وائل قنديل ... لم تنجح ثورة 25 يناير في ازاحة المخلوع الا لانها كانت واضحة الهدف نقية الغاية , بعبارة واضحة كانت النية صافية ومخلصة ومن هنا نجحت خلال 18 يوما فقط في تحقيق مطلبها باسقاط مبارك وعصابته .
وقد قيل ويقال دوما ان هذه الثورة محاطة بعناية الله ورعايتها , لان انصارها اخلصوا النية وحددوا الهدف , ولذلك صمدت الثورة في وجه ضربات عنيفة ومحاولات اعنف لسحقها و ازالتها من وجدان المصريين , فخرجت من معارك العباسية الاولي و ماسبيرو و محمد محمود بجزايها و مجلس الوزراء واقفة علي قدميها , تعافر و تتحدي المستحيل .
و لعل هذا هو الدرس الذي تغافل عنه الداعون لمظاهرات الغضب هذه الايام , ذلك ان المقاصد لم تكن واضحة و محددة , و من ثم جاءت آليات الاداء مرتبكة و غامضة , و الحاصل ان الحشد بدا علي ارضية النضال ضد اعلان دستوري مستبد , لكن منذ اليوم الاول كان الشعار هو اسقاط النظام و الاطاحة برئيس منتخب , و هذا مطلب من حق اي احد ان يرفعه و يناضل من اجله , شريطة ان يكون ذلك معلنا و واضحا منذ البداية , و بالوسائل المناسبة .
ان الارتباك بدا مسيطرا علي قادة اسبوعي الغضب الماضيين , فلم يعلم الجمهور هل المطلب هو اسقاط الاعلان الدستوري ام اسقاط الرئيس -- و قد تجلي ذلك في لغة الخطاب الثورة , فمن قمة التصعيد الي الدعوة للعصيان المدني لاسقاط النظام و الرئيس , الي النزول المفاجئ باستبعاد فكرة العصيان المدني و انهمار التصريحات التي تميل للتهدئة و تنفي ان يكون الهدف هو ازاحة محمد مرسي , بل الغاء الاعلان الدستوري و رفض الدستور الجديد .
و الاخطر من غموض ارتباك و غموض الاهداف و الغايات هو العبثية و العشوائية في ابتكار الوسائل و الآليات , و اعني ذهاب البعض الي شرعنة مشاركة رموز و تيارات تضمر لثورة 25 يناير العداء , في مظاهرات غضب تروج بعض الاصوات انها امتداد للثورة -- و هنا قمة التناقض و الخلل : فكيف تستكمل ثورة بعداد و عتاد ينتمي الي معسكر معاكس و مناقض و معاد لهذه الثورة ؟
ان فكرة الحشد علي ارضية العداء مع الاخوان و قوي الاسلام السياسي فقط , فتحت الباب واسعا لحضور و استحضار الثورة المضادة كحليف مؤقت في مواجهة السلطة الحالية , و هو الامر الذي افاد الرئيس و جماعته , و اضر بالمظاهرات الغاضبة التي خرج معظم المشاركين فيها انتفاضا ضد ديكتاتورية الاعلان الدستوري -- و النتيجة النهائية ان الحشد فقد كثيرا من نقائه و بهائه , في ظل الآثار الواضحة و العلامات الظاهرة علي تواجد عناصر و مكونات الثورة المضادة في الميدان .
و لكل ما سبق اضم صوتي واضع توقيعي علي بيان صادر عن اكثر من مائتي شخصية من الثوار الحقيقيين بعنوان ' للثورة خيارات اخري ' يقف بوضوح ضد الاعلان الدستوري , وبالوضوح ذاته ضد التحالف مع عناصر فلولية من النظام السابق وضد صناعة حالة من الاستقطاب العلماني / الديني الذي لا يخدم الثورة بقدر ما يخدم المتطرفين من الجانبين .
نرفض الاعلان الدستوري -- ونرفض بمنتهي القوة ان يصبح فلول الامس هم رموز المعارضة الثورية اليوم .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق