ان هناك من يعدون العدة و يمنون النفس باحراق هذه المرحلة بكل ما فيها , و هدم المعبد علي رءوس الجميع لكي تعود مصر الي ما قبل 25 يناير , و هذا ليس رجما بالغيب او تعسفا في قراءة تفاصيل المشهد الراهن .
و الحاصل اننا نعيش الآن مرحلة زرع الالغام و تفخيخ الارض , تمهيدا لانفجار كبير تتم عملية صناعته هذه الايام , خارج مصر و داخلها , بحيث لا تاتي الذكري الثالثة لثورة 25 يناير , الا و قد انهدم كل شيء , لتعود الغربان تنعق في طول البلاد و عرضها , و تحتفل بالانتصار .
و حسب روايات متعددة قادمة من خارج مصر فان خصوم الثورة يحتشدون الآن , و يضخون اموالا بلا طائل لتصنيع حالة من الخراب و الانفلات و الفوضي في الداخل , بل ان بعضهم بدا في تسريب انباء عن اقتراب العودة للهيمنة علي البلاد و العباد , كنوع من الحرب النفسية الدائرة علي قدم و ساق , من خلال اشاعة مناخ من الرعب و الفزع .
و اذا كان هذا منطقيا و متوقعا من المتربصين الحالمين بالانقضاض , فان غير المنطقي ان اطرافا استبد بها العمي السياسي فصارت لا تتبين مواقع اقدامها , و بلغت بها الرغبة في مناواة الرئيس المنتخب و ازاحة الاخوان حدا لا تدرك فيه ان كل جهدها يصب في مصلحة اولئك الحالمين بالعودة .
غير ان الاكثر مدعاة للدهشة ان يبدو الرئيس و حزبه و جماعته كما لو كانوا مساهمين في خدمة الثورة المضادة , بهذا الاداء المرتبك المتلعثم في عديد من الملفات المفتوحة في مصر الآن .
و تكفي معركة الدستور العبثية كدليل علي ان تيار الاغلبية ياتي في صدارة الداعمين لاحلام رموز الثورة المضادة في الانقضاض السريع , ذلك انه و علي الرغم من الاقرار بان اطرافا من القوة المدنية و الليبرالية تسلك علي نحو مضاد للوصول الي حالة من التوافق علي مواضع الخلاف و الانقسام , فان المسئولية الاكبر تقع علي عاتق اصحاب الغلبة علي الجمعية التاسيسية في مفاقمة الازمة الي هذا الحد .
و ياتي اداء الحكومة الحالية و كانه مسخر لدفع الناس دفعا للكفر بالثورة , او علي الاقل وضعها هي و ' اللاثورة ' في درجة سواء , اذا تبدو السياسات ' او اللاسياسات ' المطبقة اكثر انحيازا ضد الطبقات المنهكة الباحثة عن عدالة اجتماعية كانت الضلع الاهم في مثلث مطالب ثورة 25 يناير.
لقد تحدث الدكتور مرسي مؤخرا عما اسماه ' مؤامرة ' لنسف هذه المرحلة بكل ما فيها , ملمحا الي الحاجة لثورة اخري -- ويبقي ان عليه ان يقدم علي خطوات جادة وجديدة لواد هذه المؤامرة في اوكارها بالداخل و الخارج -- وهذا لن يتحقق الا بمصارحة الشعب بما يجري , وهو كثير وخطير -- ومن المفترض ان تكون سيناريوهاته قد وصلت الي من يهمه الامر.
انتبهوا ايها السيد قبل ان يكون 25 يناير القادم ماتما للثورة , بدلا من ان يكون عيدا لها.
نشر هذا المقال في ١٢ نوفمبر الماضي و في الاعادة افادة احيانا .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق