تنتشر في المجتمع المصري علي وجه الخصوص ظاهرة غريبة ساهمت الصحافة الصفراء و المواقع الاخبارية بل ربما الصحافة المصرية بعمومها في هذه المرحلة في وجودها , وهي صناعة وترويج الشائعات , فمن السهل ان تجد العناوين الرئيسية للصحف تتناول الحياة الخاصة لشخصية عامة بشكل فج وقبيح وتنشر عنوانا كبيرا هو في حقيقته مختلق وكاذب ولا مانع من بعض الصور او حتي الوثائق المفبركة المصاحبة للخبر الذي هو في حقيقته من وحي خيال مريض لصحفي مرتزق , واسوا ما في الامر ان كل ما ينشر علي الانترنت عن اي انسان من الصعب , ان لم يكن من المستحيل , حذفه , ويظل موسوما بالشخص تتداوله الاجيال , وهو في حقيقته ليس سوي خليط من الاكاذيب المختلطة , و الامر وصل حتي الحديث عن ان الرئيس المصري محمد مرسي مصاب بورم في الدماغ , ولا يمنع الامر من اجراء عدد من الحوارات التليفزيونية وجلسات النقاش للتاكيد علي الشائعة الكاذبة , واعتقد ان الاداء الاعلامي المصري في هذه المرحلة بحاجة الي عدد كبير من الخبراء والي عدد كبير من الرسائل العلمية لتحليل هذه الظواهر التي افرزتها تلك المرحلة الضبابية , وتحليل نفسيات الذي يقفون وراء هذا الاداء .
من المعروف ان اجهزة الامن و الاستخبارات تلعب دورا رئيسيا في نشر الشائعات , وهي سلاح قوي وفعال يستنزف الطاقات ويصرف الجهود اما في عمليات النشر او عمليات النفي بعد ذلك لصرف الناس عن قضاياهم المصيرية , حيث من طبيعة البشر عشق الشائعات وقضاء الامسيات في الحديث عن الشخصيات العامة وما فعله فلان وما تركه ترتان ويتركون هموم وطنهم الحقيقية , وحتي لا نظلم المجتمع المصري فان عشق الشائعات و الحديث عنها قديم قدم الازل , حتي ان الرسول صلي الله عليه وسلم لم ينجُ منه , وحديث الافك عن السيدة عائشة سجله القرآن الكريم ليدلل علي طبيعة البشر حتي لو كانوا من الصحابة , وطبيعة الناس حتي لو كانوا يعيشون في عصر النبوة , لكن القرآن ذكره حتي تربي الامة علي عدم الخوض في الاعراض وعدم تداول الشائعات و السعي للتحقق مما يقال , ولذلك شدد القرآن في شهادة الزنا حتي لا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويكاد يجمع العلماء علي ان الحدود التي طبقت بالشهود في حد الزنا تكاد تكون محدودة للغاية في عددها , وكثير ممن رموا مسلمين او مسلمات بالزنا عوقبوا بالجلد لانه شهادتهم لم تكن كاملة او متطابقة بين الشهود الاربعة , للتاكيد علي ان ما شاهد الفاحشة عليه ان يسترها لا ان يشيعها بل يختلقها ثم يشيعها , كما نري الآن في مجتمعاتنا , و العجيب ان الناس تصدق او تحاول او تحب ان تصدق كل شيء يقال , حتي لو كان من المستحيلات , فحجم الشائعات التي اصبحت تطلق وتروج علي الاسلاميين او قادة الراي العام في هذه المرحلة اصبح من الخيال كما وقصصا , ودخل علي الخط مواقع التواصل الاجتماعي حيث ملهاة الناس حينما يدركهم الفراغ او يصلون الي حد التسلية المترفة , وتتجاوز الامور الشائعات الي السب و القذف في كثير من الاحيان , وكل مرض له علاج وعلاج هذا بشيئين . احدهما طويل الامد باعادة ترسيخ القيم في حياة الناس , وعلاج قصير الامد بتفعيل القوانين التي تحمي اعراض الناس وحياتهم وتشديد العقوبات وتطبيقها في هذا الجانب , وقد كرَّس الرسول صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع هذا الامر حينما خاطب الناس جميعا فقال ' ايها الناس ان دماءكم واعراضهم واموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ' .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق