زعماء و ابطال الموجة الجديدة الذين سقط قيدهم في الثورة الحقيقية وائل قنديل



من بين ما قيل في ' المشتمة ' الدائرة لجبهة الضمير مع تحفظي علي الاسم ان النظام يصنع معارضته ويفصلها علي مقاسه , لكن اصحاب هذا الطرح العبقري و الفلسفة العميقة للغاية لا يدركون ان نظام محمد مرسي لن يجد افضل ولا الطف من المعارضة القائمة ضده هذه الايام لكي يفكر في استحداث معارضة جديدة.

ان مصر تشهد واحدة من عجائب الدنيا السياسية هذه الايام : سلطة مرتبكة وغير مبدعة وكثيرة الاخطاء , امامها معارضة تبدو صاخبة وحادة شكلا , ومترامية الاطراف ومع ذلك تنخفض اسهم هذه المعارضة في الشارع بمعدلات اكبر من تقلص شعبية مؤسسة الحكم.

والحاصل ان معظم الجهد الذي تبذله ' المعارضة ' الحالية يصب في مصلحة النظام الحاكم دون ان يتعب نفسه , حيث يفتقد الطرفان القدرة علي الابداع , فلا النظام قادرا علي ابتكار حلول جريئة وخلاقة لاخراج مصر من الركن الضيق الذي انحشرت فيه , ولا معارضته تملك ما يؤهلها لان تكون بديلا مقبولا ومقنعا.

وبين الطرفين تبقي الدماء تسيل و الانهيار مستمر وكانهما استسلما لهذه اللعبة الكوميدية السخيفة المتواصلة منذ اسابيع , فالنظام يبدو سعيدا بارتفاع منسوب البذاءة و العبثية في الخطاب الموجه ضده , وانحطاط اساليب نضال سواقط القيد في الثورة المصرية الي مستوي التلهي بالمولوتوف و الاحتفاء بال ' حمادة ' كاحد مشاعل الكفاح الثوري , وكل ذلك يظهره في دور الضحية المعتدي عليه و الصابر الي ابعد الحدود علي كل هذه الاساءات.

وفي المقابل تتيح هذه الحالة من العدمية الثورية الفرصة للمعارضة المهجنة التي تتصدر حاليا لكي تهرب من الاستحقاقات الجادة وتختبئ من الاختبارات الحقيقية داخل اعمدة الدخان المتصاعد وبين احراش فوضي المولوتوف و الشخبطة علي اسوار القصر الرئاسي , مستغلة هذه الوضعية للفرار من الانتخابات ومواصلة التهرب من حوار هو النهاية الوحيدة لهذا الانتحار.

اذن نحن امام حالة حرب استنزاف طويلة بين السلطة وقيادات المعارضة , لا فائز فيها , بل هناك خاسر مؤكد هو مصر كلها التي تقف مشلولة نتيجة العجز الضارب في اوصال قادة السياسة بها سلطة ومعارضة بينما النزيف مستمر.

لقد استنفدت المعارضة المهجنة كل اسلحتها , المشروعة منها وغير المشروعة , وكلما تدنت ادواتها ووسائلها اكثر حصد النظام نقاطا اضافية , و الصورة كما تري : حشد فضائي وارضي وتعبئة مكتوبة ومقروءة من اعلام لاتزال رائحة حليب نظام مبارك في فمه , للزحف الي القصر , و المحصلة عشرات او مئات المتظاهرين يقضون فترة المساء و السهرة في كر وفر والقاء كرات النار و الحجارة بينما الشارع في واد آخر .

و في وضع سوداوي بهذا الشكل من الطبيعي ان تواجه اي دعوة تتصدي للدم و العنف سيلا من البذاءات و السخائم و الاتهامات المعلبة خصوصا من فيلق سواقط القيد في الثورة الحقيقية سابقا , زعماء وابطال الموجة الجديدة حاليا .

ليست هناك تعليقات :