الثورة تغرق في مستنقع الثورة المضادة وائل قنديل


اظن انه بعد هذا المؤتمر الفكاهي الهزلي الركيك لسيادة اللواء ' الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان ' يحق لاي مواطن علي ارض مصر ان يقيم حفلات طهور وسبوع وعيد ميلاد للابناء في مركز اعداد القادة , واثق ان ما سيحدث فيها سيكون اكثر عمقا و منطقية و اتزانا مما جري في حفل الرجل الذي يقف خلف جنرالات الثورة المضادة امس.


الرجل يقول بوضوح وبلا ادني مواربة ان ثورة المصريين في يناير 2011 كانت مؤامرة نفذها الاخوان , ويدعو الشعب الي النزول يوم 30 يونيو للانقلاب علي ثورته واستعادة مصر المباركية السليمانية النموذجية الخاصة , ويغترف من اناء الخطاب العكاشي الآسن ويرش علي وجوه المتابعين قفشات ونكات كان من المفترض ان تكون مضحكة لكنها اسالت الدموع حزنا علي الانحطاط الذي اصاب مؤسسات مصر , ولم تسلم منه اجهزة الامن القومي فتحولت الي خرائب فكرية ومعلوماتية وسياسية.

ان الخطاب الصادر عن رجل كان مديرا لمكتب مدير المخابرات ونائبا للرئيس المخلوع يجعل من محاكمة مبارك علي افساد مصر سياسيا وامنيا , واعطاب مؤسساتها واجهزتها واصابتها ب ' العتة ' , ضرورة حضارية واخلاقية , ذلك ان المعني الصريح لهذه الحالة ان مبارك نجح في افساد العقل المصري وتغييب الكفاءة وسحق الجدارة و المهارة و اللياقة , وكرس قيما ومعايير مخجلة للترقي و الصعود.

غير ان هذا الخطاب علي ركاكته وتهافته وتفاهته يعد فرصة اخيرة للثوار الحقيقيين لكي يقفوا امام مرايا ضمائرهم ويتبينوا مواقع اقدامهم وعلي اية ارضية يقفون وفي اي مسار يتحركون باتجاه جحيم الثلاثين من يونيو.

لقد قطع اللواء الشك باليقين واعلن بوضوح تام ان الثلاثين من يونيو هو الموعد المضروب لقوي الثورة المضادة لكي تنفذ انقلابها وتجهز علي ما تبقي من ملامح وآثار لثورة يناير , وعلي ذلك من المنطقي ان يراجع ذوو الشهداء واصدقاؤهم ورفاقهم موقفهم قبل ان يجدوا انفسهم فجاة مجرد ادوات في ايدي جحافل الثورة المضادة ومقاولي الغضب الذين يلعبون كل الادوار.

ان الصورة باتت واضحة الآن , و اللاعب الرئيسي في محرقة 30 يونيو بات معروفا لكل ذي بصر وبصيرة , وهو من يحشر المصريين الآن في خلاط الشائعات و التسريبات العملاق ويرجهم رجا معلوماتيا احترافيا , ليقول لهم في نهاية المطاف انهم لا خيار لهم سوي الجحيم او التبرؤ من ثورة يناير.

واكرر للمرة المليون ما قلته من قبل ' ان اخطر ما يمكن ان تصاب به المعارضة المصرية الحقيقية ان تسمح بعلاقات تجاور و التقاء مع معارضات اخري فاسدة ومزيفة , لمجرد ان الخصم واحد , لان المهزوم في هذه الحرب غير المقدسة لن يكون النظام الحالي ولا الاخوان ولا الاسلام السياسي , بل ستكون مصر كلها هي المهزومة , وستكون ثورة يناير هي وقود الحرب واشلاؤها ودماؤها , لينفتح مشهد النهاية علي عودة النظام القديم بكامل عداده وعدته.

تخيروا لغضبكم ونقوا ثورتكم من الملوثات ايها السادة.

هناك تعليق واحد :

غير معرف يقول...

ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا - بارك الله فيك