وجهت المحكمة الدستورية العليا انتقادا للبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية باللغة الانجليزية يوم الجمعة الماضي , و الذي تناول المحكمة الدستورية العليا في مواضع عدة , واصفا اياها ب ' القوي المعادية للثورة ' , حيث اعتبرت المحكمة ان البيان يستهدف تقويض سمعة المحكمة دوليا , و التشهير بها بعد كيل الاتهامات لها دون ادلة , علي نحو يشكل جريمة اذاعة اخبار كاذبة ومغرضة المعاقب عليها قانونا.
وقال المستشار ماهر سامي , نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا و المتحدث الرسمي لها في البيان الصادر عن الجمعية العامة للمحكمة الدستورية _ ان المحكمة قد هالها ان تصدر مؤسسة الرئاسة بيانا بهذا المحتوي من الافتراءات و المغالطات.
وعرض بيان المحكمة الدستورية العليا للبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية باللغة الانجليزية عن مكتب مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية و التعاون الدولي يوم الجمعة الماضي و الموجه للاعلام الاجنبي , و الذي تم نشره ايضا باللغة العربية علي صفحة الناطق الرسمي لرئيس الجمهورية , وصفحة مساعد الرئيس , حيث تناول البيان الرئاسي ذكر المحكمة الدستورية العليا في مواضع ثلاثة منه.
وجا نص البيان كالتالي ' تم حل مجلس الشعب بطريقة مريبة من قبل المحكمة الدستورية العليا جاءت دلائل من عدد من الجهات تفيد بان المحكمة الدستورية التي اعتبرها البيان من القوي المعادية للثورة التي قامت بتصعيد حملتها لاسقاط مكاسب الثورة ستقوم بحل الجمعية التاسيسية , تم تعزيز الدلائل التي تؤكد عزم المحكمة علي حل الجمعية التاسيسية مما دفع الرئيس الي التحرك باصدار اعلان دستوري في 22 نوفمبر الماضي لتحصين هذه القرارات من تدخل المحكمة الدستورية العليا ' .
واشار المستشار ماهر سامي _ في بيانه _ الي ان المحكمة الدستورية العليا تتساءل : ' لماذا اختار مساعد الرئيس بعد ان كشف جريمة تآمر المحكمة الدستورية لحل الجمعية التاسيسية , ان يتوجه ببلاغه الي الاعلام الاجنبي , بدلا من اجهزة التحقيق المختصة ؟ ' .
وقال البيان المحكمة الدستورية العليا متسائلا : ' وما الذي قصده مساعد الرئيس من مخاطبة هذا الاعلام ' الاجنبي ' في امر يتصل بصميم الشان الداخلي للوطن , ويتعلق بسلطة من سلطات الدولة الثلاثة وهي القضاء ويخص منه احدي مؤسساته السيادية الوطنية الرفيعة وهي المحكمة الدستورية العليا , فيثير الريب و الشكوك في احكامها , ويدفعها بالتآمر الا ان يكون قد استهدف بذلك تقويض سمعة هذه المحكمة دوليا , و التشهير بها وفضحها عالميا بعد كيل الاتهامات لها دون ان يقدم دليلا واحدا علي صحة ادعاءاته ومزاعمه ؟ ' .
واكد البيان انه في ضوء ما تقدم فان ما تضمنه البيان الرئاسي يكون قد انطبق عليه _ في مفردات قانون العقوبات _ وصف انه اذاع عمدا في الخارج اخبارا وبيانات وشائعات كاذبة ومغرضة تضعف الثقة بهيبة الدولة واعتبارها , وتضر بالمصالح القومية للبلاد , وهو فعل جنائي يندرج ضمن الجرائم المضرة بامن الحكومة من جهة الخارج _ في حالة ثبوته.
وذكر البيان , انه بات مؤكدا انه ليس في عزم احد ان يستجيب لمطالب ملحة متكررة من المحكمة لتقديم الادلة التي تثبت اشتراك قضاتها في مؤامرة لاسقاط مؤسسات الدولة , علي نحو ما اشاعه اصحاب الحملة الضارية الظالمة من اكاذيب لاغتيال المحكمة وقضاتها ماديا ومعنويا.
وجددت المحكمة مطالبة كل من اتهم المحكمة او ايا من قضاتها , او يفعل اليوم ذلك , ان يقدم دليل اتهامه , مشيرة الي ان هذه الاتهامات التي يطلقها اصحابها في تحلل من اي قيد قانوني او اخلاقي او وازع من ضمير , ليس مقبولا من احد , ولا ينبغي ان تظل بمناي عن الحساب , وخضوعها لحكم القانون زمنا اطول من ذلك.
