لمن عاتبني او هاجمني هذه كلمات من ضميري الوطني ابراهيم يسري



معجزة ثورة ٢٥ يناير التي نفخر بها جميعا قام بها بلا قيادة ضمير مصري جمعي وطني من شباب ابناء الطبقة المتوسطة الذين لا ينتمون للفصائل و الاحزاب و النخب و الرموز , وترك الشباب الميدان بعد ان قدم لبلده ما يراوح الف شهيد وآلاف الجرحي و المعوقين . تسلمت الفصائل و النخب و الرموز الثورة فقولبها كل فصيل الي ايديولوجيته ونسبتها النخب و الرموز الي انفسها , وافتقد الشباب الوافد علي الثورة و المؤمن بها التثقيف السياسي الذي يؤهله لخدمة الثورة فراح يتوه بين الائتلافات و الفصائل ويقع فريسة لناشري الكراهية في الساحة السياسية.

_ _ _

لا يختلف اثنان علي ان اداء وممارسات الفصائل و النخب دون استثناء كان قاصرا ومحدود الرؤية وحبست الفصائل و النخب نفسها داخل احقاد قديمة ورغبة محمومة في القفز الي مقاعد السلطة في شعور طاغ بالاستعلاء و الوصاية و الاحقية في الحكم. وتراجعت مصلحة الوطن واحاطت الثورة باسباب الانقسام وتحولت مصر العظيمة بعد٧٠٠٠ سنة من الحضارة و الريادة الي دولة فاشلة بسبب خلافاتها العبثية وصراعاتها القبلية.

ولعل الاصل الحقيقي لهذا الصراع المشروع في الممارسة السياسية و الديموقراطية ان فصيلا بعينه فاز بالسلطة واحتل الصدارة في القدرة علي التنظيم و التواجد في الشارع واصبحت له قوة تصويتية هائلة تؤكد ان له وجودا فاعلا في اي انتخابات قادمة في الزمن القريب رغم ضعف ادائه بسبب عدم خبرته وخلفيته البعيدة عن الاصول السياسية , بينما يعرف قادة كل فصيل او تيار آخر ان فرصه في الفوز بعدد مقبول من المقاعد في انتخابات مجلس النواب ما زالت ضعيفة لافتقاده لتنظيمات راسخة في الشارع السياسي , ولهذا لم يعد امام هذا الفريق الا استخدام الحشد وتوظيف الكراهية للآخر كاداة سياسية و الهجوم الكاسح بالاتهامات الظالمة و الشائعات علي الفريق الحاكم وتضخيم اخطائه وتحميله مسئولية اي خلل لا يد له فيه كضحايا السكة الحديدية واستشهاد احد الثوار , ووصل الامر الي اغماض العين عن البلطجة والقاء المولوتوف واغلاق المرافق الحكومية وقطع الطرق و التعدي علي رمز الدولة ورئاستها.

وفي ذات الوقت نجد ضعفا ظاهرا في الاداء الحكومي وقصوا في تشكيل فريق الرئاسة و السكوت علي بعض التجاوزات وعدم اكتمال الشفافية و الاخطر من ذلك هو عزوف الرئيس عن التواصل مع الشعب بطرق مباشرة وفي اجتماعات جماهيرية رغم انه يحظي بتاييد ملحوظ بينها.

_ _ _

وعلي الجانب الآخر تداعت بعض القوي المعارضة رغم تناقضاتها الجذرية الي التضامن في جبهة موحدة للوقوف في وجه الحزب الحاكم وهذا امر مطلوب ومشروع اذا تم وفق آليات سياسية وديموقراطية في انتخابات مجلس النواب القادمة و التي نستكمل بها بناء مؤسساتنا الديموقراطية يدور الصراع فيها داخل البرلمان بدلا من الميادين , وكلنا نتطلع الي معارضة قوية تساند تطوير ديموقراطيتنا الحديثة. واحب ان اوجه هنا تحية الصداقة و الاحترام لكل الرموز و النخب المناضلة التي ارجو ان يستمر عطاؤها من اجل تقدم مصر ورفاهيتها.

_ _ _

لم يعد امامنا في هذا الاستقطاب الحاد الذي يقوم علي العنف و الكراهية للآخر , وبعد عجزنا عن صياغة منافسة فاعلة تبعد عن التخريب و المولوتوف واغماض العين عن البلطجة و الاقتتال الا ان نتجه الي الله اولا ثم الي ضمير كل وطني مخلص في اي فصيل الا يجره التنافس السياسي الي الاسهام في انتحار قومي يدمر مصرنا الغالية علي رؤوسنا جميعا ويهدر مستقبل الاجيال القادمة.

هذه كلمتي اقولها لمن عاتبني او هاجمني لعله يفهمني او يعذرني ويصدق انني لا انحاز الا لمصر .

ليست هناك تعليقات :