عندما نهرب من الحل الخوف كل الخوف من كلمة الجيش



محمود سلطان ... تعددت المبادرات للخروج من الازمة , غير ان النتيجة كانت في كل مرة واحدة , غير ان الثابت الذي لم يتغير هو موقف السلطة منها!! -- اذ يظل ' التباطؤ ' هو سيد الموقف دائما.

ويبدو لي ان طريقة قراءة السلطة للمبادرات هي العائق الاكبر , امام تحسين لياقة صانع القرار -- لان القراءة ربما تستند الي مقاربة ' مزاجية ' بشكل لا يدرك ابعاد الخطر المحدق بالبلاد.


وربما ينظر الي مبادرة د. عبد المنعم ابو الفتوح , باعتبارها مقترحا صادرا عن ' منشق ' عن الجماعة ولا يجوز ' تكريمه ' او ' الوثوق ' في نيته -- ولعل الامر ينسحب ايضا الي الموقف من مبادرة حزب النور , ومن المرجح انها قوبلت بوصفها ' خيانة ' من ' الحلفاء ' لا تستحق الا الادانة وليس الانصات اليها.


ولكن المدهش حقا , طريقة التعاطي مع مبادرة ' الازهر ' -- فاللقاء الذي تم تحت مظلته , كان غير مسبوق , ولاول مرة تجتمع القوي السياسية علي تباينها واختلافها دون ان يتخلف منها احد , وهو اللقاء الذي جعل ' المعارضة ' علي مرمي حجر من ابواب القصر الرئاسي , ولقاء رئيس الجمهورية , حال احسن تقدير قيمة ما حدث في الازهر علي وجه الدقة.


غير انه كان من الواضح ان الرسالة تلقاها صانع القرار , باعتبارها توقيعا علي وقف المظاهرات واعمال العنف وحسب -- وان تمسي بعدها علاقة السلطة بالمعارضة ' سمنا علي عسل ' !! فكانت النتيجة تلك المشاهد المخزية امام قصر الاتحادية مساء يوم امس الاول 2فبراير 2013.


والحال ان السلطة لم تتعامل مع المبادرات الا بلغة ' المسكنات ' وهي اللغة التي ترجمت علي الفور بانه رهان علي الوقت وعلي ملل الشارع وياسه وركونه بعد ذلك الي حياة الكسل و الدعة -- ولتعود السلطة لتلاعب نفسها بدون اية ضغوط من خارجها.


ما حدث امام الاتحادية من السهل ادانته , ومن الاسهل نعته بكل نقيصة , غير ان استخدام خطاب نقدي معلب وجاهز وموروث من عصور القمع و القهر السلطوي الذي عاشته مصر قرابة ستين عاما , لن يكون في صالح جهود حل الازمة , ولا في صالح التيار السياسي الذي يحكم الآن.


توجد مشاكل كبيرة بدات تتراكم بمضي الوقت , تحولت الي بيئة تختمر فيها مشاعر السخط و الغضب , ومع تجاهل السلطة لها , قد تُفضي الي تنامي نزعات التحول الي الاحتجاجات العنيفة و الانفتاح علي تجارب اختارت هذا المنحي , وشبكة الانترنت ثرية بالخبرات التي يمكن ان تقدم للباحثين عنها بضربة واحدة علي الماوس.


الحل الامني اذن ربما يكون مهما -- ولكنه جزء من الحل , وفي النموذج المصري الحالي , باتت السلطة و المعارضة معا , عبئا علي الاجهزة الامنية -- وربما تكون الاخيرة ضحية عدم قدرتهما علي ادارة البلاد وفشلهما في التوافق و التواصل -- ومعاركهما التي تحولت الي ' احتراب داخلي ' يهدد بانهيار الدولة.

الوضع بالغ الخطورة -- ولا مستقبل لا ل ' السلطة ' ولا لقيادات المعارضة الصاخبة وغير المسئولة اذا ضربت الفوضي البلاد واضطر الجيش الي ان يقول كلمته في النهاية.

ليست هناك تعليقات :