بين نقذ الاخوان لذاتهم و الحملة الشرسة لتشويههم أمام الشعب فهمي هويدي


لا يستطيع المرء ان يكتم دهشته حين يقرا في صحف الصباح تصريحا منسوبا الي احد المسئولين بالاخوان يقول فيه ان الجماعة تطالب بست ' في قول آخر بثماني ' حقائب في الحكومة التي دعا الرئيس مرسي الي تعديلها . ليس العدد سبب دهشتي غير انها الفكرة ذاتها . ذلك انني استغرب ان تفكر اية قيادة في الاخوان في زيادة تمثيلها في الحكومة , في حين تتراجع شعبيتها في الشارع .

و سواء كان ذلك راجعا الي اخطاء وقعت فيها الجماعة و ادت الي اضعاف او هدم جسورها مع القوي السياسية الاخري , او الي كثافة الاعلام المضاد , فالنتيجة واحدة. بالتالي فما ينبغي ان تنشغل به الجماعة في الوقت الراهن هو تقوية الحكومة وتعزيزها بارفع الكفاءات الي جانب كيفية ترميم علاقتها مع الآخرين. وليس تكثيف وجودها في السلطة. وكان ظني ورجائي ان تجري قيادة الجماعة في هذه المناسبة نقدا ذاتيا شجاعا اولا , لتقييم الثمن الذي دفعته الجماعة من جراء تحالفها مع السلفيين.

وثانيا لتحري الاسباب التي ادت الي انفضاض كثيرين من حولها اشخاصا كانوا ام احزابا. وفي ذات الوقت تفكر جديا في تصحيح ذلك الموقف واعادة مد الجسور مع بقية القوي السياسية , او علي الاقل مع الاطراف الذين لم يكونوا خصوما لها. وفي هذه الحالة فان التفكير الذي اتصوره سديدا ينبغي ان يتجه الي توسيع ضم الآخرين المعارضين للحكومة الي جانب اعلاء قيمة الكفاءة فوق الانتماء للجماعة.

لقد كان لي في وقت مبكر تحفظ علي فكرة تشكيل الاخوان للحكومة ايا كانت الاغلبية التي تمتعوا بها في الانتخابات النيابية , لاسباب تعلقت بالملاءمة السياسية و الخبرة العملية. واقترن ذلك التحفظ بتحذير الاخوان من ثلاث فتن باتوا يتعرضون لها , حصرتها آنذاك في فتنة الاغلبية وفتنة السلطة وفتنة الاعلام. لكن الامور اتخذت مسارا آخر , ففاز الاخوان بالرئاسة , ولم يشكلوا حكومة اخوانية لكن رئيس الجمهورية كلف شخصية غير اخوانية برئاستها. واختار لها خمسة من الاخوان من بين 35 وزيرا في الحكومة. ومع ذلك فقد غابت عنها القوي السياسية الاخري بعد اعتذارها عن عدم المشاركة. وحتي اذا كان الاعتذار غير بريء ' سمعت من احد المعتذرين قوله ان حزبه اراد للاخوان ان يشربوها وحدهم ' فقد كان يتعين علي الاخوان ان يضموا الي الوزارة اكبر عدد من الخبراء ذوي الكفاءات المستقلة التي يمكن ان يمثل وجودها اعلانا جادا ومقنعا عن انها حكومة وحدة وطنية وليست حكومة الاخوان. ورغم ان المازق الاقتصادي الذي تواجهه مصر الآن كان ينتظر اية حكومة اخري , فان الراي العام سيظل يربط بين ذلك المازق وبين جماعة الاخوان دون غيرها.

لست في وارد تقييم موقف الجماعة , الذي ارجو ان تمارسه قياداتها وقواعدها , لكنني اقول بسرعة ان كثيرين من الناطقين باسمها استسلموا للفتن الثلاث التي حذرت من الوقوع فيها , الامر الذي يسوغ لي ان اقول انهم كانوا ولا يزالون ظالمين ومظلومين. وفي هذا الصدد فانني لست ابرئ المعارضين الذين كان اكثرهم حريصا علي تصفية الحساب معهم وافشالهم. باكثر من حرصه علي التعويل علي ما هو ايجابي في محيطهم لصالح تحقيق اهداف الثورة واقالة البلد من عثرته. من ثم فان منهم من ظل مشغولا بهزيمة ما سمي بالاسلام السياسي باكثر من انشغاله بالانتصار للثورة واعلاء مصلحة الوطن.

لن استغرب اذا قيل ان الخبر الذي نشرته الصحف عن مطالبة الاخوان بذلك العدد من الحقائب الوزارية غير صحيح , وانه جزء من حملة التشويه التي يتعرضون لها عبر وسائل الاعلام المنحازة. وهو امر ليس مستبعدا لاننا نتابع اصداء هذه الحملة منذ تولي الدكتور مرسي منصبه. وقد قرانا قبل ايام قليلة في عناوين تحذيرية صارخة ان الاخوان طلبوا ترخيص 470 قطعة سلاح , وانهالت علينا التعليقات و الرسومات الكاريكاتورية المنددة بالمطلب و المستهجنة له , الي ان كذبت وزارة الداخلية الخبر. ومع ذلك ظل التنديد مستمرا. ليست تلك هي الحالة الوحيدة بطبيعة الحال لان حرب الشائعات تعد احد الاسلحة الفتاكة المستخدمة في التجاذب السياسي الذي تشهده مصر. الا ان ما شجعني علي التعليق علي خبر الحقائب الوزارية و الاستطراد فيه ان احدا من الجماعة لم يكذبه حتي الآن. ولا اخفي انني انتهزتها فرصة لتنبيه الاخوان وتحذيرهم خصوصا ان ثمة انتخابات نيابية في الطريق , حيث سيتعرض الجميع للامتحان , الذي فيه يكرم الحزب او يُهان .

ليست هناك تعليقات :