الخطأ في رهانات المعارضة على العنف و الاخوان على تكبير الدماغ


جمال سلطان ... لا يمكن باي معيار ديمقراطي او اخلاقي ان نبرر العنف المنفلت الذي يندفع اليه بعض القوي المعروفة و المجهولة , سواء كان بعفوية وبراءة وقلة خبرة او كان بتخطيط وترتيب وتآمر , لانه يعني هدم البلد علي رؤوس الجميع لحرمان فصيل بعينه من جني حصاد النصر في مرحلة ما بعد الثورة , لكنه بالمقابل لا يمكن ان نعفي الطرف الآخر من المسؤولية الضمنية عن هذا العنف وهذا الاحتقان وهذا الانفلات بسوء ادارته للملف السياسي , واعني بذلك حزب الحرية و العدالة وايضا الدكتور محمد مرسي , لانه منذ اللحظة التي قرر فيها هذا الطرف الاستخفاف بالحوار الوطني والقاء نتائجه في اقرب سلة ' زبالة ' كان يعرف ويدرك انه بذلك لم يترك للطرف الآخر سوي النزول الي الشارع ومحاولة فرض ارادته السياسية بالحق او الباطل , لقد دعا الدكتور محمد مرسي القوي الوطنية الي الحوار الوطني الجاد و المسؤول والح علي هذا الطلب واحتضنت مؤسسة الرئاسة فعاليات هذا الحوار , واكد رئيس الجمهورية انه ضامن لنتائج هذا الحوار ومتضامن معه وان الحوار هو المدخل لحل اي اشكالات بين القوي الوطنية وان الحوار هو مفتاح دخول مصر الي الاستقرار و العمل المؤسسي , ولكن الذي حدث انه بعد اول خطوتين من الحوار وبعد اول اتفاق علي نقاط محددة خرج قيادات حزب الحرية و العدالة لكي يقولوا للجميع ' بلوه واشربوا ميته ' وقال رئيس مجلس الشوري ان هذا الحوار لا يلزم المجلس لانه مجلس مستقل وسلطة مستقلة ولا دخل للسلطة التنفيذية او رئيس الجمهورية باعمال مجلس الشوري , كان الكلام مستفزا ومتعجرفا واستهباليا ايضا , خاصة وهو مجلس شبه منعدم ديمقراطيا وهجر المصريون انتخاباته فلم يحضر سوي 7 في المائة من الناخبين فيما يشبه استفتاء علي الغائه , لكن الاخطر ان هذا التلاعب بالحوار وقيمته كان يعطي اشارة الانطلاق للعنف في الشوارع و الانفلات السياسي وانسداد اي افق لخروج مصر من الاضطراب و الفوضي , والف مرة قلنا ان مثل هذه العجرفة و الغشومية السياسية نتائجها فادحة , ولا تعطي رسالة قوة بقدر ما تعطي رسالة ضعف الاحساس بالمسؤولية تجاه الوطن , وان البعض ما زال غير مدرك للفوارق الكبيرة بين ادارة تنظيم ديني متجانس فكريا ومنهجيا وسياسيا ومصلحيا ويقوم علي السمع و الطاعة , وبين ادارة دولة بمؤسساتها المختلفة وسلطاتها المستقلة وتياراتها المتناقضة وقواها السياسية التي تحمل مناهج وافكار ورؤي شديدة التباين.
لا يمكن ان ادعي او يدعي آخرون ان مصر امس لم تضع يدها علي قلبها , وان الجميع كان يستشعر الخطر , و الجميع استفز عندما اعلنت رئاسة الجمهورية عن سفر الرئيس في اليوم التالي لاثيوبيا لحضور مؤتمر افريقي , وكان هذه الحرائق وهذا العنف وهذا الغضب الذي يشاهده العالم كله ويقف امامه قلقا , كانه يحدث في بلاد الواق واق , وليس في مصر التي هو حاكمها وهو المسؤول الاول عن استقرارها وعن امن مواطنيها وامانهم , واتمني ان يعيد الرئيس مرسي تصحيح الاوضاع بسرعة , وان يكون هناك وضوح كافٍ في مسالة الحوار الوطني وجديته و الالتزام بنتائجه , صحيح انه هناك خطان احمران لا يمكن المساس بهمها , وهما شرعية رئيس الجمهورية وشرعية الدستور الجديد , لانهما تعبير عن ارادة شعبية واختيار ديمقراطي , واي تحرش بهما هو تحرش بالشعب المصري نفسه وارادته , ولكن دون هذين الخطين هناك خطوط كثيرة تحتاج الي حوار حقيقي وضمانات وممارسات تعطي انطباعا بالجدية و الثقة , تريد القوي الوطنية حوارا لا يكون مجرد صور للتصدير خارجيا باننا نتحاور مع المعارضة , وانما حوار جاد وحقيقي وملزم , وبصراحة كافية , بدون هذا الحوار سيستمر العنف وتستمر الفوضي ويستمر الانهيار الاقتصادي ويستمر وقف الحال ويستمر الاضطراب سيدا للموقف في كل مؤسسات الدولة , وهذا يعني في المحصلة الفشل الكامل للرئيس محمد مرسي و الافلاس الكامل لادارة الاخوان للسياسات العامة في مصر , وفي لعبة الشارع لا غالب ولا مغلوب عادة , ولكن هناك انهيار الدولة ومؤسساتها وامنها واقتصادها , الآخرون يراهنون علي ذلك , ولا تستطيع سياسيا ان تمنعهم , طالما انك اعطيت الجميع ظهرك واغلقت مسارات الحوار الجاد وقلت : دعهم يقولون ما يشاؤون وانا افعل ما اشاء.

ليست هناك تعليقات :