعلتهم خدمة للاسلام وتطهيرا لساحته من اولئك ' الروافض الانجاس ' .

سنحتاج الي وقت اطول ودراسة اوفي واعمق كي نقرر انّ سلوك المصريين قد تغيّر وانّ العنف صار ظاهرة متوطنة في بلادهم ,
لكننا نستطيع ان نسجّل عدة عوامل ارجّح انّها اسهمت في التاثير علي السلوك الجمعي في المرحلة الراهنة منها ما يلي :

تراجع قيمة التسامح في المجتمع , غياب لغة الحوار بين الفرقاء السياسيين وتقديمهم التقاطع علي التواصل , ولجوؤهم الي استخدام العضلات و الحناجر في حسم خلافاتهم ,

غياب سلطة القانون وتراجع حضور الشرطة مع ارتفاع منسوب الجراة في المجتمع ,

تراجع هيبة الدولة في ظل ضعف اداء وحضور الحكومة جراء الممارسات غير المنضبطة لقيم الحريات العامة ,

اختفاء المؤسسات و الاوعية التي تمثّل المجتمع وتسهم في ترشيد سلوك المواطنين و التعبير عنهم , الامر الذي دفع كثيرين الي محاولة تحصيل حقوقهم او تصفية حساباتهم بانفسهم , بطء التقاضي بسبب الاثقال الهائلة التي يتحمّلها ذلك المرفق الذي يعمل به ما بين 16 و17 الف قاض , مطلوب منهم الفصل في نحو 16 مليون قضية.

يعرف اهل الاختصاص انّ ثمة بيئة سياسية واجتماعية تستخلص من الناس افضل ما فيهم , واخري مناقضة تستخرج منهم اسوا ما فيهم.
واخشي ان يطول بقاؤنا في تلك الحالة الاخيرة.

وقد صادفنا ظروفا مواتية تحدّثنا فيها وتحدّث غيرنا عن فضائل المصريين , الاّ انّنا نحتاج الي قدر من الثقة و الشجاعة يسمح لنا بنقد رذائلهم التي جعلت العنف يطلّ بوجهه القبيح في جنبات ' ام الدنيا ' .

عماد الدين حسين يكتب : هذا ما سيحدث فى يوم 30 يونيو


كلما قابل احدنا شخصا يبادر بسؤاله فورا : ماذا سيحدث يوم 30 يونيو ؟!.

نتذكر ان المصريين كانوا يسالون انفسهم منذ تنحي مبارك وحتي انتخاب مرسي سؤالا واحدا هو : ' البلد رايحة علي فين؟ ' .

الآن معظمنا يعرف الي اين ذهب البلد , وربما بعضنا يعرف ايضا الي اين يمكن ان يذهب اكثر.

هل احدكم يملك اجابة شافية عما سيحدث يوم 30 يونيو او قبلها بقليل او بعدها؟!.

اذا استجاب الرئيس و الاخوان و المعارضة لدعوة القوات المسلحة بتغليب مصلحة الوطن ستنتهي الازمة , و الترجيحات ان بيان الجيش سيهدئ من الازمة كثيرا , اما اذا ' ركب كل طرف دماغه ' فكل الاحتمالات واردة.

في هذه الحالة او السيناريو الكابوسي لا احد يملك الاجابة الشافية , بل ان بعض اجهزة الامن التي يفترض انها تملك المعلومات وخريطة القوي وتحركاتها المحتملة لا تعرف. لكن ربما هناك قوي شيطانية تريد تحويل اليوم الي حفلة دموية , ندخل بعدها في نفق لا نعرف كيف نخرج منه.

كثيرون يفتون ويتحدثون بثقة يقينية عن سيناريوهات محددة , يعتمد معظمها علي شائعات حينا وتمنيات في اغلب الاحيان.

لكن اظن وارجو الا اكون مخطئا ان العامل الرئيسي في تحديد طبيعة يوم 30 يونيو هو حجم الحشد الجماهيري الذي ستتمكن من تحقيقه المعارضه.

المظاهرة الحاشدة للاخوان وغالبية قوي الاسلام السياسي في ميدان رابعة العدوية يوم الجمعة الماضي تعتبر بلغة كرة القدم هدفا مبكرا سجله الاسلاميون في مرمي المعارضة في مباراة الذهاب . و لذلك سيكون يوم 30 يونيو بمثابة مباراة الاياب . و بنفس اللغة فان المعارضة مطالبة اولا ان تحقق حشدا مماثلا علي الاقل بل و ازيد منه حتي لا تلجا الي لعب وقت اضافي , و ربما قاعدة الهدف الذهبي .

اذا قل الحشد عن نظيره الذي تحقق في رابعة العدوية فسوف يكون بمقدور التيار الاسلامي ان ' يفتح صدره ' و يقول انظروا : ' نحن اكثر منهم عددا و اعلي صوتا , فلماذا نترك لهم السلطة ؟! ' .

اذا كان حشد 30 يونيو ضعيفا فان الاطراف الفاعلة محليا و التي لا تزال مترددة سوف تحسم قرارها و تنحاز الي معسكر الرئيس و الاخوان .

و نفس الامر ينطبق علي الاطراف الفاعلة اقليميا و دوليا .

السيناريو الثاني ان تنزل اعداد ضخمة من المصريين الي الميادين الكبري في القاهرة و المحافظات و تظل معتصمة فتصل رسالة الي الرئيس و جماعته بان غالبية الشعب لا يريدونهم . و في هذه الحالة هناك سيناريوهان الاول : ان يستجيب مرسي لمطلب الانتخابات المبكرة او يبقي لكن يُجري تعديلا جذريا في سياساته , و الثاني ان يبقي حتي نهاية فترته , و بالتالي يمكن ان تتطور الامور الي اشتباكات دامية بين المعسكرين .

اذا حدث ذلك ايضا لا قدر الله فان الذي سيحسم الامور هو الطريقة التي ستتصرف بها الشرطة اولا , و هل ستلتزم الحياد فعلا ام تنحاز لطرف ضد آخر ؟!

اما العامل الاكثر حسما و ترجيحا فهو الطريقة التي سيتصرف بها الجيش و ما هي حقيقة ما دار بين مرسي و السيسي قبل بيان الجيش و بعده ؟

في كل الاحوال نحن مقبلون علي ايام صعبة للغاية الا اذا فاجانا مرسي بخطاب قصير يعلن فيه انه قرر اتخاذ مجموعة من القرارات الكبيرة التي تنزع التوتر و تعطي اشارة اساسية بانه صار فعلا رئيسا لكل المصريين .

كيف تصنع الشائعة و يروج لها في مصر أحمد منصور


صناعة الاشاعات و ترويجها حرفة , فمن الممكن ان تصنع اشاعة لكنك تعجز عن ترويجها , و في مصر يتم صناعة عشرات الاشاعات كل يوم و ترويجها بشكل عالي المستوي , و تتوقف نوعية الشائعات وشكلها علي الجهات و الاشخاص المستهدفين من ورائها . اما الجهات التي تصنع الشائعات وتروجها فانها تتنوع بين اجهزة امنية او احزاب سياسية او صحفيين من الذين يستاجرون لمن يدفع فيصنعون الشائعة ثم يروجونها ويتركون الطرف المتضرر منها ينفي او يسكت , حتي صارت بعض الجهات في مصر و علي راسها الجيش ومؤسسة الرئاسة ليس لها عمل كل يوم سوي نفي الشائعات التي تروج عنها .

و علي سبيل المثال لا الحصر حينما اجتمع الرئيس مرسي مع وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي مساء الاحد الماضي صورت بعض وسائل الاعلام الاجتماع وكانه شبه انقلاب عسكري , ربما تكون الظروف التي تمر بها مصر دعت صانعي الشائعات الي ذلك , كما ان حجم الشائعات التي نشرت بعد الاجتماع لا حدود لها و كثير منها يضر بالامن و الاستقرار في البلاد , و لا نستطيع هنا ان نطلب من صانعي الشائعات ان يكفوا فهذه حرفتهم لاسيما اذا كان من ورائها جهات تلعب في امن مصر واستقرارها ويهمها ان تبقي البلبلة و الاكاذيب و الوقيعة قائمة في المجتمع لخدمة جهات واطراف خارجية او داخلية لا يهمها ان تستقر مصر او تنجح ثورتها او يدخل شعبها مرحلة الانتاج واستعادة مجد مصر ومكانتها , ولعل الرئاسة تتحمل القسط الاكبر من مسئولية سلبية نشر هذه الشائعات بسبب اسلوبها في علاج الازمات التي تمر بها البلاد .

لا يمر يوم دون ان يستهدف الجيش او المؤسسات الامنية بالشائعات , و من يتابع هذه الشائعات يجد ان صناعها يضربون امن مصر القومي بعمق , و اذا راقبنا اداء الجيش المصري خلال العام المنصرم نجد ان عملية اعادة بناء الجيش تجري علي قدم وساق من خلال التدريبات و المناورات واعادة التسليح بعدما ترهل الجيش لسنوات طويلة في ظل مبارك , كما ان الجيش لم يعد يتدخل بشكل مباشر في مجريات السياسة رغم محاولات الساسة الفاشلين جره الي الساحة من جديد , ان حماية جيش مصر هي مسئولية كل مصري وان كل الشائعات و الاقاويل التي تريد النيل من الجيش او جره الي ساحة السياسة مرة اخري وابعاده عن استراتيجية اعادة بنائه مصدرها هو اسرائيل واعداء مصر ومن يروجها فانه يخدم اعداء مصر ويجب ان يحارب المصريون الشائعات وان يتفرغوا لبناء بلدهم , يكفي ان الذين حكموا مصر خلال الستين عاما التي سبقت الثورة اخرجوها من الوجود وهمشوا دورها في كل المجالات , وقد كانت مصر علي مدار التاريخ منارة للعلم و الثقافة و المعرفة و الحضارة , وآن لشعب مصر ان يعيد لمصر ما كانت عليه , وان يحارب الاشاعات وصانعيها , الشعوب المنتجة العاملة لا مجال للشائعات في حياتها , اما الشعوب الفارغة فانها تصنع الشائعات و تعيش في اوهامها حتي تبقي بعيدة عن صناعة الحياة , و شعب مصر ليس كذلك و لن يكون , و جيش مصر يجب ان يبقي مصونا حتي يتفرغ لحماية البلاد من المكائد و المؤامرات .

نادر بكار يكتب الرقص على جثة الوطن


الحشد و الحشد المضاد . العنف و العنف المضاد , القتل علي هويةٍ و سمتٍ اسلامي امام تحريضٍ سبق و لايزال مستمرا ضد المخالفين ورميهم بالكفر و النفاق -- . كلها مقدمات ٌمنطقية لنتيجة كارثية يعلم الجميع حتمية وقوعها اذا استمرت عجلة الفتنة في الدوران لا يوقفها عاقل .

نعم -- . من حق الملايين ان تخرج للتعبير عن رايها المعارض للنظام يوم 30 يونيو طالما التزمت سلمية الاداء ومن حقها الا يزايد احد ٌعلي وطنيتها فضلا عن الا يزايد علي دينها او ان يسارع في اتهامها بالنفاق .

و من حق مؤيدي الرئيس كذلك ان يختلفوا مع هؤلاء في رايهم ويسلكوا مسلكا مغايرا طالما التزموا بدورهم كف الاذي عمن خالفهم .

و من حقنا ايضا بل من واجبنا ان نحذر هؤلاء وهؤلاء من ان يكون الهرج يوم 30 يونيو هو سيد الموقف بحيث لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قُتل -- . من واجبنا ان نذكر الجميع بحرمة سفك الدماء المعصومة سواء اكانت لمسلمين او لمسيحيين -- -- من واجبنا ان ندق ناقوس خطر الفوضي الشاملة التي لن تبقي ولن تذر .

تصريحات منصة الجمعة الماضية جمعة الحادي و العشرين من يونيو سكبت مزيدا من الوقود علي نار الفتنة بدلا من ان تكتفي بالتظاهر السلمي الذي نعتبره احد اهم مكتسبات الثورة -- . اتت لتستفز مشاعر العدوانية عند عموم الشعب المصري الذي احس بالغربة داخل وطنه .

و كان الاكثر اثارة للاستهجان هو استمرار ابتذال الشريعة للحد الذي تُصبح به اداة تهديدٍ وترويع للبسطاء ٍ علي السنة من يدعون انتماء للدعوة الاسلامية .

التغطية علي سياسات ادارية ٍفاشلة بزعم الدفاع عن الشريعة سلوكٌ يدل امَّا علي عصبيةٍ جاهلية خلقها فهم ٌمغلوط ٌ يعتبر الاشخاص و الجماعات منزهين عن الخطا نزاهة الاسلام نفسه , او هو تعمدُ دغدغة مشاعر الملايين لاستخدامهم مطية لتثبيت نظامٍ حكم ٍلا شرعا طبق ولا فتنة واد .

لا يظنن احد ٌ انه لو حدث اقتتال ٌبين ابناء الوطن فان ثمة فائزا يستطيع حسم النزال لصالحه -- . بل الامر المؤكد انه ان يجد من بقايا الوطن الا جثة هامدة ليرقص عليها ابتهاجا بنصرٍ زائف مزعوم .

قبل 30 يونيو أسبوع الانحطاط و دق طبول الدعاية السوداء استعدادا للحرب القذرة وائل قنديل


من الآن وحتي 30 يونيو هيئ نفسك لاستقبال احط منتجات آلة الحروب القذرة , من الحرب النفسية الي الدعاية السوداء , مرورا بحرائق طائفية وتفجير لازمات معيشية ' لعبة الوقود تم استئنافها مرة اخري بمنتهي النذالة ' واطلاق دوامات من العنف المجتمعي.

وبالتزامن مع الجريمة التي تنتمي الي الجزء المعتم من ابشع عصور الجاهلية في زاوية ابومسلم بالهرم عادت مرة اخري ازمة البنزين بعد طول غياب , وبدات مافيا الوقود في استخدام سلاح ' 95 ' جنبا الي جنب مع فلول تهريب السولار والقائه في المصارف و الصحراء.

وفي هذه الاثناء تنشط ماكينة الدعاية السوداء في ضخ كميات اضافية من الفزاعات و الاخبار الملفقة التي تفضي في نهاية المطاف الي تقديم صورة مخيفة للمصريين عن غياب الدولة وذوبانها في محيط هائل من حروب القبائل.

وفي السياق ذاته تعود مرة اخري عمليات الايهام و الايحاء الكذوب بصراع بين الجيش ورئيس الدولة وتدهشك هذه الجراة في التحدث باسم القوات المسلحة وترويج حكايات وحواديت علي لسان تلك ' المصادر العسكرية المسئولة ' عن وجود خلافات وصدامات بين القوات المسلحة و القائد الاعلي للقوات المسلحة , وكان الجميع ذاهبون الي الانتحار معا في حرب قبلية بلا اي سقف اخلاقي او انساني.

ان الساعات الماضية شهدت تكثيفا غير مسبوق لضربات تنتمي قلبا وقالبا الي عصابات النظام القديم , بتداخل ملحوظ من جانب القوي الخارجية التي تبدو بصماتها واضحة تماما في جريمة نحر اربعة اشخاص علي مذبح الطائفية , ولا يمكن الفصل بين هذه البشاعة غير الانسانية وبين ما يجري في مدينة صيدا اللبنانية , وقبلهما ما دار ويدور في مناطق متفرقة من خارطة مصر سالت فيها دماء بسكين الهمجية في الفيوم و المحلة الكبري ودسوق , وكلها عمليات قتل علي الهوية.

اذن فالرسالة واضحة للغاية ومضمونها ان جحافل الانتقام من مصر ما بعد 25 يناير قررت الآن ان تلقي بورقة ' اللبننة ' و ' العرقنة ' في الملعب المصري لهدم المعبدو احراقه علي رءوس الجميع كوسيلة لاعادة ما اسقطه المصريون في فبراير 2011 العظيم.

وعلي ضوء ذلك يمكن قراءة الرسالة التي وجهها القائد العام للقوات المسلحة امس و التي اشتملت علي ثلاث نقاط جوهرية هي عدم السماح بانهيار مؤسسات الدولة , ثم حماية الارادة الشعبية , و الحفاظ علي الدم المصري ضد مجموعات لا تخفي توجهها في استخدام السلاح لاراقة الدماء المصرية.

وازعم ان هذه الرسالة وصلت لمن يهمه الامر وقد قراها جيدا وفهمها , فيما بقي بعض المخدوعين و المخادعين من اهل الدعاية السوداء يقدمون شروحات وتفسيرات ظاهر فسادها لسطورها , لتوظيفها في اطار تلك اللعبة الدنيئة لصناعة مشهد جزائري قاتم في مصر.

ان ما يلعب عليه بارونات الحرب النفسية هذه الساعات هو اغراق المواطن في دوامات من الفزع و الاحساس باللاجدوي , من خلال محاولة حشو راسه بانه لا يوجد نظام سياسي متماسك ولا توجد ملامح دولة مستقرة في مصر , وفي ذلك يتم استخدام ضخ كثير من الشائعات و التخرصات علي لسان مصادر مجهلة , بعضها يقال انه ' عسكري مسئول ' للاسف.

واحسب ان علي الدولة المصرية ان تراف باعصاب المصريين في هذه الايام الكئيبة وتوقف فوضي التصريحات المبهمة علي السنة مصادر مختبئة , بان يكون هناك متحدث واحد معلوم يخاطب المصريين , لحظة بلحظة بدلا من تركهم نهبا لمافيا الكذب و الفزع.

فهمي هويدي يكتب عن : شجاعة التراجع عن الأخطاء


ليس الاقدام وحده الذي يحتاج الي الشجاعة , لان الانسحاب و التراجع ايضا يحتاج الي الشجاعة. واذا كان الاقدام في ظروف استثنائية يعد من قبيل الترف و السفاهة , فان الانسحاب غالبا ما يكون من علامات الانكسار و الهزيمة , اقول ذلك بمناسبة اعلان استقالة محافظ الاقصر الجديد من منصبه , بعد الاعتراضات التي قوبل بها تعيينه من جانب الفعاليات السياسية بالمدينة , ومن جانب بعض المعنيين بامر السياحة في مصر.

اذهب الي ان استقالة الرجل التي انحازت اليها الجماعة الاسلامية وحزب البناء و التنمية الذي يمثلها هي من ذلك الطراز الذي يتطلب شجاعة في الراي وبعدا في النظر , واعلاء شان المصلحة العامة.

وهي من ذلك القبيل الذي يكبر به صاحب القرار , لانه يخسر موقعا حقا لكنه يكسب موقفا. كما سبق ان قلت. ذلك ان الامر يبدو له بحسبانه تناقضا بين الوظيفة و القيمة ومن ثم يبدو المرء صغيرا اذا انحاز الي الوظيفة وكبيرا اذا زهد فيها وظلت عيناه مصوبة نحو القيمة وهي في حالتنا تتمثل في المصلحة العليا للوطن.

بسبب الجدب السياسي الذي نعيش في ظله فان الناس عادة ما يكبرون ويصبحون نجوما حينما يجلسون في مقاعد الحكم , ونادرا ما تعرف الساحة السياسية كبارا ممن هم في غير واجهات السلطة و الحكم , اما في الديمقراطيات المستقرة فان السياسيين يكبرون وهم بعيدون عن السلطة ولا تضيف اليهم المناصب الكثير , ولذلك فان استقالة المسئول في تلك الديمقراطيات لا ينتقص من وزنه كثيرا.

كان من الممكن ان يباشر محافظ الاقصر الجديد وظيفته وهو في حماية الاجهزة الامنية وربما ايضا اعضاء الجماعة التي ينتمي اليها. وفي وضعه ذلك فان صورته ستظل مجرحة وشرعيته مطعون فيها , لانه سيظل نموذجا للمسئول الذي لا يحيط به شعبه , بل يخشي شعبه , ولا يتوفر له الامان الا اذا احتمي بعناصر الامن وبخاصته.

ثمة مبدا شرعي يستند الي حديث لم تتاكد قوته يقول : من ام قوما وهم له كارهون وجبت له النار , وهذا المبدا يرد به عادة علي حديث اخر يقول : صلوا خلف كل بر وفاجر , لكن النظر الفقهي انحاز الي الراي الاول وايد فكرة رفض صلاة المسلمين وراء من لا يحبون , باعتبار ان رضا الناس وقبولهم امر لابد له , حتي في صلاة الجماعة.

لست اشك في ان المهندس عادل الخياط باستقالته صار اكبر في عيون الكثيرين , كما ان الجماعة الاسلامية بالقرار الذي اتخذته في هذا الصدد سجلت نقطة اضافية لصالحها ازعم انها ستسهم في تقديمها في صورتها التي استجدت بعد المراجعات الفكرية التي قدمتها , وحرصت علي ان تلتزم فيها بالمشاكة السياسية ضمن القوي الوطنية مع احتفاظها بمرجعيتها الاسلامية.

اذا كانت هذه المقدمة قد طالت فعذري انني اردت ان امهد لفكرة طرات لي سبق ان عرضتها علي بعض من يهمهم الامر , اقترحت فيها ان يقدم كل من رئيس الوزراء و النائب العام استقالتيهما من منصبيهما لنزع فتيل الازمة التي صرنا اليها واوصلتنا الي ما وصلنا اليه الآن.

لقد فهمت ان الرئيس مرسي له حساباته في الابقاء علي الدكتور هشام قنديل رئيسا للوزراء.

من هذه الاسباب انه اذا غيَّره فان ذلك قد يعد تراجعا من جانبه يشجع معارضيه علي الاستقواء عليه ومطالبته بالمزيد , من هذه الاسباب ايضا انه يريد حكومة تسفر عنها الانتخابات البرلمانية ويختارها الشعب , بدلا من حكومة تتشكل في ظل الضغوط الراهنة التي لا يعرف الوزن الحقيقي للقوي التي تقف وراءها.

وكان اقتراحي ان مبادرة الدكتور هشام قنديل بتقديم الاستقالة ترفع الحرج عن الرئيس ولا تضعه في صورة المتراجع , وفي نفس الوقت فانها تحفظ لرئيس الوزراء كرامته , وتجعله يخرج من الوزارة مرفوع الراس وبثقل اكبر في نظر الناس.

وذلك ينطبق علي النائب العام ايضا الذي لا يستطيع الرئيس اقالته بحكم الدستور الجديد , لكنه اذا بادر بالاستقالة من جانبه فسوف يحل الاشكال ويخرج بدوره من المنصب محتفظا بقامته وكبريائه.

ربما كان ذلك راي من لا يري جوانب اخري من الصورة يراها الرئيس. وهو راي قلته في حينه ولم اعلنه لحسابات معينة لكن استقالة محافظ الاقصر شجعتني علي الجهر به , ولا اعرف اذا كان ذلك يمكن ان يسهم في اطفاء بعض مصادر الحريق الذي نحن مقبلون عليه ام لا. لكنه علي الاقل يمكن ان يضاف الي ارشيف المرحلة , ربما افاد احدا من الباحثين في التاريخ

عماد الدين حسين يكتب عن التسريبات الخطيرة و المجنونة قبل 30 يونيو


اتمني ان يكون خبر قيام بعض المعتصمين امام وزارة الدفاع بايقاف اتوبيس نقل عام وتفتيش ركابه بحثا عن الملتحين و المنتقبات غير صحيح ويتم تسريبه وترويجه في اطار الحرب النفسية لحشد انصار التيار الاسلامي وبعض البسطاء قبل 30 يونيو.

واتمني ايضا ان يكون غير دقيق ما نشر مساء اليوم نفسه بان بعض الاخوان اعتدوا علي احد اعضاء حركة تمرد بالضرب المبرح , فرد الاخرون باحراق المحال التجارية لهم ومحاصرة بعضهم في مسجد العمري في مدينة فوة بكفرالشيخ.

ان تثبت صحة هذه الاخبار فاننا نكون قد دخلنا لمرحلة الحرب الاهلية من دون ان نتنبه لذلك.

ان يبادر اي محتج بمطاردة الملتحين و المنتقبات هو سلوك عنصري فاشي ينبغي ان يدان باشد العبارات الممكنة , و الذي يصمت حيال هذا الفعل الاجرامي يتحمل وزرا مماثلا.

مثلما انتقدنا كثيرا سلوكيات بعض المتطرفين في التيار الاسلامي الذين حاولوا تطبيق القانون او الشريعة بايديهم فانه ينبغي ان ندين بنفس الدرجة وربما اشد سلوكيات بعض المعارضين للتيار الاسلامي , لانهم يزعمون انهم اكثر ديمقراطية و التزاما بدولة القانون.

مساء السبت هاجم مجهولون مقر حزب النور بالمحلة ورد حراس الحزب باطلاق النار دفاعا عن انفسهم , وفي مساء السبت ايضا قال الدكتور مراد محمد علي المستشار الاعلامي لحزب الحرية و العدالة ان احد اعضاء الحزب في الفيوم مات متاثرا بجراح اصيب بها علي يد المعارضين , محملا جبهة الانقاذ مسئولية دم هذا الرجل.

الخطوة التالية بطبيعة الحال هي ان اهل هذا القتيل قد يطلبون الثار لابنهم واذا حدث ذلك فان اليوم الذي يفصلنا عن بدء الحرب الاهلية رسميا قد لا يكون بعيدا في ظل هذا الاستقطاب ولغة العنف اللفظي التي تحولت الي عنف فعلي ملموس.

من لا يصدق ذلك عليه متابعة ما يجري في بعض مدن الغربية و الدقهلية و المنوفية وكفرالشيخ , واغلب الظن ان الاسكندرية وغيرها قادمة في الطريق.

نحن ننحدر بسرعة الي كارثة لا يعلمها الا الله و الجميع متهم فيها.

التفتيش في نوايا وضمائر وهويات وديانات وانتماءات الناس كارثة لا تحدث الا في البلدان الفاشية , و السكوت عليها يعني اعطاء حق مماثل لانصار التيار الاسلامي بالصعود الي وسائل المواصلات وضبط غير الملتحي او المسيحي او المعارض , او اي فتاة غير محجبة او منتقبة , وبالطبع فالخطوة التالية هي اقامة الحدود علي غير الملتزمين!!.

الاخوان لا يعلمون حتي الآن او لا يريدون ان يعلموا حجم الازمة التي ورطوا المجتمع فيها حينما مهدوا بتصلبهم الطريق للصراع الاهلي وحسم الامور بالقوة , وحينما سمحوا للغة العنف و الطائفية و التهديد ان تكون هي اساس كلمات الناطقين في مظاهرة رابعة العدوية يوم الجمعة الماضية.

وفي المقابل فان ما لا يدركه من يحملون راية الليبرالية و الديمقراطية ان انتشار هذا النمط من النضال بالمولوتوف و الحجارة و الرصاص واخيرا الدماء ليس في مصلحتهم , لان التيار الاسلامي لديه خبرة عملية كافية وتزيد في هذا المضمار.

ولذلك علي اي عاقل ان يسال : من هو المستفيد الحقيقي من انتشار لغة الدم و النار واستدعاء الطائفية خصوصا هذه الايام؟!.

اسرائيل تنتظر من المعارضة تحقيق الحلم في 30 يونيو أحمد منصور


لم تشعر اسرائيل بحالة من الرضا و الاستقرار تجاه الاوضاع في مصر منذ قيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011 كما تشعر الآن , فالصراع السياسي الحاد بين النظام الحاكم و المعارضة و الحالة الضبابية التي تلف الحالة المصرية تجعل اسرائيل تشعر بارتياح شديد بعدما شكلت الثورة المصرية منذ قيامها حالة من الاضطراب و الخوف داخل صفوف الاجهزة السياسية و الامنية الاسرائيلية لاسيما بعدما جاءت صناديق الاقتراع في انتخابات مجلسي الشعب و الشوري وحتي رئاسة الجمهورية بالاعداء التاريخيين لاسرائيل في مصر و الدول المجاورة لها وهم الاخوان المسلمون.

فالاسرائيليون لم ولن ينسوا دور الاخوان المسلمين في حرب فلسطين عام 1948 وانهم كانوا العدو الحقيقي للعصابات الاسرائيلية في تلك الحرب وان الخسائر الحقيقية للاسرائيليين كانت علي ايدي الاخوان المسلمين , ولم ولن ينسي الاسرائيليون ان العدو الرئيسي الذي يواجههم في فلسطين الآن هو حركة المقاومة الاسلامية حماس التي هي امتداد فكري وسياسي وتنظيمي لجماعة الاخوان المسلمين في مصر.

ومعني ان يكون في مصر نظام داعم لحماس التي تدير قطاع غزة ان اسرائيل في ورطة حقيقية من الناحية الاستراتيجية و العسكرية و الديمغرافية , وان كيانها مهدد بحق حتي وان اعلن النظام في مصر التزامه بكامب ديفيد وان دخلت حماس معها في هدنة , وبالتالي فان ما يجري في مصر لا يمكن ان نقول ان ايدي اسرائيل بعيدة عنه علي الاطلاق وانها المستفيد الاكبر من ورائه , فاسرائيل حتي وهي في ظل معاهدة السلام مع نظام السادات ومبارك كانت تمارس التخريب في مصر بكل الوسائل , بدءا من التجسس ونشر الشائعات و المخدرات و الدولارات المزيفة و الامراض وعلي راسها مرض الايدز الذي تحتل اسرائيل المكانة الاولي في انتشاره عالميا.

كما ان اسرائيل حرصت علي امتصاص خيرات مصر وعلي راسها الغاز الذي تعاني مصر بسبب ندرته الآن فيما تتمتع اسرائيل بخيرات مصر من الغاز رغم اكتشافها آبارا في البحر المتوسط تكفيها حسب تصريحات رئيس حكومتها خمسة وعشرين عاما , الا ان الغاز المصري يصدر لاسرائيل بثمن بخس بينما تشتري مصر الغاز بمبالغ طائلة حتي تدير محطات الكهرباء بها.

اسرائيل تشعر الآن بارتياح شديد من خلال الصراع السياسي القائم بين النظام ومؤيديه و المعارضة التي تهدد بتظاهرات تجبر الرئيس علي التنحي في 30 يونيو القادم , وتطالب باقحام الجيش المصري في الصراع وهو الجيش الذي يهدد اسرائيل في ظل اعادة بنائه مرة اخري و المناورات التي يجريها في كل المجالات و التي كانت قد توقفت لفترة طويلة.

فها هي الثورة المصرية التي شلت كل الاجهزة الامنية و الاستخباراتية المصرية عن التفكير لعدة اشهر دخلت مرحلة الصراع الذي يمكن ان يوفر علي اسرائيل جهودا كبيرة في مواجهة مصر العدو التاريخي و اللدود و المدافع الاول عن حق العرب , ومصر حسب كتابات وتوقعات الخبراء الاسرائيليين تواجه مشكلات اقتصادية و سياسية كبيرة قد تقودها الي الافلاس او الي صراع دموي داخلي علاوة علي معاناتها في ملفات خارجية معقدة كثيرة مثل ملف مياه النيل الذي تلعب اسرائيل دورا كبيرا في ادارته من وراء الكواليس منذ سنوات طويلة , ان ما تقوم به المعارضة المصرية منذ شهر اغسطس الماضي قد صب في تحقيق مكاسب هائلة لاسرائيل لم تكن تحلم بها و حلمها الاكبر تنتظر تحقيقه في 30 يونيو القادم .

انطلاق حفلة الدم قبل موعدها المنتظر في 30 يونيو وائل قنديل


دم في الفيوم , وآخر يسيل في المحلة , واستهداف للمنقبات و الملتحين في الشوارع و المواصلات العامة -- وكما تقول ' اليوم السابع ' فان معتصمي وزارة الدفاع استوقفوا اوتوبيس نقل عام للتفتيش عن المنتقبات و الملتحين بداخله.

وفي المسار ذاته تندفع فضائيات الدفع الرباعي في الطرق الوعرة لتتحدث بشوفينية عن الاسلاميين الاوغاد المحتلين الغزاة , وتستخدم احط العبارات عنصرية.

لقد بدات فقرات عرس الدم مبكرا , بعد استدعاء وانعاش اقبح ما في الوجود البشري من نوازع غل وكراهية ورغبات في الابادة ولعلك تتذكر تلك البشاعة التي سادت في احداث المقطم في مارس الماضي حين اطلق العنان للتوحش البشري وسط تصفيق حاد واحتفاء رقيع من شاشات وميكرفونات الحرائق.

في المقطم كانت ' جمعة الاستقالة النهائية من الثورة , و الانسلاخ التام من الآدمية , وتشييع الانسانية الي مثواها الاخير -- جمعة الانفلات من البشرية و الغوص عميقا في قاع ' البهائمية ' كانت كما وصفتها في هذا المكان واسمح لي ان استدعي بعضا منه.

' تذكر جيدا كيف اقشعرت جلود المصريين حين اقدم اهالي قرية لبنانية علي سحل وقتل شاب مصري وتعليق جثته علي قارعة الطريق , بعد اتهامه بارتكاب مذبحة اودت بحياة اربعة من اسرة لبنانية في ' كترمايا ' .

في ذلك الوقت انتفض المصريون غضبا علي هذه البشاعة الموغلة في الهمجية , غير ان المصريين بعد نحو ثلاثة اعوام استنسخوا تلك المجزرة وطبقوها بانفسهم علي انفسهم , في الريف وفي الحضر , معلنين التحول مع سبق الاصرار و الترصد الي حالة حيوانية , مع فارق كبير وهو ان البشاعة صارت اسلوب حياة ' .

لقد اشتغلت ماكينة اعلام الثورة المضادة طوال الشهور الماضية علي تدمير الوشائج بين جميع الاطراف التي شاركت في ابداع مشهد الثمانية عشر يوما الموزعة بين الربع الاخير من يناير و الثلث الاول من فبراير 2011 , وبمهارة والحاح شديدين تم اعتماد مصطلح ' الخرفان ' الموغل في بذائته مرادفا للمنتسبين الي الاخوان وقوي الاسلام السياسي , وبالالحاح ذاته جرت عملية تجريدهم من مصريتهم واسقاط الوطنية و الثورية عنهم , ثم التحريض و التشجيع علي ذبحهم وسلخهم , حتي جاءت لحظة التنفيذ في اسوا ليالي مصر واكثرها سوادا علي الاطلاق.

وبالطبع يمكنك ان تنحو باللائمة علي الذين حولوا الثورة الي حرفة ' باليومية ' ودللوا البلطجة بان منحوها لقب ثورة , ووفروا الملاذات الثورية الآمنة لفلول وبقايا الثورة المضادة , وجعلوا المسافات تضيق حتي التلاشي بينهم كرموز ثورية كما اعتبرناهم يوما وبين جنرالات الانتقام من الثورة , بل انهم امعنوا في التضاؤل و الاتضاع اكثر حتي صاروا وكلاءهم داخل مصر , واظن ان تصريحات زعيم الثورة المضادة الهارب قبل ساعات من المذبحة التي تحدث فيها عن عودته الوشيكة الي مصر تستحق التفكير , لمن اراد ان يقرا تفاصيل المشهد جيدا.

لكن قبل توجيه اللوم الي ملوك الطوائف وامراء الحرائق و الخرائب , ينبغي ان يوجه اللوم الي الرئيس الساكن الساكت الذي يكتفي بمشاهدة السنة النار تعلو وتمسك بملابسه وتحرق وطنا دون ان يحرك ساكنا , او يطبق قانونا او دستورا علي صناع الموت؟

وداعا يا دكتور محمد البرادعي نهايتك في 30 يونيو


طه خليفة .... احدث مطالب محمد البرادعي ان يستقيل الرئيس مرسي لتحقيق اهداف الثورة! لست من اعداء البرادعي , بل كنت من محبيه وداعميه , لكن مسيرته منذ عاد للقاهرة وحتي اليوم مرورا بالثورة واحداثها لا تقول انه يصلح زعيما , او يمكن الاتكاء عليه , هو مثل الحائط المائل لا يحمي من يجلس وراءه , بل قد يسقط فوق راسه. كنت وآخرون نراهن عليه ليكون قائدا للتغيير , وقوة دفع للامام خلال الفترة التي قضاها في عهد مبارك قبل سقوطه , لكن البداية القوية للجمعية الوطنية للتغيير التي اسسها انتهت نهاية دراماتيكية بانسحاب ابرز اعضائها من الشخصيات السياسية الكبيرة من حوله , لانه رحالة خارج مصر غير متفرغ لقيادة نضال وطني , واسلوب ادارته ينزع للفردية و الفوقية , كما ماتت اثار فكرة التوقيعات , لان مسيرتها لم تكتمل , وهي التوقيعات التي جمع معظمها الاخوان الذين لا يتوقف عن الهجوم عليهم , و التحريض ضد الرئيس الخارج من صفوفهم , تحريض الليبرالي الاكبر للجيش للعودة للسياسة و الاطاحة برئيس منتخب وفق آليات الديمقراطية الغربية التي لا يتوقف عن تعليمنا اياها , وتحريض الوطني الاكبر ل اوباما و الاتحاد الاوروبي للضغط علي مرسي و التدخل في شئون مصرية داخلية. لا يخجل البرادعي عندما يطالب الرئيس بالاستقالة , وهو من انسحب , او بالادق تهرب من دخول الانتخابات , و النزول للشارع , و التعرف علي المصريين عن قرب بحجج واهية , كما سبق وتهرب من تشكيل حزب سياسي بعد الثورة لدخول معترك العمل السياسي علي الارض من خلال الانتخابات البرلمانية , وليس من القصور و الفنادق , ولما زاد الضغط عليه شكل حزب ' الدستور ' , لكن الازمات و الانسحابات تعصف به منذ اليوم الاول احتجاجا علي الادارة الفردية التي تنزع للاستبداد من ليبرالي يحارب استبدادا مزعوما للرئيس , وفرضه شخصيات بعينها في ادارة الحزب الملاكي من دون انتخابات , واخيرا ترحيبه بالفلول في الحزب الذي تدكه الازمات , وسنري حظوظه في الانتخابات البرلمانية القادمة لو تجرا وشارك فيها , واذا كان البرادعي غير قادر علي الادارة الديمقراطية داخل حزب من مائة فرد , او الف , فكيف سيقود بلدا من 90 مليونا؟ وكيف سيحقق اهداف الثورة التي يري ان مرسي لم يحققها؟ تلك الثورة المظلومة التي صار لها مليون اب , ومليون زعيم , ومليون متحدث باسمها , ومليون متاجر بها. سيكون مقبولا ان يطالب الثلاثة الكبار الخاسرون : شفيق وصباحي , وابو الفتوح , وحتي موسي , الرئيس مرسي بالاستقالة لانهم كانوا شجعانا , وخاضوا السباق الانتخابي وخسروا بشرف , اما البرادعي فقد جبن , وواصل الهرب الي الخارج في سياحة المؤتمرات و الندوات عن الانخراط في تحمل مسئوليات وطنية بشكل عملي , لذلك لا يحق له اليوم ان يطالب رئيس شجاع واجه الاعتقال و التنكيل ثم يترشح ويفوز ويتعرض للاهوال خلال اول عام له في الحكم. البرادعي يفر من معارك طرح الثقة في الشارع , يريد ان ياتيه المنصب وهو جالس في بيته , ثم يقرر هل يتنازل ويقبل , ام لا؟ يريد ان يمارس السياسة بالشوكة و السكين دون ان تتعفر قدماه في تراب القري , او تتسخ ملابسه برذاذ مياه الصرف في الاحياء الشعبية. اتذكر الراحل فؤاد سراج الدين ابن الباشوات الذي زارنا في قريتنا في مناسبة انتخابية قبل رحيله , وقال انني جئت قريتكم هذه ايام الملكية , وخطبت في اهلها وانا اقف علي ' كوم تراب ' , لذلك كان سياسيَا حقيقيا , ومن بعده دخل ' الوفد ' في التيه , ولم يخرج. وداعا يا دكتووور.

صورة مصر من الداخل و الخارج قبل 30 يونيو


فراج اسماعيل ... الصورة في الخارج مختلفة عنها كلية في الداخل. المصريون المهاجرون تكاد قلوبهم تقتلع فزعا ورعبا خوفا علي بلدهم من 30 يونيه. الاعلام الخارجي ينقل بالعدوي عن قنوات الليل بمدينة الانتاج الاعلامي او بالتهويل المقصود ان مصر تحبس انفاسها انتظارا لما يسفر عنه ذلك اليوم. القاهرة لا تشعر احدا بذلك. تتنفس طبيعيا وتسهر كعادتها وتمتع زائريها بما عرفوه عنها. مقاهٍ وشوارع مزدحمة وعربات الفول في الصباح و المساء وفي النهاية تنام علي يقينك القديم بانها اجمل بلاد الدنيا. تتعسر ولكن بعد كل عسر يسرا. تمرض ولكنها كالفارس الذي امتلا جسمه بالسهام و النبال ومع هذا يابي ان يترجل. حقا الموضوعات كثيرة و الاحداث لا تتوقف وتلك طبيعة عاصمة كبيرة تغوص بالبشر علي مدار الساعة. قلب نابض ودماء تجري بالحيوية التي تظهر اعراضها الصحية في الاختلاف و الجدال و الآراء المتعددة. عاصمة كهذه لا تحبس انفاسها ابدا لانها لا تخشي الزوال ولانها مدينة لا تذبل. تجدد شبابها وتكرر صباحها وتنتظر ليلها. 30 يونيه مجرد حدوتة اعلامية من الخيال مثل حواديت الف ليلة وليلة. وتمرد ليست سوي قصة تلوك فيها قنوات ليل وصحف صفراء من غير وجود حقيقي في الشارع. عشت في الخارج نصف عمري ولكني لم اجد اجمل من مصر ولا احلي من ليلها ولا امتع من زحامها وضجيجها. بلد لا يغادر قلوب اهله وزواره لا يخشي عليه فهو الباقي و المتآمرون عليه زائلون. هو المنصة العالية وغيره اقزام. الجديد انك تعيش مصر وسوريا في كل شارع. تشهد تلاقي دمشق قلب العرب النابض مع القاهرة قلب العرب الثائر. دمشق واخواتها من المدن السورية كانها انتقلت الي مصر انتظارا للعودة المظفرة الي ارض الحضارة و التاريخ. الحق ان هذه ليست المرة الاولي التي اكتشف فيها ان الاعلام الليلي تمكن بالباطل من تسويد حياة مصر خارجيا. في كل زيارة كنت اخرج بالنتيجة نفسها. الآن تاكد لي انهم كاذبون مفترون حتي النخاع فهي ما زالت بلدا آمنا رائعا قويا صلبا لان ناسها من طراز آخر. ما زالت بلدا عصيا علي الحرق و التدمير لانها انجبت بشرا بنوا اعظم حضارة في التاريخ ومن يبني لا يعرف الهدم ومن يجلس عملاقا فوق ابرز عجائب الدنيا السبع لا ينزل الي الارض ولا يقزم نفسه ولا يهدم حضارته.

ثغرة خطيرة في جدار القرار السياسي بقلم فهمي هويدي


قصة محافظ الاقصر الجديد الذي ينتمي الي الجماعة الاسلامية , وآثر الا يتسلم منصبه وابدي استعدادا للاستقالة منه ما لم يتوافق اهل المحافظة علي القبول به. حدث مصري نادر يستحق ان نتوقف عند دلالاته. من حيث المبدا فلست اري غضاضة في تعيين احد اعضاء الجماعة الاسلامية بعد مراجعة افكارها وطي صفحة ماضيها في منصب رفيع بالدولة اذا توافر لها شرطان , الاول ان يتمتع بكفاءة تؤهله لشغل المنصب , و الثاني ان يكون مقبولا من الناس.

والمشكلة الثانية محلولة تلقائيا في الديمقراطيات التي ينتخب فيها المحافظون وحكام الاقاليم , ولا يعينون من قبل السلطة التي تحرص علي التحكم في كل شيء. وفي حالة محافظ الاقصر الجديد المهندس عادل الخياط نلاحظ انه تعرض للهجوم و التجريح لمجرد انه انتمي الي الجماعة الاسلامية في سبعينيات القرن الماضي , ولم تكن له اية علاقة بالعنف او الارهاب , ولم ينظر احد الي كفاءته المهنية التي اثبتها خلال مسيرته الوظيفية التي قاربت خمسة وثلاثين عاما. وللعلم فان الرئيس الراحل انور السادات الذي شارك في قتل وزير المالية امين عثمان في عام 1946 , تولي رئاسة الجمهورية في مصر بعد ربع قرن تقريبا , ولم يعيره او ينتقده احد بسب بتهمة القتل الذي كان قد اشترك فيه.

مع ذلك فينبغي ان يحسب لحزب البناء و التنمية الذراع السياسية للجماعة الاسلامية عدة امور. منها ادراكهم ان نظرة المجتمع اليهم لاتزال مشوبة بالشكوك وليست ايجابية بشكل كاف. ومنها اعتراضهم علي تعيينه في محافظة الاقصر التي قراوا اوضاعها جيدا واقتنعوا بانه ليس من الحكمة ولا من المصلحة الوطنية في الظروف الراهنة ان يكون مثله محافظا لها. منها ايضا انهم نصحوا المحافظ الجديد ان يلزم داره في سوهاج ولا يذهب الي الاقصر لتولي المنصب الذي عين فيه اذا استمر رفض المجتمع له هناك.

لك ان تتصور شعور الجماعة الاسلامية بتعيين واحد من المنتسبين اليها في منصب المحافظ , وهو الوضع الذي لم يحلموا به يوما ما. وحين يعرف المرء ان غيرهم من ممثلي بعض الجماعات التي ساندت الرئيس مرسي لا يكفون عن التساؤل عن حصتهم وحظوظهم في المناصب الرفيعة في الحكومة و المحافظات و المدن و الاحياء , فلا بد ان يحيي زهد الجماعة الاسلامية في تلك المناصب وعزوفهم عما لا يرونه منها محققا للمصلحة العامة. وهي القضية التي ينبغي ان تحتل الاولوية في اي تفكير سياسي رشيد.

قلت امس ان المكتب السياسي للحزب اوفد احد قيادييه لاقناع مؤيدي المحافظ الجديد بالكف عن التجمهر واخلاء الميدان لتجنب فتنة الاشتباك مع معارضيه , في مسلك قدم المصلحة العليا علي الانجاز الذي تحقق للحزب. وبذلك فان الجماعة ربما تخسر موقعا لكنها في الوقت ذاته سجلت موقفا واعيا , مشابه لذلك الذي سجلته في ترشيحات الجمعية التاسيسية للدستور , حين تنازلت عن بعض حصتها لارضاء الآخرين وتيسير حدوث التوافق للجمعية.

الذي اثار انتباهي في هذا الصدد ان قراءة الجماعة للواقع في محافظة الاقصر كانت اكثر نضجا من قراءة السلطة لها. فقد رات الجماعة ما لم تره او تكترث به السلطة , في حين يفترض ان لديها من الامكانيات ما يسمح بتوفير القراءة الصحيحة لذلك الواقع. ولا اخفي ان ذلك الاعتبار خوفني ايضا لانني وجدت الحالة التي نحن بصددها نموذجا للاختيارات الخطا التي تقع فيها السلطة , خصوصا فيما خص المسئولين و القيادات التنفيذية. و الازمة التي احدثها وزير الثقافة الجديد بعد توليه السلطة نموذج آخر لتلك الاختيارات الخطا التي تكررت في حالات اخري , في مجالي الوزارة و الاستشارة.

ان شئت فقل ان ما حدث مع محافظ الاقصر يعني ان ثمة ثغرة خطيرة تشوب عملية اختيار المسئولين. تتعلق بتغييب عنصر الملاءمة في القرارات التي تتعلق باختيارهم. و اكرر انها ' ثغرة ' حتي لا يعمم الحكم علي الجميع , وفي حدود معرفتي فان السياسة كلها ملاءمات علي اساسها يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب , الذي يؤدي الي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. كاننا بصدد ثلاثة شروط للثقة في القرار تتعلق بمضمونه وبقدرات الشخص وبملاءمته لطبيعة الموقع الذي سيشغله. وتلك الظروف قد تغيب كلها كما في الاعلان الدستوري الشهير مثلا , وقد يغيب عنها شرطان كما في حالة وزير الثقافة , وقد يغيب فيها شرط واحد كما في قصة محافظ الاقصر .

لا اعرف عدد الذين مروا علينا من ثغرة عدم الملاءمة , لكني ازعم انها ثغرة خطيرة تجرح القرار السياسي وتقلل من منسوب الثقة فيه , وافهم ان ثمة مواقع يمكن ان يحتمل او يغتفر يها غياب الملاءمة عن القرار , لكن هناك مواقع اخري يصبح فيها ذلك التغييب امرا كارثيا له عواقبه الوخيمة. وسوف اترك لك يا عزيزي القارئ مهمة تنزيل المعايير التي ذكرتها علي بقية خرائط الواقع , لانني ما عدت مستعدا لخسارة مزيد من الاصدقاء .

أيمن الصياد يكتب : من أوراق راشد الغنوشي نكشف الفرق بين مصر و تونس بعد نجاح الثورة


في الطائرة المتاخرة لساعتين في مطار قرطاج بدات كتابة هذا المقال , بعد ان راجعت اوراقا حرص صديق تونسي علي ان يعطيها لي كراي رآه كافيا في ' موضوع ' كان محور نقاش علي عشاء ضم عددا من المثقفين من مشارب فكرية مختلفة. و الموضوع كان حول المقارنة بين ادارة المرحلة الانتقالية في كلا البلدين . مصر وتونس. و الاوراق كانت تضم ' نصا ' لمحاضرة القاها مؤسّس ورئيس حركة النهضة في تونس ' الشيخ راشد الغنوشي ' . ورغم ان للشيخ اطروحات سابقة مهمة حول الموضوع , الا انني , وبغرض ان يراجع بعض المروجين للاستقطاب الديني في مصر انفسهم , آثرت ان اخصص هذه المساحة لعرض ' آخر ' ما قاله المفكر الاسلامي وزعيم حركة النهضة التونسية وعضو مكتب الارشاد العالمي لجماعة الاخوان المسلمين في محاضرته الاخيرة بالعاصمة الامريكية واشنطن ' 29 مايو 2013 '

●●●

يتحدث ' الشيخ ' عن اشكالية الانتقال الديمقراطي و التحديات التي تواجهه. ولربما كان من اهم ما قاله في محاضرته هو تاكيده نصا علي ان : ' قناعتنا ان الاغلبية البسيطة لا تكفي في مراحل الانتقال , واننا نحتاج ائتلافا واسعا لنوجه رسالة مفادها ان البلد للجميع ' ,

ويضيف الغنوشي نصا : ' لقد حاولنا كل ما في وسعنا لتجنب الاستقطاب الايديولوجي , لانه وصفة للفوضي و الفشل. ولهذا السبب قدمنا عديد التنازلات سواء في ادارة شئون الحكومة او صياغة الدستور , لتجنب هذا الخطر. ونحن نعتقد اننا في حاجة الي التعايش بين العلمانيين و الاسلاميين في دائرة الترويكا علي قاعدة مجموعة من القناعات منها :

لا يوجد تناقض بين الاسلام و الديمقراطية. واذا كانت الديمقراطية لا تعني ان الحكم يجب ان يكون فقط للعلمانيين , فحسب واعتبار الاسلاميين عدوا للدولة التي عليها ان تسجنهم او ترسلهم الي المنافي. فهي لا تعني ايضا استبعاد العلمانيين من السلطة وتهميش دورهم في السلطة او في صياغة الدستور لانهم لم يحصلوا علي الاغلبية في الانتخابات

ان صعود الاسلاميين للحكم لا يعني انهم سيستحوذون علي الدولة و المجتمع لمجرد كونهم حزب الاغلبية علي النحو الذي كان يمارس في المنظومة السلطوية. ليس من دور الدولة ان تفرض نمطا معينا للحياة , بل دورها توفير الامن و الخدمات لمواطنيها وان تتيح لهم حرية اختيار نمط حياتهم

ان الصراع بين العلمانيين و الاسلاميين و الذي استمر لعقود من الزمن هدر طاقات كثيرة وساعد الدكتاتوريات علي التحكم في مصير بلداننا. وعلي هذا الاساس فان التحالف بين العلمانيين و الاسلاميين امر حيوي لمجتمع حر قادر علي ادارة اختلافاته علي اساس الحوار ' .

ويلخص زعيم حركة النهضة ما ذهب اليه في عبارة واحدة : ' نحن نعتقد ان المعتدلين من الاسلاميين و العلمانيين بمقدورهم بل عليهم ان يعملوا مع بعضهم وعليهم ان يجدوا توافقا لبناء وفاق واسع ' .

عن ' الدستور ' يقول لنا الغنوشي , ' وانا هنا حريص علي النص ' : ' المبدا الاساسي الذي نتبنّاه في صياغة دستورنا هو ان لا يكون هذا الدّستور فقط دستور الاغلبية بل يجب ان يكون دستور كلّ التونسيين دون استثناء وان يتسنّي لجميع التونسيين ان يروا انفسهم في هذا الدّستور و ان يشعروا بانّه يمثّلهم سواء ان كانوا اغلبية او اقلّية ' .

ويضيف : ' من اجل تحقيق هذا قمنا بتنظيم مشاورات واسعة مع مختلف الاطراف السياسية ومع منظمات المجتمع المدني ومن خلال هذه العملية حاولنا بلوغ اكبر قدر من التوافق حول الدستور. ولكن عندما واجهنا خلافات جدّية حول قضايا حسّاسة مثل الشريعة , نظام الحكم رئاسي ام برلماني , وحول حرية الضمير , وكونية حقوق الانسان , قمنا بتنظيم حوار وطني للوصول الي التّوافق , وانتهي بنا المطاف الي التوصل الي حلول توافقية حول هذه القضايا الشّائكة وبالتالي قبل حزب حركة النهضة التّخلّي عن مسالة اقحام احكام الشريعة الاسلامية في الدستور لان هذه الفكرة لم تكن واضحة للشعب التونسي ' .

ولا ينفي المفكر التونسي ان هناك متاعب ' داخلية ' صاحبت ما جري فيطلعنا علي ان : ' بعض الناس ضمن حزبنا ينعتوننا بانّنا تحولنا من حزب القيادة الي حزب التنازلات , لكننا نقول لهم بما اننا الحزب الاكبر في البلاد فانه لدينا مسئوليات اكبر تحتّم علينا تقديم التّنازلات الضّرورية لمساعدة البلاد علي المضي قدما ' .

●●●

هذا بعضٌ من ' نص ' ما قاله الرجل , وبعضٌ من حديث لم يجد حرجا في ان ينطق بلفظة ' العلمانيين ' , ولا في ان يعتبرهم شركاء في الوطن , ومن ثم فهم شركاء في التخطيط لمستقبله.

ومع ادراكي الكامل لتباين في التعريف , ولتشويه معرفيِّ لَحِق المصطلح , ولحقيقة ان جل من يتناول في حديثه اليومي او تعليقاته علي الانترنت مصطلحات من قبيل ' ليبرالية ' , ' وعلمانية ' , ' واشتراكية ' -- الخ , لم يكلف نفسه يوما عناء البحث عن المعني او التعريف في كتب السياسة او قواميسها , ازعم اننا في مصر لم نكن نتحدث حتي عن ' علمانية ' كان هناك من حاول ان يختصر فيها ' بخطاب تحريضي ' تعريف المعارضة , بل كنا نتحدث احيانا عن منتسبين للفكرة الاسلامية , وجدوا انفسهم غير مرة علي الضفة الاخري من خندق عميق حفره من بدا بالتجربة انهم لا يثقون الا في انفسهم. و القائمة طويلة فيها طارق البشري , واعتراضاته مسجلة علي صفحات هذه الصحيفة , واحمد كمال ابوالمجد , وهبة رءوف وصلاح عز . الذين انسحبوا من اعمال تاسيسية الدستور , اعتراضا واحتجاجا. بالاضافة طبعا الي نائبي المرشد العام السابقين عبدالمنعم ابوالفتوح ومحمد حبيب. فضلا عن قائمة اضافية طويلة يعرفها كثيرون , واعلم انهم آثروا الصمت بعد ان يئسوا من فائدة الكلام… الا ان ذلك , وهو حقيقي , لم يمنع ابدا تجار الاستقطاب من رفع راية ' الحرب المقدسة ' وتصوير خلاف سياسي علي انه ' حرب ' بين جند الله واعداء دينه , غير عابئين لخطورة اللعب بنار خطاب يؤسس لمثل هذا الاستقطاب.

●●●

وبعد --

فلا اعرف ان كان الغنوشي يعني ' كل ' ما قاله علنا ام لا. فالله اعلم بالسرائر. ولكني احسبه كذلك. كما لا اعلم ان كانت رسالته وصلت ام لا. ولكني اخشي ان اسمع من يقول : ' مصر ليست تونس '

-- ليت الليلة لا تشبه البارحة.

أحمد منصور يكتب : تحالف أطفال الشوارع و البلاك بلوك


اصبحت جماعات البلاك بلوك واطفال الشوارع هما الذراع الضاربة لمعظم التظاهرات الفوضوية التي تجري في مصر ضد الحكومة و النظام , وجماعات البلاك بلوك سبق ان اشرت في مقال سابق الي جذورها التي تتعلق بتاسيسها من قبل الموساد الاسرائيلي حتي تكون ذراعا للتمرد ضد الحكومات الغربية في اوروبا و الغرب ثم امتدت الفكرة لتنتشر في دول كثيرة من العالم وهي تضم الشباب الغاضب و الناقم علي المجتمع و الحكومات في هذه الاقطار.

وقد نشرت تقارير عديدة عن ان جماعة البلاك بلوك في مصر قد تم تاسيسها في الاشهر الاولي لقيام الثورة المصرية من خلال عمليات الاختراق التي تمت في هذه المرحلة لاجهزة استخبارات كثيرة في ظل غياب الدولة المصرية وانتشار ما يسمي بجماعات المجتمع المدني , حيث تم اختيار بعض الشباب الناقم و الغاضب ليكونوا نواة لهذه الحركة , وتم تسفيرهم الي لبنان وصربيا وبعضهم الي صحراء النقب في اسرائيل للتدريب علي تجنيد الشباب الغاضب وادماجه في حركة البلاك بلوك , وقد نجحت الايدي الخفية في تجنيد مئات الشباب في جماعات البلاك بلوك في معظم محافظات مصر سواء بمعرفتهم بمن يقف وراء الحركة واهدافها او لاسباب شخصية تتعلق بغضبهم علي النظام ونقمتهم عليه او ظروفهم الاجتماعية.

اما اطفال الشوارع , فانهم نتاج لنظام مبارك الفاسد علي مدي ثلاثة عقود , ورغم ان منظمة اليونيسيف تشير الي ان اعداد اطفال الشوارع في مصر هي ما بين ستمائة الف الي ثمانمائة الف طفل الا ان دراسات اجتماعية اشارت الي ان اعدادهم وصلت الي مليون طفل ' اي جيش كامل من الغاضبين علي المجتمع و الناقمين علي النظام ايا كان هذا النظام , وايا كان من يحكم ' ويتسم معظم هؤلاء بالعدوانية وعدم الانتماء للمجتمع , ولان مؤسسات الرعاية الاجتماعية في مصر التي يبلغ عددها 73 مؤسسة فشلت في استيعاب هؤلاء , فقد تحولوا الي اداة للتخريب لصالح من يدفع ومن يجيد استخدامهم , ويبدو ان المخربين الذين يستهدفون امن مصر واستقرارها قد قسموا جيوش الفوضي هذه الي عدة اقسام , تحالف يضم البلاك بلوك وجانبا من اطفال الشوارع وهؤلاء يعملون طوال الوقت في محيط فندق سميراميس و السفارة الامريكية و المنطقة السياحية الحيوية لتدمير السياحة و الاستقرار.

وجانب يضم اطفال الشوارع مع البلاك بلوك مع البلطجية مع جانب من عمال اليومية , وهؤلاء يدخلون في اطار المواجهات الاخطر التي يتم استخدام السلاح فيها , علاوة علي المولوتوف , وغالبا ما سيشكل هذا الجيش الذراع الضاربة في التظاهرات التي يجري الاعداد لها في 30 يونيو الجاري وهذا الجيش الفوضوي الذي يزيد مجموعه علي مليون مصري يتم دعمه من جهات كثيرة ومعظمه يحركه المال و النقمة علي المجتمع و النظام , ان هذا الشعب الذي ضحي من اجل ان تنجح ثورته في 25 يناير يتم خداعه الآن من قبل مجموعة من اصحاب الاهواء الشخصية و المنافع المادية الذين لا يملكون سلطة حقيقية علي الشارع لكنهم ياملون من خلال الفوضي وجيش الفوضي الغاضب ان يحققوا ما عجزوا عن تحقيقه من خلال صناديق الانتخابات لكن وعي الشعب سوف يفشلهم في 30 يونيو كما افشلهم في محاولاتهم اليائسة طيلة الشهور الماضية منذ اغسطس الماضي وحتي الآن.

وائل قنديل يكتب : 30 يونيو استكمال الثورة أم الانتقام منها ؟


الحكاية من الاول : قامت ثورة في مصر لاسقاط مبارك ونظامه , واقامة نظام جديد يقوم علي مؤسسات يعرفها العالم كله : رئيس للدولة ومجلس تشريعي ينتخبه الشعب وحكومة تتشكل من خلال المجلس التشريعي , وكان المفترض انه بعد الثلاثين من يونيو من العام الماضي ان تكون مصر قد استكملت بناء مؤسساتها بانتخاب رئيس للجمهورية , غير انه وعلي طريقة لاعب الدومينو ما ان جاء الرئيس المنتخب حتي تم اسقاط المجلس التشريعي المنتخب بالضربة الدستورية القاضية لتصبح مصر دولة عرجاء سياسيا , وتدخل في حالة من الارتباك و التخبط كانت نتيجتها وضع سلطة التشريع في يد مجلس شوري تتهدده الاعاصير.

والآن صار المطلب المرفوع هو اسقاط رئيس الجمهورية لتصبح مصر بلا سلطة فعلية , وبلا سقف سياسي يحميها من الانزلاق الي حالة اللا دولة , ولا ادري هل يعي الحاشدون للتخلص من رئيس جاء بالانتخاب معني ان تصبح مصر بلا مؤسسات للحكم ولو لشهور فقط؟

ان مقاولي الهدد الذين ارتضوا ان يكونوا جسرا تعود فوقه دولة مبارك يسلكون وكانهم قد تملكتهم رغبات محمومة في الانتقام من الشعب ومن الثورة مادامت لم تصعد بهم الي سدة الحكم , ويسعون الآن بكل السبل لالغاء الملمح الوحيد الباقي من ملامح الدولة , فمن يتحمل ان مجتمعا يمور بالخلافات ونوازع الاحتراب حتي بين حلفاء التكتل الواحد يعيش بلا سلطة تنفيذية ولو لاسبوع واحد فقط؟

لقد ثبت غير مرة ان الجيش المصري لا يرغب في تكرار ما جري له ولمصر خلال العامين اللذين شهدا اقحامه في ادارة البلاد سياسيا , ويعلم جيدا بحكم التجربة حجم الخسائر التي لحقت بالجميع خلال تلك الفترة , كما ان الايام اثبتت انه لا يوجد تصور منطقي لدي من يطالبون بتقويض السلطة الوحيدة الباقية لما سيحدث بعدها.

وعلي ذلك فان الاحتشاد علي ارضية كراهية الاخوان و الاسلاميين فقط لن يبني دولة ولن يكمل ثورة , بل هو بالاحري ودون تزيد يحول مجري الغضب من استكمال الثورة الي فتح الباب لعملية الانتقام من الثورة , خصوصا في ظل التبدل الخطير في الادوار و الذي جعل من كانوا نجوم الشباك في يناير 2011 يلعبون دور ' السنيد ' لبقايا دولة مبارك في يونيو 2013 وما يلفه من نذر خطر مستطير.

ان خير العمل في هذه المرحلة المخيفة من تاريخ البلاد ان ينصب الاهتمام كله علي بناء مجلس تشريعي منتخب في اقرب وقت وهذا يستلزم فورا التوصل الي قانون محترم للانتخابات تتوافق عليه كل القوي السياسية , وحتي يتحقق ذلك حري بالسلطة التنفيذية ان تقدم علي حزمة من الاجراءات تطمئن المجتمع علي مستقبله.

ويبقي مفتاح الخروج من هذا المازق مغادرة نزق التجييش علي ارضية الكراهية و العودة الي السياسة بمفهومها المستقر في ادبيات العالم كله , و الذهاب الي منافسة عادلة لانشاء مجلس تشريعي يكون بمقدوره تشكيل حكومة جديدة واجراء التعديلات اللازمة علي الدستور , بارادة القرار الشعبي عبر قنوات الممارسة الديمقراطية الراسخة وليس بالتلويح بسيوف العنف وعبوات الحريق.

قضاة يصرون على افراح مبارك في نفس اليوم و يطلبون اعتذار الشعب له و لرجاله أحمد منصور


كان يوم الخميس الماضي يوما طويلا بالنسبة لي , وعلي الرغم من وجودي في باريس فانني كنت اتابع طوال اليوم نظر محكمة جنايات القاهرة الطعن المقدم من النيابة العامة علي القرار الصادر يوم الثلاثاء باخلاء سبيل مبارك في قضية الكسب غير المشروع , وقد تعجبت بداية من قرار الدائرة 19 بمحكمة الجنايات التنحي لاستشعارها او استشعار احد قضاتها الحرج , و لم افهم معني استشعار الحرج من محاكمة من افسد حياة المصريين و دمر مكانة مصر في انحاء العالم طيلة ثلاثين عاما , و سرعان ما قامت محكمة استئناف القاهرة بتحديد الدائرة 15 بمحكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامي لنظر الطعن المقدم بالاستنئاف من النيابة العامة المصرية علي القرار الذي صدر من غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستانفة باخلاء سبيل مبارك علي ذمة التحقيقات في قضية الكسب غير المشروع , و سرعان ما انتقلت الدائرة الجديدة الي مقر محاكمة مبارك في اكاديمية الشرطة , و حينما قرات ان النيابة في طعنها استندت الي وثائق تثبت ان ممتلكات مبارك و عائلته تجاوزت التسعة مليارات جنيه استبشرت خيرا , و قلت لعل ما حدث طوال الفترة الماضية من بطء في المحاكمة و عدم وجود ادلة كافية في هذه القضية التي يجب ان يحاكم مبارك علي ما هو اكبر منها قد تاكد الآن , الا اني فوجئت في نهاية جلسة المحاكمة التي شهدت حضورا من انصار مبارك و هتافات له , بل ان ابنَي مبارك علاء و جمال رغم انهما غير متهمين في القضية الا انهما ظلا متواجدين من الصباح حيث كانا يحاكمان في قضية اخري و دخلوا القفص الي جوار والدهما و هو ما فاجا الجميع , ثم اصدرت المحكمة حكمها الذي ايد الافراج عن مبارك , و حينما قرات اسباب الافراج وجدتها كانها تتحدث عن موظف بسيط في دائرة محلية في قرية في اقصي الصعيد و ليس عن رئيس الدولة الذي يجب ان يحاكم في محكمة خاصة بقوانين خاصة , حيث ان خصوصية المتهم هناك تتيح للقاضي حسب المادة 134 من قانون الاجراءات الجنائية ان يامر بحبس المتهم احتياطيا في عدة حالات منها ' توقي الاخلال الجسيم بالامن و النظام العام ' و بالتالي فان قرار الافراج عن مبارك في ظل هذه الظروف يعني ان القاضي لم يستخدم حقه لاسيما ان مبارك ليس مجرد موظف بسيط فاسد , و انما كان رئيس الدولة المسئول عن كل ما حدث فيها من فساد وافساد طيلة الثلاثين عاما الماضية .

و قد جاء قرار الافراج عن مبارك الذي لازال محبوسا علي ذمة قضية واحدة هي قضية القصور الرئاسية في الوقت الذي افرج فيه عن معظم رجاله حيث ان كثيرين منهم قد بيضت صفحاتهم من خلال الاحكام القضائية التي صدرت بحقهم بما يؤكد من خلال احكام القضاء ان هذه الثورة التي قام بها هذا الشعب في 25 يناير 2011 كانت ضد نظام و رجال اطهار اساء الشعب فهمهم و انقلب عليهم بينما بيض القضاء صفحاتهم مما يستدعي ان يقدم هذا الشعب اعتذارا لهؤلاء الفاسدين و ان يطلب منهم العودة الي قيادة مصر من جديد , لقد وضعت الاحكام القضائية لمبارك و رجاله الشعب في فتنة , و ثورة مصر في حرج بالغ و مستقبل مصر في وضع مضطرب و لم يعد لمصر الا الله .

فهمي هويدي يكتب عن محافظ الأقصر : رجل مناسب في المكان غير الصحيح


يستحق التقدير و الحفاوة موقف محافظ الاقصر الجديد الذي امتنع عن تسلم منصبه بعد حلفه اليمين القانونية , الا اذا توافقت القوي التي تمثل اهالي المحافظة علي استقباله ومساندته في مهمته. وكان الرجل المهندس عادل الخياط الذي انتمي الي الجماعة الاسلامية في سبعينيات القرن الماضي قد قوبل باصوات عارضت تعيينه ممثلة في بعض التيارات السياسية واصحاب المصالح في المدينة السياحية , حين احتشدت في احد الميادين ' ابو الحجاج الاقصري ' للحيلولة دون وصوله الي مكتبه الجديد , وقاد الجموعات المحتشدة ممثلون عن احزاب الاحرار و الوفد و الناصري و التجمع و المؤتمر الشعبي في حين اعتصم هؤلاء ومعهم آخرون بالميدان , فان مؤيدي المهندس الخياط من الاسلاميين خصوصا اعضاء حزب البناء و التنمية احتشدوا بدورهم لمناصرته وتمكينه من تسلم منصبه. واذ بدا ان الصدام وارد بين الطرفين واحتمالات اسالة الدماء قائمة , حيث الحماس متاجج و السلاح بايدي الجميع , فقد اصبح ضروريا تجنب تلك المواجهة , ومن ثم كان الحل العاقل ان يعود المحافظ الجديد الي بيته في محافظة سوهاج , وان يمتنع عن تسلم منصبه لينزع فتيل الازمة. ولهذه اللحظة الحاسمة قصة تستحق ان تروي وعبرة جديرة بالنظر و الاعتبار.

فحين طلبت الحكومة من الاحزاب غير المقاطعة لها التقدم بمرشحيها لحركة المحافظين الجدد , قدم حزب البناء و التنمية اسم المهندس عادل الخياط , الذي التحق بالجماعة في سبعينيات القرن الماضي , قبل تخرجه في هندسة اسيوط في عام 1979. ولم يكن له اي سجل في عمليات العنف ولا كانت له سابقة اعتقال او اتهام , فضلا عن انه شق طريقه الوظيفي و المهني بنجاح اهَّله لكي يصبح مسئولا عن مشروعات الاسكان في صعيد مصر ابان عهد الرئيس السابق. وهذا الذي بلغه في السلم الوظيفي , ما كان له ان يحدث في تلك المرحلة لو ان سجله السياسي شابته اية شائبة تتعلق بخلفيته السياسية و الامنية.

قال لي الدكتور صفوت عبدالغني رئيس المكتب السياسي لحزب البناء و التنمية انهم رشحوا المهندس عادل للوظيفة ولم يكن لديهم علم بالمكان الذي سيعين فيه , وحين تسربت معلومات عن الاتجاه الي تعيينه محافظا للاقصر فانهم لم يرحبوا بذلك واعترضوا عليه علي الفور , وكانت الحجة الرئيسية ان مجتمع الاقصر لم ينس المذبحة التي وقعت في عام 1997 وكان ضحيتها 58 سائحا , ونسبت الي مجموعة من المتطرفين الاسلاميين الذين قتلوا ولم تعرف هوياتهم. ورغم ان هؤلاء لم يكونوا من اعضاء الجماعة الاسلامية الا ان التهمة الصقت بالجماعة ومازالت ذكراها تلاحقهم هناك حتي الآن.

المحافظة لم تكن مهياة لاستقبال محافظ له جذوره في الجماعة الاسلامية , اولا لطبيعتها السياحية , وثانيا لكونها احد معاقل فلول النظام القديم , اضافة الي ارتفاع منسوب الاحتقان الطائفي بين مكوناتها. وتلك حيثيات لا يمكن تجاهلها قبل اتخاذ قرار تعيين المحافظ لها. وعلي حد تعبير الدكتور صفوت عبدالغني فان المحافظة لم تكن مستعدة لاحتمال محافظ اسلامي بالاساس , وحين يعين لها محافظ له علاقة بالجماعة الاسلامية فان استياء اهلها وغضبهم من تعيينه لا بد ان يكون مضاعفا.

حين تواترت الاخبار بخصوص احتمال تعيين المهندس عادل لمحافظة الاقصر , سارعت قيادة حزب البناء الي ابلاغ الجهات المعنية باعتراضها. اتصلوا برئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل فنفي بشدة الخبر , واتصلوا بالدكتورة باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس فكان ردها انها ستنقل الصورة الي الرئيس. اتصلوا بالسيد احمد عمران احد مستشاري الرئيس فقال لهم انه سيعين في محافظة بني سويف , وكان ذلك هو الخيار الوحيد الذي رحبوا به , اولا لانه ليس الاقصر , وثانيا لانهم اعتبروا ان عموم الاوضاع في بني سويف اكثر ملاءمة للتفاعل مع الرجل.

فوجئ الحزب بانه عين في الاقصر , ولم يفاجاوا بردود الافعال التي كادت تنذر بفتنة تهدد الاستقرار في المحافظة , علي النحو الذي سبق ذكره. فدعا المكتب السياسي الي اجتماع لمناقشة الموضوع , وخلص الي ان هناك مصلحة وطنية في عدم تسلم المحافظ وظيفته في هذه الظروف. واستقر رايهم علي ان تهدئة الاوضاع واستقرارها في الاقصر هو اهم ما ينبغي الحفاظ عليه , حتي اذا اقتضي الامر ان يعتذر المحافظ الجديد عن عدم تسلم منصبه الجديد. وكلفوا احد القياديين بالجماعة الشيخ رفاعي طه بالذهاب الي الاقصر ومخاطبة مؤيدي المحافظ لمطالبتهم بالتهدئة وفض الاحتشاد , وهو ما اعتبره موقفا ناضجا ومسئولا يستحق بدوره الحفاوة و التقدير.

كانت تلك هي القصة اما العظة و العبرة وهي الاهم فلنا معها كلام آخر نستكمله غدا باذن الله.

رسالة الى تجار الدم في 30 يونيو قبل الدخول في الجحيم وائل قنديل


البلاد لا تحتاج في هذه اللحظة الي حذلقات فكرية عوجاء عن ' مصر بعد 30 يونيو ' بقدر ما تحتاج الي شيء من النزاهة السياسية و الشجاعة الانسانية لتدارك مصر قبل جحيم 30 يونيو.

ان نخبا سياسية تترك نفسها للريح مثل خرقة بالية يتقاذفها التيار هنا وهناك هي نخب غير مؤهلة وغير جديرة بالكلام عن سيناريوهات ما بعد -- فالذين يشاركون في احراق الحاضر وتبديده لن يكونوا صالحين لترسيم حدود المستقبل ووضع تصورات لما هو آت.

في عقد قران ابنة المهندس ابوالعلا ماضي , امس الاول , توقف الحاضرون عند مشهد العناق الحار بين قيادات في جبهة الانقاذ ورفاقهم من الاخوان و التيارات الحزبية ذات المرجعية الاسلامية , ووقف المدعوون مشدوهين امام هذه الحفاوة وروح الدعابة في اللقاء , متسائلين : لماذا يفعل السياسيون ذلك في القاعات المغلقة ثم يتبادلون القصف العنيف في العلن وعبر الميكرفونات وفوق صفحات الجرائد؟

لماذا تنتعش هذه الروح سرا , بينما تطغي روح الانتقام و التطاحن علنا؟

واذا كانت هذه الروح اصيلة ومتجذرة في النفوس , فلماذا لا تنتقل الي جموع المصريين وتسري بينهم؟

لقد عشنا الايام الماضية فترة من الرماية بالذخيرة الحية علي كل مسعي للحوار بين غرماء الثورة المصرية , وراينا اصرارا عنيفا علي مواراة كل المبادرات المحترمة لنقل الصراع من ارضية القتال بالجموع المشحونة غلا وكراهية ورغبة في اراقة الدم , الي وضعية النزال السياسي المحترم -- بل بلغ الامر حدا ابعد من ذلك بتشويه وتخوين كل من يطرح مبادرة تعفي المصريين من الذهاب الي اتون احتراب اهلي لن يبقي او يذر , فصارت كلمة ' الحوار ' سبة ونقيصة واتهاما بالتآمر و الخداع و الخيانة.

ان الذين يروجون لفكرة انه مضي اوان الحوار و الكلام يقدمون من الآن وثائق ادانتهم اذا سالت لا قدر الله دماء مصرية نهاية هذا الشهر , وسيذكرهم التاريخ بانهم قادوا شعبا كاملا للانتحار ذبحا , وجردوا ثورة اذهلت العالم من جوهرها الانساني الحضاري النبيل.

كما ان الذين يستكينون للعجز و الاحباط من امكانية الوصول الي حل سياسي يخرج المصريين من مازق التناحر سيتحملون امام الله و الوطن و التاريخ قسما من المسئولية لو حدث مكروه , ذلك ان الجميع مطالبون الآن وحتي ربع الساعة الاخير قبل موعد الجحيم بان يواصلوا سعيهم والا يطرقوا بابا دون ان يطرقوه ما دام هناك احتمال ولو ضعيف بانه يؤدي الي ساحة الحل السياسي.

ان لدينا الآن مبادرة محترمة من حزب الوسط , وقبلها كانت هناك مبادرة من حزب النور الذي يتمتع بعلاقة جيدة مع جبهة الانقاذ , فلتتجمع كل المبادرات في مجري واحد ينتهي الي ما يحفظ الحياة , ويبقي علي فرصة المصريين في تجنب مصائر كارثية عرفناها في لبنان و الجزائر في الماضي القريب ونري شبح الاندفاع اليها ماثلا علي بعد خطوات منا.

ان الاعداد الحاشدة التي خرجت امس في مدينة نصر مرشحة للزيادة عند محطة 30 يونيو , وسيقابلها حشود من الجبهة المقابلة , فليتخيل عواجيز السياسة الفشلة صورة مصر في تلك اللحظة المخيفة , وليتحلوا باخلاق النبلاء ويتخلوا عن الاختباء وراء ظهور شباب يدفعونهم الي المحرقة.