جبهة انقاذ انتهازية تحن للطغاة و تثير الدهشة بتناقضاتها وائل قنديل



فجاة امطرت السماء مبادرات وتحركات واتصالات من اجل الحوار , وكانهم اكتشفوا اختراعا جديدا اسمه الحوار فجاة -- او انهم شبعوا من الدم المراق ثمنا لمراهقاتهم ونزواتهم فقرروا ان يسلكوا علي عكس ما يقولون , وينقلبوا اليوم علي ما تمسكوا به امس.

ان الامر يحتاج الي كمية خرافية من مثبتات العقل حتي يمكن استيعاب ان يطالب بعض المبادرين بحوار في حضور وزير الداخلية بعد ساعات من المطالبة باقالته ومحاكمته وتحميله المسئولية عن القتل و الحرق , كما انه غير مفهوم علي الاطلاق ان يدعو اخرون الي حوار بضمان وزير الدفاع بعد ان يفوضه او يوكله رئيس الجمهورية بالتحاور مع القوي السياسية.

وبصرف النظر عن ان وزير الدفاع متهم من قبل المطالبين به ضامنا بانه ' متاخون ' ورجل الرئيس وبصرف النظر ايضا عن انه لا يستقيم منطقا ان يكون المكلف حكما بين من عينه وكلفه وبين خصومه , فان هذا الالحاح المتجدد علي استدعاء العسكريين للسياسة ينم عن رغبة دفينة لا تنقطع ووهم معشش في بعض الادمغة بان انقلابا قد ياتي.

وهذا الحنين الطاغي الي العسكرة ليس حبا في العسكر بقدر ما هو انتهازية سياسية تقبل اي شيء من اي احد مادام من الممكن ان يؤدي الي اسقاط رئيس ليس علي الهوي.

ومن مفارقات هذه النوة الحوارية ايضا ان بعضها يلف ويدور حول ترتيبات ملعب الانتخابات القادمة , ومن ثم هي الي التحالفات و التجبيهات الانتخابية اقرب منها الي كونها محاولات للخروج من المازق الراهن , ويبدو مدهشا هنا هذا الحماس ' الانقاذي ' لمبادرة ' النور ' حزب الدعوة السلفية.

ويثير الدهشة كذلك تلك الاستجابة السريعة لمبادرة الامام الاكبر شيخ الازهر الآن , علي الرغم من ان شيخ الازهر بنفسه سبق ان دعا كل الاطراف للمشاركة في الحوار الوطني في بداية جلساته حين كان علي راس الحضور.

وفي ذلك لا يملك اي محب لهذا البلد وحريص علي دماء ابنائه الا ان يدعم بكل السبل ما جري في مشيخة الازهر امس ويسعي الي انجاحه ووضعه موضع التنفيذ , غير ان ذلك لا يمنع من ان يمارس الناس حقهم في الاندهاش و التعجب من اولئك الذين طالما رفضوا حكم العسكر ثم ينادون بان تمارس الامور السياسية بضمانات عسكرية. و الذين رفضوا المواد الخاصة بالازهر كمرجعية في الدستور الجديد , ثم يهرولون الي الحوار السياسي باشراف الازهر.

ما كل هذه التناقضات ؟

ليست هناك تعليقات :