البردة قصيدة تميم البرغوثي الجديدة في مدح رسول الله


ايها الناس ' صلوا علي النبي ' . كتبتُ هذه القصيدة معارَضة لكل من قصيدة الامام شرف الدين محمد بن سعيد البوصيري , المعروفة بالكواكب الدُرِّيَّة في مدح خير البَرِيَّة , او البردة , ومطلعها : ' اَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرانٍ بِذِي سَلَمِ , مَزَجْتَ دَمْعَا جَرَي مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ ' , وقصيدة احمد شوقي بن علي بن احمد شوقي بك , التي عارض بها قصيدة البوصيري واسماها نَهْجَ البُرْدَة ومطلعها : ' رِيمٌ عَلَي القَاعِ بَيْنَ البَانِ وَالعَلَمِ , اَحَلَّ سَفْكَ دَمِي فِي الاَشْهُرِ الحُرُمِ ' . و المعارضة تحية من اللاحق للسابق , وهي , حتي بعد الاعتراف بالفضل للمتقدم تبقي عملا فيه قدر من المخاطرة , لان فيها شبهة مما سماه احمد شوقي نفسه ' تجاوزا للقدر ' , ولانها نص يعتمد في جزء من معناه علي الاقل , علي نص سابق له , فلا يكتمل معناه الا بمعرفة القارئ للنص الاول , ثم هي مخاطرة لان كتابتها , في زمننا هذا , ربما تشكل تحديا لمنهجين سائدين في الثقافة العربية , تكون عند اولهما تمرُّدا علي الحداثة , وعند الثاني تجرؤا علي التراث. لذلك ربما احتجت في كتابتها الي توضيح السياق.
ولد الامام شرف دين محمد بن سعيد البوصيري في مارس ١٢١٣ وتوفي في ١٢٩٥ , واصله من صنهاجة , من امازيغ المغرب , الا ان اسرته انتقلت الي مصر , فعاش بها عمره كله. بعد شهر من ولادته كان البابا انوسنت الثالث في روما يدعو للحملة الصليبية الخامسة , كانت الاولي احتلت القدس , و الثانية فشلت في احتلال دمشق , و الثالثة فشلت في استعادة القدس , و الرابعة ضلت طريقها فاجتاحت اليونان بدلا من الشام. في هذه الحملة الخامسة , التي بدات و البوصيري وليد , سيهاجم ملك المجر وامراء المانيا طبرية من عكا , ثم يهاجم الصليبيون بقيادة مبعوث البابا دمياط في ١٢١٨ ويحتلونها , وتبقي الحرب دائرة بين الملك الكامل محمد بن الملك العادل ابي بكر بن ايوب , اي ابن اخي صلاح الدين الايوبي , وبينهم حتي تنتهي في ١٢٢١ وعمر البوصيري ٨ سنوات يكون تعلم خلالها الكتابة و القراءة وحفظ القرآن. وكان عمره ١٥ سنة , حين قرر الملك الكامل ان يتحول من بطل حرب الي بطل سلام , ويستثمر انتصاره ليخون , فيهدي القدس بلا ثمن لصديقه فردريك فون هوهنستاوفن , اعلي ملوك اوروبا شانا , الملقب بالامبراطور الروماني المقدس , وان كان عمليا ملك المانيا وشرق فرنسا وشمال ايطاليا , لتشكل قواته في فلسطين حاجزا بين الكامل في القاهرة واخيه الملك المعظم عيسي صاحب دمشق وسائر الشام. ورغم ان فردريك وصل بعد موت المعظم وزوال الخطر عن الكامل الا ان هذا الاخير قرر ان يعطيه ديار المسلمين هدية وفاء بما وعد , وبقيت القدس التي حررها صلاح الدين في يد الفرنجة خمسة عشر عاما اخري. وحين يستعيدها المسلمون الخوارزميون القادمون من شرق ايران في عام ١٢٤٤ سيكون البوصيري قد بلغ الحادية و الثلاثين , قريبا من عمري انا اليوم.
بعد خمس سنوات لا اكثر , , في ٦ يونيو عام ١٢٤٩ سيشهد البوصيري حصار الفرنج مرة اخري لدمياط واجتياحهم للمدينة في نوفمبر ثم زحفهم , بقيادة ملك فرنسا , و القديس فيما بعد , لويس التاسع , باتجاه القاهرة , وسيشهد البوصيري انتصار المماليك عليه في المنصورة , وحبسه في دار ابن لقمان.
وبعد تسع سنوات , عام ١٢٥٨ سيشهد البوصيري سقوط بغداد في يد المغول , وستاتيه اخبار مذبحة لم يعرف اهلها لها مثيلا قبلها , فقد كان المعتاد ان الغزاة يتركون المدن التي يجتاحونها عرضة للنهب ثلاثة ايام , اما المغول فقد اباحوا دماء البغداديين اربعين يوما , حتي اضطر الاحياء من اهل البلد الي الاختباء في المقابر وقنوات الصرف وسراديب البيوت , وترواحت تقديرات المؤرخين لاعداد القتلي سواء بسيوف المغول او باحراق دورهم عليهم او بالجوع ما بين عشرات الآلاف الي مئات الآلاف. ولم يكن العرب من اهل العراق شهدوا مذبحة بهذا الحجم من قبل , وان كان مقدرا لهم ان يروا ابشع منها حين تسقط بغداد في يد الامريكيين بعد زمن البوصيري بسبعمائة وخمس واربعين سنة. وتوالت المذابح , من العراق الي الشام , وسقطت حلب ودمشق , غزاها تحالف من المغول و الارمن وصليبيي انطاكية , ثم توجه الغزاة نحو مصر.
لكن الله منَّ علي البوصيري , فعاش حتي انكسر المغول في عين جالوت , ثم انكسر الصليبيون في انطاكية علي يد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري , ثم طُرِدُوا من بلادنا تماما حين دخل الملك الاشرف خليل بن قلاوون عكا عام ١٢٩١والبوصيري شيخ في الثامنة و السبعين من عمره.
-- .
اما احمد شوقي بن علي بن احمد شوقي بك فولد عام ١٨٦٨ بباب اسماعيل كما قال , وهو الخديو اسماعيل بن ابراهيم بن محمد علي , و الي مصر من قبل امير المؤمنين السلطان عبد العزيز بن محمود بن عبد الحميد الاول العثماني. افتتحت قناة السويس للملاحة واحمد شوقي ابن عام واحد او اقل , وتملك الفرنج , وقد صاروا يدعون الفرنسيين , قطعة من البلاد , ولحق بهم البريطانيون , اذ اشتروا نصيب مصر من القناة. وحين كان شوقي في الثالثة عشرة احتل الفرنسيون تونس , وفي العام التالي كانت بوارج البريطانيين تقصف الاسكندرية ثم تحتل القاهرة. في عام ١٩٠٦ كان احمد شوقي رجلا بالغا في الثامنة و الثلاثين من عمره حين وقعت مذبحة دنشواي , وكان كهلا في الثالثة و الاربعين حين احتل الايطاليون طرابلس الغرب عام ١٩١١. كانت الدولة العلية العثمانية علي وشك الانهيار حين قامت الحرب العالمية الاولي ونفته قوات الاحتلال الي اسبانيا , ليشهد من بعيد هزيمة الخلافة الاسلامية في اسطنبول , واحتلال البريطانيين للقدس وبغداد , و الفرنسيين لدمشق وحلب. وكان كهلا خمسينيا حين سمع تلك الشائعة التي لا يزال صداها يتردد الي اليوم , ان قائد قوات الاحتلال الفرنسية , الجنرال هنري غورو , حين دخل دمشق وقف علي قبر الملك الناصر صلاح الدين و الدنيا ابي المظفر يوسف بن ايوب , وقال : ' ها نحن عدنا يا صلاح الدين ' , موافقا بذلك ما شاع قبلها بثلاث سنوات عن حليفه قائد قوات الاحتلال البريطانية , الفيلد مارشال ادموند النبي , انه حين دخل القدس غازيا عام ١٩١٧ قال : ' الآن انتهت الحروب الصليبية ' .
قامت ثورة ١٩١٩ واحمد شوقي في المنفي , ولم يكن يقدر ان يعود ليشارك فيها , الا انه حين عاد الي مصر بعد عام من الثورة , وجد نفسه , وهو الكردي الاصل , ابنها وشاعرها.
نحن لا نعلم علي وجه اليقين في اي سنة بالضبط كتب محمد بن سعيد البوصيري بردته , ولكن نعلم ان احمد شوقي بن علي بن احمد شوقي كتب نهج البردة في تسعينيات القرن التاسع عشر , بعد احتلال مصر , وقبل انهيار الخلافة.
-- .
لا يجوز لي الكلام عن نفسي في هذا المقام , ولكن يجوز لي الكلام عن زمني , فقد ولدت في عام ١٩٧٧ , في العام الذي قرر فيه بطل الحرب المصري ان يكون بطل السلام ويعترف للغزاة الاسرائيليين بحقهم في بلادي , وحين كان يخطب انور السادات في الكنيسيت الاسرائيلي في القدس ويرحب عمليا بسفير اسرائيلي في القاهرة , كان رجال امنه يطلبون من ابي الفلسطيني مغادرتها الي منفي سيمتد سبعة عشر عاما , وحين كان عمري عاما واحدا اجتاحت اسرائيل لبنان , واجتاحته مرة اخري وارتكبت مذبحة صبرا وشاتيلا في حق الفلسطينيين عام ١٩٨٢ حين كنت في الخامسة. وفي عام ١٩٩١ حين كنت في الرابعة عشرة حارب الامريكيون العراق للمرة الاولي وقتلوا مائة وخمسة وثمانين الف نفس من العراقيين , وفرضوا عليهم حصارا استمر اثني عشر عاما , ربما كان اطول حصار شامل في التاريخ , مات بسببه اكثر من مليون نفس , اكثر من نصفهم من الاطفال حسب تقديرات منظمة الامم المتحدة للطفولة. فلما انقضت اعوام الحصار الاثنا عشر , اجتاحت الولايات المتحدة العراق عام ٢٠٠٣ ما كلف العراقيين حربا اهلية وموت مليون نفس آخرين , وبينما كان الرئيس المصري محمد حسني مبارك يرحب بحاملات الطائرات الامريكية المارة من قناة السويس , كان رجال امنه يخبرونني انني غير مرحب بي في القاهرة. كانت اسرائيل قد اعادت اجتياح الضفة الغربية لنهر الاردن قبلها بعام , ورام الله , بلد ابي , اجتيحت وحوصر فيها بعض اهلي , لكن لم يكن شيء يشبه ما جري في العراق. علَّم العراق الامة كلها ان الحزن ترف , وان الرضا بالطغاة ترف , وان الحروب الاهلية ترف , وان الفتنة الطائفية ترف , عدونا اقوي امبراطورية في العالم , فاما ان تكون لمقاومتها اولوية علي كل شيء , واما الموت العَمَمْ. كان العراق تجربة وجودية شخصية , اولَ اصطدام لي بالمذبحة العامة و الابادة التي لا تبقي ولا تذر. لكن الله لا يستقيل من رحمته , في عام ٢٠٠٦ انتصرت حفنة من المقاتلين في جبال لبنان الجنوبية علي اسرائيل , وفي العام نفسه كان باديا ان الامريكيين لن يستطيعوا البقاء في العراق طويلا , وكان واضحا ان عقابا ما سيصيب حكامنا المتواطئين. دخل حسني مبارك في حلف عسكري مع اسرائيل ضد شعب نصفُه من الاطفال في غزة عام ٢٠٠٨ , وحاصرهم ليقتلهم الغزاة , وبعد ثلاث سنوات , وكنت لا ازال في منفاي , كان شعبه يحاصر قصره , وبعد سقوطه بسنة وتسعة اشهر انتصر شعب الاطفال في غزة علي غزاتهم.
-- .
غير انِّي لم اكتشف هذا التشابه بين الازمنة الثلاثة الا اثناء كتابتي للقصيدة او بعد كتابتي لنسختها الاولي , ربما كان ما يجري علي الامة داعيا لكتابة القصيدة , غير اني لم اكن علي وعي بذلك حينها , لقد كان الداعي المباشر لكتابتها ما يجري علي انا حينها. ففي نوفمبر عام ٢٠١٠ كنت اعمل خارج مصر وكنت بصدد ترتيب زيارة و الدتي لتجري بعض الفحوصات الطبية ثم تتلقي العلاج , وكانت لا تزال بمصر. ثم اتاني علي بعد خمسة آلاف ميل , انها تعرضت مع زملائها من اساتذة الجامعة لهجوم من بلطجية حسني مبارك اعترضوهم اثناء وقفة احتجاجية في حرم جامعة عين شمس. وفي الغربة سناجب كثيرة , واشجار بندق , وشوارع واسعة , لكن اهم ما فيها هو قلة الانصار و العزوة و الحيلة وكانت تلك سابع سنة لي خارج مصر بعد منعي من العمل فيها , تنقلت خلالها من الخرطوم الي برلين الي واشنطن. وكانت اسرتنا كلها تعرضت خلال الصيف السابق علي هذه الحادثة مباشرة لعدة تجارب متتالية من تلك التي تؤدي بك الي التحديق في ملامح الموت و الحياة , تجارب من تلك التي تعلمك ان تقدَّر قيمة النَّفَس الواحد ' بتحريك الفاء ' , انك تتنفس , وهذا انجاز , وهو مهدد , وهو علي كل حال مؤقت , فاسعد به ما استطعت , ولا تجعل باغيا او غازيا او هما او حزنا او علة تحتل تَنَفُّسَك , دافع عن هوائك , فقد لا يتبقي لك غيره. وذات مرة , وبينما انا غارق بالتفكير في شاني واهلي وناسي احيائهم وموتاهم , افقت علي نفسي جالسا في مقهي وامراة شقراء , او صابغة شعرها , من اهل المهجر تقول لي باريحية مفرطة : ' انت توافقني بالطبع علي ان العرب و المسلمين اوباش كريهون ' ؟ قمت من المقهي , وعدت الي منزلي ارنِّم : ' مَوْلايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَا اَبَدَا -- .عَلَي حَبِيبِكَ خَيْرِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ ' . ونويت ان اكتب بردة , قصيدة في مديح سيد الغرباء و المهاجرين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم صلي الله عليه وسلم.
وقد قيل ان الامام شرف الدين البوصيري اصيب بفالج فراي النبي صلي الله عليه وسلم في المنام يلُفُّ عليه بُردته , اي عباءته , فقام من المنام بارئا , وكتب قصيدته وسماها ' الكواكب الدرِّيَّة في مَدْحِ خَيْرِ البَرِيَّة ' , فسماها الناس البُردة. وانا لست اهلا للمعجزات , ولكن يمكن للمرء ان يري التاريخ كله معجزة اذا اراد , كما كان صلاح جاهين يري الاعجاز حتي في شروق الشمس وغروبها. اذكر انني اكملت اول نسخة من القصيدة وحفظتها , وانني كنت اكتب بخط اليد نسخة منها وانا في غرفة انتظار مستشفي جورجتاون بواشنطن انتظر خروج الوالدة من جراحتها الاولي ' تلتها بعد ذلك ثلاث جراحات اخري ' , وللمصادفة , فقد اجريت هذه العملية يوم السابع عشر من ديسمبر عام ٢٠١٠ يوم بداية الثورة التونسية. وقد اجريت لوالدتي العملية الاخيرة يوم الثالث عشر من فبراير ٢٠١١ بعد يومين من انتصار الثورة المصرية. وخرجت الوالدة الي البيت بصحة جيدة و الحمد الله. كذلك فان الثورات التي قامت كانت برءا للامة من علتها. وهذه البردة دعاء , ولم اكن اظن ان دعاء مثلي يستجاب , وقد اصَبْتُ من الدنيا ما اَصَبْتُ , لكن رحمة ربك واسعة , وفي هذه الامة من الامهات و الآباء و الاطفال من تكفي طهارة قلوبهم ليستجاب دعاؤهم , سواء دعوا بالصوت ام بالصمت , كان هناك مظاهرة مليونية من الادعية , تكفي ليندس بينها دعائي قليل الجدارة , فتغمره بكرمها , ان ' اهلا وسهلا ومرحبا انت في اهلك وناسك ' . ان هذه الملايين التي منذ الف سنة , تحاول وتحاول , هي رسول جماعي , شعب نبي , امة نبية , تحمل جماعتها رسالة الي افرادها ان لستم وحدكم , ان دعوتم معا فان دعاءكم يستجاب , كونوا معا ولا تخافوا.
-- .
ولا بد هنا من الاشارة الي مستوي ثالث من المعني , يتجاوز التجربة السياسية التاريخية , و التجربة الروحية الفردية. ان كل الحروب و القضايا بل و اللغات و الحضارات ستفني , كما فنيت حضارات وديانات ولغات من قبل , وربما يكون ما نموت من اجله اليوم مثارا للضحك عند احفادنا بعد الف سنة او الفين , لكن ما سيبقي مثارا للاعجاب هو سعينا العنيد هذا لان نحيا , وان نحيا بكرامة وقدرٍ من الجمال. ان التاريخ يكتسب معني حين يتحول الي مَثَلٍ يُضْرَبْ , ونموذج يُحْتَذَي , وامام يتَّبع , وقِصَّةٍ تُتْلَي وَقَصِيدَةٍ تُسْمَع , يصبح السعي نفسه مثالا مسعيا اليه. المثال , الشعر , الصورة تصبح مرآة للبشر تظهرهم اجمل مما هم , وتدعو واقعهم الي ان يصبح بجمال خيالهم. ان القصيدة التي تصور الصراع , تمنحه معني , وان عمليات عسكرية جرت منذ آلاف السنين في ساحل آسيا الصغري , لن يبقي منها بعد ان تتغير اللغات و الاديان و الهويات و الخرائط , الا الالياذة , لان الالياذة ترفع تلك الكومة المشعثة من الاحداث الي مَعْنَي ما يُعين اللاحقين علي تَشَعُّثِ حياتهم. ثم ان الشاعر لم يضف الالياذة الي التاريخ , بل نقب التاريخ عنها , كانت الالياذة هناك بين اقدام الجنود , قشر عنها السياسة فبقي لُبُّها. نعم ان الناس ' يتقاتلون علي الثريد الاعفر ' كما كان الحسن البصري يقول في اهل الفتنة الكبري , ولكنهم في قتالهم , وتحت غبار المعارك , يكتبون نصا ما , قصيدة ما , سواء علموا ام يعلموا , يسعون لجمال ما , لبلاغة ما , لدرجة من الاختيار و الحرية يهزمون بها اضطرارات الحياة و الموت. و المدح النبوي هو من هذا الباب , هو بحث عن السماء في الارض , عن الجليل في اليومي , عن الالهي في البشري , عن الشعر في النثر , عن الجمال في الصعوبة , عن الباقي في العابر , عن النبوة في الناس , وعن المعني في التاريخ
-- .
كتبتُ اذن بين نوفمبر وديسمبر ٢٠١٠ هذه البردة اعارض بها انا تميم بن مريد الظاهر البرغوثي العمري الكناني , العربي الشامي الاصل المصري الدار , بردة الامام شرف الدين محمد بن سعيد البوصيري الصنهاجي , المغربي الاصل , المصري الدار , ثم قصيدة احمد بن علي بن احمد , المعروف باحمد شوقي , الكردي الاصل المصري الدار , علي ما للشيخين من فضل السبق. وقد استحضرتهما حتي ظننتهما سيضطران الي الوقوف معي للحصول علي ختم الاقامة من مبني المجمع , لان ثلاثتنا , بمنطق الدولة المدنية الحديثة , اجانب عن مصر , احدهم مغربي و الثاني كردي وانا فلسطيني , وربما رفضت الداخلية المصرية منحهم الجنسية كما تفعل معي , وان من اللطيف تصور السيدة زينب بنت سيدنا علي رضي الله عنه وهي تقف في طوابير مجمع التحرير تطلب تمديد اذن اقامة في مصر بصفتها حجازية لاجئة من العراق ثم يرفض طلبها بحجة كونها خطرا علي امن الدولة.
انني في هذه القصيدة اخرج خروجا صريحا علي مدرسة في الشعر العربي تري التراث عبئا عليها بدلا من ان يكون سندا لها , وهي مدرسة تقابل في الآداب الدولةَ الحديثةَ التي بناها الاستعمار في السياسة. وان تقنيات المعارضة و التخميس و التشطير وغيرها من الفنون التي وسمها بعض الحداثيين بفنون عصر الانحدار , تتيح للمرء من اساليب المحاورة و الصدي ما شاء. ولذلك فقد قررت الالتزام بكل قواعد المعارضة التراثية , دون ان تكون القصيدة نفسها تقليدا للتراث. ولا اجد حرجا في هذه المقدمة من الكلام عن بعض التقنيات كعدد الابيات او اختيار القافية مثلا , فالشكل عندي كلمة في جملة المضمون لا يستقيم بدونه.
ولما كان من اعراف المعارضة زيادة الشاعر اللاحق في عدد الابيات عن الشاعر السابق , ولما كانت ابيات البوصيري مائة وستين , وزاد شوقي ابيات النهج الي مائة وتسعين , فانني اتممتها مائتين , وغيرت القافية من الميم الي الدال , لان في معني القصيدة بعض الانقلاب عن معاني سابقتيها , فاحببت ان يرادف ذلك انقلاب في الشكل , فيكون صدر بيت القصيدة الاشهر : مولاي صل وسلم دائما ابدا…علي حبيبك خير الخلق كلهمِ , هو عجز البيت الذي يبدا به المديح في هذه القصيدة.
-- .
ختاما , فقد كتبت هذه القصيدة استنجادا بالروح علي الجسد , وبالاهل علي الغربة , وبالانس علي الوحشة , ولم انشر القصيدة لانها بنت تجربة شخصية , ولانني خفت اذا نشرتها بعد الثورة ان يظن ان بها تملقا للحكام الجدد لمصر و العالم العربي من الاخوان المسلمين , وهو افتراض مضحك , ولكن بعض الناس قد يظنه , فاخرت نشرها , ولكن حين رايت انتصار الاطفال المحاصرين في بلدي علي غزاتهم في هذه الحرب الاخيرة ووقفت معهم تحت القصف في ساحة مستشفي الشفاء ورايتهم حين سقطت قذيفة بجوار المستشفي يركضون متجهين اليها لا هاربين منها , وتبسم لي طفل جريح اسمه انس رايت المعجز في اليومي كما ان شروق الشمس معجزة يومية واحببت ان اصلي علي النبي وانشرها.
وقد كان زهير بن ابي سلمي , ابو كعب الذي مدح النبي بقصيدته ' بانت سعاد ' فاهداه بردته , وهي البردة التي رآها البوصيري في المنام وبها سميت قصيدته البردة , اقول كان ابو كعب , زهير هذا , يصبر علي القصيدة حولا , اي سنة كاملة قبل ان ينشرها علي الناس , فقد صبرت علي هذه القصيدة سنتين , خائفا من نشرها , خوفا داخليا من ان يسمح المرء بهذا الحد من كشف الذات , وخوفا خارجيا من ان تبني نصا علي نص هو علي هذه الدرجة من الشهرة -- . ولكن الله المستعان -- .
-- .
وبقي ان يعتذر المرء من الرسول عليه الصلاة و السلام نفسه. ان مادحك يا ابا القاسم لا يمدحك وحده : فان كتب يقول ' رِيمٌ عَلَي القَاعِ بَيْنَ البَانِ وَالعَلَمِ , اَحَلَّ سَفْكَ دَمِي فِي الاَشْهُرِ الحُرُمِ ' او قال ' اَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرَانٍ بِذِي سَلَمِ , مَزَجْتَ دَمْعَا جَرَي مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ ' او قال : ' بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي اليَوْمَ مَتْبُولُ , مُتَيَّمٌ اِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ ' فانما كتب المطلع , ولو بلغ عدد ابياته المِئِين , فان الشعر يكمن ايضا فيما اضافه الناس لكلامنا , هم قالوا ان البردة لو وضعت علي عيني كفيف ابصر , وعلي عيني ارمد شفي , وعلي راس محموم ابل , وعلي بطن حبلي وضعت ولدا صحيحا يعيش , وهم جعلوا هذه القصائد احجبة واحرازا , ونقشوها علي اسبلة المساجد واسيجة البيوت , وهذا شعر كتبوه هم لا نحن. ان سامِعَكَ يشارك في مدحك , ويكمل القصيدة. انك يا ابا القاسم حين تُمدح فان الشعر لا ينتهي بانتهاء الانشاد. وذلك لانك ' من انفسنا ' ولانه كان ' عزيزا عليك ما عَنِتْنَا ' ولانك كنت ' حَرِيصَا علينا ' ولانك كنت فَاْلَ هذه الامة الحَسَن , فكنت متعبا مثلنا , ومظلوما مثلنا , ومنفيا مثلنا , ومُكَذَّبا ومكذوبا عليك مثلنا , ثم انتصرت.

1 _ ما ليْ اَحِنُّ لِمَنْ لَمْ اَلْقَهُمْ اَبَدَا // // // وَيَمْلِكُونَ عَلَيَّ الرُّوحَ و الجَسَدَا
2_ اني لاعرِفُهُم مِنْ قَبْلِ رؤيتهم // // // و الماءُ يَعرِفُهُ الظَامِي وَمَا وَرَدَا
3_ وَسُنَّةُ اللهِ في الاحبَابِ اَنَّ لَهُم // // // وَجْهَا يَزِيدُ وُضُوحَا كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
4_ كَاَنَّهُمْ وَعَدُونِي فِي الهَوَي صِلَة // // // وَالحُرُّ حَتِّي اذا ما لم يَعِدْ وَعَدَا
5 _ وَقَدْ رَضِيتُ بِهِمْ لَوْ يَسْفِكُونَ دَمِي // // // لكن اَعُوذُ بِهِمْ اَنْ يَسْفِكُوهُ سُدَي
6 _ يَفْنَي الفَتَي في حَبِيبٍ لَو دَنَا وَنَاَي // // // فَكَيْفَ انْ كَانَ يَنْاَي قَبْلَ ان يَفِدَا
7_ بل بُعْدُهُ قُرْبُهُ لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا // // // ازْدَادُ شَوْقا اليهِ غَابَ اَوْ شَهِدَا
8_ اَمَاتَ نفسي وَاَحْيَاها لِيَقْتُلَها // // // مِنْ بَعدِ اِحيَائِها لَهْوَا بِها وَدَدَا ' 1 '
9_ وَاَنْفَدَ الصَّبْرَ مِنِّي ثُمَّ جَدَّدَهُ // // // يَا لَيْتَهُ لَمْ يُجَدِّدْ مِنْهُ مَا نَفِدَا
10 _ تعلق المَرْءِ بالآمَالِ تَكْذِبُهُ // // // بَيْعٌ يَزِيدُ رَوَاجَا كُلَّمَا كَسَدَا
11_ جَدِيلَةٌ هِيَ مِن يَاْسٍ وَمِنْ اَمَلٍ // // // خَصْمانِ مَا اْعْتَنَقَا الا لِيَجْتَلِدَا
12_ يَا لائِمي هَلْ اَطَاعَ الصَّبُّ لائِمَهُ // // // قَبْلِي فَاَقْبَلَ مِنْكَ اللَّوْمَ و اللَّدَدَا ' 2 '
13 _ قُلْ للقُدَامَي عُيُونُ الظَّبْيِ تَاْسِرُهُمْ // // // مَا زالَ يَفْعَلُ فِينا الظَّبْيُ ما عَهِدَا
14_ لَمْ يَصْرَعِ الظَّبْيُ مِنْ حُسْنٍ بِهِ اَسَدَا // // // // بَلْ جَاءَهُ حُسْنُهُ مِنْ صَرْعِهِ الاَسَدَا
15_ وَرُبَّمَا اَسَدٍ تَبْدُو وَدَاعَتُهُ // // // اذا رَاَي في الغَزَالِ العِزَّ و الصَّيَدَا
16_ لَولا الهَوَي لَمْ نَكُنْ نُهدِي ابْتِسَامَتَنَا // // // لِكُلِّ من اَوْرَثُونا الهَمَّ و الكَمَدَا
17_ وَلا صَبَرْنَا عَلَي الدُّنْيَا وَاَسْهُمُها // // // قَبْلَ الثِّيابِ تَشُقُّ القَلْبَ و الكَبِدَا
18_ ضَاقَتْ بِمَا وَسِعَتْ دُنْياكَ وَاْمْتَنَعَتْ // // // عَنْ عَبْدِهَا وَسَعَتْ نَحوَ الذي زَهِدَا
19_ يا نَفْسُ كُونِي مِنَ الدُّنْيَا عَلَي حَذَرٍ // // // فَقَدْ يَهُونُ عَلَي الكَذَّابِ اَنْ يَعِدَا
20_ وَلْتُقْدِمِي عِنْدَمَا تَدْعُوكِ اَنْ تَجِلِي // // // فَالخَوْفُ اَعْظَمُ مِنْ اَسْبَابِهِ نَكَدَا
21_ لْتَفْرَحِي عِنْدَمَا تَدْعُوكِ اَنْ تَجِدِي // // // فِانَّهَا لا تُسَاوِي المَرْءَ اَنْ يَجِدَا ' 3 '
22_ وَلْتَعْلَمِي اَنَّهُ لا بَاْسَ لَوْ عَثَرَتْ // // // خُطَي الاكارمِ حَتَّي يَعرِفُوا السَّدَدَا ' 4 '
23_ ولا تَكُونِي عَنِ الظُلام راضِيَة // // // وَانْ هُمُو مَلَكُوا الاَيْفَاعَ وَالوَهَدا ' 5 '
24_ وَلْتَحْمِلِي قُمْقُمَا في كُلِّ مَمْلَكَةٍ // // // تُبَشِّرِينَ بِهِ اِنْ مَارِدٌ مَرَدَا
25_ وَلْتَذْكُرِي نَسَبَا في الله يَجْمَعُنَا // // // بِسَادَةٍ مَلاُوا الدُّنْيَا عَلَيْكِ نَدَي
26_ فِدَا لَهُمْ كُلُّ سُلْطَانٍ وَسَلْطَنَةٍ // // // وَنَحْنُ لَوْ قَبِلُونَا اَنْ نَكُونَ فِدَا
27_ عَلَي النَّبِيِّ وَآلِ البَيْتِ و الشُّهَدَا // // // مَوْلايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَا اَبَدَا

// // // //
28_ اِنِّي لاَرْجُو بِمَدْحِي اَنْ اَنَالَ غَدَا // // // مِنْهُ الشَّجَاعَةَ يَوْمَ الخَوْفِ وَالمَدَدَا
29_ اَرْجُو الشَّجَاعَةَ مِنْ قَبْلِ الشَّفَاعَةِ اِذْ // // // بِهَذِهِ اليَوْمَ اَرْجُو نَيْلَ تِلْكَ غَدَا
30_ وَلَسْتُ اَمْدَحُهُ مَدْحَ المُلُوكِ فَقَدْ // // // رَاحَ المُلُوكُ اِذَا قِيسُوا بِهِ بَدَدَا
31_ وَلَنْ اَقُولَ قَوِيٌّ اَوْ سَخِيُّ يَدٍ // // // مَنْ يَمْدَحِ البَحْرَ لا يَذْكُرْ لَهُ الزَّبَدَا
32_ وَلا الخَوَارِقُ عِنْدِي مَا يُمَيِّزُهُ // // // فَالله اَهْدَاهُ مِنْهَا مَا قَضَي وَهَدَي
33_ لكنْ بِمَا بَانَ فِي عَيْنَيْهِ مِنْ تَعَبٍ // // // اَرَادَ اِخْفَاءَهُ عَنْ قَوْمِهِ فَبَدَا
34_ وَمَا بِكَفِّيْهِ يَوْمَ الحَرِّ مِنْ عَرَقٍ // // // وَفِي خُطَاهُ اذا مَا مَالَ فَاْسْتَنَدَا
35_ بِمَا تَحَيَّرَ فِي اَمْرَيْنِ اُمَّتُهُ // // // وَقْفٌ عَلَي اَيِّ اَمْرٍ مِنْهُمَا اْعْتَمَدَا
36_ بِمَا تَحَمَّلَ فِي دُنْياهُ مِنْ وَجَعٍ // // // وَجُهْدِ كَفِّيْهِ فَلْيَحْمِدْهُ مَنْ حَمِدَا
37_ بَمَا اَتَي بَيْتَهُ فِي الليْلِ مُرْتَعِدَا // // // وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَظِيمِ الخَطْبِ مُرْتَعِدَا
38_ وَقَدْ تَدَثَّرَ لا يَدْرِي رَاَي مَلَكَا // // // مِنَ السَّمَاءِ دَنَا اَمْ طَرْفُهُ شَرَدَا
39_ بِمَا رَاَي مِنْ عَذَابِ المُؤْمِنِينَ بِهِ // // // اِنْ قِيلَ سُبُّوهُ نَادَوْا وَاحِدَا اَحَدَا
40_ يَكَادُ يَسْمَعُ صَوْتَ العَظْمِ مُنْكَسِرَا // // // كَاَنَّهُ الغُصْنُ مِنْ اَطْرَافِهِ خُضِدَا ' 6 '
41_ بِمَا رَاَي يَاسِرَا وَالسَّوْطُ يَاْخُذُهُ // // // يَقُولُ اَنْتَ اِمَامِي كُلَّمَا جُلِدَا
42_ مِنْ اَجْلِهِ وُضِعَ الاَحْبَابُ فِي صَفَدٍ // // // وَهْوَ الذي جَاءَ يُلْقِي عَنْهُمُ الصَّفَدَا ' 7 '
43_ لَمْ يُبْقِ فِي قَلْبِهِ صَبْرَا وَلا جَلَدَا // // // تَلْقِينُهُ المُؤْمِنِينَ الصَّبْرَ وَالجَلَدَا
44_ بِمَا تَرَدَّدَ فِي ضِلْعَيْهِ مِنْ قَلَقٍ // // // عَلَي الصَّبِيِّ الذي فِي فَرْشِهِ رَقَدَا
45_ هَذَا عَلِيٌّ يَقُولُ اللهُ دعهُ وَقَدْ // // // بَاتَ العَدُوُّ لَهُ فِي بَابِهِ رَصَدَا
46_ بَدْرٌ وَضِيٌّ رَضِيٌّ مِنْ جَرَاءَتِهِ // // // لِنَوْمِهِ تَحْتَ اَسْيَافِ العِدَي خَلَدَا
47_ تِلْكَ التي اْمْتَحَنَ اللهُ الخَلِيلَ بِهَا // // // هَذَا اْبْنُهُ وَسُيُوفُ المُشْرِكِينَ مُدَي ' 8 '
48_ بِخَوْفِهِ عن قَليلٍ حِينَ اَبْصَرَهُ // // // فَتَي يَذُوقُ الرَّدَي مِنْ رَاحَتَيْهِ رَدَي
49_ يُدِيرُ فِي بَدْرٍ الكُبْرَي الحُسَامَ عَلَي // // // بَنِي اُمَيَّةَ حَتَّي مُزِّقُوا قِدَدَا
50_ وَعِنْدَهُ تْرْبة جبريلُ قَالَ لَهُ // // // بَاَنْ اَوْلادَهُ فِيهَا غَدَا شُهَدَا
51_ بِمَا بَكَي يَوْمَ اِبْرَاهِيمَ مُقْتَصِدَا // // // وَلَمْ يَكُنْ حُزْنُهُ وَاللهِ مُقْتَصِدَا
52_ يُخْفِي عَنِ النَّاسِ دَمْعَا لَيْسَ يُرْسِلُهُ // // // و الدَّمْعُ بَادٍ سَوَاءٌ سَالَ اَوْ جَمَدَا
53_ بِمَا اْنْتَحَي لابي بَكْرٍ يُطَمْئِنُهُ // // // وَحَوْلَ غَارِهِمَا حَتَّي الرِّمَالُ عِدَي
54_ يَقُولُ يَا صَاحِ لا تَحْزَنْ وَدُونَهُمَا // // // عَلا لاَنْفَاسِ خَيْلِ المُشْرِكِينَ صَدَي
55_ بِمَا تَفَرَّسَ مُخْتَارَا صَحَابَتَهُ // // // وَهْوَ الوَكِيلُ عَلَي مَا اْخْتَارَ وَاْنْتَقَدَا
56_ يَدْرِي بَاَنْ قُرَيْشَا لَنْ تُسَامِحَهُ // // // وَاَنْ سَتَطْلُبُ مِنْ اَحْفَادِهِ القَوَدَا ' 9 '
57_ يَدْرِي وَيَحْلُمُ عَنْهُمْ حِينَ يَغْلِبُهُمْ // // // وَلا يُعَيِّرُهُمْ بَدْرَا وَلا اُحُدَا
58_ بِمَا تَحَمَّلَ مِنْهُمْ يَوْمَ قَالَ لَهُمْ // // // بِاَنَّهُ للسَّمَاواتِ العُلَي صَعَدَا
59_ لَوْ كَانَ يَكْذِبُهُمْ مَا كَانَ اَخْبَرَهُمْ // // // اَفْضَي بِمَا كَانَ وَلْيَجْحَدْهُ مَنْ جَحَدَا
60_ ظُلْمُ العَشِيرَةِ اَضْنَاهُ وَغَرَّبَهُ // // // عِشْرِينَ عَامَا فَلَمَّا عَادَ مَا حَقَدَا
61_ بِمَا تَذَكَّرَ يَوْمَ الفَتْحِ آَمِنَة // // // لَمْحَا فَشَدَّ عَلَي تَحْنَانِهِ الزَّرَدَا ' 10 '
62_ بِخَلْجَةِ الخَدِّ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا اَحَدٌ // // // في سَاعَةِ الفَتْحِ مَرَّتْ عِنْدَمَا سَجَدَا ' 11 '
63_ بِمَا خَشِيتَ عَلَيْنَا يَاْ بْنَ آمِنَةٍ // // // و الاُمُّ تَخْشَي وَاِنْ لَمْ تَتْرُكِ الوَلَدَا
64_ وَلَو بُعِثْتَ غَدَا اَصْبَحْتَ تَحْفَظُنَا // // // بِالاسْمِ وَالوَجْهِ اَوْ اَحْصَيْتَنَا عَدَدَا
// // // //
65_ لنا نَبِيٌّ بَنَي بَيْتَا لِكُلِّ فَتَي // // // مِنَّا وَكُلَّ رَضِيعٍ لَفَّهُ بِرِدَا
66_ وَكُلَّ عُرْسٍ اَتَاهُ للعَرُوسِ اَبَا // // // يُلْقِي التَّحِيَّةَ للاَضْيافِ وَالوُسُدَا
67_ وَكُلَّ حَرْبٍ اَتَاها للوَرَي اَنَسَا // // // وَاْسْتَعْرَضَ الجُنْدَ قَبْلَ الصَّفِّ وَالعُدَدَا
68_ مُمَسِّحَا جَبَهَاتِ الخَيْلِ اِنْ عَثَرَتْ // // // حَتَّي تَرَي المُهْرَ مِنْهَا انْ هَوَي نَهَدَا ' 12 '
69_ مُذَكِّرَا جَافِلاتِ الخَيْلِ مَا نَسِيَتْ // // // اَنْسَابَهَا كَحَلَ العَيْنَيْنِ وَالجَيَدَا ' 13 '
70_ حَتَّي لَتَحْسَبُ اَنَّ المُهْرَ اَبْصَرَهُ // // // اَو اَنَّ مَسَّا اَصَابَ المُهْرَ فَانْجَرَدَا ' 14 '
71_ شَيْخٌ بِيَثْرِبَ يَهْوَانَا وَلَمْ يَرَنَا // // // هَذِي هَدَايَاهُ فِينَا لَمْ تَزَلْ جُدُدَا
72_ يُحِبُّنَا وَيُحَابِينَا وَيَرْحَمُنَا // // // وَيَمْنَحُ الاَضْعَفِينَ المَنْصِبَ الحَتِدَا ' 15 '
73_ هُوَ النَّبِيُّ الذي اَفْضَي لِكُلِّ فَتَي // // // بِاَنَّ فِيهِ نَبِيَّا اِنْ هُوَ اْجْتَهَدَا
74_ يَا مِثْلَهُ لاجِئا يَا مِثْلَهُ تَعِبَا // // // كُنْ مِثْلَهُ فَارِسَا كُنْ مِثْلَهُ نَجُدَا
75_ مِنْ نَقْضِهِ الظُلْمَ مَهمَا جَلّ صَاحِبُهُ // // // اِنْقَضَّ اِيوانُ كِسْرَي عِنْدَما وُلِدَا
76_ وَرَدَّتِ الطَّيْرُ جَيْشَا غَازِيا فَمَضَي // // // وَقَدْ تَفَرَّقَ عَنْ طَاغِيهِ مَا حَشَدَا
77_ يا دَاعِيا لم تَزَلْ تَشْقَي المُلُوكُ بِهِ // // // و العَبْدُ لَوْ زُرْتَهُ فِي حُلْمِهِ سَعِدَا
78_ اَنْكَرْتَ اَرْبَابَ قَوْمٍ مِنْ صِنَاعَتِهِمْ // // // وَرُبَّمَا صَنَعَ الانْسَانُ مَا عَبَدَا
79_ وَرُحْتَ تَكْفُرُ بِالاصْنَامِ مُهْتَدِيا // // // مِنْ قَبْلِ اَنْ يُنْزِلَ اللهُ الكِتَابَ هُدَي
80_ كَرِهْتَهُ وَهْوَ دِينٌ لا بَدِيلَ لَهُ // // // غَيْرَ التَّعَبُّد فِي الغِيرَانِ مُنْفَرِدَا
81_ وَيَعْذِلُونَكَ فِي رَبِّ تُحَاوِلُهُ // // // اِنَّ الضَّلالَةَ تَدْعُو نَفْسَهَا رَشَدَا
82_ وَالكُفْرُ اَشْجَعُ مَا تَاْتِيهِ مِنْ عَمَلٍ // // // اِذَا رَاَيْتَ دِيَانَاتِ الوَرَي فَنَدَا
83_ وَرُبَّ كُفْرٍ دَعَا قَوْمَا الي رَشَدٍ // // // وَرُبَّ اِيمَانِ قَوْمٍ للضَّلالِ حَدَا
84_ وَرُبَّمَا اُمَمٍ تَهْوَي اَبَا لَهَبٍ // // // لليَوْمِ مَا خَلَعَتْ مِنْ جِيدِهَا المَسَدَا
85_ مِنَ المُطِيعِينَ حُكَّامَا لَهُمْ ظَلَمُوا // // // وَالطَّالِبِينَ مِنَ القَوْمِ اللئامِ جَدَا
// // // //
86_ وكان جِبْرِيلُ مرآة راَيْتَ بِها // // // في الليلِ نورا وفي المُسْتَضْعَفِ الاَيَدَا
87_ اَهْدَاك في الغَارِ بَغْدَادَا وَقُرْطُبَة // // // وكلَّ صَوْت كريم بالاَذَانِ شَدَا
88_ تَرَكْتَ غَارَ حِرَاءٍ اُمَّة اَنِسَتْ // // // وَقَدْ اَتَيْتَ لَهُ مُسْتَوْحِشَا وَحِدَا
89_ انْ شَاءَ رَبُّكَ اِينَاسَ الوَحِيدِ اَتَي // // // لَهُ بِكُلِّ البَرَايَا نِسْبَة صَدَدَا ' 16 '
90_ فَاَنْتَ تَنْمِيقَةُ الكُوفِيِّ صَفْحَتَهُ // // // قَدْ هَدَّاَ الليْلَ فِي اَوْرَاقِهِ فَهَدَا
91_ وَاَنْتَ تَرْنِيمَةُ الصُّوفِيِّ اِنْ خَشِنَتْ // // // اَيَّامُهُ عَلَّمَتْهَا الحُسْنَ وَالمَلَدَا ' 17 '
92_ اَكْرِمْ بِضَيْفِ ثَقِيفٍ لَمْ تُنِلْهُ قِرَي // // // اِلا التَّهَكُّمَ لَمَّا زَارَ وَالحَسَدَا ' 18 '
93_ ضَيْفَا لَدَي الله لاقي عند سدرته // // // قِري فَضَاقَ بِمَا اَمْسَي لَدَيْهِ لَدَي
94_ اَفْدِي المُسَافِرَ مِنْ حُزْنٍ الي فَرَحٍ // // // مُحَيَّر الحَالِ لا اَغْفَي وَلا سَهِدَا
95_ يَرَي المَمَالِكَ مِنْ اَعْلَي كَمَا خُلِقَتْ // // // تَعْرِيجَ رَمْلٍ اَتَاهُ السَّيْلُ فَالْتَبَدَا ' 19 '
96_ و الرُّسْلُ فِي المَسْجِدِ الاَقْصَي عَمَائِمُهُمْ // // // بِيضٌ كَاَنَّ المَدَي مِنْ لُؤْلُؤٍ مُهِدَا ' 20 '
97_ يُهَوِّنُونَ عَلَيْهِ وَاْبْتِسَامَتُهُمْ // // // نَدَي تَكَثَّفَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَاْنْعَقَدَا
98_ و الرِّيحُ تَنْعَسُ فِي كَفَّيْهِ آمِنَة // // // وَالنَّجْمُ مِنْ شوقه للقوم مَا هَجَدَا
99_ يَكَادُ يَحْفَظُ آثَارَ البُرَاقِ هَوَاءُ // // // القُدْسِ حَتِّي يَرَي الرَّاؤُونَ اَيْنَ عَدَا ' 21 '
100_ يَا مَنْ وَصَلْتَ الي بَابِ الالهِ لِكَي // // // تَقُولَ للخَلْقِ هَذَا البَابُ مَا وُصِدَا
101_ مِنْ قَابِ قَوْسِينِ اَوْ اَدْنَي تَصِيحُ بِهِمْ // // // لَمْ يَمْتَنِعْ رَبُّكُمْ عَنْكُمْ وَلا بَعُدَا
102_ فَتْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِينَ تَرْتُقُهُ // // // بِاذْنِ رَبِّكَ حَتَّي عَادَ مُنْسَرِدَا
103_ اللهُ اَقْرَبُ جِيرَانِ الفَقِيرِ لَهُ // // // يُعْطِي اِذَا الجَارُ اَكْدَي جَارَهُ وَكَدَي ' 22 '
104_ اللهُ جَارُ الوَرَي مِنْ شَرِّ اَنْفُسِهِمْ // // // فَاْمْدُدْ اِلَيْهِ يَدَا يَمْدُدْ اِلَيْكَ يَدَا
105_ لَوْلاكَ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلا غَرَبَتْ // // // وَلا قَضَي اللهُ للاُفْقَيْنِ اَنْ يَقِدَا
106_ وَلا رَاَيْتَ مُلُوكَ الاَرْضِ خَائِفَة // // // اِذَا رَاَتْ جَمَلا مِنْ اَرْضِنَا وَخَدَا
107_ اَفْدِي كِسَاءَكَ لَفَّ الاَرْضَ قَاطِبَة // // // قَمِيصَ يُوسُفَ دَاوَي جَفْنَها الرَّمِدَا
// // // //
108_ رُعْتَ الجَبَابِرَ مِنْ جِنٍّ وَمِنْ اَنَسٍ // // // مَنْ يَسْفِكُ الدَّمَ اَوْ مَنْ يَنْفِثُ العُقَدَا
109_ يَرَاكَ صَحْبُكَ فِي الرَّمْضَاءِ مُدَّرِعَا // // // فَيَحْسَبُونَكَ لا تَسْتَشْعِرُ الصَّهَدَا
110_ اَكْرِمْ بِاَقْمَارِ تِمٍّ فِي الحَدِيدِ عَلَي // // // خَيْلٍ حَوَتْ فِي الاَدِيمِ البَرْقَ وَالرَّعَدَا
111_ وَرَدَّتِ الصَّخْرَ مَنْقُوشَا حَوَافِرُها // // // فَاْنْظُرْ اِلَي كُتُبٍ فِي الاَرْضِ كُنَّ كُدَي ' 23 '
112_ كَاَنَّمَا الصَّخْرُ غَيْمٌ تَحْتَ اَرْجُلِهَا // // // اَو صَارَتِ الخَيْلُ غَيْمَا قَاسِيَا صَلِدَا ' 24 '
113_ لَو قَارَبَ المَوْتُ مِنْهُمْ فِي الوَغَي طَرَفَا // // // لَحَادَ مُعْتَذِرا اَنْ لَمْ يَكُنْ عَمِدَا
114_ حَتَّي تَرَي المَوْتَ فِي اَيْدِيهِمُو فَزِعَا // // // تَوَقَّفَتْ رُوحُهُ في الحَلْقِ فَازْدَرَدَا
115_ حَرْبٌ تُشِيبُ الفَتَي مِنْ هَوْلِهَا فِاذَا // // // مَا شَابَ رَدَّتْ سَوَادَ الشَّعْرِ وَالمَرَدَا ' 25 '
116_ يَحِنُّ للحَرْبِ كَالاَوْطَانِ فَارِسُهُمْ // // // قد خَالَطَ الشَّوْقُ في اِقْدَامِهِ الحَرَدَا ' 26 '
117_ يَلْقَي السِّهامَ وَلا يَلْقَي لَهَا اَثَرا // // // تَظُنُّ اَصْوَاتَها فِي دِرْعِهِ البَرَدَا
118_ كَاَنَّما رُوحُهُ دَيْنٌ يُؤَرِّقُهُ // // // في الحَرْبِ مِنْ قَبْلِ تَذْكِيرٍ بِهِ نَقَدَا
119_ تُنَازِعُ السَّهْمَ فِيهِمْ نَفْسُهُ وَجَلا // // // وَالرُّمْحُ يِعْسِلُ حَتَّي يَسْتُرَ الرِّعَدَا ' 27 '
120_ وَالسَّيفُ يُشْهَرُ لَكِنْ وَجْهُ صَاحِبِهِ // // // مُنَبِّئٌ اَنَّهُ ما زالَ مُنْغَمِدَا
121_ لو اَمْسَكُوا بِقَمِيصِ الرِّيحِ ما بَرِحَتْ // // // او اَظْهَرُوا بَرَمَا بالتَّل ما وَطَدَا
122_ وَهُمْ اَرَقُّ مِنَ الاَنْسَامِ لَوْ عَبَرُوا // // // مَشْيَا عَلَي المَاءِ لَمْ تُبْصِر بِهِ جَعَدَا
123_ وَلَو يَمَسُّونَ مَحْمُومَا اَبَلَّ بِهِمْ // // // و الحُزْنُ جَمْرٌ اذا مَرُّوا بِهِ بَرَدَا
124_ قَدْ خُلِّدُوا في جِنَانِي و الجِنَانِ مَعَا // // // اَكْرِمْ بِهِمْ يَعْمُرُونَ الخُلْدَ و الخَلَدَا
125_ كَمْ يَشْبَهُونَ فِدائِيينَ اعْرِفَهُم // // // لَمْ يَبْتَغُواْ عَنْ سَبيِلِ اللَّهِ مُلْتَحَدَا
126_ وصِبْيةٍ مُذْ اَجَابُوا الحَرْبَ مَا سَاَلَتْ // // // صَارُوا المَشَايخَ و الاقطابَ و العُمَدا
127_ بِمِثْلِهِمْ يَضَعُ التِّيجَانَ لابِسُهَا // // // وَيَخْجَلُ اللَيْثُ ان يَسْتَكْثِرَ اللِّبَدَا
128_ وَكُنْتَ تُنْصَرُ في الهَيْجَا بِكَفِّ حَصَي // // // اذا رَمَيْتَ بِهِ جَمْعَ العِدَي هَمَدَا
129_ لكنَّ رَبِّي ارادَ الحَرْبَ مُجْهِدَة // // // وَالنَّفْسُ تَطْهُرُ انْ عَوَّدْتَهَا الجُهُدَا
130_ لو كانَ رَبِّي يُرِيحُ الاَنْبِياءَ لَمَا // // // كَانُوا لِمُتْعَبَةِ الدُّنْيا اُسَي وَقُدَي ' 28 '
131_ لو كانَ رَبِّي يُرِيحُ الاَنْبِياءَ دَعَا // // // لِنَفْسِهِ خَلْقَهُ وَاْسْتَقْرَبَ الاَمَدَا
// // // //
132_ قَالُوا مُحَمَّدُ قُلْنَا الاسْمُ مُشْتَهِرٌ // // // فَرُبَّما كانَ غَيْرُ المُصْطَفَي قُصِدَا
133_ فَحِينَ نَادَي المُنادِي ' يا مُحَمَّدُ ' // // // لم يَزِدْ عَلَيْهَا تَجَلَّي الاسمُ وَاتَّقَدَا
134_ حَرْفُ النِّدَاءِ اْسْمُكَ الاَصْلِيُّ يَا سَنَدَا // // // للمُسْتَغِيثِينَ لَمْ يَخْذِلْهُمُو اَبَدَا
135_ وَالظَّنُّ اَنَّا لِتَكْرَارِ اْسْتِغَاثَتِنَا // // // بِهِ تَكَرَّرَ فِينَا الاسْمُ وَاْطَّرَدَا
136_ اَنْتَ المُنَادَي عَلَي الاطْلاقِ و السَّنَدُ // // // المَقْصُودُ مَهْمَا دَعَوْنَا غَيْرَهُ سَنَدَا
137_ مَدَدْتَ مِنْ فَوْقِ اَهْلِ اللهِ خَيْمَتَهُ // // // فِي كُلِّ قُطْرٍ عَقَدْتَ الحَبْلَ وَالوَتَدَا
138_ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ يَا سَنَدِي // // // اَقَمْتُ بِاسْمِكَ ليْ فيْ غُرْبَتِي بَلَدَا
139_ رُوحِي اذا اَرِجَتْ رِيحُ الحِجَازِ رَجَتْ // // // لَو اَنَّها دَرَجَتْ فِي الرِّيحِ طَيْرَ صَدَي ' 29 '
140_ يَجُوبُ اَوْدِيَة بِالطَّيْرِ مُودِيَة // // // وَلا يَرَي دِيَة مِمَّنْ عَدَا فَوَدَي ' 30 '
141_ لا يَلْقُطُ الحَبَّ الا فِي مَنَازِلِكُمْ // // // ولا يُقِيمُ سِوَي مِنْ شَوْقِهِ الاَوَدَا
142_ يَكَادُ يَكْرَهُكُمْ مِنْ طُولِ غَيْبَتِكُم // // // فِانْ اَتَاكُمْ اَتَاكُمْ نَائِحَا غَرِدَا
143_ كَذَاكَ اُرْسِلُ رُوحي حِينَ اُرْسِلُها // // // طَيْرا اليكم يَجُوبُ السَّهْلَ و السَّنَدَا ' 31 '
144_ لَيْسَ الحَمَامُ بَرِيدَا حِينَ يَبْلُغُكُمْ // // // بل تِلكَ اَرْوَاحُنا تَهْوِي لَكُمْ بُرُدا ' 32 '
145_ مَنْ للغَرِيبِ اذا ضَاقَ الزَّمَانُ بِهِ // // // وَطَارَدَتْهُ جُنُودُ الدَّهْرِ فَانْفَرَدَا
146_ و الدَّهْرُ ذُو ضَرَبَاتٍ لَيْسَ يَسْاَمُها // // // فَقَدْ عَجِبْتُ لِهَذَا الدِّينِ كَمْ صَمَدَا
// // // //
147_ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ حَاكَ بُرْدَتَهُ // // // بِخَيْرِ مَا اَنْشَدَ المَوْلَي وَمَا نَشَدَا ' 33 '
148_ وَاَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ جَاءَ مُتَّبِعَا // // // حَتَّي شَفَي غُلَّة مِنْهَا وَبَلَّ صَدَي ' 34 '
149_ رَاَي الفِرَنْجَةَ تَغْزُو المُسْلِمِينَ كِلا // // // الشَّيْخَيْنِ فَاسْتَنْجَدَا المُخْتَارَ وَاْرْتَفَدَا
150_ رَاَي الخِلافَةَ في بَغْدَادَ اَوَّلُهُم // // // تُمْحَي وَحَقْلَ كِرَامٍ بِيعَ فَاحْتُصِدَا
151_ رَاَي المَذَابِحَ مِنْ اَرْضِ العِرَاقِ الي // // // الشَّامِ الشَّرِيفِ تُصِيبُ الجُنْدَ و القَعَدَا ' 35 '
152_ رَاَي العَوَاصِمَ تَهْوِي كالرَّذَاذِ عَلَي // // // رَمْلٍ اَذَا طَلَبَتْهُ العَيْنُ مَا وُجِدَا
153_ مُسْتَعْصِمَا بِرَسُولِ اللهِ اَنْشَدَها // // // يَرُدُّ مُسْتَعْصِمَا بِاللهِ مُفْتَقَدَا
154_ وَاَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ رَاحَ يَشْهَدُ فِي // // // اَمْرِ الخِلافَةِ جَوْرَا فَتَّتَ العَضُدَا
155_ مِنْ بَعْدِ شَامٍ وَبَغْدَادٍ وَقَاهِرَةٍ // // // اِسْتَنْفَدَتَ في بَنِي عُثْمَانِهَا المُدَدَا
156_ وَاْنْقَضَّتِ الرُّومُ و الافْرِنْجُ تَنْهَبُهَا // // // فَفِي الفُرَاتِ لَهُمْ خَيْلٌ وَفِي بَرَدَي
157_ وَقَسَّمُونا كَمَا شَاؤُوا فَلَو دَخَلُوا // // // مَا بَيْنَ شِقَّي نَواةِ التَّمْرِ مَا اْتَّحَدَا

158_ هِيَ الطُّلولُ وِانْ اَسْمَيْتَهَا دُوَلا // // // هِيَ القُبُورُ وَانْ اَثَّثْتَهَا مُهُدَا
159_ هِيَ الخَرَابُ وَاِنْ رَفَّتْ بَيَارِقُها // // // وَنَمَّقُوا دُونَهَا الاَعْتَابَ وَالسُّدَدَا
160_ اِنَّ الزَّمَانَيْنِ رَغْمَ البُعْدِ بَيْنَهُمَا // // // تَطَابَقَا فِي الرَّزَايَا لُحْمَة وَسَدَي ' 36 '
161_ و الجُرْحُ في زَمَنِي مَا كانَ مُنْدَمِلا // // // حَتَّي اَقُولَ اْسْتُجِدَّ الجُرْحُ او فُصِدَا
162_ مَالَ النَّخِيلُ عَلَي الزَّيْتُونِ مُسْتَمِعَا // // // لِيُكْمِلَ السَّرْدَ مِنْهُ كُلَّمَا سَرَدَا
163_ يا سَيِّدِي يَا رَسُولَ الله يَا سَنَدِي // // // هذا العِرَاقُ وهذا الشَّامُ قَدْ فُقِدَا
164_ لَوْ كانَ ليْ كَتَدٌ حَمَّلْتُهُ ثِقَلِي // // // لكن بِذَيْنِ فَقَدْتُ الظَّهْرَ و الكَتَدَا ' 37 '
165_ يَا جَارَيِ الغَارِ اَعْلَي اللهُ قَدْرَكُما // // // عَيِيِتُ بَعْدَكُما اَن اُحْصِيَ الرِّدَدَا
166_ لَنَا مُلُوكٌ بِلا دِينٍ اذا عَبَرُوا // // // فِي جَنَّةٍ اَصْبَحَتْ مِنْ شؤمهم جَرَدَا ' 38 '
167_ اَنْيَابُهُمْ فِي ذَوِي الاَرْحَامِ نَاشِبَةٌ // // // وَلِلاَعَادِي اْبْتِسَامٌ يُظْهِرُ الدَّرَدَا ' 39 '
168_ لا يَغْضَبُونَ وَلا يُحْمَي لَهُمْ حَرَمٌ // // // وَاِنْ تَكُنْ دُونَهُمْ اَسْيَافُهُمْ نَضَدَا ' 40 '
169_ وَيَسْتَلِذُّونَ تَعْذِيبَ الغُزَاةِ لَهُمْ // // // اِنَّ المُحِبَّ يَرَي فِي ذُلِّه رَغَدَا
170_ حُمَّي الزَّمانِ اذا ماتوا اَوِ اْرْتَحَلُوا // // // تَنَفَّسَ الصُّبْحُ فِي عَلْيَائِهِ الصُّعَدَا
171_ وَلا يَمُوتُونَ مِثْلَ النَّاسِ يَتْرُكُهُمْ // // // رَيْبُ الزَّمَانِ وَيُفْنِي قَبْلَهُمْ لُبَدَا ' 41 '
172_ مَا للغَزَالِ تُخِيفُ الذِّئْبَ نَظْرَتُهُ // // // وَللحَمَامِ يُخِيفُ الصَّقْرَ و الصُّرَدَا ' 42 '
// // // //
173_ يَا جَابِرَ الكَسْرِ مِنَّا عِنْدَ عَثْرَتِنَا // // // وَاِنْ رَاَيْتَ القَنَا مِنْ حَوْلِنَا قِصَدَا ' 43 '
174_ يَا مِثْلَنَا كُنْتَ مَطْرُودَا وَمُغْتَرِبَا // // // يَا مِثْلَنَا كُنْتَ مَظْلُومَا وَمُضْطَهَدَا
175_ يَا مُرْجِعَ الصُّبْحِ كالمُهْرِ الحَرُونِ الي // // // مَكَانِهِ مِنْ زَمَانٍ لَيْلُهُ رَكَدَا ' 44 '
176_ وَيَا يَدَا حَوْلَنَا دَارَتْ تُعَوِّذُنَا // // // مِنْ بَطْنِ يَثْرِبَ حَتَّي الاَبْعَدِينَ مَدَي
177_ اَدْرِكْ بَنِيكَ فَاِنَّا لا مُجِيرَ لَنَا // // // الا بِجَاهِكَ نَدْعُو القَادِرَ الصَّمَدَا
178_ الليلُ مُعْتَلِجُ الاَمْوَاجِ مَنْ زَمَنٍ // // // لكنَّ مِجْمَرَ هَذَا الدِّينِ مَا خَمَدَا
179_ وَلَمْ تَزَلْ اُمَّةٌ تَحْتَ السَّمَاءِ اَذَا // // // دَعَتْ حَسِبْتَ الاَيَادِيْ تَحْتَهَا عَمَدَا
180_ تَعْشَوْشِبُ الاَرْضُ مِنْ عَيْنَيْكَ مُلْتَفِتَا // // // وَتَسْتَدِرُّ يَدَاكَ المَنْهَلَ الثَّمِدَا ' 45 '
181_ وَتَجْعَلُ الطَّيْرَ جُنْدَا ظَافِرِينَ عَلَي // // // جَيْشٍ شَكَتْ اَرْضُهُ الاَثْقَالَ و العَتَدَا
182_ اَنْشَاْتَ اُمَّتَنَا مِنْ مُفْرَدٍ وَحِدٍ // // // حَتَّي تَحَضَّرَ مِنْهَا عَالَمٌ وَبَدَا ' 46 '
183_ وانَّ مَوْؤُدَة اَنْقَذْتَهَا وَلَدَتْ // // // وُلْدَانَ يَعْيَي بَها المُحْصِي وَاِنْ جَهِدَا
184_ صارُوا كَثِيرَا كَمَا تَهْوَي فَبَاهِ بِهِمْ // // // وَاْسْتَصْلِحِ الجَمْعَ وَاْطْرَحْ مِنْهُ مَا فَسَدَا
185_ اَقُولُ بَاهِ لاَنَّ الدَّهْرَ عَذَّبَهُمْ // // // حَتَّي تَمَنَّي الفَتَي لَوْ اَنَّهُ وُئِدَا
186_ وَلَمْ يَزَلْ مُمْسِكَا بِالدِّينِ جَمْرَتَهُ // // // حَتَّي يَمُوتَ عَلَي مَا اْخْتَارَ وَاْعْتَقَدَا
187_ وَلَوْ يُقَالُ لَهُ سِرْ فَوْقَ جَمْرِ غَضَي // // // مَشَي عَلَيْهِ بَسِيمَ الوَجْهِ مُتَّئِدَا
188_ كَمْ مِنْ بِلالٍ عَلَي اَضْلاعِهِ حَجَرٌ // // // قَدْ رَاحَ مِنْهُ عَلَي اَشْغَالِهِ وَغَدَا
189_ فَاْشْفَعْ لنَا يَوْمَ لا عُذْرٌ لمُعْتَذِرٍ // // // وَلَيْسَ يُسْمَعُ مِنْ طُولِ النَّدَاءِ نِدَا
190_ وَاْغْفِرْ لِمَنْ اَنْشَدُوا هَذِي القَصِيدَةَ فِي // // // مَا مَرَّ مِنْ اَزَمَاتِ الدَّهْرِ اَوْ وَرَدَا
191_ وللوَلِيَّيْنِ مِنْ قَبْلِي فَشِعْرُهُمَا // // // اَبَانَ للشُّعَرَاءِ اللاحِبَ الجَدَدَا ' 47 '
192_ تَتَبُّعَا وَاْخْتِلافَا صُغْتُ قَافِيَتِي // // // ' مَولايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَا اَبَدَا '
193_ وَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي الاتِّبَاعِ سِوَي // // // اَنِّي وَجَدْتُ مِنَ التَّحْنَانِ مَا وَجَدَا
194_ وَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي الاْخْتِلافِ سِوَي // // // اَنِّي اَرَدْتُ حَدِيثَا يُثْبِتُ السَّنَدَا
195_ وَخَشْيَة اَنْ يَذُوبَ النَّهْرُ فِي نَهَرٍ // // // وَاَنْ يَجُورَ زَمَانٌ قَلَّمَا قَصَدَا
196_ وَرَاجِيَا مِنْ اِلَهِي اَنْ يُتِيحَ لَنَا // // // يَوْمَا عَلَي ظَفَرٍ اَنْ نُنْشِدَ البُرَدا
197_ وَصَلِّ يَا رَبِّ مَا غَنَّتْ مُطَوَّقَةٌ // // // تُعَلِّمُ الغُصْنَ مِنْ اِطْرَابِهَا المَيَدَا
198_ عَلَي مُحَمَّدٍ الهَادِي مُحَمَّدِنَا // // // نَبِيِّنَا شَيْخِنَا مَهْمَا الزَّمَانُ عَدَا ' 48 '
199_ وَهَذِهِ بُرْدَةٌ اُخْرَي قَدِ اْخْتُتِمَتْ // // // اَبْيَاتُها مِائتَانِ اْسْتُكْمِلَتْ عَدَدَا
200_ يَارَبِّ وَاْجْعَلْ مِنَ الخَتْمِ البِدَايَةَ // // // وَاْنْصُرْنَا وَهَيِّءْ لَنَا مِنْ اَمْرِنَا رَشَدَا


الهوامش
' 1 ' ' لهوا بها وددا ' : لهوا بها ولعبا , ودد , علي وزن غد , هو اللعب و اللهو و المزاح , وفي الحديث : ' لست من ددٍ ولا ددٌ مني '
' 2 ' الصب : العاشق , و اللدد : الخصومة وكثرة الجدل و الالحاح بالعداوة , ومنه قولك عدو لدود.
' 3 ' وَجِد المرء يجِد وجْدا : اي حزن , قال عمرو بن كلثوم : ' فما وجدت كوجدي ام سقبٍ , اضلَّته فرجعتَ الحنينا '
' 4 ' السدد و السداد و التسديد : الصواب.
' 5 ' الايفاع جمع اليفع وهو المرتفع من الارض وعكسه الوهد وهو السهل المنبسط من الارض.
' 6 ' خضد الغصن يخضده خضدا : اي كسره كسرا لا يظهر معه انقطاع في الغصن رطبا كان او يابسا.
' 7 ' الصَّفَد : القيد وجمعه اصفاد.
' 8 ' مُدي : جمع مُدية , وهي السكين.
' 9 ' القَوَد : الثار , اي ان النبي ' صلي الله عليه وسلم ' كان يعلم ان قريشا لن تسامحه وانها ستطلب ثار بدر وغيرها من احفاده.
' 10 ' الزَّرَد : قميص يصنع من حلقات صغيرة من الحديد يلبس تحت الدرع.
' 11 ' خلجة : رجفة.
' 12 ' نَهَد ينهد : كنهض ينهض : قام.
' 13 ' الجَيَد : صفة الاجيد و الجيداء : طول العنق وجماله.
' 14 ' انجرد : انطلق.
' 15 ' المنصب الحتد : المنصب الشريف , ومنه قولك فلان كريم المحتد.
' 16 ' الصَّدَد : القريب , ونسبة صدد : نسب قريب لازم , كالعم او الخال.
' 17 ' الملَد : النعومة , ومنه الاملد و الاملود : الناعم.
' 18 ' القِرَي بكسر القاف وفتح الراء ثم الف لينة , هو ما يقدم للضيف من طعام.
' 19 ' التبد الرمل , تلبَّد : لصق بعضه في بعض , كما يحدث للرمل اذا اصابه ماء ثم جف.
' 20 ' مُهِد : فُرِش , كان المدي اصبح مفروشا باللؤلؤ.
' 21 ' عدا : الفعل من العدو , اي الركض , تقول عدا عدْوا اي ركض ركضا.
' 22 ' اكدي : الح بالسؤال و الطلب , ويقال اكدي فلان فلانا اذا الح عليه حتي بلغ منه الغاية , و الاصل فيه من الكدية وهي الصخرة , فيقال حَفَرَ حتي اكدي , اي حفر في الرمل والح في الحفر حتي بلغ الي الصخر فلم يستطع الحفر بعد. وكدي : بخل وامتنع عن العطاء , و الضمير في اكدي عائد علي الجار الاول , وفي كدي عائد علي الجار الثاني : اي ان الله يعطي , اذا الجار الح علي جاره بالسؤال فبخل عليه ذلك الجار المسئول ولم يعطه شيئا.
' 23 ' كدي : جمع كدية وهي الصخرة , اي ان الخيل قاسية الحوافر حتي ان حوافرها تنقش الصخر , فتبدو الصخور كانها كتب من كثرة آثار الخيل عليها.
' 24 ' الصخر الصلْد : الصخر الاملس الصلب , و الذي لا ينبت , و الصلَد بالتحريك هو الفرس الذي لا يعرق.
' 25 ' المرَد : صفة الامرد وهو الشاب الذي لم ينبت شعر لحيته بعد.
' 26 ' الحرد : الغضب.
' 27 ' يَعسِل الرمح عَسَلانا : اهتز اهتزازا لطوله ومرونته , الرعد : جمع الرعدة : وهي الرجفة من الخوف , و المعني ان رمح العدو يرجف من الخوف وان كان يسمي ذلك بالعسلان و المرونة ليستر خوفه.
' 28 ' متعبة الدنيا : المتعبون في الدنيا , وقد يجوز استخدام صيغة المفرد المؤنث لتعني الجمع , كقولك المقاتلة من الجند , تعني المقاتلين منهم , اُسَي : بضمة ثم فتحة , جمع اسوة , وكذلك قدي علي وزنها جمع قدوة.
' 29 ' طير الصدي : طير كانت العرب تعتقد انه يطير من راس القتيل , ولا يلقط الحب ولا يشرب كما تفعل الطير , بل يصيح اسقوني اسقوني حتي ياخذ اهل القتيل بثاره , و الصدي عند العرب هو صدي الصوت المعروف وهو ايضا العطش , فطير الصدي هو طير العطش , ويسمي ايضا الهامة , و الهامة الراس , ولكن الهائم عند العرب ايضا هو العطشان , وقد قال توبة العامري : ' ولو ان ليلي الاَخْيَلِيَّة سلَّمت -- علي ودوني تُرْبةٌ وصفائحُ , لسلمت تسليم البشاشة او زقا -- . اليها صدي من جانب القبر صائح ' يقول ان محبوبته ليلي الاخيلية لو سلمت عليه بعد موته , وبينه وبينها تراب القبر وصفائحه , لرد عليها السلام او لرد عليها طائر الصدي يصيح مطالبا بثاره ان كان مات مقتولا.
' 30 ' ودي : دفع دية القتيل , ' ولا يري دِيَة ممن عَدَا فَوَدَي ' : اي ان طير الصدي هذا لا يري ان يقبل الدية في القتيل ممن عدا عليه فقتله ثم اراد ان يدفع ديته.
' 31 ' السَّند : الجَبَل.
' 32 ' بُرُد جمع بريد , وكانت العرب تطلق اسم البريد علي الخيل التي تحمل الرسائل من بلد الي بلد , فجاز ان يطلق اسم البريد علي الحمام الزاجل ايضا لحمله الرسائل , اي ان الحمام الذي في الحجاز , ليس الا ارواح المحبين طافت به كطير الصدي المذكور في الايات اعلاه.
' 33 ' محمد بن سعيد : هو الشيخ محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري , صاحب قصيدة ' الكواكب الدرية في مدح خير البرية ' و المعروفة بالبردة , وهي القصيدة التي مطلعها : ' امن تذكر جيران بذي سلم -- . مزجت دمعا جري من مقلة بدم ' , وقد عاش في مصر اكثر عمره في زمن الحروب الصليبية , بين عامي 1213 و1295 ميلادية , ما يوافق 608 الي 696 هجرية , اي انه كان في الخامسة و الاربعين من عمره حين سقطت بغداد في ايدي المغول , وقد شهد القرن الثاني من قرني الحروب الصليبية في الشام ومصر وعاصر اواخر ملك الايوبيين وبداية حكم المماليك. و المولي : التابع و السيد , وهو من الاضداد. انشد : قال الشعر , ونشد : طلب امرا ما وبحث عنه.
' 34 ' احمد بن علي : هو احمد شوقي بن علي بن احمد شوقي صاحب قصيدة ' نهج البردة ' التي عارض فيها قصيدة محمد بن سعيد البوصيري ومطلعها ' ريم علي القاع بين البان و العلم -- احل سفك دمي في الاشهر الحرم ' وقد عاش بين عامي 1868 و1932 ميلادية , ما يوافق 1284 الي 1350 هجرية وشهد احتلال البريطانيين لمصر وتونس و الايطاليين لليبيا ثم شهد انهيار الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولي ثم الثورة المصرية ضد الاحتلال البريطاني. الغلة : العطش , وكذلك الصدي , وبل الصدي , مثل شفي الغلة , بمعني روي العطش وداواه.
' 35 ' القَعَد : بفتح القاف و العين , القاعدون من الناس عن القتال , كالنساء و الاطفال و الشيوخ واصحاب المعايش.
' 36 ' اللحمة و السدي : خيوط النسيج , الطولية منها هي السدي بفتح السين و العرضية منها هي اللحمة بضم اللام , ومعني ' تطابقا لحمة وسدي ' انهما تطابقا تماما.
' 37 ' الكَتَد : اعلي الكتف او الكاهل.
' 38 ' الجَرَد : بفتح الجيم و الراء : الارض الجرداء التي لا زرع فيها.
' 39 ' الدَّرَد : خلو الفم من الاسنان , اما لكبر السن او لصغره او لحادث كسرها.
' 40 ' النَّضَد : كل شيء تكدس او تجمع فاصبح كومة فهو نَضَد , وكذلك كل ما انضم بعضه الي بعض في صف او نظام فهو نَضَد , و الخشبة المرتفعة التي يوضع عليها المتاع تسمي نضدا , ومنها المنضدة لان الاغراض اذا وضعت عليها انتظمت او تكدست فهي نَضَد , ومنها اللؤلؤ المنضود لانه منتظم واحدة الي جانب الاخري. اي هم لا يحمون حوزتهم ولو كانت سيوفهم مكدسة امامهم.
' 41 ' لُبَد : بضم اللام وفتح الباء , اسم آخر نسور لقمان الحكيم , فقد حكي ان لقمان بن عاد الحكيم كان يدعو الله ان يطيل عمره , فسمع هاتفا يقول له : ' قد اجيبت دعوتك واعطيت سؤالك ولا سبيل الي الخلود , واختر ان شئت : بقاء سبع بقرات عفْر , في جبل وعر , لا يمسسهن ذعر. وان شئت بقاء سبع نوايات من تمر , مستودعات في صخر , لا يمسسهن ندي ولا قطر. وان شئت بقاء سبعة نسور كلما هلك نسر عقب بعده نسر ' فاختار لقمان ان يعيش اعمار سبعة نسور , وقيل ان لبد اسم ذلك النسر الاخير فهو اطولهم عمرا , وصار يضرب باسمه المثل علي طول العمر , كما في قول النابغة يصف الاطلال : ' اضحت خلاء واضحي اهلها احتملوا , اخني عليها الذي اخني علي لبد ' اي قضي الزمان علي هذه الاطلال كما قضي علي لبد , وسمي لبدا , لانه لبد اي بقي , و اللبود , البقاء.
' 42 ' الصُّرَد : بضم الصاد وفتح الراء , نوع من الطيور الجوارح يشبه الصقر.
' 43 ' قِصَد : بكسر القاف وفتح الصاد , صيغة جمع , و المفرد قِصْدة , معناها كِسرة , وقصد الشيء اي كسره , و القصْد الكسر , و القِصَد : الاجزاء المكسورة , و القنا : الرماح , و المعني : يا من تجبر كسورنا وان تكسرت الرماح فينا من الطعن.
' 44 ' يقال ركد الليل اذا اطبق ولم تتحرك فيه الريح.
' 45 ' المنهل : مصدر الماء كالنبع او البئر , واصله من نهل ينهل , اي شرب , و الثَّمِد , بفتح الثاء وكسر الميم : القليل الماء , و المعني انك اذا لمست النبع القليل الماء بيديك فان ماءه يدر ويغزر.
' 46 ' تحضر : سكن الحواضر , اي بني المدن وسكن فيها , وبدا : سكن البوادي و الصحاري.
' 47 ' اللاحب : الطريق الواضحة , واصله من لحب الشيء يلحبه اي وطئه ومهَّده , الجدد : ما صلب من الارض , وهو عادة الطريق الكبير , ومنه الجادَّة , وفي المثل : من سلك الجدد امن العثار. فاللاحب الجدد : الطريق الواضحة الصلبة.
' 48 ' عدا : الفعل من العدوان تقول اعتدي اعتداء وعدا عدوانا.

ليست هناك تعليقات :