واشارت المحكمة الدستورية العليا الي ان بيان مساعد الرئيس كشف عن اصرار عمدي لمواصلة مسلسل الاساءة و التطاول و التجريح و التعريض بالمحكمة الدستورية العليا , و الذي اطرد عرضه وفق مخطط منهجي ثابت , وقصد مبيت علي اقحام المحكمة , و الزج بها في اتون الصراع المشتعل بين القوي السياسية , رغم ان المحكمة بقيت دواما وتماما خارج دائرة الخصومة و الاشتباك دون ان تتحمل مسئولية سوء الظن بانها لم تكن كذلك.
واكدت المحكمة الدستورية العليا ' ان كل ما ساقه مساعد الرئيس هو محض خيال ووهم , وان ظنونه ودلائله قد اصابها الفساد في الاستدلال , و الاعتساف في الاستخلاص , وعدم اتساق المقدمات مع النتائج , حيث افصح عن ارتيابه في الحكم الذي صدر بحل مجلس الشعب , وتعزيز الدلائل لديه التي تؤكد عزم المحكمة الدستورية علي حل الجمعية التاسيسية , لكنه لم يفصح عن اسباب هذا الارتياب , وامارات هذه الدلائل ' .
وقالت المحكمة الدستورية العليا في بيانها انها تري انه كان يتوجب علي مساعد الرئيس تصونا للموقع الوظيفي الذي يشغله بمؤسسة الرئاسة الا ينزلق الي تلطيخ سمعة القضاء المصري امام الاعلام الاجنبي , ويتنزه عن الصاق الاتهامات جزافا وافتراء بالقضاة الوطنيين الشرفاء الذين ينتسبون للمحكمة الدستورية العليا , بعلو
قامتها وسمو رسالتها , و التي يعرف الشعب قدرها ومكانتها بما انجزته وسطرته من احكام تحمي بها حقوقه وحرياته علي مدي اكثر من اربعين عاما.
واضافت المحكمة الدستورية انه كان علي مساعد الرئيس ان يتعفف عن اهانة هذه السلطة القضائية علي مراي ومسمع من الاعلام الاجنبي و الذي عجزنا عن ادراك الهدف من مخاطبته في هذا الشان , وكان عليه كذلك ان يزن كلماته قبل النطق بها , ويتحري الدقة و الصدق قبل ان تطيش منه العبارات لان الكلمة شرف وامانة ومسئولية.
وذكر بيان المحكمة الدستورية العليا : ' انه مع الاسف العميق قد نجحت هذه الحملة الشرسة من خلال اصحابها الذين اتيحت لهم السيطرة علي مقاعد الجمعية التاسيسية ان يشفوا غليلهم بالانتقام من المحكمة الدستورية , وان ينقضوا بمعاولهم واظافرهم لتقويضها متوسلين في ذلك بما وضعوه من نصوص تتصل بتنظيم عملها في مشروع
الدستور عدوانا علي استقلالها , وانتقاصا من اختصاصها , وعزلا لقضاتها , وهي الحملة ذاتها التي حركت بسطاء الخلق من المواطنين ممن اسلموا قيادهم لارباب هذه الهجمة , فاوغروا صدورهم والهبوا مشاعرهم بالكراهية و الحقد و العداوة ضد المحكمة , واحتشد هؤلاء يحاصرون المحكمة ويمنعون قضاتها من حضور جلساتهم واداء عملهم , و يعلو هتافهم و صياحهم بسب القضاة و اهانتهم و محاولة الاعتداء عليهم , و مازالوا يفعلون حتي الآن , دون ان يتعرض لهم امن او شرطة .
وقال بيان المحكمة الدستورية : ' المحكمة الدستورية العليا لمن لا يشار الى و التي اعتبرها مساعد الرئيس من امثلة القوي المعادية للثورة التي قامت بتصعيد حملتها لاسقاط مكاسب الثورة , هي من بادرت بالاعتداد بالاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس من العام الماضي و الاعتراف به بعد استفتاء الشعب عليه , واسندت احكامها
التي اصدرتها خلال عامين الي نصوصه حفاظا علي مكتسبات الثورة ' .
واختتمت المحكمة بيانها مؤكدة انها ستظل حية خالدة في ضمير امتها مهما حدث لها , وايا كان حجم الخسائر و المخاطر و التضحيات التي اصابتها او مازالت في الطريق , ولاؤها للشعب و الدستور و القانون و العدل و الشرعية .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق