انه العند يا صديقي !


معتز بالله عبد الفتاح ... ' ايه يا عمنا هو الناس دي مش هتتفق علي حاجة و لا ايه ؟ ' سالني صديقي محمد الميكانيكي .

' لا اعتقد يا محمد , سيظلون مختلفين بنفس نظرية ده ما يشوفش امه ' . قلت له.

' ايه ده؟ يعني ايه؟ ' سالني صديقي.

قلت له فاكر النكتة اللي بتقول ان واحد ' غتت ' ومعه واحد صاحبه سينفذ فيهما حكم الاعدام . فيسالون الاثنين : نفسكم في ايه , كل واحد له طلب واحد فقط. فرد الاول : نفسي اشوف امي. فسالوا ' الغتت ' فقال : ' ده ما يشوفش امه! ' وما قال ذلك الا علي سبيل العند وبهذا اضاع علي نفسه ان يحقق مكسبا لنفسه وانما هدفه اضاعة الفرصة علي الآخرين.

' علي فكرة النكتة بايخة ومش بتضحك ' قال صديقي الميكانيكي. قلت له : ' ما هو انا لا اقولها كي تضحك وانما اقولها علشان تحزن علي حال البلد الذي تدير نخبته السياسية شئونه بهذه الطريقة : طريقة الادارة بالعند ' .

' طيب وايه الضرر في كده؟ ' سال صديقي.

الضرر ان الواحد خايف علي مستقبل البلد من هذه الطريقة في التفكير القائمة علي العند. مثلا الجدل علي التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011 لم يكن حقيقة جدلا علي دستور 1971 بل هو جدل وفقا لنظرية ' ده ما يشوفش امه ' بدليل ان بعض معارضي التعديلات آنذاك يطالبون بعودتها الآن كي تكون دستور مصر لفترة انتقالية مع ملاحظة ان هذا كان ما يقال آنذاك بانه سيكون دستور الفترة الانتقالية لاخراج المجلس العسكري من اللعبة السياسية وكتابة دستور جديد.

بل اتذكر الحملات الاعلانية التي كانت تذاع آنذاك , وكنت اتابعها من الولايات المتحدة , وكنت اتصل من هناك لاسال انصار ' لا ' : ' ما الهدف من رفض هذا الدستور , هو مؤقت بفترة زمنية محددة لحين كتابة دستور جديد , وفيه مواد كثيرة جيدة يمكن الابقاء عليها , حتي لا نفتح كافة ابواب النقاش ونصل الي ما وصلنا له الآن من انقسامات , ولنتاس باندونيسيا التي بنت علي دستور 1946 حين قامت بثورتها 1998. واتذكر انني كتبت آنذاك : ' نعدله كي نغيره ' .

لم يقنعني احد آنذاك , ورغما عن استماعي للكثير من الحجج , ولكن غلب علي ظني آنذاك ان كل طرف يلعب مباراة عند مع الطرف الآخر و الكرة هي ' التعديلات الدستورية ' . وكانت الحجة العبقرية هي ' الدستور اولا ' وحتي الآن لا اعرف من صاحب هذه النظرية العبقرية , وكيف يكون ' الدستور اولا؟ ' الدستور دائما لاحق علي تحديد من يكتبه سواء بلجنة معينة من السلطة التنفيذية او البرلمان , او بانتخاب علي درجة واحدة ' مثل تونس التي تعاني هي الاخري من نفس المعضلة بل اكثر ' او ما اخترناه في مصر من انتخاب علي درجتين , وكان الامل ان يظل البرلمان دون حل حتي لا يفكر اعضاء الجمعية التاسيسية في الانتخابات اللاحقة. او يكون اعضاء التاسيسية من غير البرلمانيين اصلا , او يكون تمثيلهم في حدود الثلث فقط.

المهم يا صديقي انا اخشي من استمرار نفس نمط ' الادارة بالعند ' خلال هذه الفترة ورغما عن ان نتيجة الاستفتاء تشير الي انه سيمر بنسبة غير عالية. وهو ما كنت اشرت اليه في مقال لي قبل الاستفتاء باسبوع حتي لا يسيء المحافظون دينيا تفسير الفوز الكاسح ان حدث. ولكن كنت اخشي من التصويت ب ' لا ' لسببين : الاول ان المنتج باجماله جيد ومن الصعب التوافق علي ما هو افضل منه حتي لو كانت لي بعض التحفظات , ثانيا , ما البديل : لجنة من الرئيس؟ وهل كانت ستلقي توافقا؟ ام انتخابات مباشرة من الشعب , وبمنطق العند سيقدم كل فصيل اكثر من يمثله تشددا , فنتخيل جمعية منتخبة فيها السيد حازم صلاح ابواسماعيل ومن يؤيدونه من ناحية و السيد محمد البرادعي ومن يؤيدونه من ناحية اخري؟ هل من الممكن ان يتفقا علي دستور او حتي علي وصفة عمل الشاي الكشري؟

لقد اخترعنا اسلوبا جديدا في الادارة هو ' الادارة بالعند ' .

' محمد , انت نمت ؟ '

' طيب بالعند فيك , مش هارد عليك ' .

ليست هناك تعليقات :