وائل قنديل ... لا يمكن ابدا تصور ان الدكتور عصام العريان وهو احد مستشاري رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب الحرية و العدالة لم يصله نبا ان توقيع وثيقة بتعديل بعض المواد المختلف عليها في الدستور , ليس مجرد فكرة او مقترح , وانما هو التزام سياسي واخلاقي عبر عنه بيان رسمي الحق بالاعلان الدستوري الثاني الصادر عن رئيس الجمهورية.
وليس من المنطقي ان الدكتور العريان لا يعلم ان الاعلان الدستوري الصادر بعد الجلسة الاولي للحوار الوطني برئاسة الجمهورية و التي امتدت لتسع ساعات , و البيان الرئاسي الرسمي الملحق به حمل توقيعات جميع المشاركين في الحوار بمن فيهم ممثلو حزب الحرية و العدالة وعلي راسهم الدكتور سعد الكتاتني رئيس الحزب , تاكيدا لالتزام جميع الاطراف بما ورد في بنود الاعلان و البيان.
وحتي لا ننسي : فان دعوة رئيس الجمهورية للقوي السياسية للمشاركة في الحوار تاسست علي محاولة البحث عن مخرج من حالة الغليان التي صاحبت دعوة الرئيس للمصريين للاستفتاء علي دستور جديد مختلف عليه. وقد سبقها مبادرة نائب الرئيس المستشار محمود مكي باعداد وثيقة بالمواد محل الخلاف , وهي المبادرة التي اسفرت جلسة الحوار الاولي عن تحويلها من رؤية شخصية الي وثيقة رسمية صدر بها بيان عن مؤسسة الرئاسة , شهده القاصي و الداني.
اذن : هل يريد الدكتور عصام العريان ان يحرج رئيس الجمورية ويظهر المشاركين في جلسات الحوار الوطني علي انهم منخرطون في مسرحية كبيرة ؟
هذا هو اول انطباع يصل اليك حين تقرا تصريحاته التي نشرتها صحيفة ' الوطن ' امس , و التي تزيد من حالة هيستيريا سياسية واعلامية تعصف بكل شيء في مصر , وقد بادرت بالاتصال بالدكتور العريان غضبا من هذه التصريحات التي ترجمت علي الفور الي انها نكوص من الاغلبية ونكث بالوعود , فقال ان كل ما تحدث فيه هو آلية تعديل الدستور كما وردت في المادة الخاصة بالتعديلات , ولم يقصد ان الحزب بصدد التراجع عما توافقت القوي السياسية عليه في جلسات الحوار.
ويظل هذا الكلام في حاجة الي تحديد اكثر واعلان موقف قاطع وصريح من مؤسسة الرئاسة اولا , ممثلة في الدكتور مرسي و المستشار مكي صاحب فكرة مبادرة التعديلات , ومن رئيس حزب الحرية و العدالة ثانيا.
لقد كان المتصور بعد الخروج من مطحنة الاستفتاء العبثية ان تسارع كل الاطراف لصناعة حالة من المصالحة المجتمعية و الشراكة الوطنية , وازعم ان الوثيقة الخاصة بتعديلات المواد الخلافية تصلح مدخلا لحالة توافق في حده الادني ومخرجا من حالة هيستيريا سياسية تجدها فوق المنصات , وفي البيانات. ومن ذلك اغرب ما قرات امس في صيغة دعوة من حزب المصريين الاحرار لوقفة شكر لكل القضاة الذين امتنعوا عن المشاركة في الاستفتاء , علي الرغم من الشكوي المريرة من غياب الاشراف القضائي الكامل علي الاستفتاء.
ومن ذلك ايضا هذا الازدراء النخبوي المتعجرف باتجاهات التصويت في الريف و المناطق الاقل حظا من التنمية و الثقافة في مصر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق