الصورة السلمية الرائعة التي خرج بها الاستفتاء الدستوري اضافت رصيدا جديدا لمصر وشعبها لدي العالم كله , الصحافة الاجنبية ابدت دهشتها من عودة الطوابير الطويلة امام صناديق الانتخابات , كما ابدت استغرابها ايضا ان يمر هذا اليوم المشهود بدون اي وقائع عنف تذكر , و الواقعة الوحيدة التي حدث فيها ضجيج اعلامي واقعة الهجوم علي حزب الوفد وهي منفصلة تماما عن الاستفتاء و اللجان الانتخابية , قبل ان تتسرب المعلومات عن ' لعبة ' غير لائقة قام بها رئيس حزب الوفد لحسابات سياسية خاصة , الروح السلمية الرائعة التي تم بها الاستفتاء رغم الملايين التي خرجت في عشر محافظات يعني بوضوح ان محاولات اشعال الوطن و الصدامات و العنف و القتل و الاصابات كلها من افاعيل نخبة صغيرة لا تمثل هذا الشعب ولا تعبر تعبيرا حقيقيا عن ارادته واخلاقه وطبيعته , لقد تم شحن المجتمع بكل صور العنف قبل اسبوع واحد من الاستفتاء وكان المشهد الذي ظهر علي الفضائيات داخل مصر وخارجها صورة بلد يحترق , وهدد زعماء المعارضة ' المضطربون ' بان البلد سيشهد حمامات دم اذا اجري الاستفتاء , وتساءل البرادعي موجها حديثه للرئيس : كيف تدعو للاستفتاء في هذا الجو الخطير و النار مشتعلة , فاتته الاجابة من الشعب نفسه , بان كل ما في راسك خيالات واوهام ينبغي ان تفيق منها , وينبغي ان تخرج من اسر ' تويتر ' الذي تخلط فيه وبه بين تسالي الشباب وبين الجدية المطلوبة في قيادة وطنية , وينبغي ان تتوقف عن هجاء الشعب المصري وشتيمته , لان ما قلته امس عقب ظهور النتائج فيه اهانة لا تليق ولا يمكن قبولها , وانا لا اعرف سبب احتقار الليبراليين للشعب المصري بهذا الشكل , يتهمه البرادعي بانه شعب جاهل وامي , ثم يطالب ' الليبرالي و الحقوقي جدا ' علاء الاسواني بان يتم استبعاد حوالي عشرين مليون مصري من التصويت بدعوي انهم جهلة واميون , ما هذا الاحتقار للشعب المصري! ما هذه الروح الفاشية فعلا التي يتعاملون بها مع الشعب المصري!.
النتيجة التي افضي اليها الاستفتاء امس في جولته الاولي تعني قبولا شعبيا بالدستور , هذه دلالة قانونية وسياسية مباشرة , لكن الحدث له دلالات سياسية اخري غير مباشرة , لكنها لا تقل اهمية , لعل في مقدمتها تجديد الشعب المصري الثقة في الرئيس محمد مرسي وشرعيته , بعد ' الغارة ' التحريضية الواسعة التي شنها عليها تحالف ليبرالي ويساري متشنج ومدعوم بآلة اعلامية هائلة داخل مصر وخارج مصر , و الذي حاول تصوير الامر علي ان الشعب المصري ضد مرسي وانه نزع منه الشرعية وان الشعب يريد خلعه وانه لم يعد يمثل سوي اقلية صغيرة ضمنها الجماعة التي ينتمي اليها , كل هذا ثبت الآن ديمقراطيا انه هراء واكاذيب وتهريج , لان قرار الاستفتاء علي الدستور هو قرار الرئيس مرسي , و الذين ذهبوا لتاييد الدستور ذهبوا لدعم اختيار الرئيس مرسي نفسه ودعم رغبته في اعادة بناء الدولة ومؤسساتها و الانتقال بها من عشوائيات احتجاجات الشوارع و الميادين الي الصراع السياسي الحضاري من خلال مؤسسات دستورية , فان يخرج غالبية الشعب المصري لكي يؤيد هذا الاختيار فهذا بداهة تجديد للثقة برئيسهم يشبه تجديد انتخابه فعليا , كما يعني بالمقابل ان هذه المعارضة الصاخبة ما زالت تمثل اقلية سياسية عند الشعب المصري , و هذا ليس تقليلا من حضورهم ولا اهانة لهم , و انما هو تصحيح للتشوهات التي حاولوا تمريرها علي الخريطة السياسية في مصر الآن .
مبروك للشعب المصري انتصار ارادته و الاحترام الذي تجدد له من العالم كله , ومبروك للتيار الاسلامي نجاحه المتجدد في تحقيق غالبية اصوات الشعب المصري , ومبروك للرئيس مرسي تجديد الثقة به وباختياراته السياسية , ومبروك ايضا للمعارضة المصرية التي نجحت في تحقيق احتشاد تصويتي محترم جدا , حتي وان خسرت الجولة .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق