قضاة يصرون على افراح مبارك في نفس اليوم و يطلبون اعتذار الشعب له و لرجاله أحمد منصور


كان يوم الخميس الماضي يوما طويلا بالنسبة لي , وعلي الرغم من وجودي في باريس فانني كنت اتابع طوال اليوم نظر محكمة جنايات القاهرة الطعن المقدم من النيابة العامة علي القرار الصادر يوم الثلاثاء باخلاء سبيل مبارك في قضية الكسب غير المشروع , وقد تعجبت بداية من قرار الدائرة 19 بمحكمة الجنايات التنحي لاستشعارها او استشعار احد قضاتها الحرج , و لم افهم معني استشعار الحرج من محاكمة من افسد حياة المصريين و دمر مكانة مصر في انحاء العالم طيلة ثلاثين عاما , و سرعان ما قامت محكمة استئناف القاهرة بتحديد الدائرة 15 بمحكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامي لنظر الطعن المقدم بالاستنئاف من النيابة العامة المصرية علي القرار الذي صدر من غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستانفة باخلاء سبيل مبارك علي ذمة التحقيقات في قضية الكسب غير المشروع , و سرعان ما انتقلت الدائرة الجديدة الي مقر محاكمة مبارك في اكاديمية الشرطة , و حينما قرات ان النيابة في طعنها استندت الي وثائق تثبت ان ممتلكات مبارك و عائلته تجاوزت التسعة مليارات جنيه استبشرت خيرا , و قلت لعل ما حدث طوال الفترة الماضية من بطء في المحاكمة و عدم وجود ادلة كافية في هذه القضية التي يجب ان يحاكم مبارك علي ما هو اكبر منها قد تاكد الآن , الا اني فوجئت في نهاية جلسة المحاكمة التي شهدت حضورا من انصار مبارك و هتافات له , بل ان ابنَي مبارك علاء و جمال رغم انهما غير متهمين في القضية الا انهما ظلا متواجدين من الصباح حيث كانا يحاكمان في قضية اخري و دخلوا القفص الي جوار والدهما و هو ما فاجا الجميع , ثم اصدرت المحكمة حكمها الذي ايد الافراج عن مبارك , و حينما قرات اسباب الافراج وجدتها كانها تتحدث عن موظف بسيط في دائرة محلية في قرية في اقصي الصعيد و ليس عن رئيس الدولة الذي يجب ان يحاكم في محكمة خاصة بقوانين خاصة , حيث ان خصوصية المتهم هناك تتيح للقاضي حسب المادة 134 من قانون الاجراءات الجنائية ان يامر بحبس المتهم احتياطيا في عدة حالات منها ' توقي الاخلال الجسيم بالامن و النظام العام ' و بالتالي فان قرار الافراج عن مبارك في ظل هذه الظروف يعني ان القاضي لم يستخدم حقه لاسيما ان مبارك ليس مجرد موظف بسيط فاسد , و انما كان رئيس الدولة المسئول عن كل ما حدث فيها من فساد وافساد طيلة الثلاثين عاما الماضية .

و قد جاء قرار الافراج عن مبارك الذي لازال محبوسا علي ذمة قضية واحدة هي قضية القصور الرئاسية في الوقت الذي افرج فيه عن معظم رجاله حيث ان كثيرين منهم قد بيضت صفحاتهم من خلال الاحكام القضائية التي صدرت بحقهم بما يؤكد من خلال احكام القضاء ان هذه الثورة التي قام بها هذا الشعب في 25 يناير 2011 كانت ضد نظام و رجال اطهار اساء الشعب فهمهم و انقلب عليهم بينما بيض القضاء صفحاتهم مما يستدعي ان يقدم هذا الشعب اعتذارا لهؤلاء الفاسدين و ان يطلب منهم العودة الي قيادة مصر من جديد , لقد وضعت الاحكام القضائية لمبارك و رجاله الشعب في فتنة , و ثورة مصر في حرج بالغ و مستقبل مصر في وضع مضطرب و لم يعد لمصر الا الله .

ليست هناك تعليقات :