زرعنا ثورة في 2011 و حصدنا فلول في 2012 وائل قنديل


كان المنتظر ان يكون ٢٠١٢ هو عام للحصاد , تحصل فيه مصر علي بشاير ثمار ثورتها , بعد سنة ارتوت فيها الارض بالدم و العرق , وعاش المصريون شهورا من المعاناة و الكفاح استبسالا في حماية ما زرعوه في ٢٥ يناير ٢٠١١.

غير ان ريحا عاتية لم تتوقف عن العصف بكل شيء , ومرت علي مصر ايام اثقل من الجبال , لم يتذوق المواطن فيها حلاوة ثمار ما زُرع ورُوي , وبدا وكان آلة جهنمية تعمل علي تكفير المصريين بثورتهم , من خلال انهاكهم في عذاب يومي تكبدوا معه مشقة الجوع للامن و العطش للمعيشة المحترمة , ومضي سيناريو صناعة الازمات في طريقه , من ازمة وقود وبوتاجاز الي مصائب انفلات الامن , بالتوازي مع عمليات تنكيل سلطوية لم تتوقف ضد الثوار و المتظاهرين , فكان ٢٠١٢ بجدارة عاما كارثيا لم يخل من المذابح التي حصدت عشرات الشهداء وخلفت آلاف الجرحي.

لقد بدات سنة ٢٠١٢ بسرادق عزاء طويل في ضحايا مذبحتي محمد محمود ومجلس الوزراء , حيث جرت عمليات التصويب علي معاني الثورة , بتعيين الجنزوري المنتمي قلبا وقالبا الي عصر مبارك رئيسا لحكومة مصر الثورة , وكانت تلك رسالة شديدة الوضوح من المهيمنين علي حكم البلاد بقوة السلاح وبقانون الامر الواقع الي معسكر الثوار , مفادها : لا تحلموا بغد جديد تمارس فيه الثورة الحكم , ومن اسف ان معسكر الاسلام السياسي وقف صامتا , وبدا موافقا ومتوافقا مع هذا التوجه من قبل المجلس العسكري.

واذكر انه في يناير من العام الماضي شاركت مع مجموعة من الرموز الوطنية و الحركات الثورية في صياغة مبادرة لتسليم السلطة من المجلس العسكري الي مجلس الشعب المنتخب , بمقتضاها يخرج العسكري من المشهد السياسي لايقاف نزيف الدماء التي سالت علي يديه , وتتضمن مطالب عاجلة بتطهير الداخلية و الاعلام واقالة النائب العام ويتولي مجلس الشعب تشكيل حكومة انقاذ وطني تعبر عن اهداف ومطالب الثورة.

وتوجه وفد يضم اطيافا من الكتل السياسية المصرية ضم الدكتور علي الاسواني و الدكتورة كريمة الحفناوي وعددا كبيرا من شباب الثورة الي مبني البرلمان , وعقد اجتماع استمر ساعات لعرض المبادرة , ثم التقت المجموعة برئيس مجلس الشعب , وانتهي اليوم بوعد بدراسة المبادرة و التفاعل معها في اقرب وقت ممكن -- غير ان ردا لم يآت من البرلمان بالطبع , بما عمق احساسا بان الثورة يجب ان تجد لها مسارات وحلولا اخري.

وما بين بداية ٢٠١٢ ونهايتها جرت في النهر وتحت الجسور مياه كثيرة , وتبدلت احوال وتغيرت اقوال , فصعد النائب العام المطلوب اقالته الي مراتب الشهداء , وسكت الكلام عن مطالب التطهير في القضاء و الاعلام , وارتدي اعلام الفلول ملابس الثورة. وانفتحت الميادين لاستقبال رموز طالبت الثورة بازاحتها من المشهد , واختتمت السنة بتعريف جديد للفلول , وراينا مرشحهم الخاسر في جملة واحدة مع رموز ثورية.

ليست هناك تعليقات :