أحمد منصور ... حجم الاكاذيب و التحريض و التشويه الذي تداولته وسائل الاعلام المصرية عن الدستور المصري الجديد خلال الاسابيع الماضية كان كفيلا اذا صدقه الشعب المصري ان يجعل التصويت بنعم للدستور لا يتجاوز نسبة 10 في المائة , لكن يبدو ان الشعب الذي اتهمه كثير ممن تولوا ادارة هذه الحملة بالجهل احيانا , وبعدم المسئولية احيانا اخري لديه من الوعي ما جعله يصوت لصالح الاستقرار , لكن اعجب ما نعيشه الآن في مصر هو حجم التصريحات التي يطلقها بعض من اصبحوا قادة سياسيين يحركون المشهد و التي يبدو كثير منها خارج نطاق الزمن و التاريخ , فبعد اقرار الدستور نجد بعضهم ينادي بدستور 1971 ويدعي انه يُخرج مصر من الازمة ولا ادري عن اي ازمة يتحدث هؤلاء بعدما صوت الشعب للدستور الجديد الذي يتفوق في كل بنوده علي كل الدساتير السابقة وقال نعم بنسبة لا باس بها , وهل نال اي دستور في تاريخ دساتير الشعب المصري من النقاش و الخلاف و الحرب الاعلامية كما نال هذا الدستور؟ وهل سبق للشعب المصري ان تمت استشارته بشفافية عن رايه في الدستور وقال رايه بحرية فيه حتي ان محافظة مثل محافظة المنوفية التي علي راسها الدكتور محمد بشر عضو مكتب الارشاد السابق واحد قيادات الاخوان المسلمين قالت لا للدستور ومع ذلك لم يتدخل المحافظ كما كان يحدث من قبل ليزوّر النتيجة لصالح النظام او اخونة الدولة كما يدعي هؤلاء؟ فقبل اعلان نتيجة الدستور بل ربما قبل التصويت اخذوا يتحدثون عن التزوير , ثم عن بطلان الدستور , واسقاطه حتي بالقوة كما قال احدهم , اما الآخر وهو من رموز النظام السابق فقد نادي بحكومة وفاق وطني بعدما اعلنت النتيجة وهزم الشعب المعارضين , ولا ندري ولا نفهم كيف يطالب بالمشاركة في الحكم من يعارضه بل من يتهمه بالتزوير و الاخونة وغير ذلك من المصطلحات و العبارات الفضفاضة التي تنتمي الي ثقافة الاتحاد الاشتراكي و التنظيم الطليعي ومنظمة الشباب , وهذا الذي يدعو الي حكومة وفاق وطني كان يبحث عن اي علة ليحول دون خروج الدستور الي الوجود ولما لم يجد علة قال بثقافته الواسعة انه يعترض علي الدستور بسبب النص الخاص باهل السنة و الجماعة معتقدا بثقافته الضحلة ان اهل السنة هم السلفيون و الجماعة هي جماعة الاخوان المسلمين واتهم الاخوان و السلفيين انهم فصّلوا هذه المادة علي مقاسهم واخرجوا باقي الاحزاب من الاسلام , هذا ما صرح لي به احد قيادات الجمعية التاسيسية للدستور حينما ابلغه بموقفه , هذا الزعيم الذي ينتمي الي عصور التنظيم الطليعي و الاتحاد الاشتراكي وكان من ادوات حسني مبارك ثلاثين عاما ثم ركب قطار الثورة واصبح يتحدث باسم الثوار ويمثلهم في المؤتمرات التي يعقدها زعماء المعارضة.
كثير من الاصوات العالية لا وجود لهم الا في الفضائيات , يحرضون ويكذبون ويعارضون من اجل المعارضة لانها اصبحت حرفة لدي البعض يسترزق منها وقد شوه هؤلاء دور المعارضين الوطنيين الحقيقيين الذين يعارضون بوطنية وبرؤية لان المعارضة تبني ولا تهدم , وتدعم استقرار الوطن لا تزرع القلاقل فيه , فالنظام لا شك له اخطاؤه الكبيرة التي اصبحت تتراكم في الفترة الماضية بشكل كبير حتي ان الرئيس مرسي اعترف بها في خطابه الاخير , وليس معني اعترافه بها اننا نعفيه من تحمل مسئوليتها , ان للكلمة مسئوليتها اما الذين يتعاملون مع الكلام بمنطق انه ليس ' عليه جمرك ' فعليهم ان يعلموا ان الشعوب لا ترحم ونحن في عصر تكنولوجيا المعلومات التي تعني ان كل ما يقال لا يمحي بل يفضح لا سيما حينما يكون خارج نطاق الزمن و التاريخ .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق