علي الرغم من المخاوف و تعدد السيناريوهات حول مصير قضية مذبحة بورسعيد الا ان المستشار صبحي عبد المجيد رئيس محكمة جنايات بورسعيد , ذو الشخصية القوية الحازمة رغم صغر سنه , لم يخش في الحق لومة لائم , وقرر ان يكون صاحب القرار الحازم , و الاول في تحديد مصير المتهمين بمجزرة بورسعيد .
و رغم التهديدات التي تعالت و المخاوف من صدور حكم بالبراءة او الادانة و تردد انباء عن تاجيل النطق بالحكم, ومحاولات النائب العام باعادة المرافعة مرة اخري في القضية الا ان المستشار صبحي عبد المجيد قرر ان يضع كلمة النهاية ويسدل الستار علي اكبر قضية في تاريخ الكرة المصرية ورفض المماطلة و التسويف.
استطاع المستشار صبحي عبد المجيد , ان يصمد ويتحمل طوال جلسات المحاكمة التي استمرت 58 جلسة كان ياتي فيها بكامل هيئته من محافظة بورسعيد الي اكاديمية الشرطة لنظر القضية استمع خلالها الي اقوال شهود النفي و الاثبات ومرافعة النيابة العامة و الدفاع, ورغم قيام دفاع المتهمين برده الا انه نظر القضية من جديد ورفض التنحي و التخلي عن المسئولية.
تحلي القاضي بالجلد و الصبر , رغم الاعتداءات التي وقعت بين اهالي الشهداء واهالي المتهمين و المتهمين انفسهم الذين تشاجروا مع بعضهم البعض داخل قفص الاتهام, الا انه كان يتعامل مع تلك المواقف بحكمة وكان يستعمل الشدة و اللين وراعي آلام اهالي الشهداء واستمع الي دفاع المتهمين عن انفسهم, كما شهدت الجلسات ايضا العديد من المناوشات و المشادات الكلامية بين اهالي الضحايا واهالي المتهمين التي كانت تصل الي التشابك بالايدي و التعدي علي بعضهم بالضرب و السب و الاهانة, وكان احد هذه المشادات قد حدثت امام هيئة المحكمة التي فقدت السيطرة علي الموقف وخرج رئيس الهيئة المستشار صبحي عبد المجيد عن شعوره لاول مرة بعد صبر طويل ورفع الجلسة وهو في حالة عصبية شديدة وخلع وشاحه القضائي علي المنصة ودخل غرفة المداولة فاقدا اعصابه, وسرعان ماتدخل رجال الامن وفض المشاجرة وصنع جدارا بشريا داخل القاعة للفصل بين الطرفين, وبعد رحلة استمرت قرابة العام ونصف العام قرر ان يصدر حكمه في القضية رغم الضغوط التي مارست عليه لتاجيل النطق بالحكم لتهدئة الاوضاع بالبلاد حرصا علي مصلحة الوطن خاصة ان الحكم جاء في اليوم التالي للذكري الثانية لثورة 25 يناير الا انه قرر ان يصدر الحكم ويثلج صدور اهالي الشهداء.
ظهر المستشار صبحي عبد المجيد , علي منصة القضاء اثناء جلسة النطق بالحكم واثقا من نفسه في كامل هيبته هو وباقي اعضاء هيئة المحكمة, ووجه حديثه للجميع بالتزام الصمت و الهدوء وهدد بطرد كل من يتسبب في الاخلال بنظام الجلسة ورغم تهليل اهالي الشهداء الا انه اصر علي استكمال النطق بالحكم وانصرف من منصة القضاء بكل قوة.
ومن الجدير بالذكر ان المستشار صبحي عبد المجيد ليس لديه اية انتماءات سياسية لاي تيار سياسي , كما انه لا يهوي الظهور الاعلامي بالرغم من اعترافه وايمانه بدور الاعلام في تنوير الراي العام واكبر دليل علي ذلك هو قيامه بالسماح للاعلاميين بحضور وتغطية جميع جلسات المحاكمة الا انه اصدر قرارا بحظر النشر في القضية فيما يخرج عن اطار المتابعات الاعلامية للجلسة و التعليق علي الاحكام القضائية و التشكيك في نزاهة القضاء .
ويعد الحكم الصادر ببراءة المتهمين في قضية قتل متظاهري بورسعيد الصادر من المستشار صبحي عبد المجيد ثاني اشهر الاحكام القضائية التي قام باصدرها في 9 من شهر سبتمبر من العام الماضي اصدر حكمه ببراءة اللواء صلاح الدين جاد احمد مدير امن بورسعيد الاسبق و العقيد اشرف عزت عبد الحكيم مدير ادارة قوات امن بورسعيد و العقيد عصام الامير محمد مدير ادارة التدريب بمنطقة القناة للامن المركزي و المقدم محمد السيد بقطاع الامن المركزي من تهمة قتل المتظاهرين السلميين ببورسعيد باطلاق الاعيرة النارية من سلاحهم الميري خلال يومي 28 و29 يناير الماضي و التسبب في قتل 3 و الشروع في قتل 25 آخرين كما قضت المحكمة باحالة الدعوي المدنية للمحكمة المختصة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